لم
يكن في مصر تقريبًا أحد اعتقد حقًا أنَّ المجلس العسكري الأعلى سيقوم في
الواقع بتسليم سلطته إلى رئيس مدني بعد إتمام العملية الانتخابية. ولكن
سيناريو العسكر يتجاوز الآن أسوأ التوقّعات، حسب رأي كريم الجوهري في
تعليقه التالي.
ليس
مهمًا في الواقع معرفة اسم رئيس مصر الجديد؛ وفي هذا السياق وصفت صحيف
يومية مصرية مستقلة
الانقلاب الناعم الذي يقوم به العسكر وصفًا دقيقًا في
عنوان عريض جاء فيه: "العسكري يسلم السلطة للعسكر"، أي أنَّ المجلس العسكري
سيسلم السلطة لنفسه. فقد قام العسكر مباشرة بعد إغلاق مراكز الاقتراع وبدء
فرز الأصوات بإلغاء صلاحيات الرئيس المنتخب ديمقراطيًا والعمل على وضع
"دستور انتقالي" يضمن للجيش صلاحيات واسعة على حساب الرئيس الذي سيتولى
شكليًا أعلى منصب في جمهورية مصر العربية.
لم
يكن في مصر تقريبًا أحد اعتقد حقًا أنَّ المجلس العسكري الأعلى سيقوم في
الواقع بتسليم سلطته مثلما أعلن في السابق إلى رئيس مدني بعد إتمام العملية
الانتخابية. ولكن سيناريو العسكر يتجاوز الآن أسوأ التوقّعات. حيث قام
الجيش في الأسبوع الماضي بمنح نفسه حقّ اعتقال المدنيين، وفي اليوم التالي
أمرت المحكمة الدستورية بحلّ مجلس الشعب. ومن خلال ذلك تكون السلطة
التشريعية برمَّتها لدى الجيش. والآن ومن خلال الدستور الانتقالي أقرَّ
العسكريون لأنفسهم إلى الأبد قدسيَّة حقِّهم في المشاركة في صياغة دستور
مصر الجديد.
الجيش مؤسَّسة مقدَّسة
لا لحكم العسكر" - انتقلت السلطة التشريعية في مصر حسب قرار تم نشره موخرًا إلى المجلس العسكري الأعلى إلى أن يتم انتخاب برلمان جديد بالإضافة إلى تفويضه العسكريين تشكيل لجنة لصياغة الدستور الجديد.
وباختصار
يعدّ الجيش في مصر مؤسَّسة مقدَّسة غير شفَّافة لا أحد يستطيع محاسبتها،
كما أنَّها كذلك تكتب الدستور المصري وبإمكانها الآن أيضًا أن تضيف
قوانينها التي تمنحها الحقّ في اعتقال كلِّ من يثور عليها. وبعدما تم حلّ
مجلس الشعب الذي يمثِّل المؤسَّسة الديمقراطية الأولى ومن ثم إفراغ منصب
الرئيس من مضمونه، لم يبقى إلاَّ المجلس العسكري الأعلى الذي صار يسيطر
الآن على جميع مقاليد الحكم. وفي البدء كان الجميع يتحدّثون بعد الربيع
العربي حول النموذج التركي، وكانوا يقصودون الإسلاميين الذين سيشاركون حتى
حين في العملية الديمقراطية. ولكن صار يدور الحديث الآن حول نموذج تركي
مختلف تمام الاختلاف - حول جيش يتمسَّك بالسلطة ويحتكرها عقودًا طيلة.
كريم الجوهري
ترجمة: رائد الباش
مراجعة: هشام العدم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..