[cمحمد السليم (ولد في مرات في السعودية، عام 1938) هو فنان تشكيلي ويعتبر من أوائل من درس مادة التربية الفنية في المدارس الحكومية في السعودية.
وقد بدأ في تصوير مايحيط به فكانت لوحته ( مدخل مرات ) نقل للبيئة التي يعيش فيها وكان إنتاجه تسجيلا يتبين فيه بساطه في المعالجة، وفي عام 1388هـ/1968م ، تم ابتعاثه للدراسة في إيطاليا في اكاديميه الفنون الجميلة في فلورنسا، فقد سحرته الحضارة الغربية في البداية عند وصوله إيطاليا للدراسة، لذا تأثر بحضارة السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، فظهرت أعماله متأثرة في البداية بهذه الحضارة حيث جاءت أعماله الأولى مشابهه للسريالية، ثم خاض تجارب مشابهه لمذهب سيزان وسوراه ، وأخذ يقسم الألوان إلى بقع خفيفة ، كما قام بتجارب لتشكيل الخطوط في اللوحة إلى أشكال هندسيه ، ثم تجاوز هذه المرحلة إلى مرحله الابتكار في الصورة بتركيب الموضوعات بطريقه أقل هندسيه وبنوع من التقدم الواضح ، وقد نجح
السليم في ربط حضارته وتقاليده بما تم تحقيقه في مجال الفن التشكيلي.
ولقد واجه عقبات في إثناء دراسته في إيطاليا في التوفيق بين الفن في الغرب والحفاظ على هويته وأصالته ، فاتخذ من بيئته ومحيطه مصدرا يرسم ويصور منه وليبتدع بعد ذلك أسلوبا فنيا خاصاً.
الثقافية محمد المنيف:
عندما يطلب مني الحديث عن الفنان التشكيلي السعودي الراحل محمد السليم في لقاء ثقافي أو فني أو حتى من المعجبين به أو حينما ترغب بعض الإصدارات أن أكتب عن تاريخه وسجله الإبداعي أشعر أنني أسترجع كل تفاصيله التي أعرفها ويعرفها كل منتم للساحة التشكيلية ممن عاصروا نشاطه التي يتشكل منها ذلك الإنسان الرائع رحمه الله وأتعجب كثيرا مع ما أشعر به من الألم والخوف من أن يذوب هذا المبدع الإنسان في ثنايا النسيان رغم ان محبيه كثيرون وأصدقاؤه لا يقلون بأي حال عنهم وان ينتهي العهد به بعد معرض وحيد أقامته الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1419ه وشارك فيه نخبة من الفنانين من مختلف مناطق المملكة يحمل اسم معرض الوفاء وكنت وقتها أجزم بان المعرض سيكون له موقع في جدول وبرامج أولئك الأصدقاء بأن يقام هذا المعرض مرة واحدة كل عام أو كل عامين يخصص ريعه للأعمال الخيرية ودعم البرامج الفنية في مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو جمعية المعاقين، أو أن يتبنى أحد أولئك الأصدقاء تأليف كتاب عن مسيرته الإبداعية وتجربته مع اللوحة، وما حققه خلالها من خصوصية أثبت فيها مدرسته الفنية عبر اللوحة التي أصبحت تعرف انها من صنعه حتى لو لم تحمل إمضاءه بعناصرها وملامحها ونشأتها المحلية مبرزاً فيها الانتماء الصادق والكبير للوطن بكل ما يحتويه من مظاهر الحياة بكل أنماطها مع أن الزميل الفنان التشكيلي سمير الدهام قد أشار انه أتم فصول هذا الكتاب وألمح لي عن انتظاره فرصة الدعم المادي ليظهر للوجود.
