بين
أذان شيعي (حي على خير العمل) يصدح في حي 6 أكتوبر القاهري، إلى تحذير
قادة سياسيين من هلال شيعي يخنق المنطقة كما صدر من ملك الأردن، إلى تصريح
الشيخ القرضاوي عن خطورة نشر التشيع في مصر التي يشكل فيها السنة 100% من
المسلمين، إلى استهداف الحسينيات ومساجد السنة بالتفجيرات، إلى الخطوة
اللافتة للأزهر لإدراج تجريم قذف أو سب الصحابة وأمهات المؤمنين في الدستور
المصري، إلى التعرض لسبطي النبي صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين
عليهما السلام، في الكويت من خلال تغريدة متوترة، مما استدعى تدخل أمير
الكويت وأمره بملاحقة ومحاسبة الفاعلين لأنهم يضربون الوحدة الوطنية
ويشيعون روح الفتنة، كما أشار إلى ذلك الزميل عبد الرحمن الراشد في هذه
الصحيفة في عدد السبت المنصرم.
الأغلبية الساحقة من العقلاء في كوكبنا من كل نحلة ومذهب وملة، بغض النظر عن الأعراق والألوان والأجناس وعلى مر التاريخ، يتفقون على تجريم الطائفية.. الإنسان يمقتها بالفطرة كما يمقت الوسخ والقاذورات.. كل هذا صحيح ومجمع عليه، لكن على الورق، فحين تجري التطبيقات يصاحبها الاختلافات والنزاعات على الحكم بأن هذا العمل طائفي أم لا، تماما مثل إجماع البشرية على نبذ الإرهاب، لكن حين يبدأون في إنزال وصف الإرهاب على الوقائع والأحداث يثور الجدل ويحتدم النقاش.
فالوقائع والأحداث والأقوال والأفعال حول الطائفة أو حول أتباع الملل والنحل على تصنيفات ثلاثة؛ الأول مواقف طائفية صارخة ولا يكاد يجادل حولها إلا المتشددون والمتشنجون في الطرفين، وهؤلاء لا وزن لهم، مثل التضييق على أتباع طائفة معينة بسبب انتمائها لهذه الملة أو النحلة، وحرمانهم من حقوق المواطنة كليا أو جزئيا مثل التعليم والتوظيف والصحة.. إلخ، وتعميم الأحكام القاسية عليهم، ولا يستثنون، على قاعدة المثل الخليجي «ما في الفأر طاهر». والثاني مواقف غير طائفية، مثل تأييد الأخذ بالحزم مع من يفتئت على النظام العام ويتحدى القانون، فهذا لا بد أن يطبق عليه النظام حتى لو انتمى إلى أقلية، ولا يصح أن يلتفت إلى هاجس الطائفية، وإلا كرستها، بل خطورتها تكمن في عدم إضفاء المواطنة بمعناها الحقيقي على أفراد تلك الطائفة أو الأقلية.
بقي الإشكال في الصنف الثالث وهم في المنطقة الرمادية، ومساحتها للأسف ليست صغيرة، وهي التي يتراشق الناس حولها تهم الطائفية دون تثبت وتروٍّ، ويصعب فيها تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الطائفية، على الأقل عند إحدى الطائفتين، مثل اتهام الأزهر بالطائفية بسبب تثبيت مادة في الدستور تحرم سب الصحابة وزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتجريم الهجوم على مساجد السنة، أو حسينيات الشيعة، فالجريمة تستحق الإدانة، لكن لن تسلم من اتهامك بأن في شجبك نفس طائفي، وقل الشيء ذاته عن انتقاد محاولة نشر التبشير الشيعي في دول مسلموها بالكامل سنة، كما يجري الآن في الدول الإسلامية السنية الأفريقية عربها وعجمها، فورا سترى نفسك وأنت تدفع إلى خانة الطائفية، مع أنها في الحقيقة مدافعة للطائفية وليس ولوغا فيها، فيكفينا التنازع الطائفي الخطير الذي يهدد سلم وأمن العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج بسبب التنوع الطائفي، فكيف نسمح باستنباته في دول تشتهر بتناغمها ووحدتها المذهبية والطائفية؟
باختصار، المقتحم لموضوع فيه تنازع بين الطوائف لن يسلم مطلقا من نار الطائفية، ولو سلم من نارها، لا بد أن يصيبه شيء من دخانها.
