المطلب الاول
مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي والمفاهيم ذات الصلة
تمهيد وتقسيم:
شبكات التواصل الاجتماعي هي مصطلح يشير إلى تلك المواقع على شبكة الإنترنت والتي ظهرت مع ما
يعرف بالجيل الثاني للويب (Web2) حيث تتيح التواصل بين مستخدميها في بيئة مجتمع افتراضي يجمعهم وفقاً لاهتماماتهم أو انتماءاتهم ، بحيث يتم ذلك عن طريق خدمات التواصل المباشر كإرسال الرسائل أو المشاركة في الملفات الشخصية للآخرين والتعرف على أخبارهم ومعلوماتهم التي يتيحونها للعرض. وتتنوع أشكال وأهداف شبكات التواصل الاجتماعي فبعضها عام يهدف إلى التواصل العام وتكوين الصداقات حول العالم، وبعضها الآخر يتمحور حول تكوين شبكات اجتماعية في نطاق محدود ومنحصر في مجال معين مثل شبكات المحترفين والمصورين والإعلاميين وغيرها. وسوف نتناول التعريف بمواقع التواصل الاجتماعي من خلال فرعين كالتالي:
الفرع الاول: مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الثاني: المفاهيم ذات الصلة بمفهوم مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الاول
مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي
تعرف موسوعة "ويب اوبيديا" شبكات التواصل الاجتماعي بأنها: "عبارة تستخدم لوصف أي موقع على الشبكة العنكبوتية يتيح لمستخدميه وضع صفحة شخصية عامة معروضة، ويتيح إمكانية تكوين علاقات شخصية مع المستخدمين الآخرين الذين يقومون بالدخول على تلك الصفحات. يضاف الي ذلك أن مواقع شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن تستخدم لوصف المواقع ذات الطابع الاجتماعي، مجموعات النقاش الحي ، غرف الدردشة وغيرها من المواقع الاجتماعية الحية .
ويوجد حالياً على الإنترنت مئات بل آلاف مواقع التواصل الإجتماعي ، وتتمثل أهم تلك المواقع في المدونات والمنتديات، إضافة إلى مواقع عديدة مثل الويكي Wiki، والفيسبوك وتويتر، يضاف الي ذلك التطبيقات التي قدمتها بعض الشركات الكبرى لدعم الفكر الاجتماعي في التفكير والمشاركة مع مستخدمي مواقعها مثل جوجل وياهو واللذان إهتما بالتحرير الجمعي والكتابة وبتنفيذ العروض المشتركة ، ومواقع خدمات وتخزين الصور وإعادة عرضها وإرسالها مثل فليكر Flicker ونشر مقاطع الفيديو مثل يوتيوب YouTube، وغيرها من الخدمات والتقنيات التي تجد اهتماماً فردياً مع تبادل المشاركة والنشر بين المستخدمين.
ولقد أحدث هذا الاختراع انعكاسات كبيرة على قواعد حرية النشر والتعبير، وتدعيم الفكر الديمقراطي وحقوق الإنسان وغيرها من المفاهيم السياسية والاجتماعية والتجارية التي انتشرت وتكونت حولها الجماعات مستفيدة من سهولة استخدامها والمشاركة فيها دون خبرات تقنية أو تكاليف مادية.
الفرع الثاني
المفاهيم ذات الصلة بمواقع التواصل الاجتماعي
اولا: مفهوم التطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
التطرف مصطلح لم يعرف في الكتب والمراجع العربية قديما بمعناه المنضبط اصطلاحا في الوقت الراهن وان كان بعض العلماء قديما استخدموا كلمة التطرف الديني على القائل المخالف للشرع، وعلى القول المخالف للشرع وعلى الفعل المخالف للشرع. فهو فهم النصوص الشرعية فهما بعيدا عن مقصود الشارع وروح الإسلام فالتطرف في الدين هو الفهم الذي يؤدي إلى إحدى النتيجتين المكروهتين، وهما الإفراط أو التفريط. والمتطرف في الدين هو المتجاوز حدوده والجافي عن أحكامه وهديه، فكل مغال في دينه متطرف فيه مجاف لوسطيته ويسره
وبنظرة اشمل على مفهوم التطرف نجد انّه بحسب بعض المصادر كل ما يؤدي إلى الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع، مُعبراً عنه بالعزلة أو بالسلبية والانسحاب، أو تبني قِيَم ومعايير مختلفة قد يصل الدفاع عنها إلى الاتجاه نحو العنف
في شكل فردي أو سلوك جماعي منظم، بهدف إحداث التغيري في المجتمع وفرض الرأي بقوة على الآخرين. وبهذا التوصيف فلا أحسن من شبكة الانترنت لمخالفة القيم والتعبير عن هذه المخالفات والدعوة لها من خلال البث الصوتي والنصوص والأفلام واحداث الضجيج للتعبير عن الأفكار التي يرى صاحبها اهمية ايصالها للناس.
والتطرف وفقا للمفاهيم الثقافية والأيدلوجية «قد يتحول من مجرد فكر إلى سلوك ظاهري أو عمل سياسي، يلجأ عادة إلى استخدام العنف Vi-lence وسيلة إلى تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفكر المتطرف، أو اللجوء إلى الإرهاب النفسي أو المادي أو الفكري ضد كل ما يقف عقبة في طريق تحقيق تلك المبادئ والأفكار التي ينادي بها هذا الفكر المتطرف». وهذا ما نتج حينما رصدت الجهات الأمنية في المملكة العربية السعودية وبريطانيا نشاطا متزايدا للمتطرفين على الانترنت فأوقفت متطرفين واغلقت مواقعهم.
ويرتبط التطرف بالعديد من المصطلحات، مثل التعصب. إن التطرف وفقاً للتعريفات العلمية يرتبط بالكلمة الإنجليزية Dogmatism أي الجمود العقائدي والانغلاق العقلي. والتطرف بهذا المعنى هو أسلوب مُغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة على تقبل أي معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة أو على التسامح معها
وهكذا يمكن تأسيسا على ما تقدم تعريف التطرف الالكتروني في هذا البحث باعتبار الوسيلة والمستقبل والمحتوى على انه: أنشطة توظيف شبكة الانترنت والهواتف المتنقلة والخدمات الالكترونية المرتبطة في نشر وبث واستقبال وانشاء المواقع والخدمات التي تسهل انتقال وترويج المواد الفكرية المغذية للتطرف الفكري وخاصة المحرض على العنف ايا كان التيار او الشخص او الجماعة التي تتبنى او تشجع او تمول كل ما من شأنه توسيع دائرة ترويج مثل هذه الأنشطة.
ثانيا: مفهوم العنف عبر شبكات التواصل الاجتماعي:
العنف في اللغة: قال ابن منظور: العنف الخرق بالأمر، وقلة الرفق به، وهو ضد الرفق. عَنُفَ به وعليه يَعنُفُ عنفاً وعنافة ، وأعنفه ، وعنّفه تعنيفاً ، وهو عنيف ، إذا لم يكن رفيقاً في أمره . واعتنف الأمر: أخذه بعنف، والتعنيف: التعيير واللوم
تعريف العنف في الاصطلاح: الشدة والقسوة ضد الرفق والاسلام دين رفق وحسنى مع المخالف وقد قال تعالى لنبيه:﴿ ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (125) (النحل) ويرى بعض الباحثين اهمية التمييز بني نوعين من العنف: العنف المادي والعنف الرمزي، فالأول يلحق الضرر بالموضوع) الذي يمارس عليه العنف (سواء كان في البدن أو في الحقوق، أو في المصالح أو في الأمن وغير ذلك. أما العنف الرمزي فيلحق ذلك الضرر بالموضوع على المستوى النفسي بأن يكون في الشعور الذاتي بالأمن والطمأنينة والكرامة والاعتبار والتوازن. والعنف الالكتروني باستخدام تطبيقات الانترنت والخدمات المرتبطة بها يتحقق من خلاله كلا النوعين ، العنف المادي، والعنف الرمزي فمن جهة العنف المادي نجد أن المحتوى المتطرف يمس الناس بالتهديد المباشر وبخاصة الرموز السياسية وهو ايضا ينتقص حقوق فئات معينة )مثل المهاجرين والملونين في الغرب، الأقليات الدينية في الشرق ( ويضرر بمصالح فئات ومجموعات ويهدد الأمن الوطني، وفي جهة العنف الرمزي فطول ادمان المواقع المتطرفة يقود اما الى التوتر والخوف، او يستهوي الانسان فيجنح الانسان الى تبني افكار متطرفة تأثرا بالغرس الثقافي المكثّف الذي يتعرض له من خلال شاشة الحاسوب أمامه.
