الأربعاء، 11 أبريل 2012

أبشر يا بشار بسلفية تدافع عنك..


الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فلقد والله صعقت، وتملكتني الدهشة الشديدة، ودهاني ما دهى الشاعر في قوله:
         طوى الجزيرة حتى جاءني خبر --- فزعت منه بآمالي إلى الكذب
        تعثرت فيه بالأفواه ألسنها--- والبُْرْد في الطُرْق والأقلام في الكتب
وحزنت غاية الحزن، حتى كان حالي كحاله في قوله:
حتى إذا لم أجد من صدقه أملا--- شرقت بالدمع حتى كاد يشرق بي
وأنا أقرأ مقالا عجيبا في معناه غريبا في محتواه منسوبا لأحد المشايخ من أهل بلادنا، وتساءلت:هل يمكن أن يكتب هذه الأحرف رجل من أهل السنة، وباسم السنة والتوحيد والعقيدة والدفاع عنها، هل يتصور أن يوجد مثل هذا في المسلمين، فضلا عن الدعاة الصالحين، ويشذ عن إجماع المؤمنين، ويحشر نفسه في صف الرافضة الباطنيين، والروس الملحدين.
حقيقة إنا لفي زمن العجائب والغرائب، وحتى لا يظن القارئ الكريم أن في كلامي شيئا من المبالغة والتجني، فالمقالة موجودة ومتداولة في المنتديات ومنها منتدى المحجة، وأستعين المولى الكريم في الرد على بعض ما فيها من مغالطات ومكابرات، وأنا هنا أرد على الكتابة المتداولة في المواقع ولا أجزم بنسبتها لمن نسبت له، وإن كان فيها ما ينسجم مع آرائه وأقواله؛ فإن كانت كذبا عليه، فليبين التماسا لبراءة عرضه، وهو ما نتمناه، وإن كانت الأخرى، فهي لعمرو الله طامة الطوام، وقاصمة القواصم، والآزفة التي ليس لها من دون الله كاشفة.
ولقد سبق أن تداولت المواقع مقالا آخر منسوبا للكاتب نفسه في مهاجمة الثورات فيما يسمى بــ(الربيع العربي) تضمّن الهجوم الشديد عليها وأهلها، والدفاع المستميت عن الحكام البائد حكمهم، ومن في طريقهم للبيد والزوال -إن شاء الله تعالى- كبشار النصيري، ولقد أبعد الكاتب النجعة جدا، حتى شمل دفاعه جمالا عبدالناصر وحكمه، وحافظ الأسد النصيري، إضافة إلى زين العابدين وحسني والقذافي وعلي صالح، والتماس ما توهمه أو زعمه محاسن لأولئكم الطغاة الذين ظني بهم: أنهم ما بكت عليهم السماء والأرض، ولا أصيب بمصيبة هلاكهم إلا أعداء الإسلام من يهود ونصارى ورافضة ومن شذّ من أهل السنة كالكاتب، أو المنتفعين بهم من حاشية وبطانة، وأن عهودهم البائدة كانت ليلا جاثما بكوابيسه وويلاته ووحشته، وأن سني حكمهم كانت سنيا عجافا وثقالا شدادا، رُزئ بها التاريخ، وبلي بها الزمان،وعانى منها الدهر، وأصيبت بها أمة الإسلام، أعظم الله أجرها وعجل فرجها.
فكتبت هذه الأسطر:
-دفاعا عن التوحيد والعقيدة، والأثر، والمنهج السلفي المظلوم الذي طالما نسب إليه ما ليس منه، و ألصق به زورا مفاهيم خاطئة مغلوطة.
مسكينة هذه الأسماء كم ظلمت--- إذ بالتعالم والتلبيس تمتحن
-وإحقاقا للحق، ودفعا للباطل، ونصرا للمظلوم والظالم؛ أما المظلوم فشعب يقتل، ويسفك دمه، ويشرد، وتدمر بيوته بل ومساجده على أهله، وتغتصب حرائره، ويصب عليه أنواع البلاء، وأما الظالم فصاحب هذه المقالة الجائرة، وفي الحديث:"انصر أخاك ظالما أو مظلوما".
 -وبراءة من هذا الموقف الغريب الشاذ الذي اتخذه الكاتب وحده، مخالفا إجماع الأمة السنية، والجماعة الإسلامية، وبلاد الحرمين الشريفين، وحشر نفسه فيه مع الرافضة، واصطف مع المجوس.
 -واعتذارا لشعب الشام البطل الكمي الأبي المجاهد، الذي اجتمع عليه جور القريب والبعيد، وقاسى ما قاسى من تآمر العدو وخيانة الصديق.
