فقد
سببت محدودية فرص التعبير عن الرأي في السعودية وانخفاض سقف المتاح أمام
المواطنين للإفصاح عن آرائهم بحرية، الاقتصار على وسائل تقليدية في إبراز
مطالبهم أو آرائهم حول الأوضاع التي يعيشونها، وتشكيل رؤى سياسية للإصلاح.
ولعل أسلوب الخطابات والبيانات العامة كان، ولا يزال، الوسيلة الأكثر
تأثيرا وتداولا بين العناصر الإصلاحية وبين الجهات المعارضة لها على
السواء.
وكانت فترة حرب الخليج الثانية عام 1991، حين استقبلت الحكومة السعودية قوات غربية اتخذت من أراضي المملكة قواعد لها في حربها ضد العراق، مناسبة لظهور بيانات عامة حازت مدى وأبعادا سياسية واسعة. وتواصلت بعد ذلك بيانات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، خلال 2003-2004، والتي بلورت فيها القوى الإصلاحية مواقف جادة وواضحة من برامج الإصلاح. وشارك في ذلك للمرة الاولى شخصيات من توجهات فكرية وسياسية متنوعة، وربما تكون متباينة. لكن هذه المبادرات راوحت مكانها ولم تحقق تقدما حقيقيا في دفع عملية الإصلاح السياسي في المملكة. وبمقابل ذلك، شددت الحكومة الرقابة والمتابعة على القائمين عليها. ورغم ذلك، بعد سنوات، وُلدت وثيقتان سياسيتان مهمتان للغاية هما "دولة الحقوق والمؤسسات" (23 شباط /فبراير 2011)، و"نداء وطني للإصلاح" (بعد ذلك باسبوع). وميزة الوثيقتين تضمنهما مطالب إصلاحية واضحة ومحددة، تشمل ضمان الحريات العامة، ومأسسة أجهزة الدولة بشراكة المواطنين، والدعوة لإقرار دستور للبلاد، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء.
وتعتبر السعودية من أكثر الدول العربية حضانة للتقنية، وشبابها الذين يمثلون نسبة تصل الى 60 بالمئة من السكان للفئة ما دون الثلاثين، يعتبرون أيضا من أكثر المستخدمين لهذه التقنية بصورها المختلفة. ويقدر أن عدد مستخدمي الفيسبوك في السعودية تجاوز الثلاثة ملايين مستخدم، وأن 75% منهم بين سن الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين، في ظل أن عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة حالياً يقدر بنحو 13 مليون مستخدم (يقدر عدد السعوديين بحوالى 26 مليوناً). وكشفت دراسات أن أحاديث 54% من المراهقين على إحدى الشبكات الاجتماعية تطرقت إلى موضوعات تُعد من المحظورات في نظر المجتمع، وتتناول قضايا سياسية وفكرية ودينية.
بدأت هذه الفئات الشبابية مجددا، قبل الأحداث الجارية في المنطقة العربية، تأخذ مواقع متقدمة في التعبير عن آرائها من دون أن تؤطر نفسها بأطر تقليدية، حزبية أو فكرية أو مناطقية، كما هو الحال في النخب المثقفة والإصلاحية. وتناول الشباب قضايا إصلاحية شملت توثيق حالات الفقر والبطالة، والعديد من القضايا الإجتماعية التي تتعلق بالمرأة والبيروقراطية ودور رجال الدين. وتم ذلك من خلال عرض مقاطع فيديو مصورة من أرض الواقع وبثها على قناة "يوتيوب". كما تم أيضا إعداد برامج فيديو قصيرة، عبارة عن متابعات لأبرز القضايا والأحداث كمسائل الفساد المالي، الواسطة، وضع المرأة، البطالة بين الشباب، حالات الفقر، أزمة الإسكان، سرقة الأراضي، والتعليق عليها بصورة كوميدية تجذب اهتمام ومتابعة المشاهدين، وتوصل لهم رسائل إصلاحية غير مباشرة. وتنال هذه البرامج والمقاطع القصيرة مشاهدة عالية وتداولا بين المواطنين بصورة ملحوظة.
