الأربعاء، 11 أبريل 2012

بيان رابطة علماء فلسطين بمناسبة زيارة الجفري للأقصى

قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَن تَجْعَلُواْ لِلّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً مُّبِيناً ) [النساء : 144]
وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) [المائدة : 51]

نقلت وسائل الأخبار أن الشيخ الداعية اليمني الحبيب بن علي الجفري قام بزيارة إلى المسجد الأقصى المبارك مصحوباً بوفد رسمي من الحكومة الأردنية الشقيقة، واستقبلهم الرسميون في رحاب المسجد الأقصى المبارك, ولأني لم أكن متوقعاً أن يبادر فضيلة الشيخ الجفري بزيارة المسجد الأقصى المبارك تحت حراب الصهاينة الذين يمنعون أهل المسجد الأقصى المبارك من الصلاة فيه، فكيف يسمحون لمن هم خارج فلسطين أن يزوروا المسجد الأقصى المبارك في هذه الأيام العصيبة الرهيبة ؟
خاصة وقد أعلن الصهاينة إغلاق الضفة الغربية وعدم السماح لأهلها بدخول الأراضي المحتلة باستثناء الحالات الخاصة والتحويلات على المشافي في الداخل, فهل فضيلة الشيخ الجفري من الحالات الخاصة أم هي اللعب على المتناقضات.

فهل يعقل يا فضيلة الشيخ أن يمنع أهل القدس والذين هم خارج السور العنصري الفاصل بين أبناء فلسطين وبعضهم البعض، ويسمحون لمن جاء من اليمن والذي هو صنو بلاد الشام أن يدخل القدس والتي يعتبرونها جزءاً أصيلاً من دولتهم المحتلة، ويطلقون عليها العاصمة الأبدية ؟!!!

قال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الَّذِينَ اتَّخَذُواْ دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) [ المائدة : 57 ] وقال تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ ) [الممتحنة : 1] .

كنت أظن أن فهمي لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي أخرجه الإمام البخاري رحمه الله في صحيحه: " عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَامِنَا وَفِي يَمَنِنَا قَالَ قَالُوا وَفِي نَجْدِنَا قَالَ قَالَ هُنَاكَ الزَّلَازِلُ وَالْفِتَنُ وَبِهَا يَطْلُعُ قَرْنُ الشَّيْطَانِ "
قلت: لعل دعاء المصطفى صلى الله عليه وسلم لأهل للشام واليمن لأنهم يشتركون في صفات حميدة كثيرة، منها الإيمان والفقه والجهاد وعدم الرضا بالذل والاستكانة، وقول الحق حتى وإن كان صعباً، وأمام سلطان جائر، ولذا أما تراهم يشتركون حتى في الثورة على الظلمة والمجرمين في حق الأمة، الذين نهبوا البلاد ودمروا العباد، وضيعوا وبددوا مقدرات البلاد، ثم إن هذا الدعاء من المصطفى صلى الله عليه وسلم يعتبر وحياً، وحثاً للأمة أن تستخلص أرضها ومقدساتها من أيدي الصهاينة المجرمين الذين أهلكوا الحرث والنسل، وحرقوا الأخضر واليابس.

فهل يعقل يا فضيلة الشيخ أن يكون عندك شك في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي يقول عن الشام وأهله الذين أفتوا بعدم جواز بل حرمة من أتى القدس شاداً إليها الرحال وهي تحت حراب الصهاينة ؟! أخرج الإمام الترمذي رحمه الله في جامعه: " عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا فَسَدَ أَهْلُ الشَّامِ فَلا خَيْرَ فِيكُمْ لا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي مَنْصُورِينَ لا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَعِيلَ قَالَ عَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ هُمْ أَصْحَابُ الْحَدِيثِ قَالَ أَبُو عِيسَى وَفِي الْبَاب عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَوَالَةَ وَابْنِ عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَعَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنِيعٍ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ أَخْبَرَنَا بَهْزُ بْنُ حَكِيمٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيْنَ تَأْمُرُنِي قَالَ هَا هُنَا وَنَحَا بِيَدِهِ نَحْوَ الشَّامِ, قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ .

