الخميس، 5 أبريل 2012

الليبراليون والوقوف على أعتاب القرن السابع عشر

نشر  مقال لهاشم صالح بعنوان  متى سيفهم العرب  العلمانية ليست الإلحاد

وهاشم صالح لمن لا يعرفه تلميذ أركون ويكفي هذا التعريف لتتعرف على فكره..وهو من عرابي الليبرالية ومابعد الحداثة في العالم العربي  ولتفهم باعثه على تلك النتائج التي توصل إليها في مقالته (العلمانية ليست الإلحاد) لابد أن تربطها بمصادر فكره العلماني و الليبرالي لتتعرف على أبعاده الفلسفية والتاريخية وقد كنت كتبت مقالة مطولة  بعنوان  


الليبراليون والوقوف على أعتاب القرن السابع عشر
وقد ذكرت فيها أبرز ملامح منظري الليبرالية العرب وافتتانهم بالنموذج الغربي في عصر التنوير.. ومنهم صاحبنا هاشم صالح الذي أبعد ما يكون عن اسمه وجولة عابرة بين كتاباته ومؤلفاته تبين مدى ضلوعه في خدمة هدم الإسلام ولا أعلم كيف يُصدر مثل هذا ويستكتب في صحف ومواقع تدعي أنها مسلمة لتفتح له الباب على مصراعيه لهدم أركان الإسلام بنفس فلسفي وروح مستشرق وإن كان ذا أصول عربية.
وعلى كل فقد توصلت معه وأصحابه إلى أن كبرى مشكلات عرابي الليبرالية العرب تتلخص في الجوانب التالية
 
:
1-افتتانهم بالغرب ومدى ما وصل إليه وبخاصة في جوانب العدالة الاجتماعية وقدرة أي شخص على المشاركة السياسة والاجتماعية ؛ ولا نلوم الليبراليين العرب في هذا إنما نلومهم في العين العوراء التي ترى الجانب المضيء في الغرب وتغفل عن مستوى الانحدار الأخلاقي في الغرب .  والكثير منهم لا يلقي بالاً لهذه الإشكالية التي تجعل الكثير من المسلمين يرفض ذلك اللهاث المحموم نحو اقتباس الحضارة الغربية ولهذا فإن الكثير من مشروعاتهم الإصلاحية المستغربة لن تجد آذانا صاغية من الجميع
.
2-جهلهم الفاضح بالإسلام وعدم معرفتهم بمبادئه الأولية إذ كيف ينتقدون شيئاً لا يعرفونه وكل انتقاداتهم إنما هي اجترار لانتقادات الغرب للمسيحية وتكرار للروايات الإسرائيلية بشكل متعمد للانتقاص، وإسقاط كل ذلك على الإسلام وحينما تقرأ لكبارهم دعاواهم في انتقاد الإسلام تضحك -كما تشاء- لمدى الجهل وصفاقة الوجه في تلبسهم لحالة الناقد لمنافع الضوء وهو في قعر كهف طويل ملتو مظلم
!.

3-وهم في كتاباتهم أبعد شيء عن القرآن الكريم فلا يحفلون به ولا يستشهدون به ولا بالسنة المطهرة بل تشعر أن أحدهم قد يصاب بحالة هستيرية في حال ردّ عليه أحد بالقرآن أو بالسنة ، فهل مثل هؤلاء يعتبرون مفكرين أو منصفين.وقد يحفل أحدهم بأبيات من الشعر وأمثال العرب أكثر من حفاوته بنصوص القرآن والسنة ثم يدعي أنه ليس عدوا للدين وأن المتشددين يسيئون فهمه ويحملون قوله مالا يحتمل!.مع أن أي باحث أو مفكر يجادل قوما ينبغي أن ينطلق معهم بدءا من مسلماتهم ولو لم يكن مقتنعا بها.ولكن صدق الله تعالى (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً ).وإنك ليقف شعر رأسك حينما يتناول أحدهم موقفا من السيرة بالتحليل وترى عجبا من هوان الدين عليهم وسخريتهم الفجة بمقام النبوة.
4-فتنتهم في تمجيد العقل والتعويل عليه وفق المناهج الفلسفية وتلك مرحلة نخلها المسلمون الأوائل نخلاً في خلافاتهم مع فلاسفة الإسلاميين ومع المعتزلة وغيرهم من الفرق التي تمجد العقل ،وخرجوا من تلك الخلافات والمناظرات والردود بنتائج أوصلوها لمن بعدهم ونقلوا لهم المبادئ التي يمكن أن يستفاد منها وطرحوا تلك العقليات التي لا طائل من ورائها مثل البحث في الإله والنبوات والروح والعدالة والأخلاق والفضائل النفسية التي يضل بسببها كل داخل في الفلسفة بدون قدم راسخة في علوم الإسلام؛ والليبراليون العرب وبخاصة المنظرين منهم حينما يفعلون ذلك فإنما يحاولون إشباع غرورهم الفكري مع تأثرهم بعصر التنوير الأوروبي الذي قاده الفلاسفة فهم يحاولون استنساخ تجربتهم لكنهم غفلوا عن الفوارق الكبرى بكل أسف وهذا ما لا يفعله الكبار
.
5-مع نقدهم لنظرية المخلص التاريخي التي يقوم عليها الحس الديني كما في اليهودية والمسيحية المتمثلة في ظهور المسيح عليه السلام وأكثر الفرق الإسلامية المتمثلة في خروج المهدي المنتظر و نزول المسيح عليه السلام ؛ فمع قيام الليبراليين على نقد هذه العقائد والتثريب على معتقديها إلا أن أكثر الليبراليين واقعين تحت سطوة فكرة المخلص وإن لم يتفقوا على مخلص واحد بل كل مدرسة فلسفية لها مخلصها الذي تأوي إلى دفء حضنه وهم ينتقلون من حضن إلى آخر ولعل أوسع الأحضان المعاصرة هو الحضن الأمريكي الدفيء حتى الآن على الأقل
.
6-إعجاب كثير من عرابي الليبرالية العرب بأنفسهم ومستوى فكرهم الفلسفي واعتدادهم بأنفسهم لدرجة التيه يحمل كثيرا منهم على عدم العدل في أحكامهم وتعجب حينما تقرا لكثير منهم حجم الكبر الذي يعيشونه حتى تجاوزوا مرحلة غمط الناس إلى حد أين الناس؟ لا ناس يمكن أن نناقشهم!..

