نكتب وقلوبنا
تعتصر ألما على مآل كلية الشريعة والدراسات الإسلامية فرع الطالبات في جامعة أم
القرى، هذه الكلية التي كانت نواة لقسم الطالبات في هذه الجامعة بكل تخصصاتها،
الكلية التي كانت أول كلية تنشأ على مستوى المملكة العربية السعودية، الكلية التي
منحت أول دكتوراه للنساء في تخصص الشريعة والتاريخ، أيجوز أن يؤول بها الوضع إلى
هذه المهانة وهذا الازدراء من قبل مسؤولي الجامعة، كلية عمرها ما يقرب من خمس وستين
سنة تولى منها عمادة فرع الطالبات خمس عميدات على مدار ثمان وعشرين سنة لم يذقن
فيها الراحة من
خلال العمل الدؤوب حتى تمكن بعضهن من جلب ميزانيات خاصة لفرع الطالبات تقدر بالملايين من قبل ولاة
أمر هذه البلاد حفظهم الله لتتوسع المباني فيها وينعم فيها الطالبات وعضوات هيئة
التدريس من جميع التخصصات بالكرامة والأجواء العلمية التي تشجع على التحصيل والاجتهاد
أتدرون
أيها القراء الكرام ماذا قررت الجامعة على لسان مديرها الدكتور بكري معتوق عساس؟
لقد تفتقت أذهان مسؤوليها على قرار بائس بنقلها ونقل طالباتها وعضواتها إلى مباني
قديمة متهالكة كان حلم كل من في هذه المباني أن ينقلن لفرع الطالبات في الزاهر،
وقد حصلت لهن أمنيتهن ولكن كان ذلك على حساب كلية الشريعة ذلك أن هذه الكلية في
نظر مسؤولي الجامعة لا تستحق أكثر من مباني قديمة متهالكة قد يفوقها بعض مدارس
التعليم العام حجما، يتم ترميمها من باب ذر
الرماد في العيون، وكأن مسؤولي الجامعة يرون أن هذه الكلية لا تستحق بمنسوباتها
وطالباتها أن يكن واجهة للجامعة فمكانهن هو الخلف وأن من يستحق ذلك هو التخصصات
العلمية والتربوية والاجتماعية كاللغة الانجليزية ورياض الاطفال والتربية الفنية.
ولنا مع
هذا القرار وقفات:
الأولى:
أن جامعة أم القرى جامعة قامت في أساسها على التخصصات الشرعية لذلك كان اسمها
عنوانا على رسالتها حيث حملت اسم أم القرى اعتزازا به وإشعارا للكل بهذه الرسالة إلا
أن بعض مسؤولي الجامعة على ما يبدو لم يفهموا هذه الرسالة.
ثانيا:
هل يجوز شرعا وعرفا وذوقا أن ينقل المرء من مباني راقية إلى حد ما إلى مباني لا
تتوفر فيها أقل الخدمات المطلوبة كالمصاعد والسعة بل وروائح البيارات والحمامات أجلكم
الله، وروائح القلي التي تشم بمجرد الدخول من بوابتها فلا تهوية كافية بل وتنتشر
فيها العتة والفئران والصراصير في كل مكان، ليأخذ غيره مكانه لا لشي إلا لأن
الثاني ينتمي لقسم علمي ، والمنقول من أقسام شرعية لا تمثل أي أهمية بالنسبة
لمسؤولي الجامعة والغريب أن مدير الجامعة عندما تكلم عن الكليات الجديدة التي
ستنشأ في العابدية وسينقل الطالبات اليها بتاريخ 27/4/2012م لم يشر من قريب أو
بعيد لمبنى يخصص لكلية الشريعة وإنما اقتصر حديثه على كلية الدعوة والعلوم
الاجتماعية والتربية والفنون وغيرها، وحجم الأراضي التي خصصت لكل كلية – ومن يرغب
أن يطلع على تصريح مدير الجامعة فليدخل على الرابط التالي uqu.edu.sa/news/ar/1268 أو عن طريق قوقل ويكتب معالي
مدير الجامعة يثمن جهود خادم الحرمين في دعم مسيرة التعليم في بلادنا- حتى ظن
منسوبات كلية الشريعة أن مباني الزاهر ستخصص لكلية الشريعة وهذا الظن على الرغم من
إجحافه بكلية عريقة ككلية الشريعة الا أننا لم نتوقع أو نتخيل أن يكون مصيرنا وقدرنا
عند مسؤولي جامعتنا الحبيبة أن يستكثر علينا حتى ذلك ليكون ما نستحقه وكليتنا هي
مباني كليات الرئاسة العامة للطالبات سابقا التي تضجر منها منسوباتها. وهل يعني ذلك
أن هذا نقل نهائي وأن لا مكان لكلية الشريعة فرع الطالبات في العابدية أم أن علينا
الانتظار عشرين سنة قادمة لنحظى بما يحظى به غيرنا من اعتبار وقيمة. أهكذا تنصف
التخصصات الشرعية في هذه الجامعة الاسلامية العريقة التي طالما أخرجت العلماء
والفقهاء وأئمة الحرمين الشريفين؟ وعمل منسوباتها على وجه الخصوص باستجلاب
الملايين لها ، ذلك أنه في فترة عمادة الدكتورة وفاء فراش فقط لفرع الطالبات وهي
من منسوبات هذه الكلية تواصلت مع الجهات العليا في الدولة حتى تبرعوا للجامعة بقصر
الضيافة وتبرع سمو الأمير نايف حفظه الله بقصره وتبرعت زوجة خادم الحرمين الشريفين
الملك فهد رحمه الله بمبلغ سبعين مليون ريال لبناء مباني جديدة للجامعة بدل
المباني التي كان عمرها آنذاك خمسة عشر عاما، لتكافأ هذه الدكتورة الفاضلة
ومنسوبات كليتها بنقلهم ونقل طالباتهم لمباني مدرسية يقدر عمرها ما بين الثلاثين
والخمس وعشرين سنة.
