الجمعة، 25 مايو 2012

يتيمة الدهر

دوقلة المنبجي! شاعر اليتيمة
واسمه يحيى بن نزار بن سعيد المنبجي ابو الفضل شاعر من أهل منبج.. ولد بها سنة 486هـ وانتقل الى دمشق فاتصل بالملك العادل نور الدين محمود بن زنكي ومدحه بقصائد أجاد فيها ثم
رحل الى بغداد فتوطنها (توفي بها سنة 554هـ).
منبج: أول من بناها كسرى لما غلب على الشام وسماها (من به) فعربت فقيل: منبج.. وهي مدينة صغيرة بينها وبين الفرات ثلاثة فراسخ وبينها وبين حلب عشرة فراسخ (عن معجم البلدان لياقوت الحموى).
هي: حالياً تابعة لمحافظة ادلب وكان قبل استقلال سوريا 1946م تابعة لمحافظة حلب ومن أشهر ما كتب من القصائد هي اليتيمة التي مطلعها:
هل بالطلول لسائل رد00 أم هل لها بمتكلم عهد
الجديد في هذا الأمر ان البحث يجري للعثور على دارة دوقلة في منبج لتحويلها الى (متحف ثقافي) لهذا الشاعر العربي الأصيل الذي غدر به الزمان، وتوفي في وقت مبكر من عمره كما حصل لطرفة بن العبد في العصور الماضية وأبو القاسم الشابي في بدايات هذا القرن.


--------------------------------------------------------------------------------



قيل أن أميرة في اليمن كان اسمها دعد دعت الشعراء الى كتابة قصيدة في مدحها ووصف جمالها على أن تتزوج صاحب أبدع وأجود قصيدة وكان من بين الشعراء ذوقله المنبجي الذي تصدى لذلك التحدي وكتب في دعد قصيدة رائعة وبينما هو في طريقه الى اليمن قابله شاعر آخر لم تكن قصيدته تصل الى مستوى ما كتبه ذوقله من حيث المعنى أو اللفظ فما كان منه الا ان قتل ذوقله وأخذ القصيدة منه ووصل اليمن ووقف في حضرة الأميرة وبدأ ينشد :



الزلفي


هل بالطلول لسائل رد
                                          أم هل لها بتكلم عهد
درس الجديد جديد معهدها
                                         فكأنما هي ريطة جرد
من طول ما تبكي الغيوم على
                                       عرصاتها ويقهقه الرعد
فوقفت أسألها وليس بها
                                            إلا المها ونقانق ربد
فالجد كندة والبنون هم
                                فزكا البنون وأنجب الجد
فلئن قفوت جميل فعلهم
                                    بذميم فعلي إنني وغد
أحمل إذا حاولت في طلب
                            فالجِد يغني عنك لا الجَد
وإذا صبرت لجهد نازلة
                                فكأنه ما مسك الجهد
ليكن لديك لسائل فرج
                            إن لم يكن فليحسن الرد




ومضى في القصيدة

فالوجه مثل الصبح مبيض=والشعر مثل الليل مسوّد
ضدان لما استجمعا حَسُنا=والضد يظهر حسنه الضد
لهفي على دعد وما خُلقت=إلا لفرط تلهفي دعد

وأخذت القصيدة تصف الأميرة من رأسها الى أخمص قدميها وكانت المفاجأه الكبيرة عندما قال


إن تتهمي فتهامة وطني=أو تنجدي إن الهوى نجد


حيث صاحت الأميرة عندها وقالت:
أقتلوا قاتل زوجي ... أقتلوا قاتل زوجي ...
فتجمع الحرس حوله وأخذوا يتسألون ما الخبر ؟؟
فشرحت لهم أن كاتب هذه القصيدة من تهامة حسب البيت الأخير
بينما هذا الشخص ليس من تهامه لأن لهجته مختلفة عن لهجة أهل تهامه
وعندما ضيّقوا الخناق عليه أعترف وقال:
لقد صدقت الأميرة وأنا من قتلت قائلها
ولذلك  سميت
يتيمة الدهر