المطلب الثاني
التأثيرات المختلفة لمواقع التواصل الاجتماعي
تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي بلا شك في الامن القومي للدول واستقرارها وهو ما دعا العديد من المؤسسات القومية المهتمة بالأمن الي دراستها ووضع الخطط الاستراتيجية للتعامل معها وذلك لان ما يتم نشرة عبر تلك المواقع من اخبار ومعلومات في الغالب ما تكون مفتقدة للصدق والدقة والمهنية وغالبا ما تكون موجهه لتحقيق غايات خاصة ، فعند التركيز في خلفيات مديري هذه المواقع الايديولوجية والفكرية والسياسية نجد ذلك جليا بالإضافة الي ان المحتوي المعلوماتي لهذه المواقع هو من اكثر المعلومات تداولا بين الجمهور وبخاصة الشباب حيث ان هذه المواقع تمكنت من جذب اعداد هائلة من المتصفحين في مدي زمني بسيط متجاوزة بذلك قدرات اجهزة الاعلام التقليدية الأخرى بفارق كبير وهو ما منحها قدرة كبيرة على التأثير في الساحة السياسية واتجاهات الرأي العام وكذا في بث الافكار والاعتقادات المتطرفة وبخاصة لدي الشباب وهو ما ادي لتغيير سياسي وامني كبير ومن ثم فقد اصبحت هذه المواقع تستخدم لتهديد امن الدول وزعزعة استقرارها وهو ما سوف نتناوله من خلال عدة عناصر على النحو التالي :
الفرع الاول: أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري
الفرع الثاني: أثر مواقع التواصل الاجتماعي على نشر العنف والتطرف عبر الانترنت
الفرع الاول
أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري
يعد مفهوم الامن الفكري من المفاهيم التي ظهرت مؤخرا مع انتشار استخدام الانترنت حيث ان تعرض الافراد للرسائل الاعلامية السلبية التي يتم بثها من خلال تلك المواقع والتي يتم اعدادها بواسطة افراد من ثقافات مختلفة تماما عن ثقافة المتلقي ادت الي التأثير بشكل سلبي في فكرة وقناعاته وقيمة مما قد يولد لدية افكارا متطرفة غريبة على مجتمعة وثقافته ودينه لذا نقول ان هذه الجوانب ذات ارتباط وثيق بالأمن الفكري للناس.
واذا كان الغزو الثقافي في الماضي يتم من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام التقليدية فان المسألة قد تحولت في الوقت الراهن الي مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير فعال على تغيير التوجهات الثقافية والقيمية والسلوكية والفكرية لأفراد مجتمع المتصفحين لها وهو ما اثر بشكل خطير على الامن الفكري لأفراد المجتمع.
فالاهتمام البالغ الذي تحظي به هذه المواقع قد اضحي مسألة تهدد الامن الفكري لأفراد المجتمعات المختلفة ليس في بلادنا فحسب وانما في كل بلدان العالم وهو ما يجعل التحولات السلوكية التي قد تحدث في بلد ما تؤثر بشكل قد يكون متنامي على بلدان اخري بحسب الاستعداد الفكري والنفسي لأفراد ذلك المجتمع وبخاصة الشباب منهم لسرعة تأثرهم بالأحداث واندفاعهم نحو الجديد ، كما ان ضعف الثقافة الدينية والحصانة الثقافية والفكرية ونقص الوعي وبخاصة لدي المراهقين وهم اغلب مستخدمي تلك المواقع يجعل تأثير ما يتم تداوله من خلالها اشد تأثيرا وضررا لذا فان تأثير تلك المواقع على الامن الفكري لأفراد المجتمع محل اهتمام ومتابعة .
كما ان ما تقوم به تلك المواقع من ترويج للمفاهيم والافكار الخاطئة يمكننا عقب الدراسة وتحليل نتائجه التأكيد على ان المحتوي المعلوماتي الذي يتم تداوله من خلال تلك المواقع قد ادي لاختلاط المفاهيم لدي المتلقين وتداخل العديد من المدلولات للعديد من المصطلحات الثابتة في يقين المجتمعات المختلفة والمتوارثة جيلا بعد جيل وتبني افكار وقيم مختلفة تماما عن تلك المتوارثة في العديد من المجتمعات وخاصة انه في غالب الاحوال يتم ذلك مسايرة لجموع متصفحي تلك المواقع ومن ثم يصبح توجيه الفكر والثقافة من خلال عناصر ذات اصول وثقافات مغايرة لمجتمعنا مما اضفي على افراد المجتمع قيما جديدة سلبية في معظم الاحوال ، ودون الخوض في مضمون تلك الافكار والقيم التي يتم بلورتها حاليا وفقا للما هو جاري في مجتمع تلك المواقع فان مستخدمي تلك المواقع يتلقونها ويقتنعون بها دون تفكير او دراسة فيتم تقبلها كحقائق بسبب كثرة تداولها وشيوعها.
حيث اشارت العديد من الدراسات والبحوث الميدانية الي ان عملية نشر معلومات وحقائق بشكل متواصل ومتكرر في وسائل الاعلام يؤدي الي جعلها مسلما بها لدي الافراد وان كانت غير حقيقية فنجد العديد من المقولات المنشورة منسوبة لغير اصحابها بالإضافة لنقلها بلغة غير سليمة وتغيير محتواها فيجد المتصفح نفسة غير قادر على تمييز الحقيقة ، بالإضافة الي انها مجال خصب لتداول الاشاعات والاخبار الكاذبة واحيانا ما يتم ذلك بشكل مقصود ومدروس لتحقيق نتيجة معينة ونشر معلومات خاطئة او تجنيد الممكن من المتصفحين لتبني فكر متطرف او جذبهم للانضمام لجماعات ارهابية للقيام بأعمال عدائية ضد بلادهم او مجتمعاتهم .
ومن نتائج تداول وتناقل الافكار والمفاهيم المغلوطة بين الافراد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي اختلاط وتداخل المفاهيم بين متصفحي تلك المواقع حيث يتم استخدام العديد من المصطلحات والمدلولات دون معرفة معناها الحقيقي، وسبب استخدامها حيث يتم اضفاء اطار مطاط لتلك المصطلحات فيتم تفسيرها واستخدامها وفقا لأيديولوجيات معينة لتحقيق غايات معينة تغذي النعرات الطائفية والفكر المتطرف كالجهاد في بلاد الاسلام وغيرها من الافكار الهادمة للمجتمعات.
يضاف الي ذلك الفوضى الكبيرة في الافتاء عبر تلك المواقع والتي تعزز وتساعد الترويج للأفكار المتطرفة دينيا والتي تلقي قبولا لدي الكثير من غير المثقفين دينيا ويؤدي بهم الي الدخول في جماعات تنتهج نهج بعيدة تماما عن مناهج الاديان يترتب على ذلك سلوكيات عدوانية وعمليات ارهابية ترتكب بدعوي الدين وما يترتب عليها من ازهاق للأرواح وتدمير للبني التحتية الوطنية واحداث انقسام في المجتمع واذكاء النعرات الطائفية ، وتقوم الجماعات المتطرفة باستغلال سذاجة المتصفحين لتلك المواقع في تجنيدهم لارتكاب الاعمال الارهابية والتفجيرات الانتحارية بدعوي اقامة الدين والجهاد في سبيل الله .
وهذا المحتوي الالكتروني الذي يتم بثه من خلال تلك المواقع يمكن ان يشكل تهديد لأمن دول والأشخاص وبخاصة الدردشة الالكترونية والتي يمكن من خلالها ان يتم تبادل المعلومات الماسة بالأمن القومي وتجنيد الشباب للعمل ضمن الخلايا الارهابية والتنظيمات المتطرفة التي تعمل لحساب قوي معادية تستهدف امن الوطن واستقراره ، ويتم تجنيد الشباب واغواؤهم عن طريق المنتديات وصفحات التواصل عبر الفيس بوك وتويتر وهو ما يشكل تهديدا كبيرا خاصة بالنسبة للعاملين في الهيئات الحيوية للدولة لمحاولة استدراجهم او تجنيدهم سواء بالفكر المتطرف والدخول اليهم عن طريق الدين والجهاد في سيبل الله والشهادة والجنة ، او استدراج الافراد لنشر معلومات خاصة بهم ووظائفهم من خلال الفيس بوك او تويتر ثم دراسة جوانب شخصياتهم من خلال ما يقومون بنشرة على صفحاتهم الشخصية لتحديدهم وسيلة استدراجهم للوقوع في براثن الارهابيين واقناعهم بالقيام بأعمال ارهابية تضر المجتمع والدولة.
يضاف الي ذلك قيام العديد من الدول المتقدمة بشن حملات الكترونية واسعة النطاق تقوم من خلالها بنشر معلومات واخبار تستهدف اثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار في دول اخري خاصة العربية فتعمل على حشد الافراد وتنظيمهم في منظمات وحركات تأخذ في الغالب مسميات ديمقراطية تستهدف اثارة الفتنة واذكاء النعرات الطائفية والانقسامات في داخل المجتمع الواحد لتفوده لحرب اهلية تتمكن من خلالها من تدميره ذاتيا دون ان تخسر جنديا او حتى دولارا واحدا.
وعلى ذلك يمكن القول ان مواقع التواصل الاجتماعي قد اصبحت اليوم من أقوى الوسائل المستخدمة لتحقيق اهداف سياسية فعلي الرغم مما لها من ايجابيات في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الا ان تأثيرها السلبي على استقرار الدول والمجتمعات قد بات واضحا حيث تم استخدامها ولا زالت لإثارة الفوضى والفتن وخاصة في مجتمعاتنا العربية وكذا الغير عربية.
