الجمعة، 6 أبريل 2012

الخليج والإخوان.. توتر العلاقة و”فوبيا” الصعود

يتعرض الإخوان المسلمون ورموزهم في الخليج لحملة من التخويف والتضليل عبر وسائل الإعلام الخليجية وشبكات التواصل الاجتماعي، التي تروج صورا نمطية عنهم تثير الشك والريبة
والخوف، وتحاول اصطناع أسباب النفور منهم.
ويواجه تيار الإخوان في الخليج جملة من التحديات تختلف عن كل الأشكال الأخرى من التحديات التي تعرض لها في تاريخه، ومن بين أخطر هذه التحديات التساؤلات المستقبلية عن تصورهم لعدة قضايا، وتحول هذه التساؤلات من قبل بعض بلدان الخليج العربي إلى ظاهرة تشويه إعلامي تضلل الرأي العام وتُؤَلِّبه ضدهم.

إن محاولة رصد الملامح العامة لصورة الإخوان المسلمين في الخليج في الوعي الثقافي تتسم إجمالا بالارتباك وعدم وضوح الرؤية؛ بسبب الحاجز السميك من الأحكام المسبقة التي تمنعهم من إدراك الحقائق.
إن صنع الصورة النمطية المسيئة إلى الإسلاميين وترسيخها ظاهرة قديمة جديدة، ويمكن القول إن حركة الإخوان المسلمين أكثر الحركات تعرضًا للتشويه والتضليل في المجتمعات العربية والغربية.
ويدلنا الاطلاع السريع على تصريحات بعض المسئولين في الخليج تجاه تيار الإخوان في الخليج؛ أنهم ينظرون دائما إلى الإخوان في الخليج على أنهم يمثلون تهديدا لهم ولحكمهم، وأن وجودهم يعني نهاية حكمهم، وأنهم منافس لهم فحسب!.
ومن المهم أن نشير إلى أن بناء الصورة النمطية عن الإخوان بشكل عام مرتبط بتراكمات تاريخية ذات صلة بالدول العربية ما قبل الربيع العربي مثل مصر وتونس، كما أنها إفراز للرأي الغربي المتطرف الذي لا يعرف الإثبات إلا من خلال النفي ونظرية عودة الإسلام -لبرنارد لويس- وإعادة تفعيل خطاب يخوف الخليجيين من الإخوان وأفكارهم، ويقوم بتصميمه عن طريق ما يُسمى (خبراء الحركات الإسلامية).
وتتولى وسائل الإعلام في الخليج الترويج له وتقديمه وفق نموذج نمطي مشوه تتكثف فيه وحدات ذهنية، وهي جاهزة ومقولبة.
* محطات صناعة صورة الإسلاميين:
لقد مرت صناعة صورة الصحوة الإسلامية بكل أطيافها بثلاث مراحل رئيسية، يمكن تلخيصها على النحو الآتي:
1. مرحلة الهجوم على الإسلام، وارتباط الصحوة الإسلامية والإحياء الإسلامي وانتشار الإسلام وعودته من خلالهما، وهذه المرحلة ذات جذور تاريخية ابتداء من الحروب الصليبية خلال القرون الوسطى، ومرورا بالمرحلة الاستشراقية، وانتهاء بنظرية صموئيل هنتجتون عن (صدام الحضارات) الذي يعتقد أن مرحلة الصراع هي أحدث مرحلة في تطور الصراع، وهي تقوم على أساس أن الصراع العالمي بين الحضارات الغربية والحضارات الأخرى- وفي مقدمتها الإسلام- ستكون وخاصة الحضارة الإسلامية مركز الصراع مع الغرب في المستقبل القريب.
وفي ضوء ما سبق فإن معظم الآراء القادمة من الغرب تضع الحضارة الإسلامية على خط المواجهة مع الحضارات الأخرى، التي يجب عليها أن تقف معًا لمواجهة الخطر القادم من الشرق في اتجاه الغرب والشمال.