إلا أن هذا لا يكفي من محبيه وتلامذته القريبين منه تماما ممن عاشوا أغلب لحظات سعادته وشقائه ومعاناته مع الفن أو مع ظروفه التي أدت به إلى الإفلاس رغم ما قدمه من مال وجهد في سبيل الفن التشكيلي السعودي، فهذا المبدع والرمز الثقافي التشكيلي يستحق ان يجد مكانا بين محبيه من الزملاء في المجموعات التي تشكلت مؤخرا منها مجموعة الرياض وتضم فنانين هم من كانت تربطهم به علاقات مباشرة، في مقدمتهم رئيس المجموعة علي الرزيزاء كما في مجموعة ألوان أيضا من لهم علاقة لا تقل بأي حال عن البقية ومنهم رفيق دربه واحد رواد المجال التشكيلي الفنان عبدالجبار اليحيا رئيس المجموعة، فالراحل محب للجميع فأحبه من تعرف عليه كما استفاد منه أجيال وأسماء لها صداها التشكيلي فلماذا لا يكون عضوا بينهم تعرض أعماله في معارضهم وتنتقل معهم إلى أعين الآخرين ليسعد بها من لحق بمرحلته الإبداعية ويستفيد منها المواهب الجديدة وان يقوم أعضاء تلك المجموعتين أو من يتبنى الفكرة منهم بالبحث عن تلك الأعمال، وهي كثيرة ولكنها تبعثرت بين مقتني وبين جهات رسمية مع ان من الفنانين من اقتنى له أعمال مع إمكانية الاستعانة بمن يمتلك أي منها كاستعارة للعرض مع ما نبعثه من عتب لابنه طارق مدعما بالعشم في ان يتعاون مع الفكرة أو مع غيرها لنحتفظ بهذا الرمز بشكل متواصل وعبر حقبات من التاريخ والأجيال اعترافاً بدوره وجهوده.
إعجاب وتقدير كبير
من المسؤولين
لقد وجد الفنان الراحل السليم احتفاء كبيراً من المسؤولين وعلى أعلى مستوى منذ ان كشف عن موهبته بإقامته أو معارضه في نادي النصر بالرياض عام 1378هـ وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي أشاد بإبداعه بكلمة كان رحمه الله شديد الاعتزاز بها لكونها نابعة من الوجدان حيث قال سموه فيها «إنها لفرصة طيبة ان افتتح المعرض الأول للفنان السعودي محمد السليم وبقدر سروري بذلك فلقد كان ما شاهدته دليل بداية طيبة وموفقة إن شاء الله» هكذا كانت البداية وكانت النظرة الثاقبة من سموه لمستقبل هذا الفنان لتأتي بعدها المرحلة المهمة والمنعطف الكبير الذي نقل من خلالها إبداعه إلى العالمية ونعني بها مرحلة الدراسة المتخصصة في مجال الفنون والديكور في أكبر أكاديميات ايطاليا عام 1390هـ بعد تنقل في مهام في نفس مجاله إذا كان رحمه الله معلماً للتربية الفنية ثم موجهاً تربوياً فيها إلى أن انتقل إلى التلفزيون كمهندس ديكور ثم ابتعث إلى ايطاليا ليعود بعد دراسته العليا إلى المملكة مشحوناً ومكتنزاً حماسا وطموحاً ساعياً لتأسيس حركة تشكيلية على قاعدة مدروسة نتيجة ما وجده من دعم رسمي ممثلا في رعاية الشباب التي تحولت إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وأقيم فيها للفنون التشكيلية قسم خاص لتنظيم المعارض الجماعية والفردية ثم تبعها افتتاح جمعية الثقافة والفنون، فكان له أيضا مساهمة كبيرة في وضع آلية وخطط وبرامج الفن التشكيلي عندما كلف برئاسة لجنة الفنون التشكيلية خلفا لزميله عبدالعزيز الحماد وأصبح خلال هذا التواجد والدعم رافداً قوياً بحضوره وبمساهماته عبر الرأي واللوحة إلى أن وصل به الأمر للدعم التجاري بافتتاحه أول صالة عرض متخصصة للفنون التشكيلية ومستلزمات الفنانين، وخلال هذا النشاط الديناميكي أقام ما يزيد على المائة والخمسين معرضاً شخصياً داخل وخارج المملكة عربياً وعالمياً مسجلاً حضوره العالمي بكل جداره إضافة إلى عضويته في العديد من اللجان والجمعيات التشكيلية منها العربي ومنها العالمي.