وهو ما يتطلب التكاتف لوضع استراتيجية لدراسة وتحليل مضمون تلك المواقع وما يدور فيها من حوارات وما يتم تبادله من معلومات واخبار لمنع الاضرار التي تترتب عليها وطرح المعلومات الصحيحة لإنقاذ شبابنا وبناتنا من براثن الارهاب والقوي السياسية المعادية التي تستهدف هدم مجتمعاتنا بتدمير فكر شبابنا ، وكذا العمل على ارساء استراتيجية واضحة تقطع الطريق امام الاشاعات وحملات الدعاية والتشوية من خلال تصميم صفحات الكترونية تقدم المعلومات الصحيحة والرسمية .
الفرع الثاني
أثر مواقع التواصل الاجتماعي على نشر العنف والتطرف عبر الانترنت
إن الجماعات المتطرفة كانت من اوائل الجماعات الفكرية التي دخلت العالم الالكتروني حتى قبل أن تظهر شبكة الانترنت بسنوات. ومما تشير اليه المصادر الغربية أن « Tom Metzger » أحد اشهر المتطرفين الأمريكيين العنصريين )اليمين المتطرف ( ومؤسس مجموعة المقاومة الاريانية البيضاء" White Aryan Resistance " كان من اوائل من اسس مجموعة بريدية الكترونية ليتواصل مع اتباعه ويبث افكاره سنة 1985 م وربما غاب عن بعض الباحثين أن المجموعات البريدية الالكترونية كانت الأكثر توظيفا من قبل الجماعات العرقية المتطرفة قبل ظهور الانترنت التجاري وربما ظلت على هذا النمط حتى ما بعد منتصف التسعينيات.وقد عُرفت جماعات كثيرة شبكات المعلومات ما قبل الانترنت مثل مجموعة المتطرف الأمريكي دان جانوون Dan Gannon الذي يعد بحسب المصادر الغربية أول من أنشأ موقعا متطرفا يبث من خلاله افكاره العنصرية عن نقاء العرق الأبيض في شهر ديسمبر 1991 مع ولادة الانترنت في الولايات المتحدة. وتلي ذلك عدة مجموعات اشتهر منها بعد ذلك مجموعة «جبهة العاصفة Storm front» الأمريكية المسيحية المتطرفة بقيادة «Don Black» التي أنشأت اول موقع متكامل عن التطرف وثقافة الكراهية في مارس سنة 1995 م. ومن العجيب ان اليهود كانوا من اوائل ضحايا المواقع الامريكية المتطرفة بوصفهم مصاصي دماء ومخربي امريكا.
وقد تعاقب ظهور مواقع تابعة لجماعات متطرفة من الولايات المتحدة واوروبا وبشكل خاص بريطانيا واستراليا ثم بقية دول العالم. وفي كل هذه المراحل كانت الانترنت في عمق دائرة ترويج ثقافة التطرف والعنف معبرة عن افكار المهمشين والمتطرفين الصاخبين من كل ملة وجنس
وفي العالم الاسلامي أسهمت شبكة الانترنت بشكل واضح في بسط نفوذ التطرف الفكري لمختلف التيارات من خلال المواقع والمنتديات التي تديرها الجماعات والرموز المتطرفة التي تقدم منتجاتها الفكرية وفق خطاب جاذب مستغلين في ذلك الواقع المر في كثير من مجتمعات العالمين العربي والإسلامي. ومع أن التطرف لا دين له ولا جنس، الا أن ما اصاب المسلمين من شرور التطرف في العقود الماضية خاصة حين قاد الى العنف يتجاوز ما حصل لبقية شعوب الأرض.
ففي المجتمع العربي كانت تأثيرات تلك المواقع قد بدأت تتشكّل حين وفّرت الانترنت فضاء حرّا لنشر كل ممنوع منذ بداياتها الأولى لتصبح مع مطلع الألفية الثانية الوسيلة الأبرز في الترويج للتطرف والعنف والكراهية ما جعل من المتطرفين سادة المشهد الالكتروني خاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر.
وقد ظهرت العديد من الاحصائيات العربية والغربية حول عدد المواقع المتطرفة الا انها في معظمها لا تخلو من المبالغة وعدم المنهجية اذ تعتبر بعض الدراسات كل من يؤصل للجهاد متطرفا وباحثون اخرون يضعون كل موقع يدعو لطرد ومقاومة الاحتلال الأمريكي أو الاسرائيلي في باب التطرف مع أن بعضها يغلب عليها الطرح القومي او الشعبي او الإسلامي المعتدل. وفي رصد خاص بالباحث وجد ان عدد المواقع التي يمكن أن يطلق عليها متطرفة يتراوح رقما بني 240 -300 موقع تزيد وتنقص تبعا لسخونة الأحداث ومتابعة بعض الرموز ومعظم المواقع في المرحلة الحالية) نهاية 2010 (تأخذ من قضية فلسطين واحتلال العراق عنوانا ثم تنطلق في نشر المواد المتطرفة ولا تستثني أحدا.
ومن جهة أخرى نجد أن الدول الغربية تضغط على الدول الاسلامية بين الحين والآخر تحت بند تشديد الرقابة على المواقع المتطرفة لنجد أن معظم هذه المواقع تنطلق بدعم واستضافة شركات غربية. وقد كشف رئيس معهد أبحاث وإعلام الشرق الأوسط ميمري ومقره واشنطن أن جميع المواقع الالكترونية التابعة لتنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى موجودة في الولايات المتحدة ودول الغرب الأخرى. وقال إيغال كارمون في جلسة استماع عقدت في أحد مباني الكونغرس الأمريكي إن المفارقة الواضحة هي أن دول الغرب تشن حربا على الجماعات الإرهابية، ولكنها في الوقت نفسه تسمح لهذه الجماعات بالوجود الإعلامي الالكتروني على أراضيها، بما فيها تلك التي تحرض على قتل الأمريكيين ومنذ مطلع القرن ال 20 ، ومع التوسع في توظيف شبكات المعلومات، بات الحديث عن توظيف الفضاء الالكتروني من قبل المتطرفين ونجم عن ذلك ما بات يعرف بالإرهاب الالكتروني الذي اصبح واقعاً فرضته الحوادث اليومية، التي كانت تقنيات الاتصال الحديثة طرفاً فيها أو ضحية لها في ظل حقيقة أن المجرمين والإرهابيين نجحوا في استثمار فرص تطور التقنية وامكاناتها غير المحدودة، لتوظيفها لخدمة أغراضهم، إلا أن هذا لا يعني أن الظاهرة الإرهابية التقليدية ومحفزاتها اختلفت كثيراً عن الإرهاب في عصر الانترنت فكلا النمطين تحركهما نفس الدوافع ويسعيان لتحقيق ذات الأهداف.
ومن المعلوم من استراتيجيات جماعات العنف والتطرف أنها لا تترك أي وسيلة للوصول الى الجماهير لتبرير وتسويغ العمليات الارهابية، أو الترويج للفكر الذي تتبناه. وفي معظم المواقع يبدو التوظيف العاطفي اقوى من الحجج العقلية وذلك سواء في رسائل اكتساب أنصار جدد، أو تعزيز مواقف المؤيدين والأتباع. ومن الزاوية الإعلامية المجردة نجد أن العمليات الإرهابيّة – حتى قبل الانترنت وثورة الاتصال-عادة ما تحظى بتغطيات إعلاميّة مكثفة، حيث تجد فيها وسائل الإعلام مادة صحفية مثيرة فتتناولها بشكل مركز وفق منطق الحدث الإرهابي، حدث إعلام ولعل هذا ما دعا بعض الخبراء إلى التحذير من أن وسائل الإعلام قد تنحرف -تحت ضغط المنافسة – عن دورها في البناء الاجتماعي، إلى الترويج للإرهابيين الذين يستغلون بمهارة مسألة حرص الإعلاميين على السبق الصحفي، لتمرير أيدلوجية معينة بهدف كسب تعاطف الرأي العام مع قضاياهم. ولأن وسائل الإعلام التقليدية تعمل تحت سيطرة أنظمة ومؤسسات وتعمل وفق حسابات ومصالح، فقد برزت الانترنت وسيلة حرّة وجماهيرية مغرية للجماعات الإرهابية التي بادرت إلى استغلالها كأفضل قناة مرنة للإعلام والاتصال بالجماهير وفي ظل متغيرات تربوية وثقافية وعدم اشغال فراغ الشباب كانت النتيجة ان ترصدت مجموعات فكرية مختلفة التوجهات المجاميع الشبابية الحائرة و قدّمت لها وجبات فكرية جاهزة تخاطب الغرائز و تستدر العواطف بخطاب غطاؤه ديني برّاق مستغلة الحس الديني البريء لدى الشباب لتضخ فيه الافكار المضللة وتزين لهم الخروج عن المجتمع و الهجرة من الاوطان مستغلة لبعض مظاهر الاحباط السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بعض المجتمعات الإسلامية لتوجيه طاقات هؤلاء الشباب الى محاربة مجتمعاتهم وتكفير حكامهم و قتل انفسهم في سبيل ما يعتقدون من أفكار خاطئة والدين منها بريء.