إن هذه التصورات والمفاهيم المشوشة والخاطئة عن الإسلام وتيار الإحياء الإسلامي تعود كما أشرنا إلى أدبيات الحملة الصليبية، وقد ساهمت في إثارة هذه المفاهيم وتعزيزها في الغرب ومن ثم انتقالها إلى العالم العربي؛ إما عبر الوعاء الثقافي أو الضغط السياسي.
2. مرحلة ما بعد تفجيرات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001م، والتي أفرزت هذه الأحداث تداعيات خطيرة على الحركات الإسلامية والحركات السياسية الإسلامية في العالم.
وحشر الغرب كل الحركات الإسلامية في خانة واحدة، وهي أنها حركات ظلامية، إرهابية، متطرفة تستولي على الحكم وتفرض قوانينها ومبادئها، وهذا كان فرصة للأنظمة العربية لتجسيد واستغلال هذا الفكر.
وفي هذه المرحلة انتشر ما اصطلح عليه (الإسلاموفوبيا) وإن كان ظهور هذا  المصطلح في الثمانينيات؛ فإنه برز بعد تفجيرات سبتمبر، والمقصود به هو الخوف أو التخويف من الإسلام، ومما زاد تشويه الحركات الإسلامية أنها هي رافعة لواء الإسلام وتطبيق الشريعة.
وبدأت العديد من مراكز الأبحاث والرأي الأمريكية في دراسة الحركات والجماعات الإسلامية بمختلف أنواعها وتوجهاتها.
كما بدأ الحديث عن كيفية التعامل الأمريكي مع هذه الحركات، خاصة أن بعضها يلعب دوراً مهماً على الساحة السياسية في بلادها بالنظر إلى تمتعها بقدر من الشعبية.
وفي هذا الصدد كتب (جوشوا مورافشيك) الباحث بمعهد أمريكان (إنتربرايز وشارلز بي. سزروم)، دراسة تحت عنوان “محاولة للبحث عن الإسلاميين المعتدلين”، نُشرت في مجلة كومنتري الأمريكية (Commentary) في فبراير 2008، وتتمحور الدراسة حول بناء تيار إسلامي معتدل حسب المواصفات والمقاييس الأمريكية، وبذلك تصبح أغلب التيارات الإسلامية السياسية في سلة الإرهاب؛ لأنهم يتخذون من الديمقراطية وسيلة لتحقيق أهدافهم الإرهابية، وكذلك دراسة راند المعروفة التي تساهم ببناء شبكات من المسلمين المعتدلين في العالم الإسلامي.
أما الإعلام المرئي والمكتوب فقد قام بدور فاعل في تشويه صورة الإسلام والتيارات الإسلامية بكل أطيافها، ونشرت الصحف الغربية أن الإخوان المسلمين خرج من رحمهم الإرهاب والتطرف، واتُّهم سيد قطب بأنه الزعيم الروحي لكل تيارات الإرهاب والتكفير.
وسارت على نفس الخط الآلة الإعلامية العربية، بضخ فيض من المعلومات والأفكار والآراء المشوهة حول الإسلاميين، وخاصة ما يُسمى بالإسلام السياسي.
وكانت تونس ومصر الراعي والمصدر لدول الخليج، فقد خرجت برامج يقدمها ويعدها خليجيون، انصبت تشويهًا للتيار الإسلامي؛ لتضليل المشاهد وتكوين ذهنية مشوشة عن الحركات الإسلامية من خلال الحوارات مع إسلاميين سابقين يحملون ردة فعل عن تجارب لهم، أو برامج تخلط في تصوراتها بين النقد والتشويه، وبين بعض الاتجاهات التي تلجأ للعنف واستخدام القوة، والاتجاهات الأخرى السلمية المدنية التي ترى إصلاح المجتمع يبدأ من الفرد.
وكانت الصحافة الخليجية خلال هذه الفترة قد لجأت إلى استخدام التعابير المجازية، واستعمال العناوين المثيرة، فعلى سبيل المثال: (انتفاضة الإخوان المسلمون في السعودية، القيادات الخفية للإرهاب في السعودية، الإخوان القرامطة الجدد…) وغيرها من العناوين المثيرة التي قد تكون كذلك وسيلة لتحقيق مبيعات أكثر.