-وقياما بواجب الولاء الحقيقي، والنصرة في الدين لشام الإيمان والبطولة والتقوى، الذي سفكت دماؤه وانتهكت أعراضه، وشرد شعبه، وناله ما ناله من الظلم والهضم، وفرغت على رؤوس شعبه الآمن الأعزل آلاف أطنان الذخائر والمتفجرات، وخلفت من ضحاياها آلاف القتلى، وأضعافهم من الجرحى والمعوقين وأضعاف أضعافهم من المهجرين المشردين؛ ويأتي هذا الكاتب ليكمل حلقات الظلم:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
                                     على المرء من وقع الحسام المهند
نعم تأتي هذه المقالة لا من إيراني صفوي، ولا رافضي عراقي أو لبناني حزب لاتي، ولا حوثي باطني، ولكن من سلفي موحد من شعب المملكة وأهل الجزيرة العربية جزيرة الدين والإيمان والفضائل.

والذي تبينته بعد قراءة مقالة الكاتب هذه وسابقتها ما يأتي:
(1). لغة التعالم والتعالي التي ينطق بها الكاتب، على طريقة:
وإني وإن كنت الأخير زمانه--- لآتٍ بما لم تستطعه الأوائل
فالمقالة مملوءة بالتعالي، مشحونة بالتعالم، والنظرة الدونية للآخرين، وتزكية النفس على حسابهم، ابتداء من عنوان المقالة: [ رأي حر في فتنة سوريا وغيرها ]، ثم يقول: [ أكثر الآراء مقيّدة بالتقليد ، وبالنقل عن وسائل الإعلام الفاسقة ، وبالعاطفة ( أي الهوى ) مع فئة أو ضدّ فئة  ] ، ويقول: [ ولأنّ الله هيّأ لي ما لم يهيّئه للأكثيرين فأقمتُ في بلاد الشام أكثر من عشرين سنة في خدمة الدعوة على منهاج النبوة... ومع أنّي ابتُليتُ بما لم يُبتل به الأكثرون من المضايقات الأمنيّة..إلخ ] إذن رأي الكاتب هو الحر وحده، وبقية الآراء ترزح تحت نير الرق، والتبعية، والتقليد لوسائل الأعلام الفاسقة، والعاطفة والهوى، بما فيها رأي وموقف دولة الكاتب المملكة العربية السعودية التي أعلنت موقفها بوضوح، وتبنت قضية الشعب السوري، ودافعت عن حقوقه، وذلك على لسان الملك، ووزير خارجيته، ورجالات الدولة والعلم، وإذا كانت هذه بداية الكاتب فينبيك العنوان عن المضمون.
 واستنادا من الكاتب على إقامته المتقطعة في الشام عشرين سنة كما يذكر، ادعى أنه ملك الحقيقة والعدل والإنصاف دون غيره من أهل العاطفة والهوى، بمن فيهم علماء الشام ورجالاته الذين ولدوا وشبوا وشابوا وهرموا وتعلموا وعملوا في بلادهم؛ كالشيخ الصابوني، والعرعور، وراجح كريم، وعبدالرحمن دمشقية، ومحمد عيد العباسي الذي شهد له كاتب المقال بالسلفية وغيرهم. ولكن لا بأس فالكاتب في خدمة الدعوة على منهاج النبوة، ومن يستطيع أن يشهد لنفسه هذه الشهادة العظيمة مثله.

 (2).أن الكاتب مصاب بمتلازمة الإخوان المسلمين، مسكون بعقدة جماعتها، إلى درجة الوسوسة، ولست بصدد الدفاع عن حركة الإخوان وحزبهم، ولا يشرفني هذا، وموقفي منهم ليس بخافٍ ولا جديد، ولكن (قد جعل الله لكل شيء قدرا)، والأعداء (هم درجات عند الله) وعند الناس، فلا يصح ولا يعقل أن ينسب إلى هذه الجماعة أو تلك كل بلية ومصيبة وطامة في مشارق الأرض ومغاربها، كما هو تفكير الكاتب، حتى أتساءل: هل حمّل الإخوان كارثة فوكوشيما، وتسونامي، وانفلونزا الطيور والخنازير؟! ولا يصح أيضا في سبيل عدائنا للإخوان ومنهجهم أن نوالي كل عدوٍ لهم على مذهب (ونستن تشرشل) في حربه  لهتلر ونازيته، حينما قال: سأتحالف مع كل مَن يحارب النازية، سأتحالف حتى مع الروس، بل مع الشيطان؛ إذ إن قاعدة عدو عدوي صديقي لا تستقيم، والنبي -e- حينما عرض عليه الكافر القتال معه في أحد، قال: "إنّا لا نستعين بكافر"
  إنك والله لترثي للكاتب وأنت تراه يتمزق حنقا، ويتشنج غيظا ويتلمظ حرقة كلما جاء لذكر هؤلاء الإخوان، وهم والله ما عبئوا به ولا علموا، ولا يضر بذلك إلا نفسه، وبطريقته لم يكسر عدوا ولم يكسب صديقا؛ فلا السلفية نصر، ولا الإخوان كسر.
  وأي عاقل- فضلا عن مؤمن- يتعاطف مع سفاح سفاك مجرم أثيم ما عرف التاريخ له مثالا، إلا ما كان من (نيرون) و(هولاكو) وأمثالهما، بحجة معاداة الإخوان، وأي لبيب سيصطف خلفه في خندق الرافضة وطابور الباطنية ومع هذا المجرم ( بشار)، لو كان مسلما فكيف بجبار عنيد نصيري باطني مارق.