علاقة الفنان السليم بإبداعه
لم يكن الفنان السليم رحمه الله يتعامل مع الإبداع بحثا عن الثراء المالي رغم ما أتيح له من فرص ومع ما تحقق له من معجبين ومقتنين لأعماله، بقدر ما كان حريصاً على أن يوجد أسلوباً تشكيلياً خاصا أصيلاً في المنشأ والولادة، فكان له ذلك عبر مشوار حافل بالتجارب واكتشاف سبل التعبير ورصد ملامح الخصوصية المحلية من خلال ممازجته بين الشكل والمضمون مستلهماً معطيات واقعه المحلي بكل تفاصيله، وقد بدأ السليم متلمساً دربه في تصوير الواقع بإحساس معاصر مع ما سجله من ملامح البيئة وجمالها في لوحات واقعية في أول مشواره كان لقريته حظ وافر منها مستعيداً في بعضها ما اختزله عقله الباطني من نماذج الحياة القروية والعلاقات الاجتماعية وأنماط البناء فحملها معه إلى ايطاليا خلال دراسته، فكان ذلك المختزل مرجعاً بصرياً تراثياً واجتماعياً مؤطراً بما اكتسبه من عادات وتقاليد أصيلة ليصبح مصدر إلهامه ومنطلق إبداع وقف له معلموه وأساتذته والنقاد بكل احترام مشيرين إليه في تعليقاتهم وكتاباتهم النقدية في صفحهم بعد زيارتهم لمعارضه التي أقامها في روما.
لم يتوقف السليم رحمه الله عند حدود التأثر أو الإعجاب بأساليب الفنانين الغربيين ممن شاهد أعمالهم خلال دراسته أو بما علق في ذاكرته بعد زيارته للمتاحف وقاعات العرض العلمية بل سعى لإيجاد أسلوب ومدرسة عربية في كل تكوينها شكلا ومضموناً فكانت له المدرسة الآفاقية المأخوذة من الأفق محدثا نقلة مهمة في تاريخ الفن التشكيلي السعودي خاصة والخليجي بوجه عام إلى العربي والعالمي بملامح لم تكن مكررة أو منقولة أو مشابهة لأعمال سابقة، هذه المدرسة كما يطلق عليها في العرف الإبداعي تأثر بها العديد من الفنانين لكونها الأقرب في تجسيد الواقع البيئي البصري للنمط الصحراوي وحركة الخطوط فيه من اليمين إلى الشمال أو العكس بتدرج لوني وإيقاع خطي متتابع يأخذك للأفق عبر مراحل متناغمة من المساحات ودرجات اللون.
هذه إطلالة على فنان أفنى حياته لإبداعه من منطلق وطني أصبح حقا على محبيه أن يجددوا الوفاء لمن كان منزله ومرسمه حضناً دافئاً وملتقى جماليا إبداعيا كان فيه الراحل كريماً بابتسامته التي تسبق كل مظاهر الاحتفاء لكل من يلتقيه.
انه في حاجة لموقع على الإنترنت ومعرض يحمل اسمه ولتكن له جائزة تذكارية تحمل اسمه وتحفظ دوره الريادي واضعين الأمل في وزارة الثقافة والإعلام التي كان السليم أحد منسوبيها. الحديث عن هذا الفنان لا تتسع له مثل هذه المساحة لرصد إنجازاته بالتفصيل وإنما حرصنا على أن نساهم بشيء قليل لنعيد ذكراه الطيبة كمواطن مخلص.
