الاثنين، 25 يونيو 2012

زوجة الرئيس التونسي الهارب: تعرضنا للخداع من قبل السرياطي وهذه حقيقة أطنان الذهب التي أخذتها..!!


زوجة الرئيس التونسي الهارب: تعرضنا للخداع من قبل السرياطي وهذه حقيقة أطنان الذهب التي أخذتها..!!
08-05-1433 01:10 PM
عاجل (متابعات)-
تؤكد مؤلفة كتاب ( هذه حقيقتي) زوجة الرئيس التونسي السابق ليلى بن علي أن رحيلها هي وزوجها وأسرتها وبعض المقرّبين منهم إلى السعودية كان بمثابة عملية مدبّرة. وأن الرئيس التونسي السابق كان يتصوّر أنه سيستطيع إنابة رئيس وزارته محمد الغنوشي لتسيير أمور البلاد إلى حين عودته. ولكن كان هناك رجال «ملثمون» قد اقتادوا، بعد إقلاع طائرته، الغنوشي وأعضاء حكومته «قسراً» إلى قصر قرطاج مع بقية رموز الدولة التونسية.

بتاريخ 14 يناير من عام 2011 غادر الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي وأسرته تونس إلى المملكة العربية السعودية. وتبدأ ليلى بن علي، زوجة الرئيس، حديثها عن «حقيقتها»، بالسؤال عما جرى في ذلك اليوم؟

وما تؤكده هو أن موجة الاحتجاجات التي بدأت في مناطق بجنوب ووسط البلاد كانت قد وصلت إلى العاصمة تونس. ولكن دون أن يخطر لها أبدا أنها ستغادر بلادها بعد ساعات من استيقاظها في مقر إقامة أسرتها بقصر «سيدي بو سعيد».

وتركز ليلى بن علي في مستهل كتابها على القول: إن علي السرياطي، رئيس الأمن الرئاسي، كان هو صاحب فكرة ذهابها مع أبنائها إلى السعودية «لأداء العمرة». وهو الذي أقنع بن علي بمرافقتهم للعودة سريعا «بعد استتباب الأمور».

ما تؤكده ليلى بن علي هو أن السرياطي صوّر الحالة في تونس وكأن «نهاية العالم» قريبة مع خطر قصف القصر الرئاسي أو اغتيال الرئيس وحمامات من الدم. وصولاً إلى إقناع بن علي بالمغادرة إلى خارج البلاد.

ما الذي جرى يوم 14 يناير من عام 2011 في تونس؟ بهذا السؤال تبدأ ليلى بن علي زوجة الرئيس التونسي السابق كتابها الصادر في باريس بتاريخ 21 يونيو عام 2012.

وهي تجيب على هذا السؤال بالقول: إن «إشاعات مجنونة وادعاءات كاذبة ووقائع مفبركة» شاعت في أجواء ذلك اليوم. ولذلك ترى أنه من واجبها، كما تقول، أن تبدأ بتحديد الوقائع بدقة وتوثيق ما شاهدته وعاشته من أحداث أرغمتها، هي وزوجها الرئيس السابق، على ترك البلاد «قسرا» وفتح صفحة جديدة من تاريخ تونس.

كان صباح ذلك اليوم جميلا، عندما استيقظت ليلى بن علي، حسبما تقول، في القصر الذي اتخذته مقرا لإقامتها بضاحية سيدي بوسعيد. لكنها لم تتمتع بجمال المنظر المحيط فالأحداث التي عرفتها تونس والأخبار التي تصل إليها كانت تثير القلق، على حد تعبيرها. «إن موجة من الاحتجاج كانت تهز البلاد.

لقد انطلقت من بعض مناطق الجنوب والوسط . ثم انتشرت في العاصمة»، كما نقرأ في كتابها وأمام تلك الأحداث: تملّك أسرة الطرابلسي قلق كبير، مثلما تحدد ليلى بن علي القول. كان الجميع يدركون أنه يعيش «لحظات صعبة»، لكن ليلى تؤكد أنه لم يكن يخطر على بالها أنها ستكون مرغمة على ترك البلاد بعد عدة ساعات فقط.