أما من ناحية المضمون، فقد امتلأت المقالات والتحليلات تحريضاً وتشويهاً وكانت محاورها تدور حول: (الولاء للمرشد وليس للوطن، الدعم الإيراني، الدعم الغربي، التخطيط للانقلابات، العنف والإرهاب، التخفي وراء الدين، التشيع…).
كما تم ترويج مصطلحات لم تكن منتشرة في الصحف الخليجية، وهي خارج سياقها الحقيقي، مثل: (الإسلاموية، التنظيمات الدموية، الردة الوطنية، تجنيد الأعضاء…).
3. مرحلة الثورات العربية، وهي الأكثر بروزا في الخليج، فلم تشهد المراحل السابقة تصريحا من شخصية حكومية معتبرة كما حدث مع قائد شرطة دبي ضاحي بن خلفان الذي انتشل الإعلام الخليجي والعربي تصريحاته، والتي مفادها أن أمريكا تستخدم إيران والإخوان لتقسيم العالم العربي، وشن كذلك عبر تويتر حملة اتهمهم فيها حتى بالفساد الأخلاقي والتبعية الإيرانية والبريطانية، وكذلك طالب عبر الإعلام بملاحقة الشيخ القرضاوي والدكتور طارق السويدان.
والإعلام الخليجي من قبل تصريحات خلفان وحين هبت نسائم الربيع العربي زاد اهتمامه بصعود التيار الإسلامي وخاصة الإخوان المسلمين، وأصبح التيار الإسلامي في الخليج من وجهة نظر السياسيين يشكل تحديا واضحا لهم، ولهذا احتلت سياسية التخوين والترهيب منهم أولوية في تناول الملفات الصحفية؛ فقد اتهمت بعض الصحف السعودية الإخوان المسلمين والمتأثرين بهم فكريا في السعودية بانتهاز الفرصة؛ للانقضاض على الحكم وخلق الفوضى.
فقد كتب قينان الغامدي رئيس تحرير صحيفة الشرق تحت عنوان “هكذا نقطع الطريق بسرعة على التنظيمات الحركية المتجذرة في دول الخليج”، وقال: “هم يخططون ويعملون، ويستغلون كل ثغرة وهفوة لدعم مشروعهم الإستراتيجي في تولي السلطة، وفي سبيل نيلها لا مانع عندهم من استخدام كل الأساليب، مهما كانت صفتها، بما فيها التدليس والكذب وكل ما يخطر وما لا يخطر على البال، فهم يمارسون السياسة (القذرة) بامتياز، أولئك هم تنظيم الإخوان المسلمين وما نشأ أو انشق عنه من تنظيمات سياسية حركية، سرية ومعلنة…”.
وكتب علي الموسى في صحيفة الوطن السعودية “إن المتابع لأدبيات الحركات الإسلامية السياسية سيدرك أن مصطلح –تصدير الثورة– كفعل حركي هو براءة اختراع لحركة الإخوان المسلمين أكثر من كونه كما هو في الانطباع الشائع فكرة (خمينية) خالصة”.
وتناولت الكاتبة بصحيفة الرياض بينة الملحم تحت عنوان “إفلاس الإخوان  لماذا يتحدثون عن الخليج؟”، قالت: “تحاول جماعات الإسلام السياسي استنهاض أنصارها في دول الخليج للتجييش الشعبي، مقترحةً عليهم استغلال أي خطأ يحدث للتحريض السياسي، حاول الكثير من أتباع الحركات أن يحرضوا المجتمعات الخليجية ضد الحكومات، معتمدين على أخطاء تحدث في أي دولة، إذ سرعان ما ينفخون بالحدث الصغير البسيط مهما كان تافهاً ليكون مثار سجالٍ طويل، ويريدون بكل وسائلهم أن يربطوا أي خللٍ تقني، أو تقصيرٍ حكومي بالسياسة حتى يتسنّى لهم إثارة الفوضى التي يتمنونها”.
وكتب جاسر الجاسر في جريدة الشرق السعودية أن تصريحات خلفان تدل على أن “هناك أسباباً توجب مثل هذا التحرك، ولعلَّ دبي وقفت على ملفات ومخططات للجماعة تستهدف تفعيل قواها الساكنة وتنشيط خلاياها النائمة لأهداف محددة”.
