الثلاثاء، 17 أبريل 2012

حوار علمي مع الشيخ عبدالعزيز الطريفي وفقه الله

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإنه ليس من عوائدي الإنكار على أحدٍ بعينه في حديث أو كتابة يعبر فيها عن رأيه مهما خالفته، فهذا من حقه الشرعي، بل قد يكون من واجبه ـ كل بحسبه ـ، ولكن يلزم البيان والإيضاح عندما نجد من يتجاوز ركن التثبت في الواقعة، والمزايدة على الآخرين ومنهم الكبار، وعذر المزايد في هذا هو قوله: أنا لم أطلع على الكلام، لكن ما سمعت منك أيها المقدم يدل على كذا، ثم يأتي الحط والنيل من العلماء وطلبة العلم افتراء وتقولاً عليهم وتحميلاً لكلامهم ما لا يحتمل بالتزيد والنسج، وللنفس الأمارة في هذا مطامع تختل ختلاً.
من هذا المنطلق فقد شاهدت مقطعاً في اليوتيوب بعنوان: (الرد على وزير العدل) لأخي الشيخ عبدالعزيز الطريفي، وذلك على الرابط التالي:
ولي معه الوقفات العشر التالية:
1- حينما قام مقدم هذا البرنامج التلفزيوني بعرض كلام معالي الشيخ د.محمد العيسى - وزير العدل ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وعضو هيئة كبار العلماء والأستاذ في المعهد العالي للقضاء بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية والأستاذ في جامعة الملك سعود والقاضي الأسبق -، وذلك نقلاً عن مقال للكاتب يوسف أبا الخيل المنشور في جريدة الرياض على الرابط التالي:
فكان من الواجب على أخينا الكريم أن يتثبت أولاً من صحة نسبة الكلام قبل أن ينطلق في التعليق عليه، لأن هذا هو المنهج الشرعي والأمانة العلمية عند الأكاديميين فضلاً عن العلماء وطلبة العلم، ولأنه من غير المقبول علمياً أن تقبل كلاماً عن أحد حتى لو أحيل إليه حتى تتثبت، فكيف والمصدر هو مقال لأحد الكتاب أورد فيه بعض المقاطع بشكل مجتزأ واضح الاضطراب والإخلال لمن اطلع على أصل الكلام؛ ليدلل فيه على ما يود الإسقاط عليه، وقد رجعت إلى نص كلام الوزير المنشور في جريدة الرياض على الرابط التالي:
فلم أجد فيه هذه الدلالات سواء التي أراد الكاتب أبا الخيل الوصول إليها، أو التي أراد الشيخ الطريفي الرد عليها، وكان من الواجب أن يقول بأن هذا كلام يحتاج أولاً للتثبت منه في نسبته لصاحبه خصوصاً وأن من أورده جاء به بشكل غير متجرد وإنما للاعتماد عليه في فكرته التي يتبناها مسبقاً، فضلاً عن وجوب الإطلاع على نفس النص والتأمل في ظاهره فضلاً عن إحسان الظن في باطنه، لكن الشيخ هداه الله وقع في فخ التسويق للقناة فكثير منهن لا تزاحم نظائرها الكبار ولا تلحق بهن في وقت وجيز إلا بالإثارة والتشويش بالثراء على غسل الأطروحات، ولم يعلم الشيخ أنه جيء به لهذا التسويق وأنه وقع في وحله وحبائله، والمؤمن كيس فطن، لا يستهويه المُكاء والتصدية، ولو أردنا التكلف المبني على العجلة وسوء الظن بالغير لما بقي معنا أحد من العلماء لم نُحمِّل كلامه ما لا يحتمل، ولن ننسى الحمل على الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين في كلامه عن المعية، ونظائر ذلك كثير مع أهل العلم، إضافة إلى أن هناك مسائل تعد من ثوابت الدين التي لا يجوز الخلاف ولا الاختلاف حولها، ولكن في مقابل هذا توجد مسائل يسوغ الاختلاف فيها، ولا ننسى أن كلام الوزير وهو طرح علمي موفق ومسدد قيل في حوار رسمي مع غير المسلمين ومع مسؤولي دولة كبرى يجب فيه إعطاء الصورة الحسنة للإسلام والمنطق اللائق للوطن الذي يطبق الشريعة الإسلامية الغراء، ويستصحب في جميع ذلك المصالح العامة للعباد والبلاد وعموم المسلمين، وهو كلام كله حق يجلله نور الوحي والفهم الصحيح، وقد نشر في حينه في كافة الصحف ومضى مثمناً ومقدراً ومضافاً لرصيد علماء المملكة في حواراتهم العلمية مع الآخرين.
