السبت، 12 مايو 2012

الميكافيلية

ماهي الميكافيلية؟
نسمع أحيانا بعبارة " النظرة الميكافيلية " أو "السياسة الميكافيلية" أو "الشخصية الميكافيلية " أو "النزعة الميكافيلية " وكذلك " المرض الميكافيلي".

فماهو مفهوم الميكافيلية وإلى من تنسب ؟

هل سمعتم  بعبارة " الغاية تبرر الوسيلة " ؟ حسناً
 إن ميكافيلي هو صاحبها .
فمن هو ميكافيلي الذي نسب إليه هذا المصطلح ؟

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
إنه نيكولو دي برناردو دي ماكيافيلّي
مؤسس مدرسة التحليل والتنظير السياسي الواقعي

« نيقولا ميكافيلي » إيطالي، ولد في «فلورنسا » وعاش ما بين عام (1469- 1527م) كان أبوه محاميًا متوسط الحال حصل على وظيفة صغيرة في حكومة «فلورنسا » سنة (1498م) وفي السنة الخامسة والعشرين التحق لخدمة الجمهورية الجديدة حيث عين في موقع مهم وقد اصبح فعلا بارعا بالسياسات المعقدة والمتشابكة في ايطاليا وبعدها عين سفيرا لـ (كاتيرنياسورزا) في مدينة (فلورلي) ثم ترقى وتقلب في وظائف بعثات دبلوماسية ذات أهمية للحكومة، ثم أصبح المستشار الثاني للجمهورية وعندما استولت أسرة «مديتشي » على الحكم سنة (1512م) سجن لأنه كان معارضًا لهم، ثم نُفي في العام التالي، وسمح له بأن يحيا حياة التقاعد في الريف قرب «فلورنسا » .

أثرت آراؤه وأفكاره التي بثها في كتبه في العلم السياسي وتجمعها الفكرة التي أمست من قواعد السياسة في معظم دول العالم العلمانية، وهي «الغاية تبرر الوسيلة » برر القسوة والوحشية في صراع الحكام على السلطة.

ومنها مفهوم (الميكافيلية) بما يحمله من مواصفات كناية عن فعل الناس والساسة الذين يعمدون الى تحقيق مآربهم بالدهاء والمكر والقوة حيث افتتح ميكافيلي عصره بالقول (ان جميع الانبياء المزودين بالسلاح ينجحون والانبياء العزل يخفقون) ونتساءل ماذا كان يدور في عقل هذا الرجل صاحب المفهوم الشهير (الغاية تبرر الوسيلة) وهو يسجل بغرابة هذه المفاهيم في سفره كان وما يزال غاية تاريخية في محفل القيادة والسلطة والحكم ـ وما هي الازمنة والاوقات التي اتاحت له المجال لمثل هذه الامثلة فقد كانت ايطاليا مولده ونشأته التي كان يتسم زمانها بالفرقة والتشرذم في الدويلات الصغيرة يسود هذا الخصام وحكامها المتصدين دائما للحكم والسلطان وكان ميكافيلي وهو يرقب المتغيرات ان تجسدت له بان الفضيلة والنوايا الطيبة ليست كافية للبقاء والحياة لذا نزعته للحكم ومفاهيمه مجردة من العاطفة وقاسية مؤلمة في صراحتها.

أما الشخصية الميكافيلية فهي باختصار ان يكون الشخص وصولي ويتسلق على اكتاف غيرة ليصل مهما كان الثمن ولكن بتخطيط ودراسة.

و الميكافيليون هم الذين يبحثون عن الحق بطرق باطلة.

مقولات شهيرة لمكيافيلي :
- حبي لنفسي دون حبي لبلادي.
- من الأفضل أن يخشاك الناس على أن يحبوك.
- الغاية تُبرر الوسيلة.
- أثبتت الأيام أن الأنبياء المسلحين أحتلوا وأنتصروا، بينما فشل الأنبياء غير المسلحين عن ذلك.
- ان الدين ضروري للحكومة لا لخدمة الفضيلة ولكن لتمكين الحكومة من السيطرة على الناس.
- من واجب الأمير احياناً ان يساند ديناً ما ولو كان يعتقد بفساده.
- ليس أفيد للمرء من ظهوره بمظهر الفضيلة.
- لايجدي ان يكون المرء شريفاً دائماُ.



