السبت، 21 أبريل 2012

تلك أمنياتك يا بسمة .. وهذه أمنياتي!

لا أخفي ألمي العميق المتجدد مع كل برنامج أو لقاء أشاهده. وتأخذ فيه امرأة زمام المبادرة للحديث باسم ملايين السعوديات! ثم تفشل فشلاً ذريعاً في نقل صورة صادقة وواقعية.. دون أن تسقط في بؤر الإساءة والتشويه، والانتصار
للذات بتغليب آرائها ومصالحها الشخصية على المصالح العامة.

ففي حوار أجرته حديثاً الـ «BBC» مع الأميرة بسمة بنت سعود، أجملت عبر خمس نقاط أهم الأمور التي تود أن تراها تتغير في المملكة العربية السعودية.
خطوط عريضة وقضايا كبرى «كالدستور، وإصلاح النظام التعليمي، والخدمات الاجتماعية، وحقوق المرأة» أفسدتها الأميرة حين أفرغتها من معانيها العظيمة الشمولية، وسطّحتها وحصرتها في مسائل هامشية ضيقة إن لم يكن بعضها غير صحيح بالكلّية.

- عن المرأة وحقوقها: تحدثت عن قيادة السيارة. تمنت أن «تُمنح المرأة الحق في طلب الطلاق حتى لأبسط الأسباب»، طالبت بإسقاط المحرم كمرافق لأنّه «يقلّل من شأن المرأة التي كانت في عهد النبي محمد تصطحب رجلاً من العائلة لمرافقتها في التنقل، ففي تلك الأيام كانت المملكة صحراء مليئة بقُطاع الطرق»!!

وعجبي أيّ مملكة تتحدث عن وجودها في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام؟! وهل فتن هذا العصر وشروره ازدادت أم قلّت عنها في قرن خير البرية وصحبه الكرام.

- وعن إصلاح النظام التعليمي: تجاهلت تماماً كل مشاكل التعليم الحقيقية، ووجهت نقدها لتدريس الفقه والتفسير في مدارسنا، وحرمان الفتيات من الرياضة، ثم هاجمت المناهج، لأنها -بحسب زعمها- تربّي الأطفال على أن المرأة أقل من الرجل. ثم أخذت في التضليل واللمز والطعن ببعض الأحاديث الصحيحة بقولها: «المناهج محتواها خطير للغاية، فهي تعلّم أن المرأة لو كان قدر لها أن تعبد أحداً غير الله لكان هذا هو زوجها، وأن الملائكة ستلعنها إذا لم تكن خاضعة لاحتياجات زوجها».

- أما عن الخدمات الاجتماعية فاختصرت ملاحظاتها ومطالبها على قضية العنف ضد المرأة، وأن «وزارة الشؤون الاجتماعية تتساهل في ذلك، وأن العنف أدى لانتحار المتعلمات والطبيبات والعالمات السعوديات»، ولا أدري من أين أتت الأميرة بهذه المبالغات، فكل ما أعرفه أننا فجعنا هذه الأعوام بعدة أولاد ورجال تم قتلهم وتقطيع أجسادهم بأيد ناعمة! وآخرين انتحروا حين حُرموا الوظائف والحياة الكريمة.
ثم تضيف أختنا بسمة بنت سعود أن «النظام الفاسد لوزارة الشؤون الاجتماعية أدّى إلى أن %50 من السكان فقراء، رغم أننا دولة من أغنى دول العالم على وجه الأرض»، والحقّ أن الأميرة، بل كل مواطن سعودي، يعرف جيداً لماذا نحن فقراء ومحتاجون ونعاني صعوبة العيش، مع أننا دولة نفطية غنية، وأن الأمر أكبر من نظام وزارة فاسد؟ فلماذا التدليس على الناس؟!
تختم الأميرة بهذه العبارة: «بشكل عام هذه هي الحقوق والحريات لكل المواطنين، وهي ضرورية للمملكة العربية، فمنها تنبع حقوق المرأة أيضا».