http://m.aawsat.com/content/1344205137000964700/opinion
الأغلبية الساحقة من العقلاء في كوكبنا من كل نحلة ومذهب وملة، بغض النظر عن الأعراق والألوان والأجناس وعلى مر التاريخ، يتفقون على تجريم الطائفية.. الإنسان يمقتها بالفطرة كما يمقت الوسخ والقاذورات.. كل هذا صحيح ومجمع عليه، لكن على الورق، فحين تجري التطبيقات يصاحبها الاختلافات والنزاعات على الحكم بأن هذا العمل طائفي أم لا، تماما مثل إجماع البشرية على نبذ الإرهاب، لكن حين يبدأون في إنزال وصف الإرهاب على الوقائع والأحداث يثور الجدل ويحتدم النقاش.
فالوقائع والأحداث والأقوال والأفعال حول الطائفة أو حول أتباع الملل والنحل على تصنيفات ثلاثة؛ الأول مواقف طائفية صارخة ولا يكاد يجادل حولها إلا المتشددون والمتشنجون في الطرفين، وهؤلاء لا وزن لهم، مثل التضييق على أتباع طائفة معينة بسبب انتمائها لهذه الملة أو النحلة، وحرمانهم من حقوق المواطنة كليا أو جزئيا مثل التعليم والتوظيف والصحة.. إلخ، وتعميم الأحكام القاسية عليهم، ولا يستثنون، على قاعدة المثل الخليجي «ما في الفأر طاهر». والثاني مواقف غير طائفية، مثل تأييد الأخذ بالحزم مع من يفتئت على النظام العام ويتحدى القانون، فهذا لا بد أن يطبق عليه النظام حتى لو انتمى إلى أقلية، ولا يصح أن يلتفت إلى هاجس الطائفية، وإلا كرستها، بل خطورتها تكمن في عدم إضفاء المواطنة بمعناها الحقيقي على أفراد تلك الطائفة أو الأقلية.
بقي الإشكال في الصنف الثالث وهم في المنطقة الرمادية، ومساحتها للأسف ليست صغيرة، وهي التي يتراشق الناس حولها تهم الطائفية دون تثبت وتروٍّ، ويصعب فيها تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الطائفية، على الأقل عند إحدى الطائفتين، مثل اتهام الأزهر بالطائفية بسبب تثبيت مادة في الدستور تحرم سب الصحابة وزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتجريم الهجوم على مساجد السنة، أو حسينيات الشيعة، فالجريمة تستحق الإدانة، لكن لن تسلم من اتهامك بأن في شجبك نفس طائفي، وقل الشيء ذاته عن انتقاد محاولة نشر التبشير الشيعي في دول مسلموها بالكامل سنة، كما يجري الآن في الدول الإسلامية السنية الأفريقية عربها وعجمها، فورا سترى نفسك وأنت تدفع إلى خانة الطائفية، مع أنها في الحقيقة مدافعة للطائفية وليس ولوغا فيها، فيكفينا التنازع الطائفي الخطير الذي يهدد سلم وأمن العراق وسوريا ولبنان ودول الخليج بسبب التنوع الطائفي، فكيف نسمح باستنباته في دول تشتهر بتناغمها ووحدتها المذهبية والطائفية؟
باختصار، المقتحم لموضوع فيه تنازع بين الطوائف لن يسلم مطلقا من نار الطائفية، ولو سلم من نارها، لا بد أن يصيبه شيء من دخانها.
http://m.aawsat.com/content/1344205137000964700/opinion
حمد الماجد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..