|
(الجزء 92، الصفحة رقم:
337) |
|
صلح بعض الورثة عن القصاص بأكثر من الدية ،
ومشاركة الورثة للمُصَالح فيما يأخذه
لمعالي الشيخ : عبد الله بن محمد بن سعد آل خنين
عضو هيئة كبار العلماء
وعضو اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
المقدمة :
إن الحمد لله نحمده ، ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ،
ومن سيئات أعمالنا ، من يهد الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ،
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .
صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا ، أما بعد :
فإن هذا الموضوع قد تأكدت الحاجة إلى بحثه؛ نظرا لكثرة حوادث صلح بعض
الورثة عن حقه من القصاص بعوض مالي كبير يفوق الدية بمرات كثيرة ، ويقع
التساؤل هل ما يأخذه يختص به
|
(الجزء رقم :
92، الصفحة رقم:
338) |
|
وليس لبقية الورثة إلا نصيبهم من دية قتل العمد ، أو يحق لهم مشاركته
جبرا فيما يأخذه لسقوط حقهم المشترك . وهو القصاص بسبب صلحه ؟
وقد كان هذا الموضوع يلوح في ذهني ثم يختفى مرة أخرى منذ زمن بعيد؛
لعلاقته المباشرة بعملي السابق قاضيا ، وقد أوقد جذوته مرة أخرى أحد
الزملاء حينما باحثني فيه ، فكان ذلك حافزا على بحثه والكتابة فيه .
وقد انتظم هذا البحث في مقدمة ، وثلاثة مباحث ، وخاتمة ، وبيان ذلك على النحو التالي :
المبحث الأول : مشروعية القصاص في قتل العمد ، والعفو عنه ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول : مشروعية القصاص في قتل العمد .
المطلب الثاني : العفو عن القصاص في القتل العمد .
المبحث الثاني : صلح بعض أولياء الدم عن القصاص بأكثر من حصته من الدية ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول : عفو بعض أولياء الدم عن القصاص ، وسقوطه على بقيتهم بذلك .
المطلب الثاني : صلح بعض أولياء الدم عن حقه من القصاص
|
(الجزء رقم :
92، الصفحة رقم:
339) |
|
بأكثر من حصته من الدية .
المبحث الثالث : مشاركة بقية الورثة مع العافي فيما يأخذه من عوض عن القصاص ، وفيه تمهيد ، وخمسة مطالب :
التمهيد : صورة المسألة ، وتحرير محل البحث فيها .
المطلب الأول : مذهب
الحنفية .
المطلب الثاني : مذهب
المالكية .
المطلب الثالث : مذهب
الشافعية .
المطلب الرابع : مذهب
الحنابلة .
المطلب الخامس : حاصل الأقوال والترجيح .
الخاتمة ، وفيها ملخص البحث وأبرز نتائجه .
وهذا أوان البدء في البحث .
المبحث الأول
مشروعية القصاص في قتل العمد ، والعفو عنه :
وفيه مطلبان :
المطلب الأول : مشروعية القصاص في قتل العمد .
المطلب الثاني : العفو عن القصاص في القتل العمد .
|
(الجزء رقم :
92، الصفحة رقم:
340) |
|
المطلب الأول
مشروعية القصاص في قتل العمد
القتل ثلاثة أنواع ، هي : العمد ، وشبهه ، والخطأ .
وقد حدّ العلماءُ القتلَ العمد بأنه : أن يقصد مَن يعلمه آدميا معصوم الدم فيقتله بما يغلب على الظن موته به كما حد العلماء القتل شبه العمد بأنه : أن يقصد جناية على آدمي لا تقتل غالبا .
فهو قصد للفعل من غير قصد للقتل
كما حد العلماء قتل الخطأ بأنه : أن يفعل ما له فعله فيصيب آدميا معصوما لم يقصده بالقتل فيقتله ، ومنه عمد الصبي والمجنون؛
|
(الجزء رقم :
92، الصفحة رقم:
341) |
|
لأنه لا قصد لهما .
والقصاص إنما يكون في العمد خاصة ، فمن قتل غيره عمدا فلأولياء الدم القصاص منه ، ويدل له من الكتاب والسنة ما يلي :
1 - قول الله - تعالى - :
[المائدة : 45] .
2 - قول الله - تعالى - :
[البقرة : 178] .
ففي الدليل الأول يخبر الله - عز وجل - أنه كتب على بني إسرائيل القصاص في
القتل النفس بالنفس ، وشرع من قبلنا شرع لنا متى ثبت ولم ينسخه شرعنا ،
ولا ناسخ هنا .
كما أنه في الدليل الثاني يخبر الله - عز وجل - بأنه كتب على المسلمين
القصاص في القتل الحر بالحر ، والعبد بالعبد ، والأنثى بالأنثى ، فدل ذلك
على مشروعية القصاص .
3 - ما رواه أبو هريرة - رضي الله عنه - قال : لما فتح الله على
|
(الجزء رقم :
92، الصفحة رقم:
342) |
|
رسوله - صلى الله عليه وسلم - مكة قام في الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم
قال : إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين؛ فإنها لا تحل
لأحد كان قبلي ، وإنها أحلت لي ساعة من نهار ، وإنها لا تحل لأحد بعدي ،
فلا ينفر صيدها ، ولا يختلى شوكها ، ولا تحل ساقطتها إلا لمنشد ، ومن قتل
له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدى وإما أن يقيد ، فقال العباس رضي الله
عنه : إلا الإذخر؛ فإنا نجعله لقبورنا وبيوتنا ، فقال رسول الله - صلى
الله عليه وسلم - : إلا الإذخر ، فقام أبو شاه . رجل من أهل اليمن . فقال :
اكتبوا لي يا رسول الله ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اكتبوا
لأبي شاه ، قلتُ للأوزاعيّ : ما قوله : ( اكتبوا لي يا رسول الله ) ؟ قال :
هذه الخطبة التي سمعها من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
فبين النبي - صلى الله عليه وسلم - هنا أنه إذا قتل قتيل فلأولياء الدم
الخيرة بين القصاص من الجاني أو أخذ الدية ، فدل ذلك على مشروعية القصاص
عند طلبه من الورثة .
|
|
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..