ويبدو "فيسبوك" أبرز وسيلة للتواصل والتشكل الجمعي من خلال الدعوات التضامنية، سواء في أبعادها المدنية أو السياسية، حيث تُطلق مبادرات لحملات جماعية حول مواجهة الطائفية مثلا، أو التضامن مع معتقلي الرأي، والدعوة للتجمعات والحوارات الشبابية حول القرارات الحكومية ومآلاتها، وتبادل المعلومات حول مختلف القضايا والمواقف السياسية. كما ينظم الشباب أيضا حملات التضامن من خلال "فيسبوك" لمواضيع وأحداث عدة تشمل تمكين المرأة، والخدمات الإنسانية وتبادل التقارير الأخبارية، وتنظيم التضامن كما حدث في أثناء كارثة سيول جدة.
أما موقع "تويتر" فقد تحول إلى ساحة حوار وجدل حقيقيين في مختلف القضايا السياسية والدينية والإجتماعية، حيث ان مرتاديه من الشباب يتابعون بصورة مستمرة تغريدات الشخصيات الدينية والسياسية ويبدون مشاركاتهم وردودهم عليها. إضافة إلى ذلك، ينظم الناشطون من الشباب السعودي حملات من تغريدات التضامن، في أوقات محددة، مع سجناء رأي أو موقوفين، بهدف الضغط للإفراج عنهم. كما تتم أيضا إعادة إرسال التغريدات الجدلية المثيرة بصورة كبيرة، وخاصة تلك التي تتعلق بقضايا الفساد الإداري المالي. فقد تم تدشين حملات تضامن مع موقوفين، ابرزهم محمد البجادي والشيخ يوسف الاحمد ونزير الماجد، وهم من اتجاهات سياسية ومذهبية مختلفة، شارك فيها الشباب من مختلف المناطق، مطالبين بمحاكمتهم أو بالافراج عنهم.
ولعل أبرز ما يوضح نمو الدور الشبابي في المطالبة بالإصلاح هو المشاركة في الاحتجاجات المتكررة التي بدأت تأخذ موقعا كبيرا في الشارع العام. ففي آذار/ مارس الماضي، احتجت حوالي سبعة آلاف طالبة أمام مبنى مجمع الطالبات لكليتي الآداب والتربية في "جامعة الملك خالد" في منطقة "أبها"، بسبب الاعتراض على تجاهل الجامعة مطالبهن وإهمال النظافة، وبسبب إساءات المشرفات وحارسات الأمن وإهاناتهن لهن، وعدم توافر كراسي في الجامعة، حتى أنهن اضطررن إلى افتراش الأرض لمتابعة الدروس. وتفاعلت القضية في جامعات سعودية أخرى كجامعة "الجوف" وجامعة "طيبة"، كما انطلقت مطالبات لتطوير البيئة المدرسية والجامعية في عدد من المناطق.
هذا الحراك أطلق عليه البعض "الربيع الجامعي" نظرا لما تبعه من استجابات وتدخل مباشر للمعالجة السريعة التي جاءت بعد توسع هذه المطالب وانتقالها لمناطق مختلفة. بل ان هنالك اصواتا انطلقت مطالبة بعودة إقرار الهيئات والروابط الطلابية المستقلة التي كانت قائمة في السبعينيات من القرن الماضي، وتمَّ حلها.
الحراك الشبابي انطلق أيضا من متخرجي المعاهد الصحية، ويقدر عددهم بثمانية وعشرين ألفا، لم يتم توظيفهم في أجهزة وزارة الصحة، ما دعا مجاميع كبيرة منهم للتظاهر والاعتصام في شباط/فبراير 2012 أمام مبنى وزارة الصحة في الرياض مطالبين بتوظيفهم واعتماد شهاداتهم.
