الكاتب: أمين قمورية | المصدر: النهار | التاريخ: 5/8/2012
شعرنا بالحسد
والغيرة عندما شاهدنا انتخابات فرنسا واليونان. بين انتخاباتنا وانتخاباتهم فارق
كبير. عبر صناديق الاقتراع اختار الفرنسيون التغيير،، سحبوا الثقة من اليمين
وأولوها لليسار. وقرر اليونانيون محاسبة جميع التقليديين محافظين واشتراكيين
واعطوا اصواتهم للجديد الذي لم يجربوه من قبل علّه يكون أفضل من قديم
عرفوه عن
كثب وأحبط آمالهم.في انتخاباتنا، لا نغير بل ننتقم ونقهر الآخرين. وعندما نقرر ان نغير القديم نستبدله بأقدم منه. لا نتطلع الى من يعد بمستقبل أفضل بل نسبر التاريخ ونفتش في دفاتر الاسلاف والسلفيين عما هو غير مفيد ونقيض الحداثة والتقدم. لا نبدل الاستبداد السياسي بالتسامح والاعتدال والديموقراطية بل بالاستبداد الديني والتعصب والجاهلية.
في البلدان الديموقراطية يذهب الناس الى صناديق الاقتراع للدفاع عن مصالحهم وحقوقهم. يذهبون من أجل حياة أفضل. يفاضلون بين البرامج الاقتصادية والسياسية ويصوتون لموقف من الهجرة والحد من البطالة وتوفير الخدمات. في بلادنا، تساق الناس سوقا الى صناديق الاقتراع تصوّت لأغراض طائفية أو مصالح صغيرة أو نكايات حزبية. هم ينتخبون لقيم ومبادئ وبرامج عامة ومصالح كبرى، ونحن ننتخب لزعيم أو لطائفة أو لمذهب أو لتصفية حسابات مع آخرين... أو لمشاريع حرب اهلية.
مرشحوهم يحولون الساحات العامة والصالات أماكن فرح ونقاش سياسي، ينتقدون برامج الخصم ولا يشتمون أمه أو أباه ولا يتهمونه بالخيانة، لا أحد منهم يدعي الفضيلة وتمثيل الدين الحقيقي وغيره كفرة وملحدون وعلمانيون. أما مرشحونا فيلجأون الى دور العبادة للتجييش العصبوي والتعبئة الطائفية ولا يأتي على لسانهم ذكر لبرنامج انتخابي. التكفير لغتهم والتشهير لسانهم والشتائم زينتهم.
ثوراتهم الكبرى التي اعقبت حروبهم الاهلية اسقطت طغاة لكنها ارست ديموقراطية وكرست حماية حقوق الانسان واطلقت فكرا تنويريا يسمح للبشر بالتفكير بحرية بعيدا من الدين أو المذهب. لكن بعض ثوراتنا الحديثة أبدل الطغاة باحزاب همها الاول احتكار السلطة والتماهي بجلادها السابق وبرنامجها الوحيد اصدار فتاوى تتدخل في تفاصيل انماط حياتنا ومأكلنا والملبس، لا لشيء الا لأنها فازت في الانتخابات، وبعضها الآخر أبدل الطغاة بحروب أهلية وحال فوضى وتمزق.
الدول العربية شهدت اكثر من حرب أهلية وأكثر من ثورة، لكن أمرها لم يستقم بل ازدادت شعوبها تشردا وتعصبا للمذهب أو القبيلة. فهل نشتم الانتخابات والديموقراطية والساعة التي طالبنا فيها بمثل هذه "الخزعبلات" التي لا نستحقها ولا تليق بعروبتنا؟
---------
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..