2- الحديث عن الحرية وضوابطها وحدودها مما أشبعت فيه الدراسات والبحوث العلمية، وكتب فيه كبار العلماء والمفكرين المسلمين ما يكفي ويشفي، وعليه فكل كلام حول هذا الموضوع يجب حمله على تلك الثوابت والاجتهادات ما لم يكن هناك دليل على عدم إمكانية حمله، ومثله موضوع العلاقة مع غير المسلمين، ومسائل الاجتماع البشري والتعايش بينهم، كما أن التعامل مع الإنسان وغيره من حيوان ونبات بل وحتى البيئة ينطلق من أصول الإسلام وقواعده ومقاصده، وحاصله أن الحرية الدينية الفردية تختلف ما بين مسلم وغيره، فالكافر الأصلي لا أحد يقول بإكراهه على الإسلام، وكذلك لا تترك دعوته بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالحسنى، وعلى ذلك فقد أخطأ المقدم الأول لهذا البرنامج حينما زعم بأن هذه الثلاث (الحرية الدينية الفردية، وعلاقات المسلمين مع غيرهم، ومدنية شؤون الاجتماع البشري) التي أشار إليها معاليه تمثل صلب معايير الفلسفة الليبرالية في عمقها المعاصر، بل إن الليبرالية بوفادتها النكدة على قيمنا وثوابتنا في أصلها التاريخي ومنطلقاتها الغربية وحتى ممارساتها الميدانية لا تقف عند هذا الحد، وإنما تتجاوزه نحو النيل من سيادة الشريعة والثوابت الإسلامية، وبالتالي فمن الخطأ أن يقال بأن الليبرالية كذلك، والإسلام ليس بحاجة لمصطلحات جديدة تخالفه في أصله بعذر موافقته في بعض فروعه، فهذه الموافقات إن سلمنا بها فهي موجودة في الإسلام وعلى أقصى تقدير لا تعارضه ما دامت محققة لمناطات المصالح المعتبرة التي لا تخالف ثوابتنا الدينية، بل وحتى قيمنا الاجتماعية التي يجب الاعتزاز بها، وعلى ذلك فليس هنا أي التباس عند المتخصصين الشرعيين في التفريق بين الفكر الإسلامي والفكر الليبرالي للبون الشاسع بينهما، وكما كتب الدكتور عبدالوهاب المسيري - رحمه الله - بحثه الشهير عن (العلمانية الكلية والجزئية)، فكذلك يجب أن يكون الموقف العلمي المنصف مع الليبرالية والديمقراطية وغيرهما، بشرط ألا نسلم بها كمبدأ، ولا نقبل ما خالف ثوابتنا الدينية والوطنية والاجتماعية، وهنا الفرق بين أن نأخذ الحكمة ممن جاء بها لأنها ضالة المؤمن وبين أن نترك ديننا الخالد وشريعتنا الغراء وثوابتنا المقدسة لأجل دعوات وافدة لا تتوافق معه، وهذا هو المنهج الوسطي المعتدل الذي يجعلنا نتمسك بعز بثوابتنا وندرس بثقة ما لدى الغير من حكمة تحقق مصالح العباد والبلاد ما دامت ضمن متغيراتنا، ولكن أخي الكريم الشيخ عبدالعزيز الطريفي لم يتعامل مع الموقف بهذه الطريقة العلمية المتوازنة، وإنما راح يسفه القائل ويضلل القول ودون أن يتبين من صحة الثبوت فضلاً عن أن يتروى في المعاني والدلالات كما هو المنهج الشرعي، ولذا قال بأنه لم يطلع على هذا الكلام، وليته ما دام الأمر كذلك توقف عن التعليق أو استبعد المعاني الباطلة واستقرب المعاني الحسنة، ما دام قد زج المذيع بأسماء مسؤولة في الوسط الشرعي وعلى ثغور البلاد، لكنه تعامل معه بكل تهويل وعجلة يتطاير معها الكلام على اللسان يمنة وشملة: (هذا كلام خطير جداً)!، ثم قال: (هذا كلام علماني صريح)!، ودون أن يدلل لهذا وذاك من حيث ثبوت نسبته ومن حيث ثبوت دلالته، خاصة وأن السياق مستصحب فيه اسم مسؤول شرعي، وليته توقى في عباراته في غمرة عجلة الكلام، بل قال (لا يمكن أن تتكي على أي ملة شرعية إسلامية)! وهذا توصيف في منتهى الخطورة، لأن الإسلام ملة واحدة لا ملل شتى، وهي زلة كبيرة.