وهناك مئات المقالات والمواد المنشورة في الصحف الخليجية أثناء الربيع العربي التي تسعى لتضليل رأي القارئ الخليجي بتهم من دون أدلة أو تثبت.
أما الإمارات فقد تجاوز هجومها إلى مصادرة حق الإنسان في المسكن والجنسية؛ فقد سحبت الجنسية عن سبعة من الناشطين المتأثرين بفكر الإخوان، وسخرت وسائلها الإعلامية لمهاجمتهم، واتهمتهم بجمع تبرعات لتنظيم الإخوان تحت غطاء العمل الخيري، وأن مراكزهم وجمعياتهم تدين بالولاء لغير الدستور الوطني، ونشاطها خدمة لأجندة تنظيم من دولة أجنبية، وأن لديهم خطة خارجية لقلب نظام الحكم.
وكانت شبكات التواصل الاجتماعية، ومنها على سبيل المثال (تويتر) امتلأت بالمتحدثين عن أهداف الإخوان في الخليج لقلب الحكم والسيطرة على مفاصل الدولة في الخليج، فقد كتب أحدهم يصف نفسه بقيادي سابق في جماعة الإخوان في السعودية أنهم يريدون اختراق أجهزة الدولة للسيطرة على الحكم!.
وهذا التضليل ليس فقط مقصورا على السياسيين بل وصل إلى العلماء، فقد قال الشيخ صالح اللحيدان: “الإخوان المسلمون أرجو ألا يتولوا سلطة في أي بلاد إسلامية، وألا تكون السلطة لهم، هم ليسوا في عملهم ساعين لنصرة العقيدة، وإعلاء شأنها، هم عملهم في الغالب طلاب حكم”، وقد عمق هذه النظرة لديه ولدى بعض علماء المؤسسة الدينية الرسمية التضليل الإعلامي على الحركة.
* أسباب التخويف من الإخوان المسلمين:
أصبحت ظاهرة التخويف من الحركات الإسلامية من أكثر الظواهر التي تحظى باهتمام من أصحاب الرأي، وبروز هذا الاهتمام من مراكز الأبحاث الغربية وتحديدا بعد أحداث 11 سبتمبر، والآراء المشتهرة لبعض المحللين والسياسيين والإعلاميين في الغرب أن التيارات الإسلامية تهدد الحضارة الغربية، وتتصادم معها من خلال تبنيهم لمشروع الإسلام الشامل، وأما بعض المحللين العرب فإنهم يرون الحركات الإسلامية تستخدم الديمقراطية لتحقيق أهدافهم وإقامة إمارة (طالبانية )
ولعل أبرز أسباب بروز ظاهرة الخوف والتخويف من الإسلاميين وحركة الإخوان هي:
1. الصورة الغربية وذهنية دول ما قبل الربيع:
الإعلام الغربي الذي تناول الإسلاميين وحركة الإخوان بالتشويه مما شكل صورة مضللة لدى بعض دول الخليج، مستندة للرأي الغربي الذي ينظر للإخوان والتيارات السياسية الإسلامية على أنها إيديولوجية سياسية خطيرة ترفض الآخر وتجنح للتطرف، وأغلب الكتاب الغرب ليس لديهم معرفة كافية بالتصنيفات الحاصلة في العالم الإسلامي، ولا يتفهمون حقيقتها ولا مدلولها في أكثر الأحيان، وهذا الإعلام الغربي شكل خلال تراكمات من المعلومات الخاطئة عقلية تتخوف من كل إسلامي.