هل بعد كلام الوحي كلام ؟! قوله: إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم " ألم يجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الشام وعلى رأسهم العلماء، وعلماء الحديث بوجه خاص، ألم يجعلهم الميزان الذي يقاس به صلاح الناس وفسادهم ؟!!! فمباركة الشام تعني أن هذه البركة لا تنزع إلى يوم القيامة، ويستحيل أن تبسط الملائكة أجنحتها إلا على شيء يحبه الله سبحانه وتعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم. أخرج الإمام الترمذي رحمه الله في جامعه عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نُؤَلِّفُ الْقُرْآنَ مِنْ الرِّقَاعِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُوبَى لِلشَّامِ فَقُلْنَا لِأَيٍّ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ لِأَنَّ مَلَائِكَةَ الرَّحْمَنِ بَاسِطَةٌ أَجْنِحَتَهَا عَلَيْهَا قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ إِنَّمَا نَعْرِفُهُ مِنْ حَدِيثِ يَحْيَى بْنِ أَيُّوبَ "

سيبقى الشام موئلاً للأحرار الذين يرفضون الظلم، ومنارة يهتدي بها الساعون إلى الحرية، الطامحون إلى العزة، ولن ينزع ذلك من بلاد الشام حتى أيام الفتن والملاحم. أخرج الإمام أبو داود في سننه "عَنْ ابْنِ حَوَالَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَيَصِيرُ الْأَمْرُ إِلَى أَنْ تَكُونُوا جُنُودًا مُجَنَّدَةً جُنْدٌ بِالشَّامِ وَجُنْدٌ بِالْيَمَنِ وَجُنْدٌ بِالْعِرَاقِ قَالَ ابْنُ حَوَالَةَ خِرْ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنْ أَدْرَكْتُ ذَلِكَ فَقَالَ عَلَيْكَ بِالشَّامِ فَإِنَّهَا خِيرَةُ اللَّهِ مِنْ أَرْضِهِ يَجْتَبِي إِلَيْهَا خِيرَتَهُ مِنْ عِبَادِهِ فَأَمَّا إِنْ أَبَيْتُمْ فَعَلَيْكُمْ بِيَمَنِكُمْ وَاسْقُوا مِنْ غُدُرِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ تَوَكَّلَ لِي بِالشَّامِ وَأَهْلِهِ ." كنا نظن أن تقوم يا فضيلة الشيخ بحملة توعية للمسلمين في الأرض عن الشام والرباط فيها والجهاد في سبيل تحرير فلسطينها وقدسها، حتى تصلي أنت والمسلمون دون إذن من الصهاينة أعداء الله قتلة الأنبياء والشهداء والأولياء والأطفال والنساء.

ألم تسمع قول العالم القاضي محيي الدين بن الزكي عندما دعي للخطبة والصلاة في المسجد الأقصى وهو تحت الاحتلال الصليبي قبل أن يحرر بقليل، فقا : لا والله لا أخطب ولا أصلي في المسجد الأقصى قبل أن نحرره من أيدي الصليبيين. وما يهود اليوم إلا أشد تنكيلاً ونكاية بالمسلمين في القدس وأكنافه من الصليبيين. ألم تسمع عن الذين تُهدم بيوتهم، ويُلقى بهم في الشوارع دون أن يؤبه بهم ؟! ماذا كنت ستفعل لو قدر الله لك أن تقتحم مجموعات المغتصبين المسجد الأقصى، وأنت داخله بإذنهم وتحت حراسة حرابهم ؟ كنا ننتظر منك غير هذا أيها الشيخ، ما كنا نتوقع أن تطعننا من الخلف، وأنت الرجل الصوفي الوقاف عند حدود الله, فهل تجتمع الأمة على ضلال يا فضيلة الشيخ ؟

رابـطـة عـلـمـاء فـلـسـطـيـن
16/جمادى الأولى 1433 هــ
8/4/2012م هــ


========

المصدر الموقع الرسمي لرابطة علماء فلسطين
http://www.rapeta.org/ar/index_.php?portal=mn&id=376

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..