تونس
- قلّل رئيس حركة النهضة الإسلامية راشد الغنوشي من "خطر السلفيين" على
مكاسب المجتمع التونسي ودعاهم إلى تشكيل أحزاب سياسية و"التأقلم" مع المشهد
السياسي حتى يكون لهم "نفوذ" في تونس.
وقال
الغنوشي في مقابلة مع صحيفة "حقائق" التونسية "أعتقد أنه من الجيد أن يخطو
السلفيون خطوة نحو السياسية ويتشكلوا في أحزاب"، مضيفا أنهم "إذا قاموا
بذلك فهذه خطوة جيدة لأن مجال السياسة ليس هو مجال الإطلاق وإنما مجال
النسبية".
وأعرب عن اعتقاده بأن السلفيين "سيضطرون للتحالف مع أحزاب أخرى حتى يكون لهم نفوذ" في المشهد السياسي والاجتماعي والثقافي التونسي.
وجاءت
تصريحات الغنوشي وسط حالة من الاحتقان السياسي والاجتماعي أعادت المناخ
العام في تونس إلى يوم 14 كانون الثاني/ يناير 2011 نتيجة أعمال العنف التي
ترتكبها المجموعات السلفية خاصة في المؤسسات الجامعية.
وتصاعد
سخط التونسيين حين أقدم أحد العناصر السلفية على تنكيس العلم الوطني في
مدخل كلية الآداب بمنوبة ورفع راية سوداء كتب عليها "لا إلاه إلا الله محمد
رسول الله"، لكن أحد الطالبات تسلحت بشجاعة نادرة وتصدت له والتحق بها
زميلاتها وزملاؤها ورفعوا العلم مرددين النشيد الوطني.
وتعالت أصوات الطالبات والطلبة في وجوه المجموعات السلفية "يا جبان علم تونس لا يهان".
وفيما اكتفت حركة النهضة ببيان مقتضب استنكرت فيه "إنزال العلم" دعا رئيس
المجلس التأسيسي مصطفى بن جعفر الحكومة إلى "تحمل مسؤولياتها" تجاه أعمال
العنف التي تشهدها الجامعة التونسية وإنزال الراية الوطنية في كلية الآداب
بمنوبة واستبدالها بالراية السوداء للسلفيين.
وقال
بن جعفر في جلسة استثنائية عقدها المجلس التأسيسي مساء الخميس لمناقشة
إقدام السلفيين على إنزال الراية الوطنية من فوق سور كلية الآداب بمنوبة إن
هذا "الاعتداء على العلم المفدى يحتاج إلى إشارة واضحة وإطلاق ناقوس
الإنذار" خاصة انه يأتي اثر تكرر أعمال العنف والتجاوزات من قبل من أسماهم
"متطرفين دينيين".
وأضاف انه على الحكومة "القيام بكل الإجراءات اللازمة حتى لا يتكرر هذا الاعتداء الآثم".
وطالب بن جعفر بـ "فتح تحقيق جدي وبتتبعات قضائية " ضد مرتكب الاعتداء على الراية الوطنية "رمز شرف الشعب التونسي".
لكن
موقف بن جعفر، حليف النهضة في الحكم، من ممارسات السلفيين يختلف عن موقف
رئيس الحركة راشد الغنوشي الذي يرى أن تنامي المجموعات السلفية وتماديها في
ارتكاب أعمال العنف يعود إلى طبيعة الديكتاتورية التي سادت خلال نظام بن
علي، مشددا على أن السلفيين هم "ثمرة" لدكتاتورية نظام بن علي وأضاف "نحن
نعرف ما يمكن أن تنتجه الديكتاتورية، نحن أنفسنا عندما نشانا كان لنا قدر
من التشدد يساوي بعض التشدد العلماني، ولكن بعد عشر سنوات أصبحنا نتأقلم مع
الواقع التونسي حتى تتونسنا".