على الصعيد الفكري، أثار "ملتقى النهضة الشبابي" الذي تم عقده في الكويت في نهاية شهر آذار/مارس الماضي من قبل جماعات إسلامية سعودية، واستضاف شخصيات سياسية ودينية مثيرة، جدلا كبيرا في الساحة المحلية بسبب الرؤية المنفتحة والمستقلة التي انتهجها، داعيا الحضور من الشباب والشابات إلى التحرر الفكري والانفتاح على مختلف المكونات الوطنية واحترام حرية الرأي، وهي أمور غير مألوفة في ظل سيادة نمط ومنهج فكري واحد. احتضن اللقاء توجهات تتبنى الحوار بين مختلف الأطراف الاسلامية - الليبرالية لاحتواء الجيل الجديد من الشباب الذي بدأ في التشكل خارج الأطر التقليدية القائمة.
تلى هذا الملتقى إصدار بيان حمل عنوان "ضمان الحريات وأدب الاختلاف" بتاريخ 30 آذار/مارس 2012، وقع عليه 2850 شابا وشابة، ركزوا فيه على قضية جوهرية، هي استقلاليتهم ووطنيتهم التي لا يحق لأحد التشكيك فيها. جاء في البيان: "ندرك ما لنا من حقوق وما علينا من واجبات، لا نقبل أن يشكك أحد في إسلامنا أو وطنيتنا، ولا نقبل أن يتحدث أي تيار أو اتجاه باسمنا بشكل يدَّعي فيه احتكاره حق تعليمنا وإرشادنا ونصحنا والوصاية علينا". ويضيف: "نحن الجيل الشبابي اليوم، نستنكر ونرفض بشدة عودة هذه الثقافة الصراعية الإقصائية التحريضية، التي لا تؤمن بالتعددية والحرية المسؤولة والمجتمع المدني والوطن الواحد الذي يسع ويحتوي الجميع بكل ألوانه وأطيافه، فعودتها تعني أن الخاسر -الأكبر هو الوطن".
وكانت فترة حرب الخليج الثانية عام 1991، حين استقبلت الحكومة السعودية قوات غربية اتخذت من أراضي المملكة قواعد لها في حربها ضد العراق، مناسبة لظهور بيانات عامة حازت مدى وأبعادا سياسية واسعة. وتواصلت بعد ذلك بيانات ما بعد الحادي عشر من سبتمبر، خلال 2003-2004، والتي بلورت فيها القوى الإصلاحية مواقف جادة وواضحة من برامج الإصلاح. وشارك في ذلك للمرة الاولى شخصيات من توجهات فكرية وسياسية متنوعة، وربما تكون متباينة. لكن هذه المبادرات راوحت مكانها ولم تحقق تقدما حقيقيا في دفع عملية الإصلاح السياسي في المملكة. وبمقابل ذلك، شددت الحكومة الرقابة والمتابعة على القائمين عليها. ورغم ذلك، بعد سنوات، وُلدت وثيقتان سياسيتان مهمتان للغاية هما "دولة الحقوق والمؤسسات" (23 شباط /فبراير 2011)، و"نداء وطني للإصلاح" (بعد ذلك باسبوع). وميزة الوثيقتين تضمنهما مطالب إصلاحية واضحة ومحددة، تشمل ضمان الحريات العامة، ومأسسة أجهزة الدولة بشراكة المواطنين، والدعوة لإقرار دستور للبلاد، والفصل بين السلطات، واستقلال القضاء.
وتعتبر السعودية من أكثر الدول العربية حضانة للتقنية، وشبابها الذين يمثلون نسبة تصل الى 60 بالمئة من السكان للفئة ما دون الثلاثين، يعتبرون أيضا من أكثر المستخدمين لهذه التقنية بصورها المختلفة. ويقدر أن عدد مستخدمي الفيسبوك في السعودية تجاوز الثلاثة ملايين مستخدم، وأن 75% منهم بين سن الخامسة عشرة والتاسعة والعشرين، في ظل أن عدد مستخدمي الإنترنت في المملكة حالياً يقدر بنحو 13 مليون مستخدم (يقدر عدد السعوديين بحوالى 26 مليوناً). وكشفت دراسات أن أحاديث 54% من المراهقين على إحدى الشبكات الاجتماعية تطرقت إلى موضوعات تُعد من المحظورات في نظر المجتمع، وتتناول قضايا سياسية وفكرية ودينية.