الأمور تشتعل

في ذلك اليوم، الجمعة 14 يناير 2011 اجتمع غالبية أفراد أسرة الطرابلسي المقرّبين عند ليلى بن علي. كان رئيس الأمن الرئاسي «علي السرياطي» أرسل لهم سيارات رباعية الدفع لجلبهم إلى القصر «دون علمها». وكان قد أخطرهم أن الأمور «تشتعل» وأنه سيتولّى حجز أمكنة لهم في الطائرات المغادرة إلى ليون بفرنسا، أو إلى طرابلس بليبيا. واستعدّ الجميع للتوجه إلى مطار تونس- قرطاج.

تكتب ليلى بن علي قائلة: «حوالي الساعة الثالثة والنصف من يوم 14 يناير- تلقيت اتصالا هاتفيا من قصر قرطاج. كان المتحدث هو زوجي -الرئيس السابق- وقد اقترح علي الذهاب لأداء العمرة برفقة ابني محمد وابنتي حليمة. لقد أصابتني الدهشة وسألته: لماذا هذا السفر المفاجئ إلى المملكة العربية السعودية ؟.فأجاب: ستبقون هناك فقط حتى تعود الأمور إلى حالتها الطبيعية. وستعودين بعد ثلاثة أو أربعة أيام».

وتعلّق ليلى بن علي على هذا الحوار الذي بدا لها غريبا ومفاجئا بتأكيدها أن «علي السرياطي»، كان هو صاحب الاقتراح. كما تؤكد أنها لم تفهم ضرورة ذلك ولا إلحاحه.

وتتساءل ليلى بن علي: كيف يمكن الاعتقاد أن عدة آلاف من المتظاهرين يمكن أن يشكلوا خطرا يرغمنا على الرحيل؟ وتؤكد في معرض الرد على هذا التساؤل قولها: «كنت واثقة بزوجي»، وهو الذي كانوا يلقبونه بـ»جنرال الأزمات»، وبالتالي كانت على اقتناع بأنه قادر على إيجاد الحلول وإخراج البلاد من الاضطرابات التي كانت تهزها هزا عنيفا بدا لحظتها غير قابل للتدارك.

مع ذلك كله، قبلت باقتراحه الذهاب إلى السعودية «دون اقتناع كبير». وعند الساعة الرابعة بعد الظهر ذلك اليوم غادرت الأسرة قصر سيدي بوسعيد، واصطحبت معها ما هو ضروري جدا ومن بين ذلك «العباءة» المكرّسة لأداء العمرة.

أطنان الذهب

وتؤكد ليلى بن علي القول أنها لم تصطحب معها «حلاها وأثوابها» ولا أي «أموال» ولا حتى «جواز سفرها». ولا تتردد في نفي ما وصفته بأنه «الأكاذيب» التي «أشاعوها»، كما تقول، حول أطنان الذهب التي تمتلكها في البنك المركزي التونسي والتي «أخذتها معها». وتشير أن البنك المعني كذّب ذلك. وكذلك تشير إلى «المبالغ الهائلة» التي زعموا أنهم وجدوها في قصر سيدي بو سعيد بعد رحيل أسرة بن علي.

ما تؤكده بالمقابل هو أنهم كانوا يمتلكون، وتقصد الأسرة الرئاسية السابقة، مبالغ نقدية، مثلما هي العادة دائما في الصناديق الشخصية لرؤساء الدول، ولكن تلك المبالغ كانت أقل بكثير من الـ41 مليون دينار تونسي التي قيل إنهم وجدوها في خزائنهم بعد رحيلهم عن تونس.

لحظة الرحيل

وتروي ليلى بن علي أنها بعد مغادرتها قصر سيدي بوسعيد مع أطفالها توجهوا جميعا نحو قصر قرطاج، لإلقاء التحية على الرئيس -الزوج- قبل السفر، حسبما كان الاتفاق. وهناك لم تجد أي حارس أمام المقرّ الرئاسي وكانت الأبواب مفتوحة على مصراعيها.

وتضيف: «لم يكن هناك سوى دبابتين تقفان على الرصيف»، كما تقول ليلى بن علي، لتشير مباشرة إلى ذلك الشعور الغريب الذي انتابها بأن هناك «كارثة كانت على وشك الوقوع كما في زمن الحروب».