 "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".

(3). ولكن ماذا يفعل الكاتب هذه المرة، فالثورة سلفية، والأب الروحي لها(العرعور) من شيوخ السلفية، وممن شجعها وأعان عليها مشايخ السلفية.. عبدالرحمن دمشقية، ومحمد عيد عباسي الذي شهد له الكاتب نفسه بالسلفية، ومع ذلك قضى في سجن حافظ وابنه نحوا من عشرين سنة، اللهم إلا أن يكونوا بتشجيعهم للثورة خرجوا من السلفية عند الكاتب؟!
إذن فاتت على الكاتب هذه المرة، فلئن كانت القيادة في الثورة الأولى للإخوان، فهي اليوم سلفية، باعتراف بشارٍ وشبيحته؛ فإنهم لا يفتؤون يكررون في وصف الواحد من الثوار بأنه سلفي مندس، أما الإخوان هذه المرة فإنما هم يناورون من بعيد في المجلس الوطني وغيره، فماذا سيقول الكاتب إذن؟
(4). والعجب كل العجب أن ينسب هذا البلاء الذي رعفه قلمه إلى العقيدة السلفية وتوحيد الباري -جل في علاه- وكأن التوحيد لا يتم ولا يتحقق إلا بموالاة كل عدو للإخوان المسلمين كائنا ما كان عقيدة وجرما، كالذين دافع الكاتب عنهم في المقال الأول؛ كالقذافي العبيدي داعم الحوثيين، وراعي حركتهم وممدهم بالسلاح، وصاحب المواقف من بلاد الكاتب حكومة وملكا وشعبا وعقيدة، وكجمال عبدالناصر راعي القومية والاشتراكية، وزارع بلاء القوميات في أوطان المسلمين،ومحيي السنة الفرعونية ( سجن السنين الهائلة ) وحامل أوزار الثورات والانقلابات الدموية التي حصدت مئات آلاف الأبرياء في كثير من البلاد، ومنها ليبيا واليمن، والتي طالت جنوب بلادنا، والأب الروحي للأحزاب الناصرية، والاشتراكية التقدمية-زعموا- والقومية في البلاد العربية الإسلامية، والمحرض على الانقلابات الدموية فيها، ومنها بلادنا التي كادت يوما من الأيام تذهب ضحية تآمره مع ما يسمى بالأحرار، والمخدوعين بحركته في دوامة الثورات الطاحنة والفتن الماحقة، ولقد بقي هذا الحزب غصة وشوكة في خاصرة الأمة الإسلامية، ومنها دولتنا عقودا لا زلنا نعاني من مخلفاتها القذرة، وهذا كله مغتفر لدى الكاتب، وكافٍ في عده لهذا الطاغوت الهالك مظلوما مخروجا عليه؛ لأنه عادى الإخوان وخلدهم في السجون الأحقاب الطويلة، وعلق من علق منهم على أخشاب المشانق، ومنهم علماء وكتاب فضلاء؛ كعبد الفتاح إسماعيل، ويوسف هواش، وسيد قطب وغيرهم، وكل ما مضى -عند الكاتب- حسنة لذلكم الطاغوت تكفر كل سيئة وتجب كل خطيئة.
وكحافظ الأسد الذي ولغ في دماء إخواننا أهل السنة، وجرت على يديه القذرتين ملحمة حماة الأولى، التي ذهب ضحيتها عشرات ألوف القتلى-وإن سخط الكاتب- ويتمت الأطفال، ورملت النساء، وهدمت البيوت والمساجد والأحياء، وخلد الرجال في السجون الأحقاب الطويلة، وهي ملحمة من الملاحم النادرة في تاريخ الشام، بل البشرية، تواترت أخبارها واستفاضت وشاعت، حتى أصبح العلم بها ضروريا لا ينكره إلا من ينكر الضروريات والبدهيات؛ مثل الكاتب..
وكيف يصح في الأذهان شيء --- إذا احتاج النهار إلى دليل
مازلت والله أتذكر وأعيش آلام تلكم المأساة -وقتها كنت طالبا- وما كنا نهنأ بنوم ولا نجد للطعام طعما، وكانت من أشد الأحداث التي مرت بي في حياتي وآلمها وأحزنها وأهمها وأغمها، أما الكاتب فيبدو أنه خارج العالم، وكان أكبر همه وغاية قصده في تلك الأيام أن يذهب إلى هناك ويقف على الأطلال والخرائب لا لشيء إلا ليثبت كذب الإخوان فيما ادعوه من المجازر.. وانظر كيف يسخر ممن يذكر عشرات آلاف الضحايا ويقول: يبدو أنهم لا يعرفون الأرقام من 1 إلى 999 ويقصد بذلك العشرات والمئات، فسبحان الله رب العرش العظيم، هل العشرات والمئات من الأرواح السنية البريئة لا تعني شيئا، ولا تكفي عند الكاتب للبكاء عليها والإحساس بمصيبة هلاكها على يدي الطاغوت الباطني الهالك.