هنا أقول عذراً أختي الكريمة فلم أقرأ في لقائك هذا ما يشير لحقوق أساسية أو يبشّر بأي خير، فقط رياضة وقيادة ومحرم.!!

ثم اسمحي لي ما دمت مهتمة بقضايا المرأة السعودية فاسمعي مني بعضاً مما أتمناه كمواطنة أن يتغير في وطني:

أتمنى لبلادي التي تعلن أن كتاب الله دستورها، أن تحتكم فعلاً لشرع الله وتطبّقه في كافة شؤونها الداخلية والخارجية، تطبيقاً صحيحاً راسخاً لقيم الحرية والعدل والمساواة، وأن تعود بلادي لتقدير قيمتها ووزنها، وتحمُّل مسؤولياتها الدينية والسياسية تجاه قضايا أمتنا الإسلامية. وأن يُحمى جناب العقيدة والأخلاق في الداخل، ثم يُسدّ الباب في وجه أي تدخل خارجي لفرض التغيير الذي يرفضه أبناء هذا الوطن مما يتعارض مع دينهم وثقافتهم.

أتمنى لبلادي أن يتولى المناصب فيها كل قوي أمين، وأن يُدرك الحاكم والمحكوم فضل العلماء ودورهم، فيُمنح الصالحون الأتقياء الثقات من أهل العلم الشرعي حق أداء مهامهم الدعوية والإصلاحية دون تضييق أو تهديد أو قيود.

أتمنى لوطني أن يقف الأمير والوزير والمسؤول سواءً أمام المساءلة والقانون كحال أي مواطن، وأن تتحقق العدالة والنزاهة في توزيع ثروات البلد.
مع تفعيل دور هيئة مكافحة الفساد وإطلاق يدها في المراقبة والمحاسبة ومنحها الصلاحيات الواسعة لكشف وملاحقة سرّاق المال العام من عِلية القوم وخاصتهم قبل العامة، لا أن تنشغل بآلاف الريالات المفقودة عن مئات الملايين المنهوبة!.

أتمنى تطوير خدمات البنية التحتية. وأن يتوفر لكل مواطن سعودي تعليم راقٍ بناء، ورعاية طبية وصحية متكاملة، ومسكن مناسب. أتمنى قضاءً قوياً مستقلاً وإعلاماً يرتكز على الثوابت ويحترم المهنية وأمانة الرسالة.

أتمنى أن تجتمع الجهود وتنصرف الهمم إلى المطالبة بمشاريع النهضة الصناعية والتقنية، وتشجيع الإبداع والبحث العلمي، بدلاً من تشتيت الطاقات بين خطط الإفساد وواجب المدافعة.
أتمنى أن تعي بلادي خطر وحساسية ملف قضايا الشباب، فتوليهم اهتمامها الأكبر فتبنيهم وتحميهم وتهيئ لهم أحسن فرص التعليم والعمل والتدريب والتأهيل، ومساعدتهم على الزواج والاستقرار، وتوفير فعاليات التثقيف والترفيه الهادفة.

أتمنى إعلاء وترسيخ ثقافة الحقوق عبر المناهج الدراسية والإعلام والمنابر الدينية. فوعي الفرد بحقوقه وواجباته طريقنا لرفع المظالم، وإرساء الأمن، والعلاقات السوية المتينة.
وأخيراً أتمنى للمرأة أن تنال كافة حقوقها الشرعية والأساسية، وأهمها حقها في الكرامة والتعامل الإنساني النبيل، والتعليم والعمل الآمن المراعي لخصائصها وتكوينها، ودفع الظلم عنها، مع سنّ وتفعيل قوانين وآليات تمكنها من الحصول على تلك الحقوق وتسريع قضاياها العالقة في المحاكم.

هذا -يا سمو الأميرة- غيضٌ من فيض من بعض أمنياتي التي أتمنى أن تتغير وتتحقق في بلادي. وهذا هو مفهومي للإصلاح الحقيقي.
 
 ريم سعيد آل عاطف


المصدر : http://www.alarab.qa/details.php?issueId=1590&artid=185444

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..