أمام المكتب الرئاسي رأت ليلى أربع سيارات «رباعية الدفع» وسيارة علي السرياطي ومجموعة من الحراس والسائقين. اقترب أحد هؤلاء منها وقال لها راجيا: «أرجوك يا سيدتي، اخرجيه من هنا، ينبغي على الرئيس أن يغادر». لم تفهم، كما تقول، معنى رجائه لها، وتقدمت للدخول إلى المكتب.

هناك وجدت زوجها محاطا برئيس التشريفات الرئاسية وبمدير مكتبه وبصهره «مروان مبروك» زوج إحدى بناته من زواجه الأول. وكان علي السرياطي، رئيس الأمن الرئاسي، يتحرك في كل الاتجاهات متحدثا عن مخاطر كبيرة وباحثا عن إمكانية إقناع ليلى بن علي بضرورة المغادرة مع الأطفال. واقترح في النهاية أن يرافقهم بن علي، مثل عادته، إلى المطار.

رئيس الأمن يهذي

طلب بن علي عندها من أحدهم الذهاب إلى المنزل لجلب جوازات السفر. وصرخ السرياطي: «أي منزل؟ وأي جوازات سفر؟ لم يعد لدينا متسع من الوقت، وينبغي الذهاب حالا». مرت الأمور بسرعة مدهشة، ولم يكن هناك مجال للمناقشة.

مع ذلك لم يقبل بن علي مغادرة المكتب، وقال موجها الحديث لعلي السرياطي: «رافقهم أنت، أما أنا فسوف أبقى هنا». لكن رئيس الأمن ألحّ بحجة أن القصر الرئاسي قد يتعرّض للقصف. وأن طائرات عمودية -هيلوكوبتر- تحوم في أجوائه، كما أن حرس الشواطئ قد يقومون بالهجوم من البحر.



تؤكد ليلى بن علي قولها: «لم أر أي طائرات عمودية شخصيا، ولم أفهم ما يقوله، ووجدت أن رئيس الأمن الرئاسي يهذي. ولم أقل شيئا. لكن حليمة هي التي ألحّت على أن يرافقنا أبوها إلى المطار، وقالت: إذا لم تأت فإنني لن أسافر، عندها فقط قرر بن علي الخروج من القصر».

قادت ليلى بن علي السيارة، وبجانبها زوجها، وفي المقعد الخلفي الابنان محمد وحليمة وخطيبها. وتروي أن دهشتها كانت كبيرة عندما رأت الموكب لا يتجه نحو مطار قرطاج الدولي، حيث كانوا يستقلون الطائرة، عادة بل إلى مطار العوينة، المكرّس للطيران العسكري. تابعت ليلى السير وراء سيارة علي السرياطي دون أن تطرح الكثير من الأسئلة فـ»الرجل يعرف ما يفعل».

كان بن علي قد خفّض الواقي من الشمس، كي لا يعرفه الآخرون. ولم يكن يفهم سبب العجالة التي كان يتصرف بها السرياطي. بكل الحالات بعد ست دقائق من الانطلاق وصل الموكب إلى مطار «العوينة».

في المطار

رفض الحرّاس العسكريون فتح الباب أمام القادمين قبل نزول علي السرياطي نفسه وإصداره لهم الأوامر بذلك. وشيء آخر «غريب» حصل عندما وجهوهم نحو أحد «الهناجر» حيث كان يتم تزويد الطائرة الرئاسية بالوقود، وليس نحو صالون الشرف «كما ينبغي». وكان هناك، حيث وصلوا، عدد كبير من عناصر وحدات مكافحة الإرهاب بأسلحتهم وأفراد من الحرس الوطني ورجال أمن مدنيون وعسكريون آخرون.

وبالقرب من الطائرة جرت محادثة «محتدمة جدا» بين بن علي والسرياطي وهما يزرعان المكان جيئة وذهابا وليلى ترقب بحذر أي حركة عدائية. تقول: «قلت لنفسي إنه إذا كان هناك من قد يطلق النار على بن علي، فليكن أنا من يستقبل الرصاصة». تشير ليلى في هذا السياق إلى حلم ـ ستتحدث عنه لاحقا ،كما تقول ـ كان قد تراءى أثناء النوم، وكان علي السرياطي في مقدمة الناس الذين «رأتهم» فيه.