وكذلك تخويف الدول العربية التي لها صراعات مزمنة مع الإسلاميين، مثل: تونس ومصر- قبل الثورة- فإذا كان عمر سليمان سعى دوما إلى رسم صورة مخيفة لجماعة الإخوان المسلمين خلال اتصالاته مع المسئولين الأمريكيين كما كشفت ذلك وثائق موقع ويكيليكس، حيث اتهم سليمان الإخوان بتفريخ المتطرفين المسلحين، واستغلت حكومة المخلوع مبارك كثيرا التهديد الإسلامي لتبرير استمرار حكمها الاستبدادي لسنوات، فما كان إذًا دوره مع الدول العربية والخليجية؟
إن هذه التراكمات الغربية والعربية أثرت على دول الخليج ورسمت في تصورهم صورة على أنهم خطر حقيقي، وتجذرت هذه الصورة في اللاشعور، وامتدت ثقافيا وفكريا.
2. غياب البحث عن الحقيقة:
هذه المعلومات والإيحاءات التي تصل إلى بعض السياسيين عن الإسلاميين أغلبها مبنية على أساس خاطئ من المعلومات، وقد تكون بعضها مزيفة، وذلك أن بعض الصحفيين لديه عداء شخصي أو فكري مع الإسلاميين، أو من المرتزقة الذي يزيفون الحقائق، فمثلا أحدهم يستل عبارة من أدبيات الإخوان دون إكمالها، ثم يشرح أن أهداف هذه الفكرة سعي الإخوان للانقلاب على الحكم!.
أو من تلك التقارير الصحفية المبنية على عناوين الإثارة، واستفزاز القارئ، أو جذب انتباهه للقراءة وشراء المجلة أو الصحيفة، ومن المثقفين والإعلاميين الخليجين الذين يتبنون أيدلوجية مخالفة للاتجاه العام وثقافة المجتمع الخليجي، وهذه الفئة مع الأسف محل تقدير من الجهات الإعلامية الغربية.
والمدهش أن بعض المراكز البحثية المريكية بدأت تغير رأيها عن التيارات الإسلامية ومازالت بعض الدول العربية والخليجية على العهد القديم !، وهناك باحثين غربيين هدفهم الوصول إلى الحقائق علق على ظاهرة التخويف من الإسلام ومن التيارات الإسلامية السلمية على أنه مجرد وهم وتخويف، كان وراءه المحافظون الجدد والتيار المسيحي اليهودي واليمين المتطرف والحركة الصهيونية، بالإضافة إلى بعض الحكومات الغربية التي تُكِنّ العداء غير المسوغ للإسلام وتياراته السياسية، والتي أدت إلى نشوء فكرة العداء للإسلاميين في اللاوعي عند الغربيين (1).
وعندما أتيحت الفرصة ليعرّف الإخوان عن أنفسهم في مصر بعد الثورة، قال  (نيكولاس كريستوف) أحد الصحفيين في صحيفة (نيويورك تايمز) الأمريكية: “إن حقيقة جماعة الإخوان المسلمين المصرية هي أفضل بكثير من تلك الصورة المشوهة المأخوذة عنهم لدى الغرب ولدى أطراف أخرى كثيرة”.
وبعد أن زار منزل أحد أعضاء الإخوان كتب: “هذه الجماعة تشير إلى أنها أكثر بريقًا بكثير من الصورة المشوهة التي أُخذت عنهم، والتي تخيف الكثير من الأمريكيين وغيرهم”، وقال: “إن هناك اعتقادا خاطئا أن جماعة الإخوان المسلمين تقوم بتهميش دور المرأة في المجتمع، حيث إن 50% من أعضاء الإخوان المسلمين هن من النساء”.
3. التعميم الواسع:
قد تصدر بعض الممارسات الخاطئة أو حتى بعض الاجتهادات التي تخالف صميم الإسلام من بعض التيارات الإسلامية أو الإسلاميين؛ فتعميم هذه الظاهرة على جميع الإسلاميين ووضعهم في سلة واحدة خاصة مما يسمى بمراكز دارسات الظاهرة الإسلامية التي تسمح بتأجيج نار العداوة بين الإسلاميين في الخليج والسلطة، وتصور كل التيارات أنهم يحملون خطاباً واحداً متشدداً.