فأين العدل والانصاف يا من قلتم يوما إن كلية
الشريعة أعرق كلية وأساس جامعة ام القرى وأقوى نقاط جامعة أم القرى بحسب تصريح
وكيل الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي في أكثر من مناسبة.
هل هكذا
يكرم أساس الجامعة ومركز قوتها ومن عمل وكافح في سبيل رقيها، أم أن المطلوب إضعاف
هذا الأساس؟ ونحن نتساءل لمصلحة من يحصل ذلك كله، ألا فليتق الله مسؤولو الجامعة ولا
يجعلوا خصومهم في الدنيا والآخرة الضعفاء والمظلومين، وليعلموا أن سهام الليل لا
تخطئ ولكن لها أمد وللأمد انقضاء.
ثالثا:
لماذا يراد إبعاد المتخصصات في الشريعة عن طالبات جامعة أم القرى ومنسوباتها هل
هذا إقصاء متعمد لهذه النخبة المباركة من الجامعة حتى لا يكن لهن أي تأثير يذكر،
بعد أن كان غالب العميدات منهن، ونحن نهيب هنا بمشايخ الجامعة ومنسوبي الكلية
وأعضائها ذكورا وإناثا بتصعيد الرفض لهذا القرار الجائر ومخاطبة المسؤولين وعلى رأسهم
ملكنا الحبيب الذي طالما دعا إلى حماية الشعب وإنصافه.
رابعا:
نتساءل أين الميزانيات الهائلة التي خصصت لجامعة أم القرى لماذا لم تصرف لبناء
مباني تليق بالكرامة الانسانية وتراعي العضوات التي تجاوزن في أعمارهن الخمسين
فترمي بهن في مباني لفظها أهلها لا يتوفر فيها الحد الأدنى من الجودة والمعايير
العلمية لبناء الجامعات، فبدل من القاعات سيتحول الطالبات الى فصول و بدل غرف
لعضوات هيئة التدريس ستكون غرف للمعلمات.
خامسا:
كيف تنقل أقسام عدد طالباتها1400 طالبة في قسم الشريعة، و2300 طالبة في قسم
التاريخ بالإضافة الى الأعداد التي ستقبل في العام القادم والتي يقدر عددها بحوالي
1800 طالبة لكلا القسمين بالإضافة إلى موظفات وأكاديميات قد يفوق عددهن ال 150 مما
يعني أن المبنى يجب أن يستوعب حوالي 5650 مع أن طاقته الاستيعابية لا تتجاوز 1600
طالبة يدرسن فيه حاليا من التخصصات العلمية، فأي اهدار للكرامة الانسانية ولحقوق
المرأة السعودية أكثر من ذلك، ثم اننا نتسأل كيف تنقل كلية نظرية غالبا يكون أعداد
طلابها ضعف أعداد الكليات العلمية الى مباني كليات علمية؟ فكيف اذا اجتمع مع ذلك
كون المبنى عبارة عن مباني مدرسية تجاوز عمرها الخمس وعشرين سنة يفوقها الآن مباني
المدارس النموذجية في التعليم العام.
بل اننا
لو تخيلنا لا قدر الله حصول التماس كهربائي في هذه المدرسة المتهالكة كيف سيتم إخلاء
هذه المباني؟ من بوابة او بوابتين او ثلاثة في وسط شوارع ضيقة أم أننا سنسمع بحوادث
تدافع ودهس واختناق وموت وأيدي مقطوعة وأرجل مبتورة، ونسأل مسؤولي الجامعة هل
سترضون بالتحاق بناتكم في هذه المباني البائسة أم أنها مخصصة لنا فنحن لا بواكي
لنا.