جريدة الجزيرة
_________________
وقد بدأ في تصوير مايحيط به فكانت لوحته ( مدخل مرات ) نقل للبيئة التي يعيش فيها وكان إنتاجه تسجيلا يتبين فيه بساطه في المعالجة، وفي عام 1388هـ/1968م ، تم ابتعاثه للدراسة في إيطاليا في اكاديميه الفنون الجميلة في فلورنسا، فقد سحرته الحضارة الغربية في البداية عند وصوله إيطاليا للدراسة، لذا تأثر بحضارة السنوات الأولى من القرن التاسع عشر، فظهرت أعماله متأثرة في البداية بهذه الحضارة حيث جاءت أعماله الأولى مشابهه للسريالية، ثم خاض تجارب مشابهه لمذهب سيزان وسوراه ، وأخذ يقسم الألوان إلى بقع خفيفة ، كما قام بتجارب لتشكيل الخطوط في اللوحة إلى أشكال هندسيه ، ثم تجاوز هذه المرحلة إلى مرحله الابتكار في الصورة بتركيب الموضوعات بطريقه أقل هندسيه وبنوع من التقدم الواضح ، وقد نجح
السليم في ربط حضارته وتقاليده بما تم تحقيقه في مجال الفن التشكيلي.
ولقد واجه عقبات في إثناء دراسته في إيطاليا في التوفيق بين الفن في الغرب والحفاظ على هويته وأصالته ، فاتخذ من بيئته ومحيطه مصدرا يرسم ويصور منه وليبتدع بعد ذلك أسلوبا فنيا خاصاً.
الثقافية محمد المنيف:
عندما يطلب مني الحديث عن الفنان التشكيلي السعودي الراحل محمد السليم في لقاء ثقافي أو فني أو حتى من المعجبين به أو حينما ترغب بعض الإصدارات أن أكتب عن تاريخه وسجله الإبداعي أشعر أنني أسترجع كل تفاصيله التي أعرفها ويعرفها كل منتم للساحة التشكيلية ممن عاصروا نشاطه التي يتشكل منها ذلك الإنسان الرائع رحمه الله وأتعجب كثيرا مع ما أشعر به من الألم والخوف من أن يذوب هذا المبدع الإنسان في ثنايا النسيان رغم ان محبيه كثيرون وأصدقاؤه لا يقلون بأي حال عنهم وان ينتهي العهد به بعد معرض وحيد أقامته الرئاسة العامة لرعاية الشباب عام 1419ه وشارك فيه نخبة من الفنانين من مختلف مناطق المملكة يحمل اسم معرض الوفاء وكنت وقتها أجزم بان المعرض سيكون له موقع في جدول وبرامج أولئك الأصدقاء بأن يقام هذا المعرض مرة واحدة كل عام أو كل عامين يخصص ريعه للأعمال الخيرية ودعم البرامج الفنية في مؤسسات الرعاية الاجتماعية أو جمعية المعاقين، أو أن يتبنى أحد أولئك الأصدقاء تأليف كتاب عن مسيرته الإبداعية وتجربته مع اللوحة، وما حققه خلالها من خصوصية أثبت فيها مدرسته الفنية عبر اللوحة التي أصبحت تعرف انها من صنعه حتى لو لم تحمل إمضاءه بعناصرها وملامحها ونشأتها المحلية مبرزاً فيها الانتماء الصادق والكبير للوطن بكل ما يحتويه من مظاهر الحياة بكل أنماطها مع أن الزميل الفنان التشكيلي سمير الدهام قد أشار انه أتم فصول هذا الكتاب وألمح لي عن انتظاره فرصة الدعم المادي ليظهر للوجود.