وجرائم حافظ النصيري أشهر من أن تذكر وأعرف من أن تنكر؛ كبيع الجولان، وخيانة المسلمين والتواطؤ مع اليهود المحتلين، ولو لم يكن من سيئاته إلا ثورته الدموية وتصفية الضباط من أهل السنة، وتمكين طائفته الباطنية، وتكريس سلطة حزب البعث الاشتراكي الكفري، وتخليف هذا الابن بعده -وبئس الوالد وما ولد- لكان كافيا لكل ذي عينين ليبصر صبح الحقيقة، ولكن:
وما انتفاع أخي الدنيا بناظره --- إذا استوت عنده الأنوار والظلم
مصيبة ما بعدها مصيبة، عندما يكلف مسلم موحد نفسه عناء تسويد مقالة، يزعم فيها أن السلفية ما عاشت عصرا من الرخاء والازدهار كعصر حافظ وابنه بشار، وأن مقرر العقيدة في المعاهد الحكومية الدينية الذي أُلف في عهد حافظ، خير من مقررات العقيدة في جميع المدارس الدينية الخاصة، ومنها مدارس حزب الإخوان المبتدع.
    يامن عذيري من هذا الإفك المبين، أية سلفية يا مسلمون، أسلفية المنهج الاشتراكي، أو المذهب البعثي، أو استئصال السنة وتمكين النصيرية، أو تشريع أبواب البلد للرافضة المجوس بعد ثورتهم في إيران، أو حلف الباطنية المشؤوم الذي خرج به عن الإجماع العربي بمناصرته لإيران، وتحقيق غاياتها وتنفيذ أهدافها، وكم عانت السنة والمملكة بالذات ودول الخليج من هذا الحلف المشؤوم، والتحالف النكد الذي لم يقتصر شره وضرره على أهل سوريا، بل تعدى إلى احتلال لبنان ردحا من الزمن،وزرع منظمة أمل، ثم حزب اللات الرافضيين، وآه من حزب اللات الذي والله لو لم يكن إلا سيئة حافظ الوحيدة لكفى به إثما مبينا، وأسقط حكومة الحريري الموالية للملكة والسنة، وأحل حكومة المجوس محلها، بعد المؤامرة الدموية القذرة على رئيس الوزراء السني رفيق الحريري عبر التفجير الذي مزق أوصاله وفرق أشلاءه، وأسقط حكومة سعد الحريري بعد والده، وغير ذلك من جرائم بشار ووالده.
 فماذا يعني موقفك أيها الكاتب؟ أعقوقا لبلدك وأنت تدعي أنك ابنها البار؟ كيف تدافع عن عدوها الألد، وخصمها المبين، ومن جرعها المرّ والسم الناقع الزعاف، ونصر إيران عليها في أحلك الظروف؟ أين البر يا ابن السلفية، وأنت تصرح وتجاهر بالدفاع عن عدو الدولة؟ والهجوم لمزا ورمزا على الشعب المقهور المنكوب الذي صرحت دولتك بتبني قضيته والدفاع عن مظلوميته، حتى صرح وزير خارجية المملكة أن هذا النظام أشبه باحتلال، وأنت تزعم أن السنة ما عاشت في فترة أحسن منه..
من نصدق وزير الخارجية و قيادة البلاد والاتجاه العام وإجماع الشعب- إلا الرافضة- بل الشعوب الإسلامية بل عقلاء العالم أو نصدقك؟ ونقول بقولك؟ فيفرح بنا الرافضة عربا وعجما وملاحدة الروس؟
والعجب أنك تقول عن ثورة الشام: [ وفي الفتنة الأخيرة شاركتْ الأمم المتحدة وأمريكا وأوروبا وغيرها في الفساد بحجة أن الراعي يقتل رعيّته. ] فياليت شعري من وراء جرائم بشار الذي جعلته راعيا، أإيران السلفية، أو روسيا التوحيد، أو صين السنة، أم عراق الحكمة والإيمان، أو حزب لات العدل والإنصاف؟!!!
ثم لماذا لا تكمل القائمة وأنت تعدد الصانعين لثورة سوريا وتقول: والمملكة ودول الخليج كذلك، أليست المملكة ودول الخليج من أكبر الداعمين والمؤيدين لمطالب الشعب المنكوب، لماذا اقتصرت على أمريكا وأوربا وتركت المملكة ودول الخليج أهو الجبن والخور، أو التناقض الفاضح، أو التلون الممقوت؟
إن السلفية والتوحيد والولاء للدين، برئ مما سطرته في مدح طواغيت العالم وسفاحيه، وإني لأتذكر هنا في التناقض الصارخ لهذه المواقف الطرفة القديمة التي ذكرها ابن الجوزي؛ حدث عن فقيه أحمق زنى بامرأة، فلما تغشاها قال: يا أمة الله غطي وجهك، فعلى الصحيح من أقوال أهل العلم أن الوجه عورة.   
ولقد اقشعر جلدي وقفّ شعري وأنا أقرأ قول الكاتب في مجزرة حماة الأولى: [ وقام الراعي بما يمليه العقل ويُقرّه الشرع : مقاومة الفتنة إلى حدّ قتل الباغي أو سجنه أو تعزيره ، وقال الله تعالى : ( إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ) ]
أترون يعني بالراعي هنا إلا حافظا عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين.
