أسئلة مطروحة بعدما دفعت هذه الأزمة بالاحتياطي الفيديرالي الأميركي،
والبنك المركزي الأوروبي، والمصرف المركزي الياباني، الى ضخّ أكثر من ٣٥٠
مليار دولار لتثبيت الأسواق التي فقدت اتّزانها.
بدأت الأزمة مع ظهور نتائج الاقتصاد الأميركي للربع الثاني من العام
الجاري، إذ سُجّل تراجع للانفاق العام، بسبب ازدياد أسعار الوقود التي باتت
تستهلك قسماً كبيراً من موازنة الأسرة، الى جانب القلق السائد جرّاء
الأنباء التي تشير الى إمكانية ارتفاع تكاليف القروض العقارية والصناعية،
وتدخّل المصرف الاحتياطي الفيديرالي لرفع معدّلات الفائدة.
لكن الوضع انفجر حين برز تزايد عدد العاجزين عن سداد قروضهم العقارية في
الولايات المتحدة، بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وهو ما مثّل اتجاهاً معاكساً
بعد سنوات من ارتفاع أسعار المنازل وانخفاض الفائدة.
وتسبّب ذلك في توقّف عمليات دفع واستعادة عقارات، مع مواجهة المقترضين، لا
سيما ممن لا يملكون سجلاً مالياً قويّاً، صعوبة كبيرة في الايفاء بدفعـاتهم
للبنوك.
وانعكس ذلك سلباً على أرباح البنوك التي انخفضت قدرتها على تمويل صفقات الاندماج الكبرى، التي أنعشت الأسواق في الآونة الأخيرة.
كما تراجعت قدرة البنوك على تمويل الشركات والأفراد، وهو ما قلّل الانفاق الاستثماري والاستهلاكي، بما يهدّد بحدوث كساد.
لكن المخاوف زادت بعدما أعلن مصرف «بي إن بي باربيا» الفرنسي العملاق، أنه
جمّد ثلاثة صناديق استثمارية مرتبطة بسوق العقارات الأميركية، وبدت الأزمة
ككرة الثلج المتدحرجة التي انتقلت عبر القارات.
وللحيلولة دون تحوّل أزمة القروض العقارية الأميركية الى أزمة مالية عالية،
جاء التحرّك السريع للبنوك المركزية بضخّ مئات المليارات من الدولارات في
الأسواق، لتعويض نقص السيولة الناجم عن الأزمـة، والتي تمثّـل روح النظـام
المالي العالمي.
مشكلة العقارات
يعتبر شهر حزيران (يونيو) شهر ملكية المنازل في الولايات المتحدة، أو شهر إقفال الرهون على المنازل.
وتلاحق بعض الشركات المتخلّفين عن دفع القروض، خصوصاً أصحاب سوابق في عدم الدفع.
وتشير التقديرات الى أن واحداً من كل ثمانية مقترضين يتأخّرون عن دفع القروض.
وبسبب زيادة الفوائد على القروض، وعدم القدرة على الدفع، سيواجه الآلاف من الأميركيين احتمال إلقائهم في الشارع.
وحتى قبل أسابيع من ظهور الأزمة، رأى بعضهم أن الأسوأ تمّ تجاوزه في هذا القطاع.
لكن التشدّد الذي حصل في تقديم القروض، والزيادة في عرض المنازل للبيع
نتيجة خفض الطلب، انعكسا سلباً على الأسعار، وأثّرا في الاقتصاد الأميركي
وحركة السوق.
وهذا الواقع يقلق دولاً أخرى ترتبط بازدهار الاقتصاد الأميركي، لأن أي ركود
اقتصادي يعتبر ضارّاً بها، على رغم الازدهار الذي تشهده أسواق آسيا
وأوروبا.
والسبب الحقيقي وراء ذلك القلق، لا يرتبط بتدهور سوق العقارات والمنازل في
الولايات المتحدة فقط، بل هو جزء من عملية مبرمجة عالمية تدخل ضمن نطاق
العولمة.
فإذا نظرنا الى بقيّة دول العالم، نسمع أصداء المصاعب التي تواجه الولايات
المتحدة رغم عدم انهيار الأسعار، والبداية تكون مع المقترضين الأميركيين،
فهؤلاء ليسوا فقراء أو من البيض، بل من الأشخاص القادرين على الاقتراض
بفوائد منخفضة ومحدودة. وهم فئة انضمت الى سوق المنازل في وقت متأخّر حين
وصلت الأسعار الى أعلى مستوى.
وكثيرون منهم لقوا تشجيعاً على الاقتراض من قبل السماسرة، من دون أن يهتموا
بقدرتهم على دفع ديونهم، والذين قدّموا لهم القروض أساؤوا تقدير قدراتهم
على الدفع لاحقاً.
وفي غالبية الأحيان، يكون المقترضون من الشباب الذين يسارعون الى شراء أول
منزل مع دخولهم ميدان العمل، مع المراهنة على استمرارهم بالعمل والتقدّم
ورفع أجورهم.
عملياً، إن مشكلات مالكي البيوت والمؤسّسات التي تقدّم لهم القروض عائدة الى ذيول السياسة النقديّة الأميركية.
إذ عندما خفّض البنك الفيديرالي الفوائد، تسبّب ذلك في نوع من التضخّم،
والأمر ذاته حدث في أوروبا، فبعد تطبيق العملة الموحّدة، اليورو، ازدادت
أسعار المنازل في إسبانيا وإيرلندا ١٨٠ و٢٥٠٪ على التوالي، بسبب خفض
الفوائد، وهما أصبحا يعتمدان على هذا القطاع.
وبرأي الخبراء أن قطاع المنازل يشكّل جزءاً أساسياً من الاقتصاد الأميركي، وبالتالي لا بد من معالجة الوضع بشكل مدروس.
ففي ١٣ آذار (مارس) الماضي، أعلنت مؤسّسة القروض أن ١٣٪ من المقترضين
الصغار لم يسدّدوا ديونهم، مما أدّى الى إقفال ٣٠ مؤسّسة إقراض أميركية،
وسط أوضاع تدفع بالكثيرين الى عدم الدفع.
ويقدّر حجم الديون والقروض في القطاع بنحو ٦٥٠ مليار دولار، بينها ٤٠
ملياراً ديون يصعب تحصيلها نتيجة عدم الدفع، وتمنّع شركات التأمين عن تغطية
البوالص.
إعداد ـ عمر محي الدين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..