المبحث الثاني
ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
تمهيد وتقسيم:
سخّرت الجماعات الارهابية الشبكةَ الرقميّة والفضائيات لأغراضها الدعائية، منذ شرع تنظيم القاعدة قبل نحو عقد من الزمن في بث بياناته عبر الانترنت وبعض القنوات التلفزيونية العربية والعالمية، حتى بَرَزَ في السنوات الخمس الاخيرة، نشاط "رقمي" فعّال للجماعات المتطرفة، لتسويق بياناتها وصور فعالياتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما "فيسبوك" و"تويتر"، في سعيها لتعزيز استراتيجية "بروباغندا" لا تهدف الى نشر ثقافتها المتطرفة و"التكفيرية"، فحسب، بل الى شن حرب نفسية، للتأثير في الخصوم، والسعي الى استقطاب الشباب، للتطوّع في صفوفها والقتال في البلدان التي تحارب فيها مثل افغانستان والعراق وسوريا واليمن ودول اخري
وإذ وَعَت حكومات الدول لمخاطر هذا الشكل الجديد من تجنيد الارهابيين للقيام بالعمليات الارهابية فقد سعت بالمقابل الى الشروع في حرب "رقمية" لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي في دعاية مضادّة تهدف من ورائها الى كسب الحرب على "الارهاب" عبر رصد فعاليات الجماعات المسلحة ومتابعة تمدّدها ومراقبة أساليب تجنيدها للشباب في صفوفها.
وعلى ذلك سوف نتناول دراسة ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عدة مطالب على النحو التالي:
المطلب الاول: نشر العنف والتطرف عبر شبكات التواصل الاجتماعي
المطلب الاول
نشر العنف والتطرف عبر شبكات التواصل الاجتماعي
تقسيم:
سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب الي اربعة فروع على النحو التالي:
الفرع الاول: استغلال جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين في الترويج للإرهاب
الفرع الثاني: مميزات وخصائص مواقع التواصل الاجتماعي التي تستخدم لتجنيد الارهابيين
الفرع الاول
استغلال جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين في الترويج للإرهاب
اولا: أسباب جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين
مواقع التواصل الاجتماعي وسيط ووسيلة جماهيرية تمنح قدرا كبيرا من السرية والخصوصية لمستخدمها ناشرا او متصفحا. وتعود بعض اسباب جاذبيتها للمتطرفين وغيرهم الى بعض خصائصها من حيث:
1-قدرتها على تحقيق التواصل الاجتماعي مع الاخرين بكل اللغات والثقافات لمختلف شعوب العالم.
2-عدم وجود رقابة على التواصل بين أطراف الاتصال.
3-تتميز الاتصالات بالخصوصية.
4-إقبال الشباب على هذه الوسيلة بشكل كبير.
5-انتشار المواقع الفكرية لرموز الفكر التكفيري وتواصلها بخطاب تحريضي جذاب مع زوارها ومعتنقي هذه الأفكار.
6-يعلم المتطرفون الجدد أن رموز الفكر التكفيري لم يعرفوا بشكل جماهيري الا عن طريق المواقع الالكترونية التي روجت لأفكارهم واستقطبت الاتباع.
7-تشكل المنتديات الحوارية المتطرفة وقود الصراع الفكري للفكر المتطرف مع خصومه بل ان بعض هذه المواقع يكاد يتجاوز عدد زواره ربع مليون زائر في اجازات نهاية الاسبوع.
8 - تشكل القوائم البريدية التي يشرف عليها مديرو المواقع الالكترونية حلقة الوصل بين أقطاب الأفكار المضللة والأتباع الذين ينشرون هذا الفكر في دوائرهم الخاصة وهو ما يعزز من تأثيرها.
وفي إطار بعض الدراسات التي اجريت في هذا الخصوص أمكن تمييز ثلاثة مدارس فكرية مهيمنة على الخطاب الفكري الإسلامي لتجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي على النحو الآتي:
أ- الخطاب التقليدي وتنتجه مدرسة فكرية عادة ما تكون تابعة لمؤسسات رسمية أو شبه رسمية أو لشخصيات ورموز فكرية إسلامية ذات خط فكري محافظ. ويمكن ملاحظة حضورها من خلال مواقع ومنتديات إلكترونية تتسم بوجود أطروحات فكرية يغلب عليها الهدوء والتركيز على مسائل التأصيل العقدي والفتاوى ولا تتطرق بشكل واضح إلى بعض الإشكاليات العصرية خاصة تلك التي تتعلق بالقضايا السياسية الشائكة أو ما يختص بالجدل الدائر مع الآخرين من غير المسلمين مع وضوح لغة اقصائية قوية مع المخالفين خاصة من تسميهم هذه المدرسة (بالحزبيين)) من الحركيين من الجماعات الإسلامية.
ب- الخطاب الحركي من انتاج بعض المجموعات الفكرية وثلة من المفكرين الإسلاميين الناشطين الذين اتجهوا إلى الإنترنت كوسيلة إعلام متاحة ووجدوا فيها مجالاً للحركة ونشر أفكارهم التي تتميز عادة ببعض الجرأة والكثير من مؤشرات الانخراط في القضايا السياسية وفق منهج توفيقي فيه قدر من التصالح والسياسة غير متضح الملامح مع المخالفين من أصحاب المدارس الفكرية الأخرى. ويلاحظ في حوارات منتسبي هذه المدرسة الاكتفاء بالتلميح – مدحاً أو قدحاً – عند ذكر الأنظمة والرموز السياسية القائمة، مع حرصهم على الحفاظ على كثير من الخطوط الفكرية المشتركة مع علماء المدرسة التقليدية.
ت- الخطاب المتشدد وينطبق وصف الخطاب المتشدّد -هنا – على اطروحات مجموعات انتهجت المصادمة الفكرية والعسكرية مع مجتمعاتها وتتضح خصائص منهج المتشددين هنا من خلال مواقعهم ومنتدياتهم وانتاج بعض المدافعين عنهم الذين يتسمون بخطابهم التصادمي الرافض للواقع بلهجة حماسية تعتمد التأثير العاطفي وبعث الحماس والغيرة لدى الشباب – وقد قدمت مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الجماعات خدمة كبرى كونها المنفذ الوحيد للتواصل والاتصالات مع المتعاطفين والأنصار وغيرهم.
وتتميز لغة الخطاب في منتديات ومواقع هذه الجماعات بالحدة والانفعال مع الخصوم وتهيمن على موضوعاتهم لغة انفعالية عاطفية لا تقبل المخالف ولا تحاوره وفق منهج يتسم بالتحدي والإثارة وفي معظم الطرح الفكري لبعض هذه الجماعات يمكن ملاحظة الكثير من مؤشرات السذاجة السياسية وعدم الكفاءة الفكرية في قراءة حقائق الواقع السياسي والعسكري في العالم وتعد هذه الجماعات أنشط مجموعات الإنترنت الإسلامية حركة وإنتاجا وتتميز مواقعها بالحيوية والنشاط والتجديد.
ثانيا: الترويج الإلكتروني للتطرف والعنف
التطرف حالة قديمة عرفها المجتمع الانساني بمختلف اعراقه ودياناته وقد وصف الله في كتابه بعض غلو اهل الكتاب في قوله تعالى:﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ على شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَت الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ﴿ ١١٣﴾(البقرة (.
وعلى مر التاريخ كانت جماعات ورموز التطرف الديني توظف الوسائل المتاحة لترويج افكارها سواء من خلال الخطب، او الاجتماعات السرية، أو وضع الكتب والمصنفات وتوزيعها على الاتباع. وفي العصر الحديث وظفت ذات الجماعات الوسائل الحديثة فاستخدمت شريط الكاسيت في اوج عصره ثم روجت افكارها عبر افلام الفيديو، وهي اليوم تعتمد على ملفات وخدمات الانترنت و ملفات بصيغ الهواتف المتنقلة بشكل مكثف.وقد رصد باحثون تجاوزات الفكر المتطرف بما قد يوصل الى الترويج للإرهاب أو الإرهاب بذاته من خلال ما يعرف بالإرهاب الإلكتروني الذي يعرف بأنه " العدوان أو التخويف أو التهديد ماديا أو معنوياً باستخدام الوسائل الإلكترونية الصادر من الدول أو الجماعات والأفراد على الإنسان أو دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو ماله بغير حق يسند صوته وصور الإفساد في الأرض"
وقد ظهرت خلال العشر السنوات الماضية كيانات افتراضية تحت مسمى مراكز أو مؤسسات اعلامية لا يكلف تأسيسها سوى اعلان banner جذّاب يقود متصفح الانترنت الى موقع أنشأه صاحبه او اصحابه لإعادة بث وترويج المواد والفتاوى التي تحمل فكر الارهاب والتطرف ، وعادة يتميز منشئوا هذه المواقع بالخبرة الفنية في برامج الرسم والفيديو والتصميم بشكل عام ونادرا ما يكون لهؤلاء أطروحات فكرية مؤثرة فهم غالب وقتهم مستقبلون ومرسلون يعملون وسطاء )بريد( للرموز الفكرية التي تناصر الغلو والتطرف والعنف وتقدم نفسها لمجتمع الانترنت على أنها غيورة على مصالح الأمة بعد أن خان العلماء ، وباع السلاطين أوطانهم وانهم وحدهم شباب الإسلام و الطائفة المنصورة في زمن الهوان وعلى هذا المنحى تتنافس المواقع المتطرفة في البث والانتاج واعادة تقديم الفكر المتطرف على شكل سلاسل صوتية ومصورة أو كتب الكترونية ، وتنشط بشكل خاص في نشر رسائل وخطب رموز الفكر المتشدد وتتميز مجموعات التطرف الالكتروني بالحيوية الفائقة في النشر والتخفي والظهور وقد تبث ما لديها من مواد في مواقع شبابية عامة.
