منذ فترة، نقلت قناة الجزيرة
خبراً مفاده أن وزير الدفاع الأمريكي “روبرت جيتس” صرّح بأنه: “ليست الصين
وروسيا الدولتين الوحيدتين اللتين ترفضان إصدار قرار بحق حكومة الأسد وإنما
إسرائيل كذلك”، حيث
صرّح نتنياهو بأن رحيل الأسد يمثل خطراً استراتيجياً
على أمن دولتهم، ولم يتم التطرق لهذا الخبر بعدها بأي من نشرات الأخبار
اللاحقة، وكأنه فص ملح وذاب! شأنه شأن كثير من الأخبار، التي جرى التعتيم
عليها بشكل مقصود، كقضية محاولة اغتيال أردوغان بداية الثورة السورية،
وكفضيحة “عوفر كيت”، والتي أدت إلى مقتل اليهودي عوفر منعاً لإثارة ملف
العلاقات التجارية الإيرانية اليهودية، التي جرى التغطية عليها بحرب
مزعومة، أثيرت من جديد ضد المشروع النووي الإيراني والذي ما زلنا نتابع به
هذه الحرب من سنوات طويلة، فنسمع جعجعة ولا نرى طحناً.
إلى
أن جاءت تصريحات رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الصهيونية
الجنرال “عاموس جلعاد”، محذّراً بأن سقوط الأسد سيترتب عليه حدوث كارثة
تقضي على إسرائيل، وذلك نتيجة لظهور إمبراطورية إسلامية في منطقة الشرق
الأوسط بقيادة الإخوان المسلمين في مصر والأردن وسوريا، موضحاً بأن فكر
جماعة الإخوان يهدف إلى تصفية ومحو دولة إسرائيل، ومضيفاً في تصريحه لإذاعة
الجيش الإسرائيلي بأن وجود نظام الأسد مصلحة لإسرائيل.
وهو
أول تصريح لمسئول صهيوني وبشكل صريح ومدوي، بأن أمن سوريا من أمن
الصهاينة، بعد أن حاول النظام الأسدي والصهيوني إخفاء هذه الحقيقة طويلاً،
بل أن تصريحه ترجمة حرفيّة لرسالة الأسد الأخيرة التي وجهها للغرب بأن
الصراع الدائر في سوريا صراع بين القوميين العرب والإخوان المسلمين، وفي
حال رحيله فإن المنطقة ستتحول إلى زلزال وتخلق عشرات الأفغانات، في تأكيد
واضح من كلا الطرفين بأن عدوهم الوحيد هم الإسلاميون، ونسف لأكذوبة
المؤامرة التي يتشبث بها المجرم الأسد منذ قيام الثورة السورية.
وإلا
لو كان الأمر صحيحاً وأن هناك عداء بين دول الصمود المزعومة وبين اليهود
والغرب، لما قامت هذه الدول جميعاً بالتحذير من خطر الإسلاميين، وخصوصاً أن
إيران تدعي أنها دولة إسلامية، وكان المفترض بهم الرد بكل قسوة على أصحاب
هذه المؤامرات ومن يقف خلفها بدلاً من تحذيريهم من خطر الجماعات الإسلامية،
وأن إسقاطهم لهذه الدول – الحارسة لأمن الصهاينة– من شأنه أن يمثل خطراً
على أمن الصهاينة، وإلا ما هو الرابط بين تحذير الأسد من أنه يواجه حرباً
إخوانية، وبين تحذير جلعاد من نفس هذه الحركة؟! إلا أن يكون عدوهم عدو
واحد، وإلا كيف يلتقي الأعداء ويتفقون على خطر واحد؟! وخصوصاً أن تصريح هذا
الصهيوني جاء يوم الأربعاء الماضي قُبيل انعقاد الاجتماع الطارئ لجامعة
الدول العربية، وكأنه تحذير واضح لهم بعدم اتخاذ أي إجراء ضد الأسد،
وإعطائه المزيد من الوقت لقمع ثورة الشعب السوري، وهذا ما كان فقد تم
إعطائه مهلة جديدة، وتراجعت تركيا عن مطلبها بشأن فرض منطقة عازلة بينها
وبين سوريا، فهل سيكون التدخل الصهيوني في قادم الأيام واضحاً وبشكل أكثر
حسماً لمنع سقوط هذا الحارس الأمين ولو تطلب الأمر فضح الأوراق جميعاً؟
!الرسائل
التي وجهها الأسد ونصر الله وإيران، مفادها بأنه إذا سقط هذا النظام فإن
المنطقة ستتحول إلى زلزال كما وصفها الأسد، وإلى شعوب ستمحي اليهود وأمريكا
من الخارطة كما وصفها رئيس هيئة أركان القوات المسلحة الإيرانية، وإلى كرة
متدحرجة ستحول المنطقة إلى جحيم كما وصفها نصر الله.. لم يترجمها إلا
الصهاينة بشكل حرفي وواضح، لأن هذه الرسائل كانت موجهة لهم لإثارة مخاوفهم،
وتحذيرهم من سقوط هذه الدول التي عملت كل وجودها على حراسة حدود الصهاينة
بكل تفان وإخلاص، ففهمها الغرب من فوره، وأعلن حلف الناتو ومن خلفه أوروبا
وأمريكا بأنه لن تكون هناك منطقة حظر طيران على سوريا خوفاً من الزلزال
التي تحدث عنه الأسد، وفهمها اليهود، فتحدثوا عن إمبراطورية إسلامية
سيقيمها الإخوان المسلمون، وهذا يفسر سبب تواطؤ الدول جميعها على ثورة
الشعب السوري البطل، وإعطائهم الأسد المهلة تلو الأخرى ليقضي على ثورة
أخرجها الله ولن تعود إلا بما خرجت من أجله، بإذن الله، وهي الحرية التي
فقدتها عقوداً من الزمن في ظل نظام خائن وعميل
بقلم: أحمد النعيمي
حريات : العدد الرابع عشر (21/11/2011
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..