السبت، 4 أغسطس 2012

المتاجرة بدماء المحكوم عليهم بالقصاص

أتابع كما يتابع غيري , بشيء من الاستغراب, ظاهرة استجدت في مجتمعنا , وهي المتاجرة بدماء المحكوم
عليهم بالقصاص, وما نتج عن ذلك من السلبيات ومنها على سبيل المثال وليس الحصر:

1) استسهال القتل لمجرد سوء تفاهم, لا يبرر بأي حال من الأحوال, أن يكون سببا للإقدام على إزهاق نفس معصومة, فالقاتل لم يكن انصياعه لتلبية أوامر الشيطان له بالقتل, إلاّ بدوافع أخرى من بينها : يقينه الجازم بأن القبيلة ( الكبيرة وذات الشأن ) التي ينتمي إليها , لن تدّخر الوسع في بذل كل إمكاناتها للحيلولة دون ابنها القاتل والقصاص, سواء ببذل المال أضعافا فلكية مهما بلغت , أو بتوسيط ذوي الجاه والسلطان والنفوذ, من أجل التنازل عن القصاص وقبول الدية التي قد يتجاوز مقدارها ما هو محدد في شرع الله ديةً , أضعافا فلكية كما سبقت الإشارة.

2)  التعطيل العملي لحدّ القصاص ,بإقرار مبدأ المتاجرة والمزايدة في مقدار الديات بما لم يرد في الشرع.

3) تسمية الشيء بغير اسمه, فالملايين المملينة التي يرضى بها ذوا القتيل عوضا عن دم مقتولهم , يُطلقون على قبولهم لها " عتق رقبة " القاتل ... فأنا لا أعلم في مصطلحات فقهنا عتقا لرقبة بمقابل, فالعتق المقترن بمقابل , يُطلقُ عليه " المُكَاتبة" وهو الاتفاق على عوض يدفعه المُكَاتبُ منجّما ’ أي أقساطاً ، إذا استوفاه صار حرّا

4)  المخالفة الصريحة  للنهي والزجر المشددين الواردين في منع الشفاعة في حد من حدود الله ,وهي تلك الشفاعة التي تُبذل لدرء القصاص عن الجاني,.

5)  وإنّ ما نشهده اليوم من استسهال القتل,و الجرأة عليه  لأتفه الأسباب, وما ينطوي على ذلك من التعدي على الدولة وهيبة سلطانها, ما هو إلاّ النتيجة الحتمية , للتعامل مع تلك الجزئية من حياة الناس , بخلاف ما جاء به الشرع الذي جعل في القصاص حياة للناس, وهو القصاص الذي يُعتبر مجرد التفكير في حتمية وقوعه على الجاني, خير رادع له وزاجر, من أن ينساق وراء نزوة طيش وغضب, فيُزهق نفساً ’ يُعدّ إزهاقها بمثابة قتل الناس جميعا .

وأختم بملاحظة جديرة بالتأمّل , وهي : لو كانت وساطة السلطان ، أو  ولي الأمر في الحدود , أمرا مشروعا ( سواء ببذل الجاه أو المال , أو هما معاً ) لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم , هو أول الباذلين لتلك الشفاعة , التي تدرأ القصاص عن الجُناة, إذ لا يُمكن تَصَوّر ردّ  مسلم لشفاعة رسول رب العالمين عليه الصلاة والسلام ,,

أخوكم
عبد الرحمن بن محمد الأنصاري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..