وقد كان واضحا كما نشر في دراسات وتقارير اعلامية عربية وغربية مختلفة أن مجموعات إرهابيّة لم تكتف بالبريد الالكتروني بل وظفت مواقع المنتديات البعيدة عن الشبهة مثل المواقع الرياضية والنسائية والجنسية، لتبادل المعلومات والصور الخاصة بالمواقع المستهدفة. وقد نشرت الصحف العالمية تقارير لخبراء في مكافحة الإرهاب يدّعون فيها أن المشتبه في تنفيذهم لهجمات 11 سبتمبر استخدموا نسخاً متطورة من الحبر السري الإلكتروني، وربما وظفوا تقنيات التشفير لتبادل الرسائل عبر الانترنت لتنسيق الإعداد للهجمات .
الفرع الثاني
مميزات وخصائص مواقع التواصل الاجتماعي التي تستخدم لتجنيد الارهابيين
اولا: مميزات مواقع التواصل الاجتماعي للجماعات الارهابية:
إن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة فعالة للغاية للجماعات الارهابية حيث سيبقي المحتوى الالكتروني هو قضية القضايا نظرا لوضوح تكثيف توظيف الجماعات المتطرفة لتقنيات الانترنت الاتصالية والبرمجية.
ومن جهة التمويل فقد حدثت تحولات واضحة في طريقة تلقي الأموال باستخدام التقنية، اذ تشير التقارير الى وجود مؤشرات لاستخدام نظام M-payment، وبعض خدمات الدفع بالهواتف المحمولة لنقل الأموال إلكترونيًّا، علاوة على إمكانية توظيف امكانات نقل وتخزين الأموال عبر انظمة دفع الكترونية مثل cash U أو e-gold. وهناك دلائل على امكان حدوث بعض هذه العمليات في بعض الدول التي لا يوجد فيها نظام مالي صارم، خاصة في مجال استخدام الهواتف الجوالة التي تبدو أكثر جاذبية لتحويل الأموال وبصورة عامة فقد كانت الإنترنت ذات أثر واضح في تسهيل الحصول على التمويل بالنسبة للإرهابيين، حين وفرت الشبكة وسائل رخيصة وسريعة وأقل خطورة للمرسل والمستقبل.
وهذا الاتجاه لم يكن غائبا عن الوكالات الأمنية في السابق فقد تم رصد العديد من الحالات ، كما حذرت منه ورصدته العديد من المؤسسات المعنية بالشأن الأمني ، وقد ظهر التحذير ايضا في تقارير امريكية أشارت الى أن الجماعات الإرهابية من جميع الطوائف ستعتمد على الإنترنت بصورة متزايدة للحصول على الدعم المالي واللوجستي ، وأشارت أيضًا إلى أن التكنولوجيا والعولمة قد مكنتا الجماعات الصغيرة، ليس فقط من الاتصال ببعضها، ولكن أيضًا توفير الموارد اللازمة للهجمات دون الحاجة إلى تكوين منظمة إرهابية ومن هنا يتضح عدد من الايجابيات التي تقدمها شبكات المعلومات والانترنت لمجموعات التطرف وبخاصة ما يندرج تحت مفهوم العنف والارهاب وهي مما يمكن النظر إليها من خلال مزايا شبكة الانترنت نفسها التي تساعد وتقدم مزايا مذهلة مثل :
1- المرونة Flexibility: حيث توفر شبكة المعلومات إمكانية القيام بالترويج والدعوة للعنف وحتى بعض العمليات التخريبية الفنية على / أو بواسطة الانترنت من بعد. Remote Access
2- الكلفة Cost: يمكن تنسيق وترتيب شن عمليات إرهابية عبر شبكات الحاسب والانترنت دون ميزانية كبيرة وتحدث خسائر كبرى عند الخصم.
3- المخاطرة Jeopardy: لا يحتاج الإرهابي الذي يستخدم الشبكات والانترنت لتعريض نفسه لمخاطر ترصد أمني او حمل متفجرات أو تنفيذ مهمة انتحارية تودي بحياته.
4- التخفي Anonymously: الانترنت بشكل خاص غابة مترامية الأطراف ولا تتطلب عملية الإرهاب الإلكتروني وثائق مزورة أو عمليات تنكر فالقناع الإلكتروني والمهارة الفنية كفيلان بإخفاء الأثر حتى عن عين الخبير.
5- الدعاية Publicity: تحظى عمليات الإرهاب الإلكتروني اليوم بتغطية إعلامية كبيرة وتقدم بذلك خدمة كبرى للإرهابيين.
6- التدريب Training: توفر الشبكة ووسائط المعلومات وسيلة مهمة لتدريب الإرهابيين واعوانهم متجاوزة حدود الزمان والمكان والرقباء.
7- الاتصال Communication: تسهل الخدمات الاتصالية التي تقدمها شبكة الانترنت) بريد الكتروني، غرف دردشة، منتديات (الاتصالات المختلفة بين المجموعات الإرهابيّة
ثانيا: خصائص مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم بتجنيد الارهابيين
بطبيعة الحال فان السمات الفنية للمواقع الالكترونية تكاد تتشابه وان كانت تتطور تبعا لتطورات التطبيقات الخاصة بالنشر الالكتروني على الشبكة العالمية، ولكن ما يميز الكثير من المواقع الالكترونية التي تروج للإرهاب وثقافته انها دائمة التجديد وتلاحق الحدث ويعود ذلك الى ايمان العاملين عليها بأنهم في جهاد وانهم يسدون ثغرا ويساندون شباب الجهاد وهذا الاقتناع يبدو واضحا في اللمسات الشخصية في التصميم واختيار العناوين المشحونة بالشجن والدفق العاطفي مثل ذكر "الثواب "و " الجنة "و " الحور العين "ونحو ذلك. وبشكل عام يمكن تمييز عدد من السمات المشتركة بين هذه المواقع على النحو الآتي:
الشكل الفني المبدع في التصميم والحرفية الواضحة في تقسيم الموضوعات والصور والمحتويات.
وتوفير خدمات تتجاوز حجب المواقع وترسل بصورة منتظمة للأعضاء وتقدم كل جديد من خلال التواصل المنتظم مع الأعضاء، والتحديث المستمر للمحتوى ومواكبة الأحداث وملامسة رد الفعل الانساني العفوي للمسلم تجاه الشعوب الاسلامية والتعليق عليها وفق وجهة النظر التي يؤمنون بها، واستقطاب كتاب لهم تأثيرهم وعلماء معتبرين لرفع مستوى الثقة في الموقع.
التنسيق بين هذه المواقع لنشر البيانات والخطب والمواد الجديدة التي يقدمها احد قادة التنظيمات أو مفكريه وصناعة نجوم لهذه المنتديات ومؤازرتهم سواء من حيث حجم الردود أو تمييز مواضيعهم عن غيرها وتوفير المواد السمعية والمرئية والكتب وغيرها من المواد لطالبيها بشكل سريع وفي صور فنية محترفة بالإضافة الي تشجيع كتابة المذكرات للذين شاركوا في الجهاد في مناطق العالم الاسلامي مثل أفغانستان والعراق لإلهام الشباب وتحفيزهم للاقتداء بهؤلاء (الشجعان) وكذلك تقديم المعونة الفنية لمساعدة المتصفحين لإخفاء الأثر من خلال مواقع وسيطة او برامج معينة و توزيع الأدوار في إدارة الموقع )المشرفين( لأشخاص ذوي مقدرة متميزة وينتمون إلى بلدان مختلفة.
وتقديم مجموعة من الخيارات الثقافية المصاحبة مثل خدمة تحميل الكتب والاستشارات في شئون الأسرة والصحة وغيرها ، ويضاف الي ذلك جاذبية خطاب التحريض على العنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث أن للخطاب العنيف ذي الروح السياسية الدينية جاذبية خاصة لأنه يلامس الضعف الانساني حيال المشكلات التي يتعرض لها الانسان في حياته الشخصية او ما يراه في عالم تسوده الصراعات والفتن ، كما أن الأحداث والصراعات العنيفة والمؤلمة ومظاهر التكالب العالمي على موارد العالم العربي والاسلامي تشعل الانفعالات وتثري العواطف ولا يجد مستخدمو الانترنت من الشباب صدى لهذه الانفعالات للتنفيس في وسائل الاعلام الخاضعة لسياسات ومصالح الدول ، من هنا يظهر الاعلام الالكتروني بالمحتوى البديل على مواقع ومنتديات الانترنت وخاصة المتشددة منها مستفيدة من المتغيرات التالية:
1- سحر وإغراء شاشة الحاسوب التي نشأ الشباب وهي أمامهم تعبر عنهم ويتصلون من خلالها ويطرحون مشكلاتهم وهمومهم على صفحاتها الحرة.
2- قوة استهداف الشباب بالمحتوى الإلكتروني الملائم لسنهم وطموحاتهم.
3- المتاجرة بآلام المحبطين وتقديم الوعود بغد أفضل.
4- اغراء اللغة الحماسيّة الانفعاليّة التي هي جزء من شخصية الشباب.
5- التعبير الفوري العفوي عن الأحداث والتعبير عن المواقف دون حسابات سياسية او دينية.
6- يقدم البديل عن المراجع الفكرية الغائبة أو المغيبة.