بدأت هذه الفئات الشبابية مجددا، قبل الأحداث الجارية في المنطقة العربية، تأخذ مواقع متقدمة في التعبير عن آرائها من دون أن تؤطر نفسها بأطر تقليدية، حزبية أو فكرية أو مناطقية، كما هو الحال في النخب المثقفة والإصلاحية. وتناول الشباب قضايا إصلاحية شملت توثيق حالات الفقر والبطالة، والعديد من القضايا الإجتماعية التي تتعلق بالمرأة والبيروقراطية ودور رجال الدين. وتم ذلك من خلال عرض مقاطع فيديو مصورة من أرض الواقع وبثها على قناة "يوتيوب". كما تم أيضا إعداد برامج فيديو قصيرة، عبارة عن متابعات لأبرز القضايا والأحداث كمسائل الفساد المالي، الواسطة، وضع المرأة، البطالة بين الشباب، حالات الفقر، أزمة الإسكان، سرقة الأراضي، والتعليق عليها بصورة كوميدية تجذب اهتمام ومتابعة المشاهدين، وتوصل لهم رسائل إصلاحية غير مباشرة. وتنال هذه البرامج والمقاطع القصيرة مشاهدة عالية وتداولا بين المواطنين بصورة ملحوظة.
ويبدو "فيسبوك" أبرز وسيلة للتواصل والتشكل الجمعي من خلال الدعوات التضامنية، سواء في أبعادها المدنية أو السياسية، حيث تُطلق مبادرات لحملات جماعية حول مواجهة الطائفية مثلا، أو التضامن مع معتقلي الرأي، والدعوة للتجمعات والحوارات الشبابية حول القرارات الحكومية ومآلاتها، وتبادل المعلومات حول مختلف القضايا والمواقف السياسية. كما ينظم الشباب أيضا حملات التضامن من خلال "فيسبوك" لمواضيع وأحداث عدة تشمل تمكين المرأة، والخدمات الإنسانية وتبادل التقارير الأخبارية، وتنظيم التضامن كما حدث في أثناء كارثة سيول جدة.
أما موقع "تويتر" فقد تحول إلى ساحة حوار وجدل حقيقيين في مختلف القضايا السياسية والدينية والإجتماعية، حيث ان مرتاديه من الشباب يتابعون بصورة مستمرة تغريدات الشخصيات الدينية والسياسية ويبدون مشاركاتهم وردودهم عليها. إضافة إلى ذلك، ينظم الناشطون من الشباب السعودي حملات من تغريدات التضامن، في أوقات محددة، مع سجناء رأي أو موقوفين، بهدف الضغط للإفراج عنهم. كما تتم أيضا إعادة إرسال التغريدات الجدلية المثيرة بصورة كبيرة، وخاصة تلك التي تتعلق بقضايا الفساد الإداري المالي. فقد تم تدشين حملات تضامن مع موقوفين، ابرزهم محمد البجادي والشيخ يوسف الاحمد ونزير الماجد، وهم من اتجاهات سياسية ومذهبية مختلفة، شارك فيها الشباب من مختلف المناطق، مطالبين بمحاكمتهم أو بالافراج عنهم.