فآراء «ميكافيلي » في تبرير الوسائل المنافية لفضائل الأخلاق تدور حول السياسة، وأخلاق الحكام، وذوي السلطة وأخذ معظم أرباب السياسة في الشرق والغرب، بهذا الاتجاه الميكافيلي وفق أقصى صوره المنحرفة وهذا الاتجاه المنحرف الشاذ، المعاكس لاتجاه الكمال الإنساني، إذا أُخذ على إطلاقه، هو طريق كل المنحرفين الظالمين المجرمين المفسدين في الأرض، قبل مكيافيلي وبعده في السياسة، وفي غيرها .
وأخذ هذا الاتجاه المستهين بفضائل الأخلاق الإنسانية لتحقيق غايات الأفراد والجماعات، يسودُ سلوك الناس في الشرق والغرب، ويغزو الأجيال في كل الأمم والشعوب، حتى غدا شمول الانحراف في الأخلاق نذير دمار عام شامل لكل الشعوب التي أخذت تنعدم فيها فضائل الأخلاق الفردية والجماعية

عُني «ميكافيلي » بأن يكشف من التاريخ القديم ومن الأحداث المعاصرة له: كيف تُنال الإمارات، وكيف يُحتفظ بها، وكيف تُفقد وانتهى إلى رأي في السياسة يتلخص كما سبق بالعبارة التالية: «الغاية تبرر الوسيلة » مهما كانت هذه الوسيلة منافية للدين والأخلاق وقد استند في رأيه هذا إلى الواقع المنحرف للأكثرية من الناس، لا إلى مبادئ الحق والعدل والخير والفضيلة . رأى أن أكثر الحكام لم يكونوا شرعيين، ولم يكونوا متلزمين المبادئ الأخلاقية الفاضلة، وبذلك استطاعوا أن يصلوا إلى الحكم، وأن يضمنوا استقرار الحكم في أيديهم إلى حين ، بخلاف الحكام الشرعيين، والذين كانوا يلتزمون المبادئ الأخلاقية الفاضلة المستندة إلى الحق والعدل والخير، فإنهم لم يحققوا لأنفسهم النجاح المطلوب، ولا المحافظة على الحكم، كمحافظة الساسة الخائنين الغدارين المرائين المنافقين الكذابين ،حتى البابوات فقد رأى أنهم قد كانوا في الكثير من الحالات يضمنون الانتخاب لنفسهم بوسائل فاسدة، لا تتفق مع الفضائل الخلقية .

يقول :
« بيد أنه من الضروري أن يكون الأمير قادرًا على إخفاء هذه الشخصية وأن يكون دعيًا كبيرًا، ومرائيًا عظيمًا، والناس يصلون في السذاجة وفي الاستعداد للخضوع للضراوات الحاضرة، إلى الحد الذي يجعل ذلك الذي يخدع يجد دائمًا أولئك الذين يتركون أنفسهم ينخدعون وسأنوه فقط بمثل حديث واحد، فالإسكندر السادس لم يفعل شيئًا إلا أن يخدع الناس، ولم يخطر بباله أن يفعل شيئًا آخر، ووجد الفرصة لذلك، ولم يكن من هو أقدر منه على إعطاء التأكيدات، وتوثيق الأشياء بأغلظ الإيمان، ولم يكن أحد يرعى ذلك أقل منه، ومع ذلك فقد نجح في خُدعاته، إذ كان يعرف هذه الأمور معرفة طيبة »

واستنتج «ميكافيلي » من هذا أنه لا يلزم الأمير أن يكون متحليًا بفضائل الأخلاق المتعارف عليها، ولكن يجب عليه أن يتظاهر بأنه يتصف بها وينبغي له أن يبدو فوق كل شيء متدينًا .
وفلسفة «ميكافيلي » تعتمد على دراسة النجاحات البشرية في وصول الناس إلى غاياتهم، ولو كانت هذه النجاحات هي من قبيل نجاحات الأشرار وما دامت أمثلة الآثمين الناجحين أكثر عددًا من أمثلة القديسيين الناجحين، وكانت وسائل الآثمين وسائل آثمة منافية لفضائل الأخلاق، فإن الغاية في السياسة تبرر الوسائل المنافية لفضائل الأخلاق، من أجل تحقيق النجاح المطلوب، ومن أجل الوصول إلى الغاية المقصودة، وهي الظفر بالحكم والاستئثار به .