7- لا يخضع محتوى الانترنت للرقابة وهو ما يتناسب مع الفئات العمرية المتمردة على كل رقابة.
8- الانفراد بمستخدم الانترنت وعزله عن محيطه الأسري والاجتماعي ضمن مجتمع افتراضي لا مثيل له في الواقع.
المطلب الثاني
منهج الارهابيين في نشر العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
تقسيم:
سوف نقوم بدراسة منهج الارهابيين في نشر العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي: الفرع الاول: نشر ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الثاني: المنهج الإقناعي لجماعات التطرف على مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الاول
نشر ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
اولا: خواص ثقافة التطرف والعنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
1- يعتمد التطرف والغلو منهجا في كل أمر ولا يرى فيما هو قائم خيرا قط.
2- عدم اتاحة الفرصة للحوار مع الرأي المخالف بل تقمعه وتخونه وأحيانا تكفره.
3- الاستعداء والتأليب على المخالف وتشويه سمعته وتتبع اسراره ونشرها.
4- تعسف النصوص وإنزال الحوادث القديمة على حوادث جديدة مع عدم مراعاة تبدل الزمان والمكان.
5- الكراهية والتشاحن بين اتباع التيارات المتطرفة داخل المذهب الواحد وتبادل تهم التفسيق والتمييع وعبارات العزل والاقصاء.
6- خلق صور براقة لمجتمعات وشخصيات مثالية تنتسب للفكر المتشدد ومن ثم الانقلاب عليها حال تغير مواقفها للاعتدال.
ثانيا: المستهدفون بثقافة العنف والتطرف
تقول تقارير السكان إن من بين كل اربعة أفراد من سكان العالم يوجد فرد واحد مسلم) عدد المسلمين في العالم قرابة مليار ونصف (منهم نحو %20 يعيشون في دول غير اسلامية. وتتعاظم النتيجة عند الحديث عن التأثير والتأثر الفكري إذا عرفنا ان نسبة مهمة من المسلمين هم من الشباب) نحو %65 من المسلمين تحت سن 30 (. وفي العالم العربي يعاني أكثر من 100مليون شاب من العوز والحاجة ناهيك عن تراكمات البطالة وقلة فرص التعليم والتهميش وضعف المشاركة في الحياة العامة. وللتخطيط للمستقبل ينبغي أن نعرف أن أكثر من 50 % من سكان العالم العربي تحت سن 15 عاما وتأسيسا على ذلك فان مثل هذه الشرائح تعد المستهدف الرئيسي بثقافة التطرف والعنف خاصة وان ظروف واقعهم المعيشي والحضاري قد تسمح بتسلل الأفكار الشاذة والمتطرفة. وقد حددت بعض الدراسات أربعة أنواع من الحاجات الأساسية التي يحتاجها شباب العالم الاسلامي في عصر العولمة والصراع الحضاري وهي:
1- . الحاجة إلى الأمن
2- الحاجة إلى الهوية
3- الحاجة إلى الحرية
4- الحاجة إلى الصحة.
ووفقا لما تقدم يمكن التأكيد على أن فئة الشباب هم أكثر الفئات استخداما للإنترنت وبات واضحا أنهم الشريحة الأكبر في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي فمن الطبيعي أن يتأثروا بهذه المواقع ويؤثروا فيها ويطبعوا محتواها بقلقهم وصخبهم وبالطبع سيكون هناك مستثمرون في هذه الضوضاء الفكرية. ومن هؤلاء المستثمرين قادة التيارات الفكرية الذين قاموا ويقومون بمجهود كبير لضخ الأفكار والمعتقدات وتشكيل قناعات ملايين الشباب ومما لا شك فيه أن التأثير الثقافي والفكري التراكمي سيكون كبيرا خاصة إذا عرفنا ان من اهم أسباب الإقبال على الانترنت عند الشباب ومن المعروف ايضا أن فئة الشباب تتسم في مراحل مبكرة من العمر بعدد من الخصائص النفسية والسلوكية التي تميز شخصيتهم عن غيرهم، ويمكن إجمال بعض الخصائص الانفعالية التي يتسم بها الشباب بالآتي:
1- النشاط والحماس.
٢-النزعة للتجريب والاستثارة
٣ -سرعة الملل والرغبة في التغيير.
4-اضطراب في تقدير الزمن.
5-تمايز تام في الانفعالات وظهور العواطف.
٦عدم تآلف عائلي أو الانسجام في حياة المنزل.
٧ بحث عن شريكة الحياة رغبة في الاستقرار النفسي.
وبالنظر إلى مجتمع الإنترنت بحسب بعض الباحثين نجد أنهم يشبهون المجتمع الإنساني الذي يوجد فيه أطياف وشرائح مختلفة من الناس ومنهم الشباب والمراهقون الذين يحبون الاكتشاف والمغامرة وبينهم من يعاني الفراغ والتفكك ما يجعلهم عرضة للجرائم والاستغلال والانحراف.
ويرى بعض الفقه أن التحليل الاجتماعي المتعمق لممارسي العنف والتطرف في المنطقة العربية يجد جملة من الخصائص المشتركة التي تجمع بين هؤلاء الشباب المتورطين في الفكر المتطرف والمتسم بروح التدمير والتخريب ومن هذه الخصائص الآتي:
1- القابلية للإيحاء: تكشف اعترافاتهم التي بثها التلفزيون أنهم استقوا المعلومات من بعض الرموز المتشددة دون مناقشة أو تمحيص. هذه القابلية للإيحاء تسهم في تشكيل إرادة السلوك والانحراف لدى الأشخاص على مستوى الممارسة.
2- حداثة السن: فغالبيتهم صغار لديهم استعداد للمغامرة واثبات الذات.
3- التجربة الأفغانية: الغالبية منهم شاركوا في تجارب وأهمها حروب أفغانستان.
4- التدريب العسكري المكثف: عن طريق المعسكرات التي كانت توجد في أفغانستان وغيرها وهذه النقطة تتعلق بالمقدرة على ممارسة السلوك العنيف.
5- التعرض لدروس متطرفة تعتمد إقصاء الآخرين وتكفيرهم: وقد اعترف بعضهم أنهم يتلقون دروساً من رموز دينية خارج الوطن تتميز بالتحريض على العنف والتدمير.
الفرع الثاني
المنهج الإقناعي لجماعات التطرف على مواقع التواصل الاجتماعي
من الناحية العلمية ومن تتبع نشاطات جماعات التطرف والعنف نلحظ معالم منهج اقناعي يؤدي بمن ينخرط فيه ويلامس هوى نفسه الى احضان هذه الجماعات مناصرا مؤيدا لأطروحاتها او عضوا تنفيذيا مستسلما لتعليمات قادة الجماعة التي اجتذبته.
وحتى يمكن فهم عملية انتقال المعلومات والأفكار من) المصادر القادة-المحرضون (الى بقية الأعضاء والأنصار لا بد من تمييز الترتيب العلمي والقيادي وكذا فهم طبيعة الأدوار وقوة الالتزام لدى كل فئة في منظومة التطرف وسوف نتناول توضيح ذلك من خلال عدة نقاط على النحو التالي :
اولا: بناء وتدرج القناعات الفكرية المتطرفة
بناء الفكر او توجيهه لا يتم بشكل مفاجئ وسريع اذ تتدرج عملية غرس القناعات الفكرية التي تتبناها وتروجها تنظيمات التطرف والعنف وفق مراحل تنشئة فكرية اجتماعية يتم من خلالها إدماج الفرد في مجتمع الصفوة الجديد بتعزيز قيم ومعايير وقواعد معنوية ومادية جديدة ليكتمل البناء الفكري للحصول على نوعية الفرد الذي يريدون ومن ثم تشكيل الاتجاهات الاجتماعية التي يرغب المجتمع الجديد نقلها له من خلال اشباع حاجاته الأساسية خاصة الحاجة للأمن، والمحبة، والتقدير، والمعلومات والحاجة للانتماء وهي مهمة بعد العزل الشعوري واللاشعوري عن محيطه القديم. وبشكل عام يمكن رصد وتتبع هذا التدرج من خلال منظومة متكاملة على النحو التالي:
بناء منظومة من القناعات الفكرية حول المجتمع والسياسة والحكم والحياة.
التشكيك ونقد القناعات المستقرة عند الناس خاصة في الجانب السياسي بتوظيف ديني التباهي بمجتمع الصفوة الجديد الذي ينتمون إليه مع ذم المجتمع الغارق في شهواته وجهله وتنفير الشباب من هذه المجتمعات الغارقة في ملذاتها.
تشويه سيرة العلماء والدعاة من خارج الفكر وتتبع عثراتهم واتهامهم بمداهنة السلطات وبيع الذمة.
تمجيد أسماء وسيرة شخصيات معاصرة وتاريخية وانتقاء ما يتناسب من مواقفها وآرائها لدعم وتعزيز الخط الفكري والعسكري لهذه التنظيمات نسف الأفكار الوسطية وبناء أساس فقهي جديد يعتمد على الأفكار المتشددة كبديل وترويجه بين الشباب باستثمار حماسهم وقلة معرفتهم الشرعية.
