تعالوا لنحاول الإجابة على هذا السؤال الذي ( يلعب برأسي
) منذ أن صدمتنا - كعرب - صناديق انتخابات الرئاسة المصرية بنتيجتها
المروعة : لماذا اختاروا " شفيق " ؟!
(١)
المجتمع التقليدي المحافظ والذي يكره التغيير في أعماقه ، وأنتجت ثقافته ( اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش ) اتجه للوجه الذي يعرفه .. حتى وإن لم يكن الوجه الأجمل !
البعض برّر اختياره لـ " شفيق " بأنه (خبرة ) ... خبرة بماذا ؟ .. وأين ؟!.. وفي أي نظام تشكّلت هذه الخبرة ؟!... كأنه يقول لك : أحتاج إلى رئيس خبرة في قمعي وكبتي واضطهادي !
إنها نفس النظرية ( اللي تعرفه ) فهو يخاف من التغيير ، ويرعبه المجهول .. لهذا سيقبل " اليوم " الذي يعيشه رغم مساوئه خوفاً من " الغد " الذي لا يعرفه .. ويظن أنه أسوأ !
(٢)
سقوط ( المستبد ) سهل ، مهما كانت قوته ، وحدث هذا - في مصر وتونس - خلال أسابيع ..
بل يحدث خلال ثوانٍ في حالات الاغتيال!
سقوط ثقافة ( الاستبداد ) التي أنتجته هي الأهم ، وهي الأصعب .. وهذه تحتاج إلى سنوات طويلة .
المستبد : في الزنزانة ، الاستبداد : طليق .. وأدلى بصوته في الانتخابات !
(٣)
الثورة التي أسقطت المستبد لم تُسقط الجهل الذي كان يحميه ..
الجهل الذي سيعيده بصورة أخرى : حتى عبر صناديق الاقتراع !
أحد أولياء الله الصالحين رأى في منامه أن " شفيق " يمشي على الصراط المستقيم ودعا مريديه لترشيحه !
( فعلها صوفي .. وسبقه إلى فعلها سلفي )
لاحظتم المشهد الفانتازي :
يذهب لفعل ( تقدمي ) بتوصية ( جاهلة ) لا تتكئ على برنامج انتخابي .. بل على منام؟!
ويحدد خياره في الصندوق الانتخابي لكي ( تصحو ) البلد وذلك عبر ( المنام ) !
إنه الجهل ، الذي قال عنه أحدهم : هو أكبر مصنع لإنتاج الطغاة .
(٤)
إحدى المحافظات ، وهي محافظة الرئيس السابق ( ربما لسبب عائلي وعشائري .. وما أنتجته هذه العلاقة من مصالح ) اختارت أن ترمي بثقلها مع " شفيق " ومنحته أغلب أصواتها .
الأقباط ( كأقلية دينية ) أيضاً منحوا " شفيق " أغلب أصواتهم .. يُقال : أن الكنيسة طالبتهم بهذا الأمر !
لماذا حدث هذا ؟.. لأن الاستبداد لم يسمح للهوية الوطنية الكبرى أن تتشكل ، وكان يفتت ما يتشكل منها ، لهذا - عند الأزمات - تلجأ كل أقلية لهويتها الصغرى خوفاً من هوية أكبر منها ، لأنه لم يجمعهما ( وطن ) يتعامل معهما بنفس القدر ، ولا ( المواطَنة ) التي تجعل كلاً منهما يثق بالآخر ، ويشعر أن حقوقه محفوظة مهما كانت النتائج .
الاستبداد يعيش على هذه التقسيمات ..
وهي - دون وعي منها - تعيد إنتاجه !
(٥)
هذا ما حدث في مصر بكل ما تعنيه مصر وما تمثله في العقل العربي ، وبكل ما تمتلكه من قيمة وتاريخ وتجربة ، فكيف سيكون الوضع في أي بلد عربي آخر ؟!
اذاً ، الثورة التي حاربت المستبد ونزعته ، عليها أن تحارب قبل هذا وبعده الاستبداد الذي صنعه .. والذي هو بدوره صنيعة الجهل والثقافة السائدة والخوف والنعرات .
لا تظنوا أن خروج المستبد من النافذة يعني دخول الحرية والديمقراطية - في اليوم التالي - من الباب !
الثورة التي رمت المستبد من النافذة .. عليها أن تصنع الباب الملائم لدخول الحرية ، ونزع المفاتيح من الجهلة ، كي لا يفتحوا الباب لمستبد جديد .
______________
قبل الطبع : أتخيّل قارئاً مصرياً يقول لي " وأنت مالك يا أخينا " ؟.. سأقول له : مصر مثل القاطرة التي تجر العربات وراءها ، العربات : العالم العربي .