زادت حدة النقاش عندما أعلن السرياطي أن رجال مكافحة الإرهاب استولوا على برج المراقبة. وتشير ليلى إلى أنها تدخلت عندها للمرة الأولى، وتوجهت إلى قبطان الطائرة الرئاسية «شيخ روحو» لتسأله عما يجري بالدقة. فأجابها، بعد إجراء اتصال هاتفي، بالقول: «لا تقلقي سيدتي، لم يستول أحد على برج المراقبة، وسوف نقلع».

فهل كان السرياطي بصدد تدبيج أكاذيب أم كان ضحية معلومات مزيفة؟ تتساءل ليلى بن علي.

سيناريو مخيف

فجأة قال السرياطي للرئيس: «سيدي الرئيس، لعلّه من الأفضل مرافقة أسرتك شخصياً إلى السعودية. وليس هناك أي خطر من عمل ذلك. فغداً سوف تستتب الأمور وتعودون». تتحدث ليلى هنا عن الدهشة التي رأتها على وجه زوجها.

فلماذا يذهب هو أيضا؟ وكيف يغادر البلاد بينما تتطلب الأوضاع الملحة أن يتولى قيادة الأمور؟ تفوّه عندها السرياطي بـ»سيناريو» مخيف بسبب احتمال قصف القصر وحمام من الدم وخطر اغتيال الرئيس من قبل أحد حرّاسه، هذا كله إذا أصرّ على البقاء.

رضخ بن علي أمام إصرار علي السرياطي و»ليس أمام دموع ابني، كما قيل». مثلما تؤكد ليلى، مشيرة أن ذلك الابن صعد إلى الطائرة منذ وصولهم إلى المطار. وأمام رئيس التشريفات، قال بن علي لقائد الطائرة: «سوف أرافقكم. وبعد أن تصل الأسرة سنعود بالحال». وقد ألحّ علي السرياطي على الرئيس بالصعود إلى الطائرة سريعا «قبل أن يغيّر رأيه» وانحنى من أجل تقبيل يديه كي «يذهب».

وتروي ليلى بن علي أن الابنة «حليمة» اكتشفت في الطائرة فقط أن أباها سيكون معهم، والمرافقة «ايمان» أجابت عندما سألوها في الطائرة عن «أدوية الرئيس» بالقول: وهل الرئيس مسافر أيضا معنا؟ وتشير ليلى إلى أن إجراءات الأمن التي رافقت الإقلاع بدت وكأن هناك خشية من هجوم لمنع سفر الرئيس، أو ربما لاغتياله.

وتتساءل اليوم: هل كان هناك خطر اعتداء على الرئيس؟ أم هل كان هناك من يريد رحيله بأي ثمن بحيث لا تكون هناك لا محكمة ولا اعتقالات؟ وهل كانت هناك رغبة في إعطاء المصداقية لأطروحة هرب الرئيس؟

بكل الحالات، أقلعت الطائرة حوالي الساعة الخامسة والنصف من بعد ظهر يوم 14 يناير 2011، وبذلك انتهى فصل في تاريخ تونس، ليبدأ فصل جديد مختلف اختلافاً نوعياً.


بعد رحيل الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي عن تونس برفقة زوجته وبعض أفراد أسرته، تعرّض أولئك الذين كانوا يحيطون به للمساءلة والاستجواب. وتروي ليلى بن علي أن علي السرياطي، مسؤول الأمن الرئاسي في عهد زوجها، زعم أثناء استجوابه في السجن للمرّة الأولى أن رحيل بن علي كان بـ"الاتفاق معه" وأنه كان قد اقترح هو نفسه مرافقته.

وهذا ما ترد عليه بالقول: «هذا عارٍ عن الصحة». والاقتراح الذي صدر من السرياطي بمرافقته كان يرمي إلى إقناعه بالسفر. وأنه ارتاح كثيراً عندما سمعه يقول: «كيف ستسافر معنا؟ أنا من يرافق الأسرة أو أنت. لكن على أحدنا أن يبقى على الأقل لضمان أمن قصر قرطاج».


وأثناء استجواب السرياطي لاحقاً سألوه عما إذا كان بن علي ينوي الهرب فأجاب: نعم أعتقد ذلك. و»هذا أيضاً محض افتراء»، تقول ليلى بن علي. وتؤكد أنه لولا إلحاح السرياطي ما كان للرئيس أن يستقل الطائرة يوم 14 يناير 2011. بل وهي تمضي إلى تأكيد أنه لم يكن يريد حتى مرافقتهم إلى المطار. وعندما أصبحوا في الطائرة كان على اقتناع تام أنه سيكون بإمكانه العودة إلى تونس في صباح اليوم التالي.