هدم الرموز الفكرية التي اعتاد الناس التوجه لها كمراجع في مختلف القضايا وإعلاء أس امء رموز الفكر المتطرف كبديل نزيه في عالم يسوده الظلم والخيانة والاغتيال المعنوي للرموز السياسية واتهامهم بالعمالة والمداهنة والطغيان وان هؤلاء ما هم إلا طواغيت مسلطين على شباب الجهاد ، كما انهم يقومون بإعلان إنشاء كيانات سياسية وتسمية أمراء ودول وعقد تحالفات واعلان الحرب مثلما حصل في أفغانستان والعراق بالإضافة الي الاندساس بين ذوي التقاليد القبلية والمحافظة لاستغلال ما يرونه اخطاء في الموروثات الثقافية ورفع صوت الاحتجاج وإثارة العامة؟.
ثانيا: مراحل تشكل الاتجاهات المتطرفة عبر الانترنت
بحسب علماء النفس فان الاتجاه دائما ما يقع بين طرفين متقابلين احدهما موجب والآخر سالب هما التأييد المطلق والمعارضة المطلقة. ومن هنا نجد أن المنبر الأبرز لعرض وترويج الفكر الذي يدعم الاتجاهات المتشددة يكون أكثر وضوحا على شبكة الانترنت ويتدرج تكوين ودعم الاتجاهات المتطرفة على مراحل تتضمن ويلاحظ أن الشاب بعد أن يمر بالتغذية الفكرية المركزة سيجد نفسه وقد تغيرت اتجاهاته مدفوعا أومدعوا للبحث عن المجتمع الفاضل الذي صورته له مواقع الانترنت من خلال نشر الصور والأفلام والوصايا التي تروي بطرق مؤثرة في الشباب الذين شاركوا في الجهاد والكرامات التي حصلت لهم ومقارنتهم بالفاتحين العظام.
ويمكن تمييز المرحلة التنفيذية )العملية( لتشكل الاتجاهات المتطرفة ومن ثم الانضمام الفعلي لجماعات التطرف والعنف على النحو الآتي:
أولا: ضخ الفكر المتطرف من خلال النبش في الكتب والفتاوى وإظهار التفسيرات الأكثر تشددا للنصوص وإنزالها على وقائع العصر ومن ثم إصدار الأحكام. وفي هذه المرحلة يكون الشاب في مرحلة التأمل والاختيار.
ثانيا: المساعدة في الاختيار وهي مرحلة يتم من خلالها استخدام المؤثرات لدفع الشخص الحائر لتكوين موقف.
ثالثا: التهنئة على معرفة الحق وتعزيز الأفكار حينما تلوح بوادر اقتناع ببعض الأفكار
رابعا: الانضمام الفعلي للتنظيم تحت شعار الهداية والالتزام وطلب الجنة.
خامسا: الانخراط في الأدوار العملياتية وهي الغاية الأساس من كل هذه الجهود.
ثالثا: اتجاهات مواقع ثقافة التطرف والعنف
على الرغم من ظهور القوانين التي تجرم النشر المؤدي للانحراف والجريمة بكافة صورها وأشكالها، وعلى الرغم من ارتفاع مستوى الضبط الأمني والفني لمحتوى الانترنت في كثير من دول العالم الا أن المشهد الالكتروني ما يزال حافلا بألاف الوثائق والمواقع والمنتديات التي انشئت لترويج للفكر المتطرف واعادة نشر أدبيات الباحثين والمؤلفين الذين يخدمون هذا الاتجاه من القدماء والمعاصرين.
وبشكل عام نجد أن أبرز ملامح واتجاهات مواقع ثقافة التطرف والعنف تتلخص في:
1- نشر الكتب والفتاوى المتشددة التي تدعو للتطرف ومن ثم العنف والتدمير: ويعود ذلك لتفشي بعض مظاهر الجهل بقواعد الدين ومقاصد الشريعة بين الشباب وغياب المراجع الفكرية القريبة من همومهم فظهرت البدائل من خلال المواقع المتشددة الجاذبة لجماهير الشباب لاعتمادها منهجا حادا متحديا ما عزز تشكيل ثقافة العنف والتحريض على الشبكة. ويلاحظ الراصد انه برغم التحذيرات المبكرة من فتاوى الانترنت إلا أن كثافة الكتب والفتاوى ذات النهج المغالي ما زالت توزع على المواقع والمنتديات وتحظى بالإقبال. وكان العلماء السعوديون تحديدا قد حذّروا في بدايات تفشي ظاهرة الفتاوى الالكترونية (2001) من خطورة ما تحويه مواقع ومنتديات الحوار الالكتروني من شبه وكثرة الأخبار المغلوطة والشائعات المضللة والنهج المركز من الإساءات لعلماء الدين والحكام مع كم كبير من الفتاوى المحرّضة على العنف من أناس لا يملكون الحق في الفتوى. وأجمع عدد من العلماء، على أن التهجم في هذه المواقع على علماء الدين والنيل منهم، يعد من الأعمال المحرمة التي توقع الفجوة وعدم الثقة
بين علماء الدين وفئات المجتمع، خاصة من الشباب.
2- إنشاء مواقع شخصيّة لرموز التطرف بعد تزايد حوادث الإرهاب والعنف الناجمة عن التطرّف تكشفت الكثير من الحقائق الخطرة فيما يختص بتوظيف الانترنت في مجال التحريض على استهداف الشخصيات العامة والعسكريين والأجانب بشكل خاص.
ولا يكاد يُعرف رمز من رموز التطرف إلا وله موقع أو أكثر سواء تلك التي ينشرها هؤلاء الرموز بأنفسهم أو ينشرها أنصارهم.
واشتهر بعض شيوخ الانترنت من خلال رسائلهم المتشددة وفتاواهم المنتشرة على أكثر من موقع لتلاميذهم ومريديهم.
3- تمجيد وتبني فكر رموز الفكر المتطرف: على ضفة أخرى من الشبكة توجد مواقع وشخصيات محسوبة على الفكر الإسلامي تثني بشكل حذر على بعض الشخصيات المتطرفة وتعاتبها بشكل محدود وفي جزئيات لا تتضح معالمها في حين نجدها تتفق معها في الرؤية وتخالفها أحيانا في الأسلوب في خطاب مراوغ خاصة في سنوات المد المتشدد الأولى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حتى نهاية عام 2006 ثم بدأت تظهر أصوات جريئة تحت ضغط الخوف من تهم التحريض تارة وتارة أخرى بسبب الاستفادة من التحولات السياسية والاجتماعية.
4- توثيق العمليات الإرهابية وتمجيد مرتكبيها: كانت الانترنت وسيلة الوسائل للمنظمات المتطرفة توثق وتبث عملياتها على مختلف الصيغ) نصوص+صور+أفلام (وعلى صفحات الشبكة يكفي أن يحدث حدث ارهابي بتنظيم جماعات العنف لتجد وثائق الحدث وصوره وبيانات مرتكبيه أو منظميه على عشرات الروابط والمواقع المتشددة في نفس اليوم وذلك من خلال:
1-السباب وسوء الأدب مع المخالف حتى لو كان المستهدف مفتيا للدولة والمجتمع.
2-الاهتمام بترويج صورة البطل: الشهرة والخلود والضجيج والدعوة بغير الحسنى.
4-تبرير القتل والتفجير والعدوان.
5-تعليم الأعضاء وسائل التخفي ومسح الأثر عن عيون الأمن.
6-النشاط الإعلامي المكثف على قناة اليوتيوب.
7-توظيف) فيديو( الانترنت للتدريب واظهار القوة.
8-توفير برامج الاختراق وسرقة واختراق الأجهزة.
ونري في هذا الشأن:
أن ما ينتهجه اعضاء تلك الجماعات المتطرفة ليس بجديد ولكن يجب في ظل الفهم الحالي للتأثير الكبير للرسالة الاعلامية التي يتم ترويجها على مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي وضع استراتيجية موحدة ومحكمة لمواجهه هذه الجماعات المتطرفة التي تقوم بتجنيد الارهابيين من خلال اقناعهم بالفكر الارهابي عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الترويج للفكر الوسطي المعتدل وبيان ضلال هذه الافكار وانها ليست من صحيح الدين بالإضافة للدور الامني في هذا الاطار من تتبع هذه المواقع ورصد ما يدور فيها والتنسيق مع المجتمع الدولي لضبط العناصر التي تقوم بنشر الفكر الارهابي ومنهج العنف ضد البني التحتية للدول والابرياء من الناس اللذين تستهدفهم تلك العمليات الارهابية لمجرد ذيوع الصيت ونشر الفكر واستعراض القوة.
المطلب الثالث
استقطاب المتطوعين
لقد كانت أولى النجاحات "الرقمية" للإرهاب، على ايدي حركة "الشباب الإسلامية" الصومالية المتطرفة، التي استقطبت الشباب الى "الجهاد"، عبر الانترنت، لمهاجمة مركز تجاري في العاصمة الكينية نيروبي في 2012 م ما أسفر عن مقتل 62 شخصاً واحتجاز عشرات الرهائن، الأمر الذي شكّل صدمة كبيرة للولايات المتحدة الاميركية، وبريطانيا، بعدما تبيّن، ان بعض المنفذين لم يكونوا سوى مواطنين أميركيين، جندتهم الحركة عبر الانترنت، جاعلة من "تويتر" خلال الهجوم، "وكالة انباء"، تنقل تداعيات الحدث من نيروبي لحظة بلحظة حتى باتت التغريدات التي أطلقتها الجماعة مصدراً لأخبار وسائل الاعلام، ووكالات الانباء العالمية.
