الاثنين، 23 أبريل 2012

عَطْفُ النَّسَقِ

شرح ابن عقيل (ومعه منحة الجليل للأستاذ: محمد محيي الدين عبد الحميد)
تالٍ بِحَرْفٍ مُتْبِعٍ عَطْفُ النَّسَقْ =
                                    كَاخْصُصْ بِوُدٍّ وَثَنَاءٍ مَنْ صَدَقْ
([1])

عطْفُ النَّسَقِ: هو التابِعُ المُتَوَسِّطُ بينَه وبينَ مَتبوعِه أحَدُ الحروفِ التي سنَذْكُرُها؛ كـ(اخْصُصْ بوُدٍّ وثَناءٍ مَن صَدَقَ).
فخَرَجَ بقولِه: "المتوسِّطُ... إلى آخِرِه" بقِيَّةُ التوابِعِ.


فالعَطْفُ مُطْلَقاً بواوٍ ثُمَّ فَا =
                                           حتَّى أَمَ او كَفِيكَ صِدْقٌ ووَفَا
"([2])

حُروفُ العطْفِ على قِسمينِ:
أحدُهما: ما يُشَرِّكُ المعطوفَ معَ المعطوفِ عليه مُطْلَقاً؛ أي: لفْظاً وحُكْماً، وهي الواوُ، نحوُ: "جاءَ زيدٌ وعمرٌو"، وثُمَّ، نحوُ: "جاءَ زيدٌ ثم عمرٌو"، والفاءُ، نحوُ: "جاءَ زيدٌ فعمرٌو"، وحتَّى، نحوُ: "قَدِمَ الْحُجَّاجُ حتَّى الْمُشاةُ"، وأَمْ، نحوُ: "أزَيْدٌ عندَكَ أمْ عمرٌو"، وأَوْ، نحوُ: "جاءَ زيدٌ أو عمرٌو".
والثاني: ما يُشَرِّكُ لفْظاً فقَطْ، وهو المرادُ بقولِه:

وأَتْبَعَتْ لَفْظاً فَحَسْبُ بلْ وَلاَ = لكِنْ كَلَمْ يَبْدُ امْرُؤٌ لكِنْ طَلاَ "([3])

هذه الثلاثةُ تُشَرِّكُ الثانِيَ معَ الأوَّلِ في إعرابِه، لا في حُكْمِه، نحوُ: "ما قامَ زيدٌ بل عمرٌو، وجاءَ زيدٌ لا عمرٌو، ولا تضْرِبْ زَيداً لكنْ عَمْراً".


([1]) (تالٍ) خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، (بحرْفٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعَلِّقٌ بتالٍ، (مُتْبِعٍ) نعتٌ لحرْفٍ، (عطْفُ) مبتَدَأٌ مؤخَّرٌ، وعطْفُ مُضافٌ و(النسَقْ) مُضافٌ إليه، (كاخْصُصِ) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ، اخْصُصْ: فعْلُ أمْرٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه وُجوباً تَقديرُه أنتَ، (بوُدٍّ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ باخصُصْ، (وثَناءٍ) معطوفٌ بالواوِ على وُدٍّ، (مَن) اسمٌ موصولٌ: مفعولٌ به لاخْصُصْ، (صَدَقْ) فعْلٌ ماضٍ، وفاعلُه ضميرٌ مستَتِرٌ فيه جوازاً تَقديرُه هو، يَعودُ على مَن الموصولةِ، والجملةُ لا محلَّ لها صِلَةُ الموصولِ.

([2]) (فالعطْفُ) مُبتدأٌ، (مطْلَقاً) حالٌ مِن الضميرِ المستَكِنِّ في الجارِّ والمجرورِ، وهو قولُه: (بواوٍ)؛ بِناءً على رأيِ مَن أجازَ تقَدُّمَ الحالِ على عامِلِه الجارِّ والمجرورِ، أو هو حالٌ مِن المبتدَأِ بِناءً على مذَهَبِ سِيبَوَيْهِ، (بواوٍ) جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرُ المبتَدَأِ، (ثُمَّ فَا حتَّى أَمْ أو) قَصَدَ لفْظَهُنَّ: معطوفَاتٌ على قولِه: (بواوٍ) بعاطِفٍ مقَدَّرٍ في الجميعِ، (كفِيكَ) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ، فيكَ: جارٌّ ومجرورٌ مُتَعلِّقٌ بمحذوفٍ خَبَرٌ مُقَدَّمٌ، (صِدْقٌ) مبتَدَأٌ مؤخَّرٌ، (ووَفَا) الواوُ عاطفةٌ، ووَفَا: معطوفٌ على صِدْقٌ، وقُصِرَ وفا للضرورةِ، وأصلُه وَفاءٌ، وتقديرُ الكلامِ: كقولِكَ: فيكَ صِدْقٌ ووَفَا. والكافُ ومجرورُها مُتَعلِّقٌ بمحذوفٍ خبَرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ؛ أيْ: وذلك كائنٌ كقولِكَ.

([3]) (وأَتْبَعَتْ) أَتْبَعَ: فعْلٌ ماضٍ، والتاءُ علامةُ التأنيثِ، (لفْظاً) تمييزٌ أو منصوبٌ بنَزْعِ الخافِضِ، (فحَسْبُ) الفاءُ زائدةٌ لِتَزْيِينِ اللفْظِ، حسْبُ بمعنى كافٍ هنا: مُبتدأٌ، وخبَرُه محذوفٌ؛ أيْ: فكافِيكَ هذا، مَثلاً، (بل) فاعِلُ أَتْبَعَتْ، (ولا لَكِنْ) معطوفانِ على (بل) بعاطِفٍ مقَدَّرٍ في الثاني، (كلَم) الكافُ جارَّةٌ لقولٍ محذوفٍ، لم: حرْفُ نفْيٍ وجزْمٍ وقَلْبٍ، (يَبْدُ) فعْلٌ مضارِعٌ مجزومٌ بلم، وعَلامَةُ جَزْمِه حذْفُ الواوِ، (امْرُؤٌ) فاعِلُ يَبْدُ، (لكِنْ) حرْفُ عطْفٍ، (طَلاَ) معطوفٌ على امْرُؤٌ، والطَّلاَ – بفتْحِ الطاءِ مَقصوراً، بزِنَةِ عَصَا وفتَى – ابنُ الظَّبْيَةِ أوَّلَ ما يُولَدُ، وقيلَ: الطَّلاَ هو ولَدُ البقرةِ الوَحْشِيَّةِ، وقيلَ: هو وَلَدُ ذاتِ الظِّلْفِ مُطلَقاً، ويُجْمَعُ على أطلاءٍ، مِثلُ سببٍ وأسبابٍ.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..