وقائع انقلاب مبرمج

وتروي ليلى بن علي أن كابتن الطائرة أعلم بن علي، عند الإقلاع، أن رئيس ومدير شركة الطيران التونسية أصدر له الأمر بالعودة حالا إلى تونس بعد نزول من هم على متن الطائرة في السعودية. واقترح بن علي عندها على الطيار والميكانيكي أنه إذا كان هناك ما يستدعي فباستطاعتهم تأجيل الرحلة إلى صباح اليوم التالي. «لكن الطائرة أقلعت في الحال. فمن استطاع أن يعطي الأوامر بذلك إذن»؟ هكذا تتساءل ليلى بن علي.

وتقول إن زوجها تحدث هاتفياً آنذاك مع رئيس وزرائه محمد الغنوشي وقال له انه سيسافر اليوم، وسيعود في الغد، وعليه أن يتولّى تسيير الأمور بالنيابة عنها. فأجابه الغنوشي: نحن في قصر قرطاج، سيادة الرئيس. تساءل بن علي: ماذا تفعلون بالقصر بهذه الساعة؟ أردف الغنوشي: «لا أعرف. لقد جاء حراس ملثمون إلى منازلنا واقتادونا إلى هنا بالقوة».

وتشير ليلى بن علي إلى أنه عندما كان رئيس الوزراء يجيب على الرئيس، وجه الكلام لأحدهم والذي كان يحاول الابتعاد عنه قائلا: اخرج من هنا، اخرج. ألا ترى أنني أتحدث مع السيد الرئيس. فسأله بن علي: مع من تتحدث؟ فأجاب الغنوشي: إنه أحد الحراس ولا يريد الخروج. لقد احتجزونا هنا. ولا نعرف السبب. «أعتقد أن زوجي فهم ما يجري في تلك اللحظة»، هكذا تقول ليلى بن علي وتشير إلى أنه حاول عندها الاتصال مع علي السرياطي، مدير أمنه، لكنه لم يجب أبدا.

ومثلما أجاب محمد الغنوشي، رئيس الوزراء آنذاك، أجاب أيضا فؤاد المبزع، رئيس مجلس النواب، قائلا للرئيس أنه اقتيد من قبل رجال ملثمين إلى «القصر الأزرق» في قرطاج. والأمر نفسه بالنسبة لوزير الداخلية رفيق حاج قاسم الذي كرر القول للرئيس التونسي المخلوع: «السيد الرئيس، إن ما يجري خطير. خطير جدا. عليك أن تبقى حيث أنت».

نتيجة مؤكدة

وتخرج ليلى بن علي من هذا كله بالنتيجة التالية: «يبدو من الأكيد الآن أن اولئك الذين أرغموا الشخصيات الرئيسية في الحكومة على التوجه إلى قصر قرطاج كانوا هم أنفسهم الذين حضّروا عملية الطائرة من أجل إبعادنا عن البلاد، مع أوامر تقضي بعدم إعادة بن علي». ومن بين الذين تحدّث معهم بن علي آنذاك صديقه القديم، كمال لطيف، الذي تصفه ليلى بن علي بأنه أصبح «خصمها» لكن الرئيس أبقى على صلاته به «دون علمها». وقال له: «لقد تقاسمنا الملح والماء، وباسم هذه الصداقة أنصحك أن لا تعود».

وصلت الطائرة التي أقلّت بن علي وبعض أفراد أسرته والمقرّبين منهم إلى السعودية بعد منتصف الليل، وهناك جرى استقبالهم بما يستحقه رئيس دولة من الموكب والسيارات الرسمية. وبعد ساعة ونصف الساعة فقط من وصول الطائرة عادت أدراجها إلى تونس دون انتظار عودة بن علي إلى تونس. وبعد أن ساد الاعتقاد لعدة أيام لدى بن علي وأسرته أنهم سوف يعودون بعد فترة قليلة إلى البلاد.