ولعل أبرز ما يوضح نمو الدور الشبابي في المطالبة بالإصلاح هو المشاركة في الاحتجاجات المتكررة التي بدأت تأخذ موقعا كبيرا في الشارع العام. ففي آذار/ مارس الماضي، احتجت حوالي سبعة آلاف طالبة أمام مبنى مجمع الطالبات لكليتي الآداب والتربية في "جامعة الملك خالد" في منطقة "أبها"، بسبب الاعتراض على تجاهل الجامعة مطالبهن وإهمال النظافة، وبسبب إساءات المشرفات وحارسات الأمن وإهاناتهن لهن، وعدم توافر كراسي في الجامعة، حتى أنهن اضطررن إلى افتراش الأرض لمتابعة الدروس. وتفاعلت القضية في جامعات سعودية أخرى كجامعة "الجوف" وجامعة "طيبة"، كما انطلقت مطالبات لتطوير البيئة المدرسية والجامعية في عدد من المناطق.
هذا الحراك أطلق عليه البعض "الربيع الجامعي" نظرا لما تبعه من استجابات وتدخل مباشر للمعالجة السريعة التي جاءت بعد توسع هذه المطالب وانتقالها لمناطق مختلفة. بل ان هنالك اصواتا انطلقت مطالبة بعودة إقرار الهيئات والروابط الطلابية المستقلة التي كانت قائمة في السبعينيات من القرن الماضي، وتمَّ حلها.
الحراك الشبابي انطلق أيضا من متخرجي المعاهد الصحية، ويقدر عددهم بثمانية وعشرين ألفا، لم يتم توظيفهم في أجهزة وزارة الصحة، ما دعا مجاميع كبيرة منهم للتظاهر والاعتصام في شباط/فبراير 2012 أمام مبنى وزارة الصحة في الرياض مطالبين بتوظيفهم واعتماد شهاداتهم.
على الصعيد الفكري، أثار "ملتقى النهضة الشبابي" الذي تم عقده في الكويت في نهاية شهر آذار/مارس الماضي من قبل جماعات إسلامية سعودية، واستضاف شخصيات سياسية ودينية مثيرة، جدلا كبيرا في الساحة المحلية بسبب الرؤية المنفتحة والمستقلة التي انتهجها، داعيا الحضور من الشباب والشابات إلى التحرر الفكري والانفتاح على مختلف المكونات الوطنية واحترام حرية الرأي، وهي أمور غير مألوفة في ظل سيادة نمط ومنهج فكري واحد. احتضن اللقاء توجهات تتبنى الحوار بين مختلف الأطراف الاسلامية - الليبرالية لاحتواء الجيل الجديد من الشباب الذي بدأ في التشكل خارج الأطر التقليدية القائمة.
تلى هذا الملتقى إصدار بيان حمل عنوان "ضمان الحريات وأدب الاختلاف" بتاريخ 30 آذار/مارس 2012، وقع عليه 2850 شابا وشابة، ركزوا فيه على قضية جوهرية، هي استقلاليتهم ووطنيتهم التي لا يحق لأحد التشكيك فيها. جاء في البيان: "ندرك ما لنا من حقوق وما علينا من واجبات، لا نقبل أن يشكك أحد في إسلامنا أو وطنيتنا، ولا نقبل أن يتحدث أي تيار أو اتجاه باسمنا بشكل يدَّعي فيه احتكاره حق تعليمنا وإرشادنا ونصحنا والوصاية علينا". ويضيف: "نحن الجيل الشبابي اليوم، نستنكر ونرفض بشدة عودة هذه الثقافة الصراعية الإقصائية التحريضية، التي لا تؤمن بالتعددية والحرية المسؤولة والمجتمع المدني والوطن الواحد الذي يسع ويحتوي الجميع بكل ألوانه وأطيافه، فعودتها تعني أن الخاسر -الأكبر هو الوطن".