وهذا التعميم يؤدي إلى إيصال رسالة مفادها أن التيار الإسلامي المعتدل والمتشدد إنما هو تيار معاد للدولة والسلطة، وأن هدفهم الوصول للسلطة فحسب، وقد أجمعت كل التيارات الإسلامية المعتدلة في الخليج على أن هدفهم من السياسة هو المشاركة لا المغالبة، وأنها بالأصل تيارات تربوية ثقافية دعوية اجتماعية خيرية، رؤيتها أن الأسر الحاكمة في الخليج صاحبة شرعية، وتعتبرها عامل استقرار، وتختلف عن باقي التيارات الإخوانية في الدول العربية الأخرى التي فرض عليهم الواقع السياسي أمراً مختلفاً.
فمن الخطأ النظر إلى جميع التيارات الإسلامية بمنظار واحد على أنها تيار عالمي واحد، فالدول التي ظهرت فيها الحركات تختلف عن بعضها البعض، والمجتمعات التي تعمل فيها مختلفة أيضاً، وبالتالي يكون من المنطقي أن يتم النظر إلى هذه التيارات ورموزها على أنها مختلفة في أهدافها وفي توجهاتها وأساليبها.
إن إدراك أن التيارات الإسلامية بينها تباين واختلاف واضح في أهدافها وطرائقها سبيل لفهم حقيقة كل التيارات، ويعكس الفهم الصحيح لتدبير شئون البلاد، وذلك بالإطلاع على أدبيات الحركات الإسلامية، وعدم الاكتفاء بتقارير ممن يصفون أنفسهم بالخبراء.
4. اجتهادات بعض التيارات الإسلامية:
من الأسباب كذلك أخطاء بعض الإسلاميين من السياسيين وغيرهم إزاء مواقف أو أحداث معينة، فهم بشر لهم توجهاتهم واجتهاداتهم وقد تكون خاطئة، فمن المفترض ألا تُشَكَّل صورة وذهنية من خلال موقف أو حدث فردي اجتهادي لا ينبع عن رأي التيار الإسلامي ، ويؤكد دائما الإخوان المسلمون أنهم ليسوا ملائكة، وأنهم لا يصادرون الرأي، وأنهم يحترمون تعدد الآراء، وأولوياتهم مصلحة الوطن على المصالح الشخصية، وكذلك تباين الرؤى الإستراتيجية من التيار الإسلامي حول أحداث سياسية تخص منطقة الخليج وقد يختلف هذا التيار مع توجه بعض دول الخليج سياسيا تجاه هذا الحدث ، فتنشا الصورة الخاطئة عن أهداف هذا التيار الإسلامي.
* رسائل توضيحية:
إن التحولات التي جرت في العالم العربي تلزم الإسلاميين في الوطن العربي والخليج توجيه رسائل توضيحية وتطمينية لعدة تساؤلات وقضايا جديدة توضح اللبس الذي قد يؤدي لتشويه صورتهم،  ولمصلحة وطنهم أولاً ، وأهم هذه الرسائل:
•       أن الإسلاميين الذين فازوا في الانتخابات العربية لديهم رؤية ومشروع للانفتاح وتبني سياسة التعاون والتكامل مع دول الخليج والجوار.
•       أن حكمهم ورؤيتهم يحمل فكرا حضاريا يؤمن بالشراكة، وحل المشاكل المستعصية التي فشل النظام الدولي في التعامل معها.
•       أنه ليس لهم أي تدخل في توجهات الإسلاميين في الخليج، وخطابهم السياسي يسعى لتعزيز الأمن القومي العربي الذي هو جزء من أمنهم القطري، ويسعون إلى التكامل وإنهاء أي خلافات مع كل دول الخليج والعالم العربي.
•       أن أي مطالب من الإسلاميين في الخليج هدفها الوصول إلى رؤية مشتركة للتحولات العربية وآفاقها وعلاقتها بالمشروع النهضوي للأمة، ومساهمتهم الفاعلة في بناء أوطانهم وتسخير كل طاقاتهم في سبيل ذلك.
——————–
مصطفى الحباب
مدير مركز صناعة الفكر للدراسات 
www.fikercenter.com-
(1) انظر كتاب: الغرب وسياسة التخويف من الإسلام، حسن عزوزي
http://www.watan.com/news/politics/2012-03-31/6520

http://akhbaralkhaleej.net/?p=102
 مصطفى الحباب

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..