وتشير ليلى بن علي إلى أن الرئيس التونسي السابق حاول أن يستعيد السيطرة على الوضع عبر الاتصال بوزرائه. لكن بدا بوضوح أن الأحداث تجاوزت هؤلاء، واعترف له رئيس وزرائه الأخير محمد الغنوشي على الهاتف أنهم لا يعرفون من أصدر الأوامر برحيله ولا هوية الذين اقتادوهم قسرا إلى قصر قرطاج ولا ما ستؤول إليه الأمور.

بالنسبة لليلى بن علي فإنها توضح الموقف في ذلك الحين حيث تقول: «بالنسبة لي، غرقت في خضم ذكريات الأيام الأخيرة التي سبقت رحيلنا كي أرى بوضوح أكبر ما كان من انقلاب مبرمج قبل 14 يناير 2001، وهذا ما نعتقده أنا وزوجي».

عودة إلى الوراء

ترى ليلى بن علي أن محاولة فك «لغز» 14 يناير 2011، تقتضي العودة إلى الأسابيع، بل إلى الأشهر، التي سبقت ذلك الحدث الفاصل في التاريخ التونسي الحديث.

وتشير أن العامين السابقين لرحيلهما عن تونس عرفا إشاعة قوية، مفادها أنه يمكن حدوث انقلاب ضد الرئيس بن علي واحتمال اغتياله من قبل أحد حراسه. وكان علي السرياطي ومروان مبروك، صهر الرئيس، ينقلان أصداء ذلك إلى بن علي الذي لم يعط أية مصداقية لذلك.

ومع ذلك ترى ليلى بن علي أن المناورات بدأت في تلك الفترة، وبين المؤشرات التي كان ينبغي من منظورها أن تثير قلق الرئيس التونسي السابق تعاظم عدد الدورات التدريبية في بلدان أجنبية لشباب تونسيين بقصد تدريبهم على استخدام «البلوغ» وشبكات التواصل.

تعاظمت إشاعة الانقلاب ضد بن علي منذ شهر أكتوبر من عام 2010، كما تقول زوجته، وتشير إلى أنه لم يتم التعامل معها بجدية مرة أخرى. والإشارة إلى أنه منذ 17 ديسمبر 2010، عندما أضرم محمد بوعزيزي النار في نفسه، تعاظمت موجة الاحتجاج.

وتشير ليلى بن علي الى أن الرئيس التونسي السابق، زار محمد البوعزيزي في المستشفى يوم 28 ديسمبر 2010 وأنه كان حيّا، على عكس الإشاعات التي قالت انه كان قد توفّي، بل وتؤكد زوجته أنه اقترح إرساله للعلاج في الخارج، لكن الأطباء قرروا أن حالته لم تكن تسمح بذلك.

مؤامرة مدروسة

وترى ليلى بن علي أنه كانت هناك مؤامرة مدروسة. وتؤكد قولها: «أعتقد شخصياً أنه كان ينبغي القيام بتحقيق أكثر دقة له في المستشفى جرى تفسيرها كـ»اعتراف بالضعف»، رغم أنه قدّم ليلة تلك الزيارة «مبلغا ماليا كبيرا لوالدة البوعزيزي ولأخته وأنهما قبلتا ذلك وشكرتاه».

ومما تقوله ليلى بن علي انه في نهاية شهر ديسمبر 2010 بدأت «الأيدي الخفية» في السعي لإثارة الاضطرابات. وتشير الى أن البعض نقلوا للرئيس أن هناك من يوزعون في المناطق الداخلية الأموال وزجاجات «المولوتوف» تحضيرا للعنف والفوضى.

واعتبارا من الثلاثاء 11 يناير 2001 «بدأت عصابات» بأعمال الشغب والتخريب في الأحياء «الحساسة» من تونس. وتعرّضت بعض المباني العام للاعتداءات. في مثل ذلك السياق توجّهت أصابع الاتهام لـ»جماعة بن علي» و»زمرة الطرابلسي» و»أعضاء التجمع الدستوري الديمقراطي».

وتضيف ليلى بن علي إن: «عصابات من المشاغبين كانت مستعدة لنشر الرعب من أجل حفنة من الدنانير، وأصبحت تتحرك بعيدا عن أي عقاب». والإشارة في هذا الإطار إلى أن الخسائر كانت بالأحرى ذات طابع مادي وليس ببشري، ذلك أن التونسيين «مسالمون بطبيعتهم» ولا يميلون إلى العنف الجسدي وإلى القتل.