3- التهويل واضح في تعليق أخينا الشيخ عبد العزيز، حيث قال: (وأما اقتناص واجتزاء الآيات فهذا ممكن في قوله تعالى: (قاتلوا الذين يلونكم من الكفار) وابدؤوا بقتل الشغالات والسواقين)!، وهذه مبالغة كبيرة وتمثيل في غير محله واستدلال غير موفق، لأن المنهج الإسلامي معروف، وتفسير قوله تعالى: (لكم دينكم ولي دين) وقوله تعالى: (لا إكراه في الدين) مما اشتهر واستفاض فقهه ولا يمكن أن نقبل الإرجاف بشأنه، وهذا المنهج في التعاطي مع كتابات الآخرين وحديثهم لا يليق بعموم الناس فكيف بطلبة العلم الشرعي وهم من يجب عليهم أن يكونوا القدوة في الأمانة والبحث وحسن الظن، كما أن فضيلته عند تعليقه على الآيتين اعترض على الأخذ بعموم اللفظ وفرض الالتزام بخصوص سبب النزول، وقد خالف بهذا القاعدة الأصولية الشهيرة التي قررها أهل العلم عبر القرون والأمصار وهي: (العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب)، ولو كان الأمر على تخريج فضيلته ومنهجه في الاستدلال لما كان لظاهر النصوص دلالة، ولما كان القرآن الكريم الذي يتلى إلى يوم القيامة يحتج بظاهره حتى نعود لسبب نزول كل آية ثم نحمل الحكم عليه دون أشباهه ونظائره، وهذا لم يقل به أحد، ويترتب عليه لوازم ومقتضيات في منتهى الخطورة، لأنه يفهم منها الاقتصار على سبب النزول، كما أن هذا المنهج لفضيلته يشجع بعض المبتدعة في استدلالاتهم الضالة، ولذا فأول من يحتفي بمناكفة هذه القاعدة هم المبتدعة، ومن ذلك ما ذكره ابن دقيق العيد حول هذه المسألة في شرح العمدة ونقله ابن حجر في الفتح وارتضاه ونقله العراقي أبو زرعة في طرح التثريب فليراجع، وجملة القول أن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب تكون من جهة العموم وشمول الحكم لغير الوارد بسبب قضيته، إلا إذا دل دليل على أنها حكاية عين أو دل على خصوص حكم، ولا يحتج بهذا على نفي القرائن الدالة على المقصود من حال من نزل فيه الحكم، بل إن هذا من أعظم ما يعين على تحقيق مناط المسألة ومعرفة حكمها، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وقد يجيء كثيراً من هذا الباب قولهم: هذه الآية نزلت في كذا لا سيما إن كان المذكور شخصاً، كأسباب النزول المذكورة في التفسير، كقولهم أن آية الظهار نزلت في امرأة أوس بن الصامت، وأن آية اللعان نزلت في عويمر العجلاني أو هلال بن أمية، وأن آية الكلالة نزلت في جابر بن عبدالله، وأن قوله (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) نزلت في بني قريظة والنضير، وأن قوله (ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال) نزلت في بدر، وأن قوله (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم) نزلت في قضية تميم الداري وعدي بن بداء، وقول أبي أيوب إن قوله (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) نزلت فينا معشر الأنصار، ونظائر هذا كثير مما يذكرون أنه نزل في قوم من المشركين بمكة، أو في قوم من أهل الكتاب اليهود والنصارى، أو في قوم من المؤمنين، فالذين قالوا ذلك لم يقصدوا أن حكم الآية مختص بأولئك الأعيان دون غيرهم، فإن هذا لا يقوله مسلم ولا عاقل على الإطلاق، والناس وإن تنازعوا في اللفظ العام الوارد على سبب فهل يختص بسببه أم لا؟، فلم يقل أحد من العلماء المسلمين أن عمومات الكتاب والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال إنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، والسنة تختص بالشخص المعين، وإنما غاية ما يقال إنها تختص بنوع ذلك الشخص فيعم ما يشبهه، ولا يكون العموم فيها بحسب اللفظ، فهي متناولة لذلك الشخص وغيره ممن كان بمنزلته)، وعليه فإن سبب ورود النص يدخل في النص دخولاً أولياً ولا يمنع من دخول أشباهه ونظائره من باب القياس على العلة المشتركة بينهما، لأن الحكم مع العلة وجوداً وعدماً، وعلى ذلك فاستدلال أخي الشيخ عبدالعزيز بأن العبرة بخصوص السبب لا بعموم اللفظ باطل وفي منتهى الخطورة ولم يقل به أحد من العلماء.