إلا أن هذا لا يكفي من محبيه وتلامذته القريبين منه تماما ممن عاشوا أغلب لحظات سعادته وشقائه ومعاناته مع الفن أو مع ظروفه التي أدت به إلى الإفلاس رغم ما قدمه من مال وجهد في سبيل الفن التشكيلي السعودي، فهذا المبدع والرمز الثقافي التشكيلي يستحق ان يجد مكانا بين محبيه من الزملاء في المجموعات التي تشكلت مؤخرا منها مجموعة الرياض وتضم فنانين هم من كانت تربطهم به علاقات مباشرة، في مقدمتهم رئيس المجموعة علي الرزيزاء كما في مجموعة ألوان أيضا من لهم علاقة لا تقل بأي حال عن البقية ومنهم رفيق دربه واحد رواد المجال التشكيلي الفنان عبدالجبار اليحيا رئيس المجموعة، فالراحل محب للجميع فأحبه من تعرف عليه كما استفاد منه أجيال وأسماء لها صداها التشكيلي فلماذا لا يكون عضوا بينهم تعرض أعماله في معارضهم وتنتقل معهم إلى أعين الآخرين ليسعد بها من لحق بمرحلته الإبداعية ويستفيد منها المواهب الجديدة وان يقوم أعضاء تلك المجموعتين أو من يتبنى الفكرة منهم بالبحث عن تلك الأعمال، وهي كثيرة ولكنها تبعثرت بين مقتني وبين جهات رسمية مع ان من الفنانين من اقتنى له أعمال مع إمكانية الاستعانة بمن يمتلك أي منها كاستعارة للعرض مع ما نبعثه من عتب لابنه طارق مدعما بالعشم في ان يتعاون مع الفكرة أو مع غيرها لنحتفظ بهذا الرمز بشكل متواصل وعبر حقبات من التاريخ والأجيال اعترافاً بدوره وجهوده.
إعجاب وتقدير كبير
من المسؤولين
لقد وجد الفنان الراحل السليم احتفاء كبيراً من المسؤولين وعلى أعلى مستوى منذ ان كشف عن موهبته بإقامته أو معارضه في نادي النصر بالرياض عام 1378هـ وافتتحه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض الذي أشاد بإبداعه بكلمة كان رحمه الله شديد الاعتزاز بها لكونها نابعة من الوجدان حيث قال سموه فيها «إنها لفرصة طيبة ان افتتح المعرض الأول للفنان السعودي محمد السليم وبقدر سروري بذلك فلقد كان ما شاهدته دليل بداية طيبة وموفقة إن شاء الله» هكذا كانت البداية وكانت النظرة الثاقبة من سموه لمستقبل هذا الفنان لتأتي بعدها المرحلة المهمة والمنعطف الكبير الذي نقل من خلالها إبداعه إلى العالمية ونعني بها مرحلة الدراسة المتخصصة في مجال الفنون والديكور في أكبر أكاديميات ايطاليا عام 1390هـ بعد تنقل في مهام في نفس مجاله إذا كان رحمه الله معلماً للتربية الفنية ثم موجهاً تربوياً فيها إلى أن انتقل إلى التلفزيون كمهندس ديكور ثم ابتعث إلى ايطاليا ليعود بعد دراسته العليا إلى المملكة مشحوناً ومكتنزاً حماسا وطموحاً ساعياً لتأسيس حركة تشكيلية على قاعدة مدروسة نتيجة ما وجده من دعم رسمي ممثلا في رعاية الشباب التي تحولت إلى الرئاسة العامة لرعاية الشباب وأقيم فيها للفنون التشكيلية قسم خاص لتنظيم المعارض الجماعية والفردية ثم تبعها افتتاح جمعية الثقافة والفنون، فكان له أيضا مساهمة كبيرة في وضع آلية وخطط وبرامج الفن التشكيلي عندما كلف برئاسة لجنة الفنون التشكيلية خلفا لزميله عبدالعزيز الحماد وأصبح خلال هذا التواجد والدعم رافداً قوياً بحضوره وبمساهماته عبر الرأي واللوحة إلى أن وصل به الأمر للدعم التجاري بافتتاحه أول صالة عرض متخصصة للفنون التشكيلية ومستلزمات الفنانين، وخلال هذا النشاط الديناميكي أقام ما يزيد على المائة والخمسين معرضاً شخصياً داخل وخارج المملكة عربياً وعالمياً مسجلاً حضوره العالمي بكل جداره إضافة إلى عضويته في العديد من اللجان والجمعيات التشكيلية منها العربي ومنها العالمي.
