لعل
السؤال الأكثر تداولاً، في ظل تفاعلات أحداث القطيف الأخيرة: هل هناك تمييز ضد
المواطنين الشيعة؟ خاصة أن هناك مَن لا يسأل هذا السؤال أصلا، ويقفز مباشرة
للنتيجة، مقرّاً بأن هناك تمييزا رسميا
على المستويات كافة ضد الشيعة، ولأن بعض
الانطباعات تتحول بقدرة قادر لحقائق راسخة، والويل والثبور لمن يسعى لتحليلها
وتفنيدها، فهي حقيقة لا تقبل الجدال ولا التشريح، لذا فإن مناقشتها وتمحيصها هو الطريق
الصحيح لقطع أي مبالغات لا تستند إلى وقائع ثابتة.
لا
يوجد تمييز على العموم ضد الشيعة بالسعودية، هكذا كانت إجابتي عندما سألتني مذيعة
''بي بي سي'' أمس الأول، وأردفت قائلا: إن هذه ليست إجابتي فحسب، بل هي إجابة
الشيخ حسن الصفار نفسه، فهو يقول، وفقا لحوار نشر في موقعه الإلكتروني في
14/5/2010 ''في المجمل ليس هناك تمييز، ولكن في المراتب المتقدمة للوظائف من
الواضح جدا أنه لا يوجد موظفون شيعة في مجلس الوزراء''، ويضيف الصفار في إجابة عن
سؤال آخر'' بعض المؤسسات مغلقة دون الشيعة. مع أنه من الناحية النظامية والقانونية
فإن النظام الأساسي للحكم في المملكة يسعى للمساواة بين جميع المواطنين، والقيادات
السياسية وعلى رأسهم الملك وولي العهد ووزير الداخلية، جميعهم يتحدثون عن المساواة
بين المواطنين، وبأنهم لا يقبلون التمييز الطائفي، لكن على الأرض توجد ممارسات
تمييزية وهذه الممارسات يواجهها الشيعة في عدد من المجالات، ونأمل ـــ إن شاء الله
ـــ عبر التواصل مع الدولة والانفتاح والحوار الوطني أن يتم التغلب على هذه
الأمور''.
مَن
يقرأ حوار الصفار ورأيه بشأن التمييز ضد الشيعة، لا يختلف معه كثيراً، ففعلاً ربما
تكون هناك ممارسات تمييزية على الأرض، وهذا أمر طبيعي طالما كان هناك أغلبية
وأقلية، فالتاريخ ينبئنا بذلك، حتى في أكثر المجتمعات المتقدمة والديمقراطية. في
بريطانيا، مثلا، وخلال الأعوام القليلة الماضية كان هناك مليونا حالة إيقاف
وتفتيش، وتقول الإحصائيات إنك إذا كنت أسود، فاحتمال إيقافك هو سبع مرات أكثر من
الرجل الأبيض، وإن كنت آسيويا فالاحتمال يصل إلى مرتين ونصف أكثر من الإنسان
الأبيض، بحسب مايكل بريفو مدير الشبكة الأوروبية لمكافحة العنصرية في حديثه في
برنامج حوار مفتوح على قناة الجزيرة، في حين أن عمدة لندن أقر بوجود عنصرية في
التوظيف، وهذا بالطبع ليس تبريراً بقدر ما هو تدليل على أن الحالة الشعبية العامة
هي التي تصنع التآلف بين سكان البلد الواحد مهما كانت طوائفهم أو معتقداتهم، مع
التأكيد على دور الحكومة الرئيسي في سن قوانين تمنع أي ممارسات تمييز ضد مواطنيها.
ما
لفتني كثيرا في حوار الصفار، إيجابيته المتناهية وتأكيده عدم وجود تمييز على
المستوى الرسمي، وكذلك تأكيده أن التواصل مع الدولة والانفتاح والحوار الوطني،
الذي أشاد به طويلا، هو الحل لتلك الممارسات التمييزية الخاطئة. المحبط هنا، أن
عكس هذا الطرح هو ما يشاع على نطاق واسع، كما أن هناك مَن يروجه على أنه سبب رئيسي
في أحداث الشغب التي تحدث في القطيف، سواء المشاغبون أنفسهم، أو مَن يبرر لهم
ويدفعهم لذلك، فلماذا لا يخرج لنا الصفار ويعيد التأكيد على موقفه هذا، أم أن هناك
ظروفاً استجدت وغيّرت من رأيه 180 درجة؟!
سلمان الدوسري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..