4- قال أخي الفاضل بأن (النصوص الشرعية تخدم حتى من يقول بهذا القول) يعني قتل السواقين والشغالات الكفار!، وهذا كلام في منتهى الخطورة، فهل تخدم نصوص الشريعة هذا القول، وبمعنى آخر هل يسوغ القول بأننا لا نقول بهذا المعنى الفاسد في قتل السواقين والشغالات لكن من قال بخلافه فإن النصوص تخدمه ؟!!!.
5- من هدي السلف الصالح عدم تجهيل إخوانهم والوقيعة فيهم دون تثبت، فضلاً عن تزكيتهم لأنفسهم، ومن ذلك قول الشيخ عبد العزيز: (من يأخذ أمثال هذه النصوص ولا يدرك تفسيرها، هذا من أعظم الجهل الذي بلينا به من كثير من الكتاب سواء المنسوب لهذا الكاتب أو منسوب لمن التقى بالوفد الأمريكي)!، وفي هذا مجازفة وعجلة وإساءة لا تخفى.
6- لم يقل أحد من العلماء إن المسلم له حق الكفر أو اختيار العقائد بإطلاق، ولذا وجد حد الردة، وهناك فرق بين أن تخاطب مسلماً وبين أن تخاطب كافراً أصلياً، وفرق بين أن تكون في موضع الدعوة إلى الإسلام وبين أن تكون في موضع السياسة الشرعية، والحرية في الاعتقاد محسومة عند أهل السنة والجماعة وبارزة عند منهجنا السلفي وعلى رأسه في الزمن المعاصر أئمة الدعوة رحمهم الله، وقد بين ذلك وزير العدل بكلام قوي في مقدمة مجلة العدل حيث تصدى لشبهات إسقاط هذا الحد الشرعي بكلام لم أره لمثله من المعاصرين، وبين الوزير في أكثر من موضع بأن الاعتقاد والرأي الفاسد يختلف من حال لحال، فإن كان صادراً من كافر أصلي فهذا نبين له الحق ولا نكرهه على دخول الإسلام، وإذا كان من مسلم ارتد فهذا عليه الرجوع لدين الحق ويستتاب ثلاثاً فإن عاد وإلا قتل، والرأي الفاسد إذا كان من صاحب نحلة وبدعة فهذا يبين له الحق فإن أصر ترك وحذر منه ومن بدعته على ألا يفسد على الناس، وعلى ألا يخل بمنهج البلد في ممارسته لبدعته ودعوته إليها وألا يظهرها، وإن كان الرأي الفاسد مما يسوغ فيه الخلاف فما جاءتنا المجلدات الطوال في الفقه والأصول والحديث إلا لحكاية أقوال أهل العلم وأدلتهم وبعضهم يصف قول بعض بالبطلان والفساد دون إسفاف ولا تعال ولا ترفع على أكتاف الكبار بالاستعراض واللف والنشر، وعندما يستعملون هذه الأوصاف فإنما تجري على ألسنتهم مجرى البيان في ظاهر اللفظ لوصف القول لا قائله دون التجريح والاستعلاء والمصادرة، ومع هذا فمتى تطورت دلالة هذه الألفاظ إلى الوحشة منها فيجب تركها وإن استعملها من سبق.
