سأل أخونا الفاضل الحبيب أبو أشرف محمود الشنقيطي – وفقه الله -
عن قول الحق سبحانه وتعالى:
(وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً)؛
عن قول الحق سبحانه وتعالى:
(وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميراً)؛
هل يوجد من قرأ بتضعيف الميم في (أمرنا) أي أمّرنا؟ !
ويسرني أن أنقل إليه ما يلي :
يوجد من قرأ بتضعيف الميم في (أمرنا)، ولكنها قراءة غير متواترة.
فقد ورد في قراءتها قراءتان متواترتان، وهما: (أَمَرْنا) بقصر الألف، وفتح الميم وتخفيفها، وهي لعامة القراء، و(آمَرْنا) بمد الألف، وقرأ بها يعقوب - وقرأ بها غير يعقوب، لكنها لم تثبت متواترة إلا عن يعقوب -.
وفيها خمس قراءات غير متواترة؛ وهي:
1- أَمَّرْنا بتشديد
الميم، ونسبت إلى علي بن أبي طالب، وابن عباس، وأبي العالية الرياحي،
والنخعي، وأبي عثمان النهدي، ومجاهد، والحسن، والباقر، وزيد بن علي، وأبي
رجاء العطاردي، والسدي، والجحدري، والربيع بن أنس، وتفرد بها أبو العباس عن
أبي عمرو، وأبان عن عاصم، وهدبة عن حماد بن سلمة عن ابن كثير.
2- أَمِرنا بقصر الألف، وكسر الميم.
3- آمِرنا بمد الألف، وكسر الميم.
4- أمْأرنا.
5- بعثنا.
(ينظر معجم القراءات لعبد اللطيف الخطيب 5/30-33).
قال ابن جرير في تأويل قوله تعالى : ( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا (16) ) الإسراء :
اختلف القراء في قراءة قوله (أمرنا مترفيها):
1- فقرأت ذلك عامة قراء الحجاز والعراق (أَمَرْنَا) بقصر الألف وغير مدها وتخفيف الميم وفتحها.
وإذا قرئ ذلك كذلك، فإن الأغلب من تأويله: أمرنا مترفيها بالطاعة، ففسقوا فيها بمعصيتهم الله، وخلافهم أمره، كذلك تأوله كثير ممن قرأه كذلك.
وقد يحتمل أيضا إذا قرئ كذلك أن يكون معناه: جعلناهم أمراء ففسقوا فيها؛ لأن العرب تقول: هو أمير غير مأمور.
وقد
كان بعض أهل العلم بكلام العرب من أهل البصرة يقول: قد يتوجه معناه إذا
قرئ كذلك إلى معنى أكثرنا مترفيها، ويحتج لتصحيحه ذلك بالخبر الذي روي عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "خير المال مهرة مأمورة أو سكة
مأبورة" ويقول: إن معنى قوله: مأمورة: كثيرة النسل.
وكان
بعض أهل العلم بكلام العرب من الكوفيين ينكر ذلك من قيله، ولا يجيزنا
أمرنا، بمعنى أكثرنا إلا بمد الألف من أمرنا. ويقول في قوله "مهرة مأمورة":
إنما قيل ذلك على الاتباع لمجيء مأبورة بعدها، كما قيل : "ارجعن مأزورات
غير مأجورات" فهمز مأزورات لهمز مأجورات، وهي من وزرت إتباعًا لبعض الكلام
بعضًا.
2- وقرأ ذلك أبو عثمان (أمّرنا) بتشديد الميم، بمعنى الإمارة.
حدثنا أحمد بن يوسف، قال: حدثنا القاسم، قال: حدثنا هشيم عن عوف، عن أبي عثمان النهدي أنه قرأ (أَمّرْنَا) مشددة من الإمارة.
وقد تأول هذا الكلام على هذا التأويل، جماعة من أهل التأويل.
ذكر من قال ذلك:
حدثنا
علي بن داود، قال: حدثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن علي، عن ابن
عباس، قوله:(أمرنا مترفيها) يقول: سلطنا أشرارها؛ فعصوا فيها، فإذا فعلوا
ذلك أهلكتهم بالعذاب، وهو قوله: ( وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها
ليمكروا فيها ).
حدثني الحارث، قال: حدثنا القاسم، قال: سمعت الكسائي يحدث عن أبي جعفر الرازي، عن الربيع بن أنس، أنه قرأها (أمّرنا)، وقال: سلطنا.
حدثنا القاسم، قال: حدثنا الحسين، قال: حدثنى حجاج، عن أبي حفص، عن الربيع، عن أبي العالية، قال:(أمّرنا) مثقلة: جعلنا عليها مترفيها: مستكبريها.
3- وذكر عن الحسن البصري أنه قرأ ذلك (آمرنا) بمد الألف من أمرنا، بمعنى: أكثرنا فسقتها.
وقد
وجه تأويل هذا الحرف إلى هذا التأويل جماعة من أهل التأويل، إلا أن الذين
حدثونا لم يميزوا لنا اختلاف القراءات في ذلك، وكيف قرأ ذلك المتأولون، إلا
القليل منهم.
وأولى القراءات في ذلك عندي بالصواب قراءة من قرأ (أَمَرْنَا مترفيها) بقصر الألف من أمرنا، وتخفيف الميم منها؛ لإجماع الحجة من القراء على تصويبها دون غيرها.
وإذا
كان ذلك هو الأولى بالصواب بالقراءة، فأولى التأويلات به تأويل من تأوله:
أمرنا أهلها بالطاعة؛ فعصوا، وفسقوا فيها، فحق عليهم القول، لأن الأغلب من
معنى أمرنا: الأمر، الذي هو خلاف النهي دون غيره، وتوجيه معاني كلام الله
جل ثناؤه إلى الأشهر الأعرف من معانيه أولى ما وجد إليه سبيل من غيره.
انتهى، وقد رُقِّم وحُذِف منه بعض الشواهد.
فؤاد أبو الغيث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..