خامسا:
هل يرغب المسؤولون عن الجامعة أن يقوم الطالبات بمظاهرات تعبر عن رفضهن واستنكارهن
لهذه الخطوة الظالمة؟ ألم يكفهم ما حصل في فترة القبول العام الماضي في نفس
الجامعة أو ما حصل بجامعة الملك خالد؟ أليس من المعيب في حقهم والدولة حفظها الله
تخصص لهم الميزانيات المليونية لتحقيق رفاهية الموطن وحفظ كرامته ليهدروا ذلك كله
بقرار مرتجل فيستثيروا الرأي العام ويشوهوا سمعة الدولة وكأنها لا تنفق على شعبها
في مدينة بحجم مكة ومكانتها بين المسلمين وكلية بعراقة كلية الشريعة حيث كنا ننتظر
تكريما يليق بكلية عمرها خمس وستين سنة بنقلها الى مباني تليق بمكانتها فإذا بها
تنقل لمباني مدرسية متهالكة كانت تتبع وزارة التعليم العام قبل سنوات ،ولكن
ليعلموا أن مكة المكرمة قد خص الله أهلها بجوار بيته وخصتها الدولة حفظها الله بما
لم تخص به غيرها ولن يقبل القائمون على هذه الدولة المباركة بامتهان كرامة أهلها
واجحاف كلية الشريعة فيها.
وليحذروا غضبة الطالبات وأوليائهن وحزم ولاة
الأمر، فلن يرضى أحد أن يحشر في مباني كما يحشر قطيع الاغنام أو الدواجن. وإن كانت
هذه المباني صالحة كما يزعم مدير الجامعة ومجهزة بأحدث التقنيات وتسع هذه الأعداد
الغفيرة من الطالبات فليفتح أبوابها
لوسائل الإعلام والطالبات وأوليائهن حتى يطمئن الناس على حياة بناتهن وأخواتهن
ومصيرهن فأرواح بناتنا وأخواتنا غالية.
سادسا:
أين مراعاة حقوق المرأة وإنصافها الذي طالما دعا إليه ملكنا الحبيب خادم الحرمين
الشريفين حفظه الله ومتعه بالصحة والعافية، ذلك أن كلية الشريعة بقسميها الشريعة
والتاريخ لا يدرّس طالبات الشريعة فقط بل إن قسم الشريعة يعطي لطالبات كلية الدعوة
ومقرها الزاهر ما نسبته ثلاثين بالمئة من جدوله التدريسي كما أنه يدرّس بعض المواد
لطالبات كلية اللغة العربية والتي ستنقل لريع ذاخر كما أفاد بذلك مدير الجامعة،
بالإضافة إلى مواد الشريعة والتي سيكون مقرها العزيزية، أما قسم التاريخ فيدرس
سيرة نبوية وهو متطلب جامعة لكل أقسام الجامعة ويدرس مواد لطالبات قسم الجغرافيا
الذي مقره الزاهر، فهل يعني ذلك أن تداوم العضوة يوما في العزيزية ويوما في ريع
ذاخر ويوما في الزاهر وقد يجتمع لها في اليوم الواحد أكثر من مقر ألم يتنبه مسؤولو
الجامعة إلى هذه النقطة الجوهرية والتي قد تشتت عضو هيئة التدريس لو كان رجلا فكيف
بامرأة ضعيفة تتنازعها عدة اهتمامات من دراسة وتدريس ورعاية بيت وأطفال وأين
مسؤولو الجامعة عن وصية النبي صلى الله عليه وسلم بالنساء والترفق بهن. بل لو
احتاجت الطالبة لورقة من إدارة الجامعة والتي سيكون مقرها الزاهر سواء كانت طالبة
مرحلة بكالوريوس أو تعليم عالي أو احتاجت عضو هيئة التدريس لمتابعة أوراق في ادارة
الجامعة فهل يتعين عليها أن تترك محاضراتها في العزيزية لتتابعها في الزاهر.
وأخيرا: فإنا نهيب
بمسؤولي بلادنا المباركة وعلى رأسهم مولانا خادم الحرمين الشريفين حفظه الله وسمو
ولي عهده الأمين الأمير نايف بن عبد العزيز حفظه الله أن يتدخلا لإيقاف هذا القرار
الجائر الذي ارتجله مدير الجامعة دون تخطيط ولا مراعاة لمبدأ الشورى - الذي قامت
عليه الدولة - وتغييب كامل لأصحاب الشأن المعنيين بالقرار، ونحن على ثقة من
إنصافهم وردهم الأمور إلى نصابها وليس ذلك بمستغرب عليهم، وآخر دعوانا ان الحمد
لله رب العالمين.
صدقتِ في كل ماكتبتِ ..حسبنا الله ونعم الوكيل ..وإننا لنهيب بولاة الأمر أن ينصفونا ..فــلا لنقل كلية الغالية كلية اللغة العربية وشقيقتها الشريعة ..والله يتولانا بنصــره !
ردحذف