الأربعاء، 4 يوليو 2012

حين كنت لاعبة كرة سلة

نعم، أعترف... كنت لاعبة في الفريق الأول لكرة السلة في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة من العام ١٩٩٨ وحتى ٢٠٠٢، ثم بدأت ودربت أول فريق كرة سلة نسائي في «أرامكو» (بنات الشرقية في عامي ٢٠٠٦ و ٢٠٠٧). كان
لدينا في جامعتنا نادٍ للأنشطة الرياضية، مارسنا فيه كرة السلة، وكرة الطائرة، وكرة اليد، وركوب الدراجات، والكاراتيه، وكله بالسر خوفاً من إيقاف أنشطة النادي الرياضي «الممنوعة عرفاً لا قانوناً». مدرباتنا، وسأذكر منهن باعتزاز والكثير من الإمتنان «إيمان قاري، أمينة النهدي، مها هشام»، كن طالبات جامعيات مثلنا، وكن يمارسن التدريب كهواية... أدين لتلك السنين حفاظي على لياقتي البدنية وصحتي حتى بعد إنجابي لطفلي، إذ أصبحت الرياضة عادة حميدة لم تنقطع حتى بعد تخرجي.

لم نكن نحصل على الدعم من رعاية الشباب، فهي محصورة على الشباب فقط، كما في اسمها. وحتى اليوم لا يوجد أي اتحادات رياضية تنظم رياضة المرأة في السعودية، ولا يوجد رياضة في مدارس البنات، يستثنى من ذلك بعض المدارس الأهلية، كما أن البلديات لا تمنح أي تراخيص للأندية الرياضية النسائية، أو حتى الصالات الرياضية النسائية، ما جعل أصحابها يفتحونها تحت مسمى مركز للعلاج الطبيعي أو الصحي، وتكون ملحقة بالمشاغل وصوالين التجميل.

بعد هذا السرد المختصر لوضع الرياضة النسائية في السعودية، يجعل المراقب يستغرب من إعلان السفارة السعودية في لندن يوم ٢٤ حزيران (يونيو) الماضي بالسماح للنساء السعوديات بالمشاركة في أولمبياد لندن ٢٠١٢... والسؤل الملح هنا «من أين سنأتي برياضيات ينافسن على العالمية إذا لم يكن هناك محلية؟»، و«لماذا يأتي التصريح قبل شهر واحد تقريباً من أولمبياد لندن التي ستبدأ فعالياتها في ٢٧ تموز (يوليو) الجاري؟». لنفهم ملابسات التصريح المفاجئ، لنرجع قليلاً للوراء، ظلت السعودية وقطر وبروناي الدول الوحيدة، من بين ٢٠٥ دول مسجلة في اللجنة الأولمبية، التي لم ترسل يوماً رياضيات نساء للأولمبياد، لكن رئيسة اللجنة النسائية باللجنة الأولمبية الدولية أنيتا ديفرانتز، صرحت سابقاً بأنه سيتم استبعاد أي دولة لا تسمح للنساء بالمشاركة في الأولمبياد المقبلة، لأن في ذلك انتهاكاً لميثاق اللجنة الأولمبية الدولية، الذي ينص على عدم التمييز بين النساء والرجال.

نتفهم كون بروناي دولة صغيرة، يبلغ تعداد سكانها ٤٠٠ ألف، ومنذ أول مشاركة لها عام ١٩٨٨ لم ترسل أكثر من رياضي واحد كل مرة. ثم قطر التي بدأت باتخاذ خطوات على أرض الواقع لخلق بيئة تشجع على الرياضة النسائية، فأنشأت اللجنة الرياضية للمرأة في عام ٢٠٠١، وأعلنت في عام ٢٠١٠ عن نيتها إرسال رياضيات في الرماية والمبارزة لأولمبياد لندن. ما وضع المزيد من الضغط على الرئاسة العامة لرعاية الشباب في السعودية لإرسال رياضيات سعوديات. فتناقلت وسائل الإعلام في تشرين الثاني (نوفمبر) ٢٠١١ خبر السماح للمرأة بالمشاركة في الأولمبياد، ثم سارع الرئيس العام لرعاية الشباب ورئيس اللجنة الأولمبية الأمير نواف بن فيصل بنفي الخبر، ثم تعود وتعلن سفارتنا في لندن عن السماح، هكذا بلا مقدمات ولا استعداد! في موقف تاريخي طريف يحتاج فيه الرجل السعودي وللمرة الأولى، للمرأة السعودية ليكون له حضور في العالمية!

لم يمنع كل هذا أن تفوز الفارسة السعودية دلما ملحس، ذات الـ«18» ربيعاً، بميدالية برونزية في أولمبياد الشباب بسنغافورة عام ٢٠١٠، لتكون أول سعودية تشارك في مسابقة رياضية عالمية، وأول خليجية تحرز ميدالية أولمبية. ليكرمها خادم الحرمين الشريفين على هذا الإنجاز غير المدعوم من رعاية الشباب!

منال بنت مسعود الشريف


http://alhayat.com/OpinionsDetails/415766

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..