علاقة الفنان السليم بإبداعه
لم يكن الفنان السليم رحمه الله يتعامل مع الإبداع بحثا عن الثراء المالي رغم ما أتيح له من فرص ومع ما تحقق له من معجبين ومقتنين لأعماله، بقدر ما كان حريصاً على أن يوجد أسلوباً تشكيلياً خاصا أصيلاً في المنشأ والولادة، فكان له ذلك عبر مشوار حافل بالتجارب واكتشاف سبل التعبير ورصد ملامح الخصوصية المحلية من خلال ممازجته بين الشكل والمضمون مستلهماً معطيات واقعه المحلي بكل تفاصيله، وقد بدأ السليم متلمساً دربه في تصوير الواقع بإحساس معاصر مع ما سجله من ملامح البيئة وجمالها في لوحات واقعية في أول مشواره كان لقريته حظ وافر منها مستعيداً في بعضها ما اختزله عقله الباطني من نماذج الحياة القروية والعلاقات الاجتماعية وأنماط البناء فحملها معه إلى ايطاليا خلال دراسته، فكان ذلك المختزل مرجعاً بصرياً تراثياً واجتماعياً مؤطراً بما اكتسبه من عادات وتقاليد أصيلة ليصبح مصدر إلهامه ومنطلق إبداع وقف له معلموه وأساتذته والنقاد بكل احترام مشيرين إليه في تعليقاتهم وكتاباتهم النقدية في صفحهم بعد زيارتهم لمعارضه التي أقامها في روما.
لم يتوقف السليم رحمه الله عند حدود التأثر أو الإعجاب بأساليب الفنانين الغربيين ممن شاهد أعمالهم خلال دراسته أو بما علق في ذاكرته بعد زيارته للمتاحف وقاعات العرض العلمية بل سعى لإيجاد أسلوب ومدرسة عربية في كل تكوينها شكلا ومضموناً فكانت له المدرسة الآفاقية المأخوذة من الأفق محدثا نقلة مهمة في تاريخ الفن التشكيلي السعودي خاصة والخليجي بوجه عام إلى العربي والعالمي بملامح لم تكن مكررة أو منقولة أو مشابهة لأعمال سابقة، هذه المدرسة كما يطلق عليها في العرف الإبداعي تأثر بها العديد من الفنانين لكونها الأقرب في تجسيد الواقع البيئي البصري للنمط الصحراوي وحركة الخطوط فيه من اليمين إلى الشمال أو العكس بتدرج لوني وإيقاع خطي متتابع يأخذك للأفق عبر مراحل متناغمة من المساحات ودرجات اللون.
هذه إطلالة على فنان أفنى حياته لإبداعه من منطلق وطني أصبح حقا على محبيه أن يجددوا الوفاء لمن كان منزله ومرسمه حضناً دافئاً وملتقى جماليا إبداعيا كان فيه الراحل كريماً بابتسامته التي تسبق كل مظاهر الاحتفاء لكل من يلتقيه.
انه في حاجة لموقع على الإنترنت ومعرض يحمل اسمه ولتكن له جائزة تذكارية تحمل اسمه وتحفظ دوره الريادي واضعين الأمل في وزارة الثقافة والإعلام التي كان السليم أحد منسوبيها. الحديث عن هذا الفنان لا تتسع له مثل هذه المساحة لرصد إنجازاته بالتفصيل وإنما حرصنا على أن نساهم بشيء قليل لنعيد ذكراه الطيبة كمواطن مخلص.
جريدة الجزيرة
_________________
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..