إقرار
نظام الرهن العقاري الجديد يعيد إلى الأذهان ما مارسته البنوك والشركات
قبل كارثة سوق الأسهم من تسهيل في برامج الإقراض ، وتوسيع في عمليات
التمويل ، حتى شجع ذلك المواطنين من متوسطي الدخل إلى
المغامرة وبيع
أملاكهم ورهن رواتبهم للاقتراض من البنوك والدخول في سوق الأسهم ،
فارتفع السوق على أثر ذلك ارتفاعا جنونيا من مستوى 10 آلاف حتى جاوز 20
ألف نقطة ، وصحب ذلك تضليل إعلامي اقتصادي ، تولى كبره كثير من وسائل
الإعلام ، و بعض المحللين الاقتصاديين ، فكانت نتيجة ذلك التضليل الاقتصادي
هي حدوث كارثة الانهيار التي كان أسعد الخاسرين فيها من خسر أرباحه وسلم
رأس ماله ، وأتعسهم من خسر قيمة أملاكه التي باعها ، وخسر راتبه الذي بات
حبيس القروض سنين عديدة ، وهذه الفئة هي الأعم الأغلب ممن دخل سوق الأسهم
من المواطنين ، أما الرابح الأكبر بعد الكارثة فكان فئة التجار
والبنوك والشركات وصناديق الدولة ، فهذه الفئة لها النصيب الأكبر من حصة
سوق الأسهم وهي من حصد ثمرة الارتفاع ، وهي من علمت بنهاية ذروة دورة سوق
الأسهم ، وهي من خرجت قبل وقوع الكارثة وجيوبها ملأى بأموال المواطنين ،
لتتجه بعد ذلك إلى سوق العقار لاستثمار تلك الأموال ، وكان سوق العقار - إذ
ذاك - يشهد ركودا اقتصاديا نتيجة كثرة عروض البيع من أجل الدخول في سوق
الأسهم ، فأوقدت تلك الفئة اللاعبة باقتصاد الدولة بتلك الاستثمارات نار
الدورة الجديدة لسوق العقار ، وكنت في تلك الأيام أقضي في العاصمة الرياض
أواخر المرحلة الجامعية ، وكنت أشاهد المساحات الشاسعة من الأراضي الفارغة
في أحياء الرياض الشمالية وحواشيها الشرقية ، وبعد أن رحلت عن العاصمة بعد
التخرج عام 2008م ثم عدت إليها بعد سنتين هالني ما رأيته من ثورة عقارية
تجارية ، ضاقت بها فراغات الأحياء ، حتى تغيرت علي معالم تلك الأحياء ، مع
أني لم أغب عنها إلا مدة قصيرة ..
وها
هي الدورة الاقتصادية للعقار تبلغ اليوم ذروتها في الارتفاع الفاحش ،
وهاهي الشريحة العريضة من المواطنين من متوسطي الدخل على وشك الانتهاء من
تبعات قروض الأسهم بعد مضي أربع سنوات ، وها هو الوطن يعاني معضلة السكن
نتيجة سيطرة تلك الفئة ( القارونية ) على سوق العقار واحتكارها لاستثماراته
، حتى لقد سعت تلك الفئة إلى محاربة جميع المساعي لحل هذه المعضلة من خلال
عرقلة استثمارات شركات البيوت الجاهزة ذات التكاليف المنخفضة ، والاحتماء
الماكر بالشرع في رفض فرض الرسوم على الأراضي الخالية ؛ لأن تلك الفئة (
القارونية ) المسيطرة على سوق العقار لن تقبل بمعالجة تلك المعضلة
الاقتصادية الاجتماعية الأمنية إلا بأعلى الأرباح ولو كان ذلك على حساب
مصلحة الوطن، كما فعلت ذلك قبيل انهيار سوق الأسهم ، لكن ذلك لن يتأتى إلا
بسيولة نقدية كبيرة، وتلك السيولة لا تتوفر لدى الكثير من متوسطي الدخل ،
فكانت الحيلة الذكية من قبل تلك الفئة اللاعبة باقتصاد الدولة هي تشجيع
الدولة على إقرار نظام الرهن العقاري الجديد، حتى تتمكن البنوك والشركات من
خفض فائدة الربح في الإقراض ، ورفع مبالغ القروض ، ليزداد الإقبال على
الاقتراض، من أجل شراء البيوت المرهونة ، فترتفع على أثر ذلك أسعار العقار ،
وبعدئذ يغرق المواطن في الديون، ويعجز عن السداد ، فتبيع البنوك والشركات
بيته المرهون لتسترد أرباحها ، كما باعت من قبل محفظته الاستثمارية في سوق
الأسهم لاسترداد قيمة قروضها ، وحينئذ ستحدث كارثة عقارية كما حصل من قبل
في أمريكا ، لكن " المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين" .
سلطان بن مترك الخضاري
وادي الدواسر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..