7-مع كثرة إنتاجهم ومؤلفاتهم فهم كذلك الذي يدور في الساقية يكرر نفس عمله في كل يوم ؛ فلا جديد لديه وإنما يقوم بأداء دوره ومهامه اليومية  التي لا تتغير إلا بإرادة صاحب الساقية وكل ما يقوم به لمجرد أن  يحصل على وجبته التي يعيش بها يومه. وهؤلاء إنما يكررون مقولات لا يملون من تكرارها وليس لهم أي إنتاج مثمر وكأن غايتهم مجرد تشكيك الناس في أنفسهم ودينهم ولو كانوا على الحق.تلك هي ساقيتهم التي يدورون فيها أبدا.
9-قد تلاحظ أن بعض هؤلاء الليبراليين لديهم خبرات سلبية مع مجتمعاتهم وبعضهم تعرض لظلم من المستبدين مما قد يفسر سبب تشربهم لفكرة الخلاص المستنسخ من تجربة عصر التنوير وما تلاه من تطورات تاريخية لاسيما حينما يقع المرء في شرك المقارنة المتحيزة بين المجتمعات المختلفة ومجتمعات العالم الأول.
10-لا يمكن لأي مراقب أن يغفل عن مسألة مهمة جدا وهي ما علاقة عرابي الليبرالية العرب بالغرب عموما وأمريكا على وجه التحديد ولماذا هم حاضرون في جميع ملتقياتهم والجوائز الأمريكية والغربية لا تعطى إلا لهم أو من يرشحونه ؟ فهل تقام حفلات التكريم تلك لوجه الله أو لسواد أعينهم أو حتى لاختراعاتهم؟ ولماذا لا تمنح تلك الجوائز للحاصلين على براءات الاختراع من العرب الذين يسهمون في تقدم العلوم على مستوى العالم؟ إن كانت لوجه العلم والفكر!..
11-كثير من هؤلاء الليبراليين لا يحفل بالجانب الأخلاقي ولهذا سترى عجبا في حياتهم الشخصية وهذا ما أفسد قناعة الشعوب العربية بمبادئهم.ولا تعجب حينما ترى حواراتهم تدور حول النسبية الأخلاقية والدينية بشكل يكرس الحرية المفتوحة التي لا تقف عند حدّ سوى الخوف من الآخرين .وسترى نموذجا من التقلب الأخلاقي تبعا للمصلحة الشخصية ،وقد تجد أحدهم مضطراً للتخفيف من لغته الناقمة على الواقع العربي عموما والسعودي خصوصا حينما يؤلف كتابا تدفع له قيمته المجلة العربية (السعودية) فيضطر للمجاملة الشكلية ليسوق لنا الفتنة بالغرب وتجربته تحت الكليشة المعروفة لصحفنا (وفق الضوابط الشرعية) ففي كتابه من الحداثة إلى العولمة يجبر نفسه على التناقض فيما بين تمجيد تجربة التنوير والفلسفة الغربية ويقرنها بضرورة أن يكون ذلك تحت مبدأ لنأخذ منها الصالح ونضع الطالح وهو يعلم تمام العلم أننا لو طبقنا مبدأه هذا لرمينا بالفلسفة التي يتحدث عنها في مزبلة التاريخ الغابر.على أنه في كتاباته الأخرى يظهر الوجه الصريح له فلا يجاملنا ولا يضطر لوضع قيود على مبادئه .
12-من المشكل الأخلاقي عند الليبراليين العرب أنهم لا يلتفتون كثيرا للحالات الإنسانية التي تعج بها بلاد العرب فقضية مثل قضية فلسطين لا تؤرقهم وكأنهم ليسوا معنيين بها.والمصائب التي تنزل ببلاد العرب لا يهتمون بها ولو كحالة إنسانية وخذ مجاعة الصومال كمثال واللاجئين السوريين مثال آخر. وكثيرا ما أتساءل حينما أرى برود الليبراليين العرب تجاه الأزمات والكوارث التي تصيب الشعوب العربية أين هم هؤلاء الذين يدعون المطالبة بحقوق الإنسانية؟وهل قامت الثورة الفرنسية إلا ردّ فعل ضد من يهمل حاجات الشعوب ؟ ومع ضجيج الربيع العربي وهديره الصاخب إلا أن الليبراليين العرب يجفلون من تناوله أو مدحه لأسباب لا تخفى على المتابع.
 
كتبه أبو بكر بن محمد
 12/5/1433هـ
@abubaker_m

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..