7- استنكرت قول الشيخ عبد العزيز بأن (كفار قريش أوَّلوا عبادة الأصنام تأويلاً إسلامياً)!، وهذا لا يقول به عالم معتبر، فكيف نضيف للإسلام الذي قام على التوحيد بأنه يمكنه أن يقبل تأويل كفار قريش في شركهم والعياذ بالله، وهذا يلزم منه تصحيح نيات المشركين ومقاصدهم، والتبرير لهم، وهذا في منتهى الخطورة، ولم يقل بهذا أحد ألبتة، وهو ينافي معتقد الإسلام في نياتهم ومقاصدهم.
8- لا يسوغ ما قاله أخونا الفاضل بأن (هذا التأويل الإسلامي لكثير من الأمور لا يمكن أن يسوغ)، وهذا في منتهى الخطورة، إذ أن التأويل المخالف للإسلام لا يجوز أن نسميه إسلامياً بل في أضيق الحالات نقول (الذي يزعم كونه إسلامياً)، لأن تسليمنا بكونه إسلامياً يضيف المشروعية على الباطل، ويوجه للقول الآخر ويمنحه هوية الإسلام، وهذا بخلاف قولنا (فلاسفة المسلمين) مع أن منهم من هو من أهل الضلال، فهذا القول ينسب لهم ديناً فهو في الظاهر على دين الإسلام لكن إن ظهر منهم ما يخرجهم عن الملة لم يصح هذا القول ونخطئ قائله كائناً من كان.
9- وجدت للشيخ - هداه الله - تغريدة فيها تعليقاً على كلام مزور على الوزير قال فيها: (هذا لا يعرفه الوحي)، وهذا الكلام لا يليق بالشارع الحكيم وفيه سوء أدب معه، لأن الوحي من الله جل وعلا ولا تنسب المعرفة لله جل وعلا إلا في المقابلة كما في الخداع والمكر، إذ المعرفة مسبوقة بجهل وتأمل وتفكر، ولذلك لو قلت لأهل العلم أهل المعرفة لما رضوا فكيف بالله جل وعلا، ثم إن نصوص الشريعة لا تعرض على الوقائع والمستجدات بل هي من يعرض على الوحي، وليتبين لنا سقوط هذا الكلام فإن الشيخ لو استبدل كلمة المعرفة في كلامه بالعلم لاتضح لنا وله فساد قوله فلو قال: (هذا لا يعلمه الوحي) وهو لازم؛ لكان من ساقط القول وفي منتهى الخطورة والعياذ بالله.
10- لا يجوز أن نقول (فلسفة لا إكراه في الدين)، فهل الدين فلسفة أم وحي؟!، وهو من مجازفات مصطلحات الليبرالية في أطروحاتها وزغل أقوالها، ولا يجوز السكوت عليه أبداً ففيه سوء أدب مع كلام الله جل وعلا، ولم نعهد وصف الدين بأنه فلسفة أو نظرية أو نحوهما إلا من الجهلة والضالين من العلمانيين والليبراليين، والملحدين واللادينيين، كفانا الله شرورهم، وإذا كان مصطلح (الفكر الإسلامي) و(الأدب الإسلامي) محل جدل بين المتخصصين فكيف بمُسَلَّمة لا نزاع حولها حيث لا يجوز بحال أن يلصق مصطلح (الفسلفة) بالوحي، وقد سقط المذيع في هذا الوحل وكرره على مسمع الشيخ وهو ساكت، وبدلاً من أن ينكر على هذا الذي يسمعه إذ به يتكلف الإنكار على الذي يجهله، والله الهادي إلى سواء السبيل، ولن ينقص هذا من محبتنا لفضيلة الشيخ عبد العزيز لكن الحق أحب إلينا منه ومن أنفسنا.
وأكتفي بهذا القدر، وأسأل الله لي ولفضيلته وللجميع التوفيق والسداد.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

كتبه الفقير إلى عفو ربه
القاضي د. عيسى بن عبدالله الغيث

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..