الجمعة، 16 مارس 2012

هل المعارضة جريمة ؟؟

إن الاعتراف بالمعارضة هو التعبير الحقيقي عن كفالة حرية التعبير للمواطنين، كما أن انتخاب مجلس الشعب وتخويله بكل الصلاحيات المناطة بأمثاله في دول العالم،سوف يعمل كأداة تشريعية ورقابية تمنع حدوث هذه التراكمات السلبية ، وتكافح
الفساد والرشوة واستغلال المنصب والجاه، هل المعارضة جريمة ؟؟

عقل ابراهيم الباهلي
تشهد بلادنا المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله مبادرات شعبية تتبلور بشكل فردي أحياناً وجماعي أحياناً أخرى بشكل علني وأحياناً بشكل سري لكنها لبساطتها يجري الإحساس بها من قبل الناس ومن قبل الأجهزة الأمنية مما يدفع تلك الأجهزة الى كشفها و اعتقال المسئولين عنها . كل تلك المبادرات من اللجنة العمالية عام 1953 للدفاع عن حقوق العمال مقابل تغول شركات النفط الأمريكية وقت اكتشاف النفط إلى إضرابات عمال أرامكو 1956 وما تلاه من تأسيس جبهة التحرر كحزب سياسي سري ثم تأسيس حزب البعث والحزب الشيوعي وفى نفس الفترة تم تأسيس إتحاد شعب الجزيرة كحزب قومي مقتدياً بالتجربة الناصرية ، وكلها سرية. و بعد مظاهرات 1967 التي شملت المنطقة الوسطى والشرقية بعد هزيمة حزيران وما رافقها من إعتقالات، حدثت انشقاقات فى القوى القومية وتأسست الجبهة الديمقراطية وجرى اعتقال الكثير من أفرادها عام 1969م، وفى تلك السنة انكشفت كل الأحزاب السرية إتحاد شعب الجزيرة وتنظيم الضباط الأحرار والجبهة الديمقراطية والحزب الشيوعي وحزب البعث وحزب العمل الديمقراطي الشعبي وأعتقل معظم أعضاء تلك الأحزاب وهرب بعضهم إلى الخارج وتم الإفراج عن آخرهم بعد إغتيال الملك فيصل بعفو صادر من الملك خالد، رحمه الله .

أعتذر عن أي قصور في سرد ما سبق لأنه ليس هدفي هنا ، حيث أنه مسؤولية المؤرخين، وأقول في عهد الملك عبد الله أطلق حفظه الله مشروع الإصلاح وقد سبق هذا المشروع تقديم عدد من الخطابات و البيانات المطلبية، من أطياف المجتمع السعودي تطالب بالإصلاح، وقد سجن عدد من الموقعين عليها وما زالوا ممنوعين من السفر حتى الآن، كما سبق ذلك الإعلان عن جمعية حقوق الإنسان الشرعية وسجن أصحابها.

كل هذا الحراك المطلبي الذي تم سرده فى هذه المقدمة مختصر جدا لأن الحراك السياسي والثقافي والاجتماعي حينما يتم رصده فإنه سيكون من أكثر النشاطات فى المنطقة العربية واذكّر بأن المرأة كانت متواجدة فى هذه الأنشطة ليس على المستوى الثقافي فقط ولكن على المستوى السياسي فقد أعتقل أكثر من أربع سيدات كناشطات فى الجبهة الديمقراطية عام 1969 وأطلق سراحهن بعد 6 أشهر من الاعتقال، كما اعتقلت مجموعة من السيدات أيضا في عام 1982م ممن كان لهن نشاط ضمن حزب العمل الاشتراكي.
ورغم ذلك فقد مضى الحراك المطلبي العلني بمشاركة المرأة و الرجل، أو بقيام النساء لوحدهن به مثلما حدث في عام 1990م حين بادرت 47 سيده الى تجمع لسياقة المرأه للسيارات في الرياض ، وقد فصلن من أعمالهن لمدة سنتين، كما شاركت المرأة بعد ذلك فى كل العرائض المطلبية والمناشط الإصلاحية .
أسأل بعد كل هذا الكم الكبير من الحراك الوطني علنياً أو سرياً وبعد كل التضحيات التي تمثلت في السجون وما يرافقها من أنتهاكات لحقوق الإنسان، ألا تستحق القوى الوطنية و الإصلاحية من مختلف المنحدرات الثقافية والفكرية فى المملكة العربية السعودية أن تسمى معارضة ؟