و الفكرة المكيافيلية أن لا يكون من المستغرب أن يحرق المكيافيلي مجموعة من أوراق النقد ذات الأرقام العالية، والقيمة الكبيرة، ليغلي عليها ما يصلح فيه كأسًا من الشاي، أو فنجانًا من القهوة، فغايته التي هي شرب الشاي أو القهوة، تبرر له وسيلة إحراق الأوراق النقدية الكبيرة، وخسارة الألوف، مقابل شراب لا يساوي بضعة فلوس ويلزم من هذا المذهب أن لا يرى الميكافيليون مانعًا من إلقاء مخطوطات علمية عظيمة نادرة، في نهر كبير، لتكون بمثابة جسر مؤقت تعبرُ عليه جيوش الغزاة وليس من المهم بعد ذلك أن تخسر الإنسانية ذخائر المنجزات العلمية والفكرية الحضارية، التي خلفتها القرون الأولى، فالغاية تبرر الوسيلة وأن لا يروا مانعًا من تجويع الألوف من البشر، وسرقة خيراتهم، ليستمتع مجرم واحد بمظاهر الترف والرفاهية، فالغاية تبرر الوسيلة وأن لا يروا مانعًا من أن يقطع إنسان يد آخر، ليجعل من عظم ساعدها عصبًا لمكنسته وأن يسلخ جلد إنسان حي ليصنع منه طبلاً أو دفًا، يتسلى بالنقر عليه في جلسات السمر وأن يحرق مدينة كاملة ليتمتع بمشاهدة لهيب نار عظمى عن بعد، ثم يدين بها براء ويعاقبهم بهذه الجريمة النكراء، كما فعل «نيرون » إمبراطور روما وأن يقذف إلى حلبة المصارعة وحشًا ضاربًا جائعًا، وإنسانًا بريئًا ليتمتع بمشاهدة ظفر الغالب منهما ومصرع المغلوب، وقد مارست روما في أوج سلطان إمبراطوريتها من ذلك الشيء الكثير
كل هذا ونظائره ينبغي أن يكون مقبولاً لدى «المكيافيليين » لأن الغاية تبرر الوسيلة

إطلالة :

المكيافيلية اليهودية :
إذا كانت الميكافيلية العامة تقول: « إن الغاية تبرر الوسيلة » في شؤون السياسة فقط، دون أن نضع لفكرتها هذه أي قيد من قيود المنطق السديد، والحق الثابت، والخير الجلي، والفضيلة والجمال، فإن الميكافيلية اليهودية تأخذ بهذه الفكرة نفسها، في مختلف الشؤون السياسية، والمالية، والعلمية، والدينية، وغيرها من الشؤون التي تحقق لليهودي غاية من غاياته مهما كانت حقيرة ولو كانت الوسيلة إلى تحقيقها إهدار أي حق لفرد أو جماعة أو أمة، باستثناء اليهود، ولو كانت الوسيلة ارتكاب أية رذيلة خلقية، أو جريمة قذرة، أو نشــــر الكفـر بالله، وبث الإلحادية في شعوب الأرض والمكيافيلية الشيوعية بنت الميكافيلية اليهودية

لفتة :
موقف الإسلام بين الوسائل والغايات :
الإسلام يتربع على قمة المجد في مراعاة الحق والعدل والخير والفضيلة والجمال
وهو يأمر المسلمين بالتزام ما أمر الله به، ويكلفهـــم أن يراعـــوا ذلك مع الناس جميعًا، دون تفريق بين الأفراد، وبين الأمم والشعوب، سواء منهم من دان بالإسلام ومن لم يدن به وموقف الإسلام بين الوسائل والغايات تحدده أروع مبادئ تلتزم بالحق والعدل والخير والفضيلة، ولا تقترب من أضدادها وتلتزم بكل ما أمر الله به من خير، ونهى عنه من شرّ وتفسح صدرها لاتخاذ بعض الوسائل التي يوجب المنطق السليم اتخاذها، ارتكابًا لأخف الضررين، ووسيلة لدفع أشدهما، وذلك حينما يتعذر اتخاذ وسيلة أخرى لا ضرر فيها مطلقًا .

وقاعدة الإسلام في ذلك تحددها البنود التالية :
البند الأول:
يجب أولا أن تكون غايات الإنسان في حياته مقيدة بما أذن الله به في شريعته لعباده فما كل غاية تبدو للإنسان يجوز له أن يجعلها إحدى غاياته، ما لم تكن غاية مأذونًا بها شرعًا .
البند الثاني :
يجب ثانيًا أن يكون سعي الإنسان إلى غاياته المأذون بها شرعًا، ضمن الوسائل التي ليس فيها إهدار لحق أو عدل أو فضيلة أو واجب، وليس فيها ارتكاب لمحرم من المحرمات الشرعية، وليس فيها إسراف ولا تبذير وبذل ذي قيمة عالية وسيلة لتحقيق ذي قيمة حقيرة .
البند الثالث :
إذا تعارض في حياة الإنسان – ضمن قواعد الحق والعدل والفضيلة والواجب – واجبان، ولم يمكن بحالٍ من الأحوال أو وجه من الوجوه تحقيقهما معًا أو تعارض محرمان، ولم يمكن بحالٍ من الأحوال أو وجه من الوجوه تركهما معًا فقاعدة الإسلام عند وجود هذا التعارض الذي لم يمكن تفاديه بوسيلة من الوسائل المأذون بها شرعًا بوجه عام،

مع التقدير لكل من قرأ الموضوع واستفاد منه ..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..