ثم استدلال الكاتب مبررا جرائم بشار بقوله e: " من  أتاكم وأمركم جميع على رجل منكم، يريد أن يشق عصاكم ويفرق جماعتكم فاقتلوه"
اقرأوا مقاله وتأملوا هل يريد بالراعي الذي اجتمع عليه غير بشار؟ ثم ما ظنكم هل ينتظر بشار منه هذا الاستدلال والتشجيع، وهو يتلذذ بمشاهدة دماء وأشلاء أهل السنة تتمزق، ومساجدهم تحترق؟ أين يخرج الكاتب من إعانة القاتل وتشجيعه وتبرير فعله، والله لو كان الوالي الذي يفعل هذه الجرائم مسلما والخارجون عليه ببغي، ما كان لأحد أن يشجعه على استئصالهم والإجهاز عليهم، وتركهم يموتون نزفا وصبرا، فكيف بكافر طاغوت باطني حاقد متسلط ظلما على شعب سني أعزل مظلوم، ومعه باطنية العالم وملاحدة الدنيا؛ ولقد أنكر على أنس رضي الله عنه طلابه لما حدث الحجاج بحديث العرنيين خشية أن يتمادى بالقتل فما ظنكم بهذا الكافر النصيري المبير فنعوذ بالله أن نكون ممن يحملون "أوزارهم كاملة يوم القيامة ومن أوزار الذين يضلونهم بغير علم، ألا ساء ما يزرون"
إن العالِم من السلف إذا امتحن بظالم في سيفه رهق ليؤيده على قتله وجرمه امتنع واحتمل ما مسه من عذابات السجون والقتل والضرب ، وإن ضعف فإنه يتأول ويقتصر على أقل جواب، كالمضطر في مخمصة يدفع عنه غائلة الموت بأدنى ما يسد الرمق ويبقي على المهجة من الميتة، ويظل بعد ذلك طيلة حياته يستغفر الله ويلتمس أسباب التكفير لما فعل بكل مراضي الله ومحابه، ويهلك نفسه أسى وندما على ما فرط منه، على طريقة القائل:
أجبتك إذ عيني عليها غشاوة--- فلما انجلت قطّعت نفسي ألومها
 هذا ما نعلمه من سيرة العلماء الربانيين ممن أخذ بالعزيمة أو الرخصة؛ أما أن يتطوع بنفسه ويتبرع ابتداء من كان في عافية من أمره، وسعة من حاله، ويسهب في القول ويطنب في المقال، في تبرير جرائم ومجازر فاجر مبير باطني كافر،لم ينتظر منه جوابا، ولم يكرهه على قول، ويهاجم أو يلمز خصومه، بل ضحاياه، ويسفه من ناصرهم ووقف معهم في ظلمهم، بلغة الفرح ولهجة المفاخر بتعالمه وتميزه، فهذا والله من أعظم اللدد، وأشد الجور، وأعجب العجب.. نسأل الله العافية والسلامة، ونعوذ بالله أن نكون ظهيرا للمجرمين.

(5). ومثله في العجب تباكي الكاتب على العدل والإنصاف، واستدلاله بالآيات الحاثة على العدل، والحاضة على التثبت، حتى إنه ليتفنن في سرد القراءات ( فتبينوا، فتثبتوا)، وهو أبعد الناس عن العدل والتثبت في هذه القضية (قضية ثورة السنة في سوريا) وقضيته مع خصومه عموما ممن كتب فيهم وسودّ الصفحات الطوال.
"يا أيها الذين آمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون"، أم أن الكاتب يرى التثبت والعدل مع الرافضة النصيرية فرضا لازما، ولا يراه مع أهل السنة صالحيهم ومجاهديهم، أو المنحرفين منهم..
يا أيها الرجل المعلم غيره --- هلا لنفسك كان ذا التعليم
ابدأ بنفسك فانهها عن غيها --- فإذا انتهت عنه فأنت حكيم
لا تنه عن خلق وتأتي مثله--- عار عليك إذا فعلت عظيم

(6). حقّر الكاتب واستخف بسبب قيام الثورة الأولى على حافظ، وأنه كان احتجاجا على حذف ثلاث كلمات تُقرر: ( أن الإسلام دين الدولة ) من الدستور الجديد فقط لا غير.
وسفّه أحلام الثائرين لهذه القضية وسمّى طموحهم (أحلام يقظة)، وجهادهم (عصيانا) وإفسادا في الأرض كما هو الظاهر من استدلاله بآية الحرابة.