الا يجب أن يتعامل معها النظام السياسي كحركة مطلبية سلمية لها وجهات نظرها ولها حق التعبير السلمي عن رأيها، دون أن يعتبرها رجساً من عمل الشيطان؟

لقد استخدمنا كلمة الإصلاح وكنا نعني المطالبة بالمشاركة السياسية، والقيادة السياسية فى المملكة الآن تقر وتقبل بالمشاركة السياسية و لكن عبر مجلس الشورى، وهذا كان فى نظرنا مرحلة ننتقل بعدها الى مجلس شعب منتخب، لكن يبدو أن هناك من يعتقد أن المشاركة الشعبية فى القرار السياسي يمكن إنجازها من خلال تمثلات سياسية غير حقيقية، ولكن ذلك لن يحل الاشكالات ولن يساعد الحكومة في حلها ، مما يؤدي إلى تراكم معاناة المواطنين بمختلف شرائحهم، وزيادة الاحتقانات الاجتماعية في كافة المستويات، وربما خرج تعبير الناس عن معاناتهم عن الحدود المتوقعة، كما حدث لطلاب المعاهد الصحية وللعاطلين عن العمل، ولطالبات بعض الجامعات ، ولطلاب بعض الجامعات، وللمواطنين الذين سلبت أراضيهم بصكوك غير صحيحة، وغيرهم من المواطنين الذيين يطالبون بحقوقهم في كافة أرجاء الوطن.

إن الاعتراف بالمعارضة هو التعبير الحقيقي عن كفالة حرية التعبير للمواطنين، كما أن انتخاب مجلس الشعب وتخويله بكل الصلاحيات المناطة بأمثاله في دول العالم،سوف يعمل كأداة تشريعية ورقابية تمنع حدوث هذه التراكمات السلبية ، وتكافح الفساد والرشوة واستغلال المنصب والجاه، وبالتالي تسهم في نشر العدل وتحقيق المساواة وإحقاق الحق ورفع الظلم ، وذلك يؤدي إلى المزيد من استتتاب الأمن و الرخاء والاستقرار لكافة أبناء الشعب.

إن كافة الإصلاحيين في المملكة والمهتمين بالشأن العام يهدفون عبر حراكهم ومطالبهم السلمية إلى تطور بلادهم و رقيها ، منطلقين من التفافهم حول قيادتهم السياسية، ولكنهم يرون أن التأخر في الإصلاحات السياسية الشاملة ، سوف لن يفيد القيادة ولا الشعب على السواء. لذلك أقول إذا كانت تنطبق على النشطاء السياسيين فى المملكة العربية السعودية مواصفات المعارضة، وحكومتنا تطالب لغيرنا بالحرية وحق الإختيار، ونحن معها في ذلك، فعلينا الإقرار أمام حكومتنا وشعبنا بأننا معارضة سياسية لها ما لها وعليها ما عليها وهذه أول خطوة فى الطريق الصحيح نحو الإصلاح فى ظل قيادة الملك الإصلاحي عبد الله بن عبد العزيز .

وحيث أن القيادة السياسية تعلن موافقتها على مشاركة الشعب فى القرار السياسي ن فإن الوجه الآخر لهذه الموافقة يأتي عبر اعترافها بالمعارضة ، وبحق الشعب في اختيار كامل ممثليه في مجلس الشعب، وحيث أن بلادنا الحبيبة المملكة العربية السعودية لديها خير كثير، فإننا وبحنكة وتفهم القيادة السياسية، يمكن إقرار المشاركة الشعبية في صناعة القرار عبر مجلس الشعب المنتخب، وحينها سنرى وبجهد مضاعف من الفعاليات العلمية والفكرية و السياسية، أنه يمكن نقل بلادنا بسرعة إلى مصاف دول القرن الــ21 في كل المجالات.

إن علينا أن نعترف بأن الزمن قد تغير وأن استحقاقاته كثيرة وتحتاج إلى معالجات عاجلة بمشاركة الجميع، وأن مقولة " بكرة يصير خير" لم تعد مناسبة في هذا الزمن...
والله ولي التوفيق .


عقل ابراهيم الباهلي
1372

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..