------------------------------------------------------

هَل بِالطُلولِ لِسائِل رَدُّ               أَم هَل لَها بِتَكَلُّم عَهدُ 
أبلى الجَديدُ جَديدَ مَعهَدِها      فَكَأَنَّما هو رَيطَةٌ جُردُ 
مِن طولِ ما تَبكي الغيومُ عَلى    عَرَصاتِها وَيُقَهقِهُ الرَعدُ 
وَتُلِثُّ سارِيَةٌ وَغادِيَةٌ                وَيَكُرُّ نَحسٌ خَلفَهُ سَعدُ 
تَلقاء شَآمِيَةٌ يَمانِيَةً                   لَهُما بِمَورِ تُرابِها سَردُ 
فَكَسَت بَواطِنُها ظَواهِرَها            نَوراً كَأَنَّ زُهاءَهُ بُردُ 
يَغدو فَيَسدي نَسجَهُ حَدِبٌ         واهي العُرى وينيرُهُ عهدُ 
فَوَقَفت أسألها وَلَيسَ بِها        إِلّا المَها وَنَقانِقٌ رُبدُ 
وَمُكَدَّمٌ في عانَةٍ جزأت          حَتّى يُهَيِّجَ شَأوَها الوِردُ 
فتناثرت دِرَرُ الشُؤونِ عَلى       خَدّى كَما يَتَناثَرُ العِقدُ 
أَو نَضحُ عَزلاءِ الشَعيبِ وَقَد     راحَ العَسيف بِملئِها يَعدو 
لَهَفي عَلى دَعدٍ وَما حفَلت            إِلّا بحرِّ تلَهُّفي دَعدُ 
بَيضاءُ قَد لَبِسَ الأَديمُ لها        الحُسنِ فهو لِجِلدِها جِلدُ 
وَيَزينُ فَودَيها إِذا حَسَرَت      ضافي الغَدائِرِ فاحِمٌ جَعدُ 
فَالوَجهُ مثل الصُبحِ مبيضٌ       والشعر مِثلَ اللَيلِ مُسوَدُّ 
ضِدّانِ لِما اسْتُجْمِعا حَسُنا      وَالضِدُّ يُظهِرُ حُسنَهُ الضِدُّ 
وَجَبينُها صَلتٌ وَحاجِبها         شَختُ المَخَطِّ أَزَجُّ مُمتَدُّ 
وَكَأَنَّها وَسنى إِذا نَظَرَت         أَو مُدنَفٌ لَمّا يُفِق بَعدُ 
بِفتورِ عَينٍ ما بِها رَمَدٌ         وَبِها تُداوى الأَعيُنُ الرُمدُ 
وَتُريكَ عِرنيناً به شَمَمٌ       وتُريك خَدّاً لَونُهُ الوَردُ 
وَتُجيلُ مِسواكَ الأَراكِ عَلى    رَتلٍ كَأَنَّ رُضابَهُ الشَهدُ 
والجِيدُ منها جيدُ جازئةٍ        تعطو إذا ما طالها المَردُ 
وَكَأَنَّما سُقِيَت تَرائِبُها        وَالنَحرُ ماءَ الحُسنِ إِذ تَبدو 
وَاِمتَدَّ مِن أَعضادِها قَصَبٌ          فَعمٌ زهتهُ مَرافِقٌ دُردُ 
وَلَها بَنانٌ لَو أَرَدتَ لَهُ    عَقداً بِكَفِّكَ أَمكَنُ العَقدُ 
وَالمِعصمان فَما يُرى لَهُما        مِن نَعمَةٍ وَبَضاضَةٍ زَندُ 
وَالبَطنُ مَطوِيٌّ كَما طُوِيَت       بيضُ الرِياطِ يَصونُها المَلدُ 
وَبِخَصرِها هَيَفٌ يُزَيِّنُهُ       فَإِذا تَنوءُ يَكادُ يَنقَدُّ 
وَالتَفَّ فَخذاها وَفَوقَهُما     كَفَلٌ كدِعصِ الرمل مُشتَدُّ 
فَنهوضُها مَثنىً إِذا نَهَضت          مِن ثِقلَهِ وَقُعودها فَردُ 
وَالساقِ خَرعَبَةٌ مُنَعَّمَةٌ        عَبِلَت فَطَوقُ الحَجلِ مُنسَدُّ 
وَالكَعبُ أَدرَمُ لا يَبينُ لَهُ       حَجمً وَلَيسَ لِرَأسِهِ حَدُّ 
وَمَشَت عَلى قَدمَينِ خُصِّرتا       واُلينَتا فَتَكامَلَ القَدُّ
  ما شانهـا طـول  ولاقصـر     فقيامهـا وقعودهـا  قـصـد
قد قلت لمـا ان كلفـت بهـا   واقتادنـي مـن  حبهاالجهـد

