مقدار
ضئيل من الحرية منحته لنا التكنلوجيا ، وصرنا نكتب بحرية - مشوهة - دون
حسيب ورقيب أخلاقي : فضحتنا ، وكشفت كل التشوهات الموجودة في دواخلنا ،
وأبرزها : العنصرية .
محمد الرطيان
والحرية
- حتى وإن أتت مشوهة بعض الشئ - هي رائعة .. هي على الأقل ، في هذه الحالة
، تكشف بعض أمراضنا دون تدخل من رقيب يُلطّف ما يجب تلطيفه من الكلمات ،
أو " ماكيير " يُخفي بمكياجه بعض دمامل الوجه . وأهم وأخطر الأمراض التي
يعاني منها المجتمع السعودي ، هو : مرض العنصرية .
بالعنصرية تختطف وظائف وفرص لتُمنح لجهة دون جهة وجماعة دون جماعة .
بالعنصرية يتم تقسيم المجتمع حسب اللون والمنطقة والمذهب واللهجة والجهة والأصل .
بالعنصرية نهبُّ هبَّة رجل واحد على " كشغري " ونغض الطرف عن تجاوزات غيره .
بالعنصرية تسقط " المواطَنة " لتحل محلها : المناطقية والقبلية والمذهبية .
بالعنصرية
يخرج طبيب نفساني ليحدد الولاءات حسب الجهات ، ويخرج أكاديمي آخر - لديه
فائض من الحماقة - ليحدد الفرقة الناجية منّا ، ويوزع صكوك الغفران حسب
بوصلته العمياء .
جميعنا - يا سادة يا كرام - عنصريون !
أنا
، وهو ، وهي ، وأنتم - يا من تقرؤون الآن - مهما أعلنا التزامنا بقيم
التسامح والمساواة فنحن لا نخلو من شكل من أشكال العنصرية الخفيّة ... أنا ،
وأنت : أين تشكلنا بهذا الشكل ؟.. أي ثقافة تلك التي رسمت ملامحنا ؟
هل تذكر في تعليمك ( من الأول ابتدائي حتى الثالث ثانوي ) أنك تلقيت حصة تعليمية واحدة تبيّن لك بشاعة العنصرية ؟
هل تذكر في إعلامك المقروء والمسموع والمرئي أن أحدهم أوقف لأنه قال قولاً عنصرياً ؟
هل تذكر أن القضاء عاقب أحدهم بسبب شكل من أشكال التمييز العرقي أو بسبب فعلٍ أول قول عنصري ؟
هل تعرف مادة في القانون تُجرّم العنصرية ؟!
أنا
، وأنت ، وهم أبناء هذا المجتمع ، ونتاج لهذه الثقافة : منذ طفولتك تعرض
عقلك لملايين الأشرطة والمواعظ والخطب والمطويات والمحاضرات الدينية ... هل
تذكر أن أحدهم وقف طويلاً - كما ينبغي - عند حديث الرسول الأعظم صلوات
الله وسلامه عليه ( لا فضل لعربي على عجمي ، ولا لعجمى على عربي ، ولا
لأبيض على أسود . ولا لأسود على أبيض ، إلا بالتقوى ، الناس من آدم ، وآدم
من تراب ) مثلما يقف عند عباءة المرأة وقيادة المرأة وعمل المرأة ؟!
أنا
وأنت - يا سيدي - عنصريون : حتى عندما نرفض قولاً عنصرياً ، تجدنا - دون
وعي - نرد بقول عنصري ضد الجهة التي أتى منها صاحب القول .. نعالج العنصرية
بعنصرية ، ونجهل فوق جهل الجاهلينا !
العنصريون : حمقى .. حتى وإن ادعوا غير ذلك .
العنصريون : مرضى .. حتى وإن أعجبتكم أجسامهم ، وخدعتك حروف " الدال " التي تسبق أسماءهم .
كلما
تقدم الوعي والمعرفة والحضارة لدى الأفراد / الأمم قلّت عنصريتهم تجاه
الأشياء ، وصاروا يتعاملون معها على أنها صفة بشعة ودنيئة .
الإنسان - يا سادة - لا يختار أصله ، ولا لونه ، ولا مكان ولادته ، فلماذا يُصر البعض منا على معاملة البشر وفقاً لهذه الأشياء ؟
لا مجد لابن غني على ابن فقير .
ولا للون ضد لون آخر .. الحياة رائعة بتعدد ألوانها .
ولا تميّز لعرق ضد عرق آخر .. فتكوين الإنسان في كل مكان واحد .
هذه أشياء لا نتحكم بها ، ولا نختارها ..
المجد بما نختاره من أفعال وأقوال وما نؤمن به من مبادئ خيّرة .
هل تذكر في تعليمك ( من الأول ابتدائي حتى الثالث ثانوي )
أنك تلقيت حصة تعليمية واحدة تبيّن لك بشاعة العنصرية ؟
هل تعرف مادة في القانون تُجرّم العنصرية ؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..