وماللمرء أشرف من ممات---إذا رؤيت محاسنه عيوبا
نعم أيها الكاتب ثلاث كلمات، بل كلمة واحدة بعثت بها الرسل، وأنزلت الكتب، وأسست الملة، ونصبت القبلة، وسلت سيوف الجهاد؛ فهؤلاء الثائرون المعترضون على حذف جعل الإسلام دين الدولة قدموا أرواحهم ودماءهم ثمنا للجنة إن شاء الله وفهموا أن النفس لا ترخص إلا في سبيل الله، ولا تبذل إلا لله؛ فلله درهم وأحسن الله مثواهم ورفع منزلتهم في الشهداء، وإن كان الكاتب يسخر منهم ويحتقر عملهم، ويحط من صنيعهم:
تجود بالنفس إذ ضن البخيل بها--- الجود بالنفس أقصى غاية الجود
أم أنك أيها الكاتب ترى أن هذه قضية حقيرة لا تستحق التضحية، ولا تستأهل الجهاد بحجة أن الأمر كان على ما كان منذ الدولة العثمانية.
إن كثيرا من العامة في حماسهم لدين الله، والغيرة على عقيدته، أصفى فطرة، وأنقى سريرة، وأطوع لداعي الله، وأسرع انقيادا؛ لأن فطرهم نقية لم تتدنس، يتصرفون بعفوية المؤمن، وينطلقون من بساطة التقوى مالا تجده من منتسب للعلم، دسى نفسه، وانسلخ من آيات الله ، وأخلد إلى الأرض؛ فشتان شتان بين هؤلاء وأولئك.
ألا رحم الله أولئك الغيورين الصادقين، وخلد ذكرهم في الآخرين، ورفع مقامهم مع الشهداء المقربين.
لا يلومن أخا الصب المشوقا --- باردُ القلب يرى الشدو نهيقا
ذا السر أكبر أن تدروا به فدعوا --- أهل العزائم والأمر الذي طلبوا
قالوا: ففسر، فقلت: الأمر أكبر أن --- يحيط فيه بديع الشعر والخطب
(7).الكاتب في مقالتيه وقع فيما فر منه وحذر؛ حيث لا يتورع عن وصف خصومه بالخوارج على الحكام عبر هذه الثورات وغيرها، بينما هو خارج على حكومته في تبني قضية خصومها، والدفاع عن أعدائها بشار في هذه المقالة، وجمال والقذافي وغيرهما في سابقتها، والتصريح بما يناقض سياسة بلاده من تبني قضية الشعب السوري والدفاع عن مظلوميته، حتى ليتساءل الشعب السوري، هل تصريحات المسؤولين السعوديين مجرد ظاهرة صوتية ومناورات سياسية، فما بال هؤلاء المحسوبين على علمائهم يصرحون بضده، هل يرضى الكاتب أن يقال هذا عن بلاده؟ إن حكومة بلاده تدعو ليل نهار إلى تسليح المعارضة السورية، فهل يا تراها تدعو إلى تسليح الخوارج في نظره؟
 إن لزوم جماعة المسلمين (بحيث يسعه ما وسع حكومة بلاده وشعبها السني) أولى بمراعاة الطاعة، والحذر من الخروج عن الجمهور، والشذوذ عن الجماعة، وسلوك غير سبيل المؤمنين، من دفاعه الخاسر عن طواغيت هالكين، وأنظمة بائدة بحجة السمع والطاعة لأولئكم الطواغيت الذين يراهم رعاة يجب السمع والطاعة لهم.
لئن كان بشار ومن قبله أبوه من رعاة أمة الإسلام فقد صدق القائل:
                لا يلام الذئب في عدوانه--- إن يك الراعي عدو الغنم
وإنني لأتساءل من المستفيد والمستبشر بمقالة هذا الكاتب؟! إنه ليس سوى بشار النصيري البعثي القاتل السفاح، وأسرته الفاسدة، وجوقته المطبلة، وطائفته النصيرية، ورافضة العالم في إيران والخليج ولبنان، والحكومة الروسية الشيوعية الفاسدة، والكاتب معهم، وقل لي من يصفق لك: أقل لك من أنت؛ فهنيئا له بهذه الرفقة والصحبة، ونعوذ برب الناس من الهوى، والوسواس الخناس.
وانظر أخي القارئ الكريم كيف سمّى ما يجري في سوريا فتنة، وكأنه قتال بين فئة من المسلمين وطائفة باغية خرجت على إمام العدل أو الجور في بلادها، والظاهر من صنيع الكاتب أنه يرى لبشار عقد الولاية،  وحق السمع والطاعة، وأنه يراه ولي أمر شرعيا واجب الطاعة؛ لأنه لم ير الكفر البواح؛ فسبحان الله ماذا بقي من أنواع الكفر ما أتاه هذا المارق (بشار)؟ ابتداء من اعتقاده -والأصل أنه على اعتقاد النصيرية الذين قال عنهم شيخ الإسلام: ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض، وهم كفار حتى عند الرافضة الاثني عشرية ، وتقاربهم معهم ودعمهم إياهم لأسباب سياسية ونكاية بأهل السنة العدو المشترك-، وانتهاء بأنواع الكفر التي يسمعها ويراها العالم من قول أتباعه، وكتابتهم على جدران المساجد والمنازل: لا إله إلا بشار، وقول قائلهم: نعبد بشارا أولا والله ثانيا، وقول أحدهم: أتحداك وأتحدى من خلقك، وقول الآخر: من الذي سيحشرنا في زاوية.. نحشر الله، وقول الثالث: تنشق الملائكة ولا تنشق هذه القوات عن بشار، وإكمالهم لسورة قل هو الله أحد بـــ:ـ اختار الله الأسد، إلى آخر الأقوال الكفرية التي تقشعر لها الأبدان - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا- وأستغفر الله من حكاية هذه الأقوال، وكإحراق المصاحف، وتسجير السجائر وإطفائها بها، وهدم بيوت الله، واتخاذها ثكنات، ومنع أن يذكر فيها اسمه، وتقام فيها الصلاة، والسجود العلني لصورة بشار، وإلزام المعتقلين بنطق كلمة الكفر، وامتحانهم بربوبية بشار..ناهيك عن سفك الدماء، وإزهاق الأرواح، وتذكية الأطفال بحز الغلاصم، وهتك الحرائر، وهدم البيوت، وتهجير أهلها..