وتصل في هذا السياق إلى القول: «إن متآمرين في الظل هم الذين أطاحوا بالرئيس التونسي السابق بن علي وليس النخب ولا شباب الفيسبوك. وإذا كان البعض منهم قد تدرّبوا في مختبرات أجنبية ولدى الأجهزة السرية الغربية، فإنهم وجدوا أنفسهم داخل حركة تتجاوزهم وجرى استخدامهم كبيادق على رقعة شطرنج، دون رؤية صعود المتطرفين إلى السلطة».

الخطاب الأخير

وتتوقف ليلى بن علي عند خطاب 13 يناير 2011 الذي وجهه الرئيس بن علي للتونسيين، وطالبهم فيه بالمصالحة والعودة إلى العقل، والتزم بعدم الترشيح في انتخابات 2014 واحترام التعددية الحزبية ونتائج صناديق الاقتراع وحرية التعبير، الخ. وتؤكد زوجته أنها لم تكن أبدا دافعه لقول ذلك بل سمعته مع بقية مشاهدي التلفزيون.

في خطاب 13 يناير 2011، أي قبل يوم واحد من رحيله عن تونس، نطق بن علي بالجملة التالية «ينبغي عدم استخدام الرصاص الحي». أثارت تلك الجملة لغطا كبيرا ونقاشات وتأويلات متعددة ومتباينة. استنتج البعض مما قاله الرئيس السابق أنه كان قد أعطى الأوامر باستخدام مثل هذا الرصاص في مراحل أولى وأنه تخلّى عن ذلك في مرحلة لاحقة.

وتدافع ليلى طرابلسي عن زوجها بهذا الصدد عبر تأكيدها أن قرار تحرك القوات لا يتم بأوامر من الرئيس. بل بالأحرى من لجنة مؤلفة من مسؤولين بوزارة الداخلية ومن جنرالات الجيش، إذا اقتضى الأمر ذلك. وتلك اللجنة اجتمعت بطلب من «علي السرياطي» وغدت مسؤولة عن جميع القرارات الصادرة.

وبعد أن تشير ليلى طرابلسي إلى وجود «غرف عمليات» في قصر قرطاج وظيفتها تسجيل كل مكالمة بين الرئيس ووزارة الداخلية ووزارة الدفاع بحيث يمكن معرفة الأوامر الصادرة ومصدريها، وإلى أنها كانت «معطلة صدفة» يوم 14 يناير 2011 تنقل ما جرى في محادثة بين بن علي ووزير داخليته رفيق حاج قاسم قبل تغييره.

قال بن علي لوزير داخليته: «إن شرطتك يطلقون النار بسهولة، ونقلوا إلي أن هناك موتى، وهذا غير مقبول». أجاب الوزير: «كان رجال شرطتي في حالة دفاع عن النفس، سيادة الرئيس. ضعوا انفسكم مكانهم، إنهم يهاجمون مراكزهم ويسرقون أسلحتهم ويريدون قتلهم. إنهم مجبرون على الدفاع عن أنفسهم».



المؤلفة في سطور

ليلى بن علي، ليلى طرابلسي قبل زواجها من الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، كانت السيدة الأولى في تونس لسنوات طويلة. والصورة الشائعة عنها هي أنها كانت شغوفة بالسلطة والمال وأنها أغدقت الكثير منهما على أبناء عائلتها، عائلة «الطرابلسي».

غادرت تونس في 14 يناير من عام 2011 مع زوجها للإقامة في المملكة العربية السعودية. عرف العديد من أفراد أسرتها الاعتقال بعد رحيلها عن تونس وعن السلطة.

وعلى الرغم من أنها عاشت طفولة صعبة واستهلت حياتها العملية بالعمل مصففة للشعر، إلا أنها في كتابها تنفي ذلك وتصفه بأنه اشاعات، كما نفت كل ما يتداول في تونس عن علاقاتها العاطفية. وقد رفضت «أسطورة حاكمة قرطاج» الطروحات التي تحدثت طويلا عن مساوئ عائلتها وبطشها واعترفت بالمقابل بما وصفته «الأخطاء الفادحة» التي ارتكبتها هذه العائلة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..