محمد الرطيان
(١)
المجتمع التقليدي المحافظ والذي يكره التغيير في أعماقه ، وأنتجت ثقافته ( اللي تعرفه أحسن من اللي ما تعرفوش ) اتجه للوجه الذي يعرفه .. حتى وإن لم يكن الوجه الأجمل !
البعض برّر اختياره لـ " شفيق " بأنه (خبرة ) ... خبرة بماذا ؟ .. وأين ؟!.. وفي أي نظام تشكّلت هذه الخبرة ؟!... كأنه يقول لك : أحتاج إلى رئيس خبرة في قمعي وكبتي واضطهادي !
إنها نفس النظرية ( اللي تعرفه ) فهو يخاف من التغيير ، ويرعبه المجهول .. لهذا سيقبل " اليوم " الذي يعيشه رغم مساوئه خوفاً من " الغد " الذي لا يعرفه .. ويظن أنه أسوأ !
(٢)
سقوط ( المستبد ) سهل ، مهما كانت قوته ، وحدث هذا - في مصر وتونس - خلال أسابيع ..
بل يحدث خلال ثوانٍ في حالات الاغتيال!
سقوط ثقافة ( الاستبداد ) التي أنتجته هي الأهم ، وهي الأصعب .. وهذه تحتاج إلى سنوات طويلة .
المستبد : في الزنزانة ، الاستبداد : طليق .. وأدلى بصوته في الانتخابات !
(٣)
الثورة التي أسقطت المستبد لم تُسقط الجهل الذي كان يحميه ..
الجهل الذي سيعيده بصورة أخرى : حتى عبر صناديق الاقتراع !
أحد أولياء الله الصالحين رأى في منامه أن " شفيق " يمشي على الصراط المستقيم ودعا مريديه لترشيحه !
( فعلها صوفي .. وسبقه إلى فعلها سلفي )
لاحظتم المشهد الفانتازي :
يذهب لفعل ( تقدمي ) بتوصية ( جاهلة ) لا تتكئ على برنامج انتخابي .. بل على منام؟!
ويحدد خياره في الصندوق الانتخابي لكي ( تصحو ) البلد وذلك عبر ( المنام ) !
إنه الجهل ، الذي قال عنه أحدهم : هو أكبر مصنع لإنتاج الطغاة .
(٤)
إحدى المحافظات ، وهي محافظة الرئيس السابق ( ربما لسبب عائلي وعشائري .. وما أنتجته هذه العلاقة من مصالح ) اختارت أن ترمي بثقلها مع " شفيق " ومنحته أغلب أصواتها .
الأقباط ( كأقلية دينية ) أيضاً منحوا " شفيق " أغلب أصواتهم .. يُقال : أن الكنيسة طالبتهم بهذا الأمر !
لماذا حدث هذا ؟.. لأن الاستبداد لم يسمح للهوية الوطنية الكبرى أن تتشكل ، وكان يفتت ما يتشكل منها ، لهذا - عند الأزمات - تلجأ كل أقلية لهويتها الصغرى خوفاً من هوية أكبر منها ، لأنه لم يجمعهما ( وطن ) يتعامل معهما بنفس القدر ، ولا ( المواطَنة ) التي تجعل كلاً منهما يثق بالآخر ، ويشعر أن حقوقه محفوظة مهما كانت النتائج .
الاستبداد يعيش على هذه التقسيمات ..
وهي - دون وعي منها - تعيد إنتاجه !
(٥)
هذا ما حدث في مصر بكل ما تعنيه مصر وما تمثله في العقل العربي ، وبكل ما تمتلكه من قيمة وتاريخ وتجربة ، فكيف سيكون الوضع في أي بلد عربي آخر ؟!
اذاً ، الثورة التي حاربت المستبد ونزعته ، عليها أن تحارب قبل هذا وبعده الاستبداد الذي صنعه .. والذي هو بدوره صنيعة الجهل والثقافة السائدة والخوف والنعرات .
لا تظنوا أن خروج المستبد من النافذة يعني دخول الحرية والديمقراطية - في اليوم التالي - من الباب !
الثورة التي رمت المستبد من النافذة .. عليها أن تصنع الباب الملائم لدخول الحرية ، ونزع المفاتيح من الجهلة ، كي لا يفتحوا الباب لمستبد جديد .
______________
قبل الطبع : أتخيّل قارئاً مصرياً يقول لي " وأنت مالك يا أخينا " ؟.. سأقول له : مصر مثل القاطرة التي تجر العربات وراءها ، العربات : العالم العربي .
محمد الرطيان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..