وأعرب عن اعتقاده بان "التيارات السلفية التونسية ستمر بمرحلة المراجعة وستجد نفسها مضطرة للتألم مع المجتمع التونسي".
ولم
يقلّل رئيس حركة النهضة من خطورة السلفيين فقط بل قلّل أيضا من خطورة
السلفية الجهادية التي تحمل السلاح ملاحظا أن "اليسار المتطرف في أوروبا
كان يحمل السلاح في الستينات والسبعينات" لكن تلك التنظيمات "استوعبتها
الديمقراطية وأصحابها أصبحوا هامشيين في البرلمان الأوروبي".
وتساءل الغنوشي "لماذا نحن لا نراهن مع السلفيين على مثل ذلك؟".
وقال إن المجتمع التونسي له "بنية دينية تقليدية" قوية قادرة على امتصاص مختلف التيارات المتشددة.
وكان الغنوشي قد قال في محاضرة قدمها في مركز دراسة الإسلام والديمقراطية
إن "السلفيين أبناؤنا وهم ثمرة نظام ديكتاتوري كما كانت النهضة ثمرة نظام
بورقيبة الاستبدادي" ودعا إلى ضرورة "الحوار معهم واحتضانهم".
ويكاد
يلتقي موقف رئيس حركة النهضة من السلفيين مع مواقف القيادات اليسارية
والعلمانية التي تقول "إنه لا يمكن الفصل القاطع بين حركة النهضة
والمجموعات السلفية"، مشددة على أن "الأجنحة المتشددة في حركة النهضة تمثل
امتدادا لتيار السلفي" على حد تعبير المنسق العام لحركة الوطنيين
الديمقراطيين شكري بلعيد.
من
جهة أخرى نفى الغنوشي أن تكون لحركة النهضة "ميليشيات" تستعملها لـ
"إفشال" حركات الاحتجاج ولـ "كسر" الإعتصامات التي تجتاح البلاد منذ تشكيل
حكومة حمادي الجبالي الأمين العام لحركة النهضة.
لكن
قيادات في الإتحاد العام التونسي للشغل قالت إن "ميليشيات حركة النهضة" هي
التي أقدمت على اقتحام مكاتب الإتحاد في عدد من المحافظات وأحرقتها واتلف
وثائقها.
ويقول
نشطاء سياسيون وشخصيات من المجتمع المدني أنهم كلما نظموا مظاهرة احتجاجا
على فشل الحكومة في تحقيق مطالب المجتمع إلا واعترضتم "ميليشيات من حركة
النهضة أو من السلفيين" واشتبكوا معها من أجل إفشال أي حركة احتجاجية".
وعلى
صعيد السياسة الخارجية دافع رئيس حركة النهضة عن موقف الحكومة من الملف
السوري ملاحظا أن موقف النهضة "ليس تابعا لقطر مع احترامنا لقطر ولا إلى
السعودية مع احترامنا للسعودية".
لكن
الفاعلين السياسيين والاجتماعيين التونسيين باتوا على قناعة بأن حركة
النهضة فسحت المجال لدولة قطر لـ "تحشر أنفها في الشأن الداخلي التونسي"
عبر "بوابة الوعود بضخ الاستثمارات وتمويل المشاريع".
وكشف
مؤتمر "أصدقاء سوريا" الذي احتضنته تونس منذ أسبوعين وشاركت فيه التيارات
المعارضة لنظام بشار الأسد "عمق العلاقة بين النهضة وقطر" حيث أكد دبلوماسي
عربي مقيم في تونس إن " المؤتمر نظمته ومولته دولة قطر" بينما اكتفت
السلطات التونسية بتسهيل الإجراءات التنظيمية.
ولاحظ
الإعلاميون التونسيون الذين واكبوا أشغال المؤتمر، بامتعاض شديد، أن طاقم
سفارة قطر هو الذي سهر على تنظيمه، فيما اكتفت السلطات التونسية بتسهيل
الإجراءات، وتأمين الحماية الأمنية للضيوف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..