كل هذا بسمع العالم وبصره، لا ينكره إلا من ينكر ضوء الشمس ونور الصباح من عين رمدة أو خفاش ظلام.
والعجب ادعاء الكاتب بدفاع مقيت أن هذه حوادث فردية لصغار العسكر، لا عن علم بشار، فياليته يحترم عقله وعقول الناس، أيعقل أن يخفى ذلك على الطاغية بما يملك من منظومة استخباراتية لا يوجد لها في العالم نظير، قال عنها شاعر سوريا قديما:
حتى صدى الهمسات غشّاه الوهن--- لا تنطقن إن الجدار له أذن
ألم تتوصل هذه الاستخبارات إلى طفل صغير كتب على جدار خرِب في قرية نائية العبارة الدارجة (الشعب يريد إسقاط النظام)، فما بالها لم تتوصل إلى أصحاب تلكم المقولات والتصرفات؟
 ألم يشاهد الكاتب ما يشاهده العالم؟! ألم تصك أذنه أنات الثكالى وصرخات اليتامى؟!! ألا قاتل الله الهوى..
ألا إنه قتل العمد الممنهج، والإبادة الجماعية، وما يسمى بالتطهير العرقي، وإن لم يكن ما تقدم من أقوال وأفعال كفرا، فلا يوجد في العالم كفر ألبتة.
ألم يقرأ الكاتب أو يستمع إلى يوميات الثورة، وقتلاها بالمئات والعشرات؟! إن لم يصدق قنوات الإخوان الحاقدين، ألا صدق إحصاءات الأمم المتحدة التي لا تحابي أحدا، بل هواها إلى اليهود وما يسمى بإسرائيل أقرب، وهي محل تهمة في حق إخواننا أهل سوريا، ومع ذلك أعلنت أرقاما متصاعدة للضحايا، فوق 10 آلاف، وهي مرشحة للزيادة كل يوم بل كل ساعة بل كل دقيقة، والحق ما شهدت به الأعداء.
وإذا كان هذا تحت كاميرات العالم وأضوائه، فكيف بجريمة حماة التي تمت في الظلام وبمعزل عن كل وسائل الإعلام إلا إعلام النصيري الأفّاك الكذاب الأشر.
تلك الجريمة البشعة التي ضجت لها الأرض والسماء، ولم ينكرها إلا كاتب المقال، ونظام البعث.
أما ادعاء الكاتب أن هذه الأعمال بمعزل عن علم بشار، فمما يضحك الثكلى في وطأة الإحداد، ومثله زعمه بأن أباه الهالك نفى أخاه رفعت، وميشيل عفلق؛ لأنهما ممن يسعى بالإفساد بين الراعي والرعية.. ما شاء الله على النزاهة والعدل، لماذا لم ينف حافظ إذن أخاه رفعت أثناء أو بعيد مجزرة حماة وهو قائدها قائد سرايا الدفاع التي قامت بالمجزرة، أترى الكاتب يحترم عقله وعقول الناس؟ إن الطفل يعلم أن انشقاق رفعت وهربه إلى أوروبا كان بسبب إزماعه القيام بانقلاب على أخيه حافظ لما هيأ ابنه الهالك باسلا لولاية العهد، فتنبه لذلك حافظ وأراد أن يتغدى برفعت قبل أن يتعشى به؛ إذن هو صراع على العرش ونزاع على الملك وعلى المصالح بدليل تطلع رفعت الآن لتسلم الحكم، وإعلانه انتقاده ابن أخيه بشار.

(8). وأخيرا.. فما رأت عين ولا سمعت أذن أبطل وأضل من قول صاحب المقال عن قول شيخ الإسلام في النصيرية: إن ظاهرهم الرفض وباطنهم الكفر المحض؛ حيث قال الكاتب: [ يحتج المنتمون إلى السنة بأن رأس الدولة ينتمي إلى طائفة قال عنها ابن تيمية – رحمه الله -أكفر من اليهود والنصارى:

1 – هل يجوز تحكيم كلام ابن تيمية رحمه الله عن أُمّة خَلَت قبل عصره على مُعيّن بعد موته بسبعمائة سنة !!؟
]
وهذا لعمرو الله أبطل الباطل، وغاية المكابرة، ولازمه أن يبطل إجراء فتاوى سلفنا الصالح على من جاء بعدهم بعقود وقرون بحجة التقادم.
