الخميس، 14 يونيو 2012

منتصف العمر.. أزمة أم فرصة ؟!






يكبر الأبناء ويتجاوزون عتبات الحياة المختلفة دراسية كانت أو عملية.. فيتوقف الخاطر الإنساني فينا أمام هذه الصورة مسترجعا مسيرة عمر مضى.. وهنا تتداعى الخواطر والعبر في القلوب فيستلهم الانسان بقلبه الواعي دروس الحياة وهو يستعيد من وحي الذكريات شريط العمر وما مر به من حلو ومر، ومن تجارب الأيام..
عندما نعبر نحن الآباء والأمهات أربعينيات العمر أو نكاد نقترب من الخمسين نرى الصورة متغيرة متحولة، بعد أن نكون قد قطعنا رحلة «منتصف العمر» كما يقال في علم الاجتماع.
في هذه المرحلة يخفت وهج الشباب، وتتضاءل الهمم، وتركن النفس إلى الهدوء، ويحكم العقل سيطرته على القلب..
ووفقا للسير الطبيعي للأمور عند الأشخاص الطبيعيين يبلغ نضج الإنسان وإدراكه مداه وتتحدد اتجاهاته الفكرية والدينية والاجتماعية.. ويقول علماء النفس والاجتماع: «سن الأربعين يتناهى فيها عقل الانسان، ويكمل فهمه وحلمه، وتقوى حجته، ويتم رشده، وهي السن التي يستوي فيها الحكم على الأشياء في عقل الرجل».
ومنتصف العمر في «ثقافتنا الكويتية» غالبا ما يكون مرتبطا بسن التقاعد وهذا الأمر قد يقود البعض إلى التقاعد الكلي عن كل دور في الحياة والإنتاج والعمل، فيتحول منتصف العمر إلى «أزمة» بينما هناك من يجعل من منتصف العمر «فرصة» يتجدد فيها العطاء وتزدهر سنوات العمر المتبقية بالعمل المنتج والنجاح..
بعد سن الأربعين ندرك أن للوقت قيمة وللزمن ثمناً، ونقدر قيمة الأيام والساعات التي تقطعها مسافات العمر ونتحسر على أوقات طويلة يهدرها أغلب هذا الجيل من ثمين عمره بما لاينفع حاضرهم ولايثمر لمستقبلهم.. فكم من سنوات مضت من عمر الإنسان هباء منثورا وكم من سنوات كان سعيه فيها مشكورا.
قبل سنوات قرأت كتابا مهما بعنوان: «أزمة منتصف العمر الرائعة » للكاتبة الأميركية «أيدا لوشان» خصصت فصلاً كاملاً في كتابها لإنعاش الروح تعلمنا فيه كيفية تركيز الانتباه داخل الذات، وكيف ننأى بأنفسنا عن المؤثرات الخارجية التي تمنع صلتنا بمشاعرنا وأفكارنا العميقة.. وتقول: «يجب أن نولّد في داخلنا إحساساً عميقا بالحيوية والرضا، لمجرد أن نكون مع ذاتنا، ففي واقع الأمر ثمة رفيق واحد يمكنك الاعتماد عليه طوال حياتك هو نفسك، فيجب أن تربطك بها صداقة قوية وهادفة».
تشير الكاتبة «أيدا لوشان» إلى أن أهم أسباب التدهور الذهني والجسدي للأشخاص هو اعتزال الأدوار، التي كانت تمنح المرء الهدف وسبب الوجوده.
وإلى أخوة الأربعين أو الخمسين -لافرق- أقول: حتى لاتطحننا عجلات السنين علينا أن نعجن أيامنا بالأمل ونمزجها بالتفاؤل،، والأهم من هذا كله أن نحرص على تغذية أرواحنا بالاقتراب من بارئها وخالقها قولا وعملا لنجني غرس الحياة الدنيا الفانية جنة وحياة برزخية خالدة.
 ناصر المطيري
 النهار الكويتية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..