إِن لَم يَكُن وَصلٌ لَدَيكِ لَنا     يَشفى الصَبابَةَ فَليَكُن وَعدُ 
قَد كانَ أَورَقَ وَصلَكُم زَمَناً       فَذَوَى الوِصال وَأَورَقَ الصَدُّ 
لِلَّهِ أشواقي إِذا نَزَحَت        دارٌ بِنا ونوىً بِكُم تَعدو 
إِن تُتهِمي فَتَهامَةٌ وَطني        أَو تُنجِدي يكنِ الهَوى نَجدُ 
وَزَعَمتِ أَنَّكِ تضمُرينَ              لَنا وُدّاً فَهَلّا يَنفَعُ الوُدُّ 
وَإِذا المُحِبُّ شَكا الصُدودَ فلَم      يُعطَف عَلَيهِ فَقَتلُهُ عَمدُ 
تَختَصُّها بِالحُبِّ وُهيَ على         ما لا نُحِبُّ فَهكَذا الوَجدُ 
أوَ ما تَرى طِمرَيَّ بَينَهُما              رَجُلٌ أَلَحَّ بِهَزلِهِ الجِدُّ 
فَالسَيفُ يَقطَعُ وَهُوَ ذو صَدَأٍ       وَالنَصلُ يَفري الهامَ لا الغِمدُ 
هَل تَنفَعَنَّ السَيفَ حِليَتُهُ          يَومَ الجِلادِ إِذا نَبا الحَدُّ 
وَلَقَد عَلِمتِ بِأَنَّني رَجُلٌ       في الصالِحاتِ أَروحُ أَو أَغدو 
بَردٌ عَلى الأَدنى وَمَرحَمَةٌ       وَعَلى الحَوادِثِ مارِنٌ جَلدُ 
مَنَعَ المَطامِعَ أن تُثَلِّمَني       أَنّي لِمَعوَلِها صَفاً صَلدُ 
فَأَظلُّ حُرّاً مِن مَذّلَّتِها            وَالحُرُّ حينَ يُطيعُها عَبدُ 
آلَيتُ أَمدَحُ مقرفاً أبَداً        يَبقى المَديحُ وَيَذهَبُ الرفدُ 
هَيهاتَ يأبى ذاكَ لي سَلَفٌ        خَمَدوا وَلَم يَخمُد لَهُم مَجدُ 
وَالجَدُّ حارثُ وَالبَنون هُمُ         فَزَكا البَنون وَأَنجَبَ الجَدُّ 
ولَئِن قَفَوتُ حَميدَ فَعلِهِمُ         بِذَميم فِعلي إِنَّني وَغدُ 
أَجمِل إِذا طالبتَ في طَلَبٍ      فَالجِدُّ يُغني عَنكَ لا الجَدُّ 
وإذا صَبَرتَ لجهد نازلةٍ          فكأنّه ما مَسَّكَ الجَهدُ 
وَطَريدِ لَيلٍ قادهُ سَغَبٌ               وَهناً إِلَيَّ وَساقَهُ بَردُ 
أَوسَعتُ جُهدَ بَشاشَةٍ وَقِرىً      وَعَلى الكَريمِ لِضَيفِهِ الجُهدُ 
فَتَصَرَّمَ المَشتي وَمَنزِلُهُ           رَحبٌ لَدَيَّ وَعَيشُهُ رَغدُ 
ثُمَّ انثنى وَرِداوُّهُ نِعَمٌ              أَسدَيتُها وَرِدائِيَ الحَمدُ 
لِيَكُن لَدَيكَ لِسائِلٍ فَرَجٌ     إِن لِم يَكُن فَليَحسُن الرَدُّ 
يا لَيتَ شِعري بَعدَ ذَلِكُمُ        ومحارُ كُلِّ مُؤَمِّلٍ لَحدُ 
أَصَريعُ كَلمٍ أَم صَريعُ ردى     أَودى فَلَيسَ مِنَ الرَدى بُدُّ









ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..