فلا يصح إذن تطبيق فتوى شيخ الإسلام ولا الإمام أحمد ولا غيرهما، على جهمية العصر، وإباضيته، وأشاعرته، بل وخوارجه.
فلو دافع أحد عن الخوارج الحقيقين المكفرين للمسلمين، المستحلين لقتالهم، أو الخوارج المزعومين عند الكاتب، وزعم أن فتاوى أهل العلم بل وأحاديث النبي-e- لا تنطبق عليهم، وأن ذلك كله في قوم كانوا فبانوا، ومضوا وقضوا؛ فماذا سيقول الكاتب؟ وماذا سيترتب على هذا القول الفاسد من اللوازم؟
ثم كيف أجاز لنفسه استمرار إجراء أقوال العلماء وفتاواهم،  الذين عاصروا حسن البنا مؤسس حركة الإخوان عليهم ما بقيت حركتهم، ولو تقادمت المدد، واتصلت الأزمنة، وينكر إجراء فتاوى شيخ الإسلام على هذا الطاغوت النصيري، إنه لعمرو الله غاية التناقض.
وفي الختام أنصحك أيها الكاتب بتقوى الله وخشيته، وانظر ما تقول، لماذا سللت قلمك في أمر تراه فتنة؟ ألا يسعك أمر رسول الله في الفتن؛ أن تكسر فيها السيوف، وأن يعتزل أهلها، ويكون الناس فيها أحلاس بيوتهم، هذا إذا سلمنا لك أنها فتنة؛ فلماذا لم تكسر قلمك أو تغمده، وتعتزل الفرق، ألا تتقي الله ( ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون ليوم عظيم يوم يقوم الناس لرب العالمين)، ألا تعلم أنه:
وما من كاتب إلا سيفنى--- ويبقى الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتب بكفك غير شيء--- يسرك في القيامة أن تراه
ألا قلت خيرا فدافعت عن مظلوم، فغنمت، أو سكت عن التبرير لظالم، فسلمت.
أيها الرجل ألا اتهمت رأيك فشاورت مفتي البلاد، أو أهل العلم، أو العقلاء الذين لا يطبلون لك ويشجعونك على الإثم والجور، قبل أن تجازف بمثل هذا المقال.
ألا تعلم أي شعور نفسي ومعنوي لبشار وعصابته وجوقة دراويشه، وهم يقرأون مقالتك، وإذا كان الحسون أو البوطي فكر أن يراجع نفسه، وشعر بشيء من وخز الضمير، فقرأ مقالتك، ففرح بها وتشبث، وزاد في تشجيع السفاك على القتل عبر خطبه ومقالاته، فماذا عسيت أن تلاقي عند الله من إثم هذه الأنهار، بل البحار من الدماء، والجبال من الأشلاء؟
أيها الكاتب، تب إلى ربك مادام في عمرك بقية (وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين)، واندم على ما بدر منك، وأعلنها على الملأ، وتبرأ من مقالك، ومن المجرمين، وواس جراح أهلك السنة، وكفكف دموعهم، وتأسف لهم؛ فلقد طعنت كل قلب فيهم مثخن ما بقي فيه أصلا موضع لطعنة.
واها أيها الكاتب كأني بذلك الحمصي الذي فقد ابنه وعمله وهدم بيته، وصار يتنقل من حي إلى حي تطارده الدبابات وتقتفيه المدافع، وكأني بتلك الحموية أو الحورانية التي فجعت بقرة عينها، وأصبح فؤادها فارغا من فلذة كبدها، وبات همها رضيعها لا تجد ما تطعمه، تبيت طاوية ويبيت طاويا، كما قال أبو الطيب:
على كل طاوٍ تحت طاوٍ كأنه--- من الدم يسقى أو من اللحم يطعم
يصيح وتصيح طالبين الغوث والنجد من إخوانهم السنة، وهما يريان النصيري شاكي السلاح أمامهما، والإيراني خلفهما، واللاتي اللبناني عن يمينهما، والعراقي عن شمالهما، والروسي من فوقهما، وقد سُدت عليهما المنافذ، وضاقت عليهما الأرض بما رحبت، واستحكمت حلقاتها، وفجأة سمعا صوتا من نجد الجزيرة، فأصاخا السمع وأرهفاه، فإذا هي كلمات مقالك تجلد قلوبهما، وتلهب أرواحهما، فصف لي بالله شعورهما.
أيها الكاتب، لقد أسرفت على نفسك بتتبع الخلق، أما آن لك أن تعتزل وتتفرغ للعبادة والطاعة، وتحمد الله على العافية، فما وضع على مفرق رأسك السيف حتى تقول في فلان وفلان، وتوزع التهم على الخلق، وتكون للخائنين خصيما.
إني والله لك ناصح ومحب لك الخير، أسأل الله أن يشرح له صدرك، وأن يهدينا وإياك سواء السبيل، والحمد لله رب العالمين.

محمد بن أحمد الفراج
1471

---------------

التعليق :
اجدت في المقال ، و جانبك الصواب  في العنوان !

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..