الأحد، 3 يونيو 2012

الحلف الفارسي البعثي!

حين حدثت مجزرة صبــرا وشاتيلا عــام 1982م في مخيــمــات الفلسطينيين بواسطــة الكتائب والجيشين الجنوبي اللبناني والإسرائيلي، وراح ضحيتها آلاف الضحايا؛ ثارت النفوس الكريمة مستنكرة هذه الوحشية التي دمرت المخيمات على من فيها، وكانت الغاية استئصال الوجود الفلسطيني من لبنان، ولكن المثير هو ذلك التفاهم الغريب الذي لم يكشف بصورة واضحة بين الثلاثي المتطرف: الكتائب والصهاينة والنصيريين!

تأثر العالم كله من هول المجازر، وتواصل الزعماء العرب لإيقاف التصفية الطائفية، وهجر الفلسطينيون المقاتلون إلى تونس عن طريق البوارج المحمية دولياً بعد حصار رهيب استمر اثنين وثمانين يوماً.

ثم يدك النظام البعثي السوري مدينة حماة ويمسح المدينة من الخارطة فتغدو أطلالاً، فيُقتل خمسون ألفا، ويُفقد أربعون ألفا ويُهجر مائة ألف من سكانها هائمين على وجوههم بعد حصار بالطائرات والدبابات، واليوم لا يتكرر تدمير مدينة واحدة من مدن سوريا؛ بل مدن وقرى تباد بكاملها وتغدو أطلالاً وأكوام حجارة، ويقتل ساكنوها، ويدفنون تحت الأنقاض أو يموتون بجراحهم، ويشرد الآلاف فتعترضهم الألغام المزروعة؛ كي لا يجدوا من الموت مهربا! يطمح النظام المدعوم من إيران إلى هيمنة الفئة الأقل على الأكثر بحيث لا يكون للسنة وجود مؤثر في سوريا في ظلال صمت عالمي؛ بل تواطؤ دولي على هذه الانتهاكات، ومهل تمنح له كي يواصل القتل، واستخدام غير أخلاقي للفيتو لمنحه مشروعية الإبادة كحق مشرعن، فأين العدالة المزعومة؟ وأين حقوق الإنسان! وكيف يمكن أن يصدق العالم بعد سيل هذه الدماء ما يسمى بالقانون الدولي؟!

وهل بقي ثمة عدالة دولية ترتجى إذا كانت الدول الكبرى تقول للمجرم الآثم: لا ترعوي، استمر في بغيك! ودول أخرى تمارس المخاتلة فتردد الأسطوانات المشروخة التي لم يعد يصغي لها أحد: حان الوقت لرحيل النظام! بينما مازال يمارس أسلوبه المتوحش الذي لا يظهر أبدا أنه سمع كلام من ناشده بكل اللطف والاحترام أن يرحل وأن يتوقف عن القتل!

يبدو أن النظام المسعور لم يشبع بعد من لعق الدماء، ولم ينته بعد من تطهير أرض سوريا من كل عرق ينبض فيه دم غير دم طائفته؛ ويعينه الفرس وأذنابهم، ويتواطأ معه المستفيدون، ويستمر تدفق الدم البريء أنهارا، ويتعود العالم على الأحمر الفاقع.

لقد تبلد الإحساس الدولي، وتكيف مع رغبات الدول المؤثرة تمريرا لمصالحها، فمأساة أكثر من ثلاثة عشر شهرا من أنهار الدم لم تعد تحرك في العالم شعورا بالإنكار، وهي أيضا لا تثير أحدا في محيطنا العربي والإسلامي إلا قليلاً من دعاء وتبتل. تبلدت المشاعر، وأحبطت الآمال، واندثر ذلك الشعور القومي الذي يرفض المهانة ويأبى الظلم والحيف، واستكانت أو هدأت شعلة الحماسة الدينية التي لا ترضى هذا الهوان، وبخاصة أن الحرب في معظم صورها طائفية قذرة، وموجهة على الأخص إلى المدن والبلدات السنية، وتضرب بعنف أماكن العبادة، كالمساجد والمآذن، وتغتال البارزين من الأئمة والعلماء.

حرب طائفية شعوبية بامتياز! عرقية دينية لها نكهة فارسية ومذاق شعوبي! حرب لها ما بعدها إن انتصر الحلف الفارسي الباطني!



د.محمد عبدالله العوين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..