------------------------------------------
من هي الحركة الإصلاحية في السعودية؟يتشكل الحراك الإصلاحي التقليدي في السعودية من اتجاهات ثلاثة:
• الاتجاه الليبرالي الوطني، وهو خليط من بقايا حركة اليسار والقوميين العرب بمختلف توجهاتها، وكان فاعلاً منذ الخمسينيات تحت مسميات مختلفة، وعمل معظم المنتمين إليه في أطر مؤسسية قريبة من أجهزة الدولة، وخاصة في مجالات الإعلام وعدد من الوزارات. ويتميز طرح القوى الليبرالية بالمرونة وتجاوز الحالة المناطقية والمذهبية، ويميل إلى الإصلاح المتدرج والمتوافق مع بنية النظام، ولا يسعى إلى الدخول في صدام معه.
• الاتجاه الديني، وهو خليط أيضا من تيارات إسلامية متعددة، متشددة ومعتدلة، وبعضها متشكل تنظيميا بينما البعض الآخر يقتصر على أفراد أو مجموعات مستقلة. يتميز طرح هذا الاتجاه بالتصعيد والمكاشفة في نقد الدولة وأجهزتها ورموزها أحيانا، ويطالب بمعالجات جذرية تشمل إقرار دستور وتحكيم الشريعة وتحديد سلطات الأمراء.
• الاتجاه الثالث يعبر عنه الإصلاحيون الشيعة. يشكل الشيعة ما يقارب 15% من السكان، ولهم نشاط إعلامي وسياسي طويل، ويركزون على معالجة التمييز ضدهم في سياسات الدولة. ويتفق الاصلاحيون الشيعة مع الاتجاهات الإصلاحية الوطنية والإسلامية على ضرورة البدء بالإصلاح السياسي باعتباره مخرجا لمعالجة التمييز المؤسسي ضدهم.
• هنالك أفراد أو مبادرات محدودة بدأت تبرز مؤخرا خارج هذه الجماعات التقليدية، متجاوزة الحالة المناطقية والإيديولوجية، وهي تتبنى مطالبات إصلاحية، وخاصة في المجالات الاجتماعية والاقتصادية، وتحديدا حول أزمات الإسكان والبطالة ومعالجة الفساد.
-------------------------------------------
أبرز المطالب الإصلاحية في السعودية
لسنوات طويلة، ظلت مطالب الإصلاح في السعودية أسيرة جدل وتنازع بين إسلاميين يطالبون بالمزيد من تقييد الحريات والعودة إلى أحكام الشريعة وتحكيمها في مختلف مفاصل الحياة الاجتماعية والاقتصادية، وليبراليين يدعون لمزيد من التحرر الاجتماعي والاقتصادي وإطلاق الحريات العامة، والمطالب الخاصة بقضايا المرأة. وبدءاً من 2003 بدأ هذان الاتجاهان يجدان نقاط تلاقٍ نُظر إليها على أنها مفيدة لكل القوى بغض النظر عن ايديولوجيتها. وتركزت تلك النقاط حول سيادة القانون، وإطلاق الحريات، وتنظيم انتخابات، وإعلان حوار وطني، وضمان حقوق الإنسان. وفي مرحلة لاحقة، اطلقت نداءات تدعو لإنشاء نظام يعتمد على الملكية الدستورية بدلا من الملكية المطلقة، ونال ذلك قبولا واسعا بين شرائح وطنية مختلفة. تركز المطالب الإصلاحية في المرحلة الحالية على معالجة الفساد الإداري والمالي، وإيجاد رقابة على المال العام وصيانته من الهدر والتلاعب، والحد من صلاحيات أفراد الأسرة الحاكمة، وانتخاب ممثلين في مجلس نيابي وطني، والكف عن انتهاك حقوق الإنسان كالاعتقالات والتعذيب والسجن من دون محاكمة والمنع من السفر. كما يطالب الإصلاحيون بسيادة القانون والمساواة بين جميع المواطنين واعتماد برامج تنموية متوازنة بين مختلف المناطق، ومعالجة التمييز ضد المرأة واحترام الحريات الدينية وإشراك الشباب في الشأن العام.
جعفر الشايب
كاتب وناشط حقوقي، راعي منتدى الثلاثاء الثقافي، وعضو المجلس البلدي بمحافظة القطيف
11/7/2012م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..