ولم يكن عمر الهمامي، (أبو منصور) من ألاباما وهي ولاية في جنوب الولايات المتحدة الأميركية، الذي يجيد اللغة الإنكليزية، سوى واحد من اولئك الذين استطاعوا تجنيد الشباب للقتال في صفوف الحركة، حتى أصبح نجماً في عالم "الاعلام الاجتماعي"، بفضل ما يتمتع به من قدرات على السجال الفكري وقوة الاقناع، وكانت له مناقشات حادة مع خبراء مكافحة الارهاب الذي يراقبون مواقع التواصل الاجتماعي.
اولا:الجيل الجديد:
لم تفطن مخابرات الدول والمؤسسات الامنية، الى ضرورة مراقبة شبكات التواصل الا متأخرةً، حتى كتب جابريل وايمان، مؤلف كتاب "الإرهاب فى فضاء الانترنت: الجيل الجديد"، ان الارهابيين اتقنوا أحدث الابتكارات في مجال التواصل الرقمي بسرعة فائقة.
ومنذ العام 1998 شَرَعَ وايمان في مراقبة 12 موقعاً فقط، اما اليوم فانه يراقب مع مجموعة بحثية، ما يقارب العشرة آلاف موقعاً، بينها "فيسبوك"، و"تويتر"، ومنتديات ومواقع اخبارية وغرف دردشة.
وفي نهاية العام 2013 قالت صحيفة "ديلي ستار صنداي" أن بريطانيين يقاتلون مع تنظيم القاعدة في سوريا يتبادلون المعلومات وتجنيد الشباب للقتال عبر الانترنت.
ومن جراء استشعار بريطانيا للخطر المحدق، فقد انفقت نحو ما يقرب الربع مليون جنيه استرليني عام 2013، على نشاط وسائل الاعلام الاجتماعية لوقف تطوّع البريطانيين للقتال في سوريا، بحسب صحيفة "الاندبندنت".
وأحد اولئك الذين أحدثوا ضجة في المجتمع البريطاني، أنيل خليل رؤوفي، البالغ من العمر 20 عاماً، من مدينة "مانشستر" البريطانية، الذي لقي حتفه في سوريا، بعد ما غادر مدينته بناءً على نصائح تلقاها عبر "تدوينات" رقمية كتبها له زميل بريطاني، هو افتكار جمعان، البالغ من العمر 21 من ساوثسي، في هامبشاير، بالمملكة المتحدة الذي انضمّ إلى مجموعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، المنشقة عن القاعدة.
وقبل ان يلقى حتفه، نشر رؤوفي الذي كان طالباً في كلية الهندسة، تعليمات وارشادات للفتيان البريطانيين، بشأن كيفية الالتحاق في صفوف المقاتلين في سوريا.
لقد عجّلت هذه التداعيات "الارهابية"، من إنشاء مشروع "رقمي" خاص على الانترنت من قبل الخارجية البريطانية، لإقناع الشباب البريطاني بعدم التوجه الى سوريا.
واشارت صحيفة "اندبندنت" البريطانية، الى ان وزارة الخارجية انفقت نحو 173 مليون جنيه استرليني في تمويل عاجل لـ "النشاط في وسائل الاعلام الاجتماعية" لردع المقيمين في المملكة المتحدة من السفر للقتال في سوريا والعراق ومناطق أخرى، بعدما وافقت وحدة الخزانة الخاصة، بصورة استثنائية، على المشروع، رغم ان كلفته كانت خارج حدود إنفاق القطاع العام.
ثانيا: الدعاية المضادة
ان المعركة اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي ذات ابعاد خاصة، تركّز على كسب قلوب وعقول الشباب، والحيلولة دون تأثّرهم بالدعاية المضادة، التي يكرّسها التواجد المكثف والفعال للناشطين الرقميين من المتطرفين وانصارهم، بعدما وجد الاكاديمي المختص في شؤون الارهاب جبريل ويمان، ان ما يقرب من 90بالمئة من الإرهاب المنظم على شبكة الانترنت يتم عبر منصّات وسائل الإعلام الاجتماعية مثل "تويتر" و"الفيسبوك" و"اليوتيوب" و منتديات الانترنت، بعدما اكتشفت الجماعات المتطرفة، انها أدوات خطاب رخيصة وسهلة المنال وسريعة ومنتشرة بشكل واسع، وتُخاطِب الجمهور مباشرة من غير قيود، ومن دون مواجهة شروط نشر او عمليات انتقائية ، في حين كانت هذه الجماعات قبل عصر مواقع التواصل الاجتماعي ، تعاني من ايصال رسائلها على نطاق واسع، عدا ما تمكّنت منه في ايصال بعض بياناتها وخطب زعمائها الى الجمهور بواسطة الفضائيات.
وبحسب شيراز ماهر، وهو زميل بارز في المركز الدولي لدراسة "التطرف" في "كينجز كوليدج" في لندن أن التجربة في العراق وأفغانستان، شهدت محاولات التقاط الرسائل الرقمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت لمواجهة المتطرفين مشيرا الى ان الحكومة البريطانية مازالت تدعم هذا النهج، ومؤكداً انّ "تسخير مواقع التواصل الاجتماعي في الحرب التي يشنّها الارهاب، والحرب المضادة له، لم تحدث من قبل مثلما حدثت في سوريا" ، ويؤكد شيراز ماهر في الوقت نفسه إن "قدرة المتطرفين و (الجهاديين) على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، كبيرة، بعدما اظهروا تفوقاً في الدعاية، ونجحوا في كسب الاتباع".
لكن مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت من جانب آخر ساحة للمعارك الافتراضية بين الجماعات المسلحة المتقاتلة وكل جماعة تسعى الى فضح الجماعة الاخرى، وفي الوقت الحاضر تتخذ الحكومة البريطانية اقصى درجات الاحتياط على نشاطاتها عبر "فيسبوك" و "تويتر" خوفاً من فقدان المصداقية وحرصا على سريّة متابعة الارهابيين المحتملين.
ثالثا:الرصد والمراقبة:
وفي الولايات المتحدة الاميركية، بدأت وزارة الخارجية في استخدام حساب "تويتر" الرسمي عبر دعاية مضادة تفّند الفكر المتطرف، وترصد فعاليات التراسل والتخاطب بين المتطرّفين والإرهابيين "المحتملين" عبر الانترنت، عبر الحساب Think AgainTurn Away.
وفي الوقت الذي نشرت فيه، "داعش"، صور رؤوس مقطوعة لأفراد من الجيش النظامي السوري، ومسلحين من "جبهة النصرة" فإن الاخيرة وجدت ذلك في صالحها لفضح دموية "داعش" وقسوتها ، لكن في المجمل العام فإن الجماعتين الارهابيتين شوّهتا صورتيهما بنفسيهما بسبب صور القتل والدمار المنشورة على حساباتهما في "تويتر" و"فيسبوك"، وهو ما تقشعرّ له النفوس.
ويعتقد رئيس شرطة مكافحة الإرهاب السابق "سكوتلانديارد" في بريطانيا، ريتشارد والتون ان التواصل الرقمي الاجتماعي كان احد العوامل الرئيسة التي تسببت في زيادة أعداد البريطانيين المشاركين في الصراع السوري ما شكّل تهديداً إرهابياً هو الأكثر خطورة على المملكة المتحدة منذ هجمات 9/11.
ويعترف والتون الذي شهد حادثة اغتيال ستيفن لورانس اليافع البريطاني الأسود في منطقة جنوب شرقي لندن، في اعتداء عنصري العام 1993 على يد عصابة من الشبان البيض هاجموه وهم يرددون شعارات عنصرية، بانّ "لا مفر من القلق من ان بعض البريطانيين الذين يقاتلون في سوريا، سيسعون الى تنفيذ هجمات ارهابية في بريطانيا بعد عودتهم".
واعتُبِر وحيد عبد المجيد، البالغ من العمر 41 عاما، وهو أب لثلاثة اطفال من منطقة كراولي، غرب ساسكس في المملكة المتحدة، أول انتحاري بريطاني في سوريا، قاد سيارته الملغومة لتفجير سجن حلب المركزي.
وتقول الاجهزة الامنية البريطانية، انها ترصد بشكل منتظم عبر المنتديات، ومواقع التواصل الاجتماعي، فعاليات الارهابيين ودعواتهم لـ"الجهاد" وتمجيدهم له، حتى في داخل بريطانيا، معترفةً بانّ هذه المعلومات تُحلّل في اجهزة المخابرات، لدرء التهديدات المحتملة، مؤكدة استخدامها كأداة دعائية.
وفي الوقت الذي أنشأ فيه نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حساباً خاصا بـ "جرائم الارهاب في العراق"، نال متابعة اعداد كبيرة من الجمهور "الرقمي"، لاسيما انه استخدم الصورة الفوتوغرافية الملتقطة في موقع الحدث لكشف "دموية" الجماعات المتطرفة، ظهرت حاجة ملحّة الى طرق البحث والمراقبة القائمة على أسس علمية واكاديمية، تقوم بها جهات اكاديمية وبحثية، ترصد الفعاليات المتعلقة بالارهاب، وتسعى الى انشاء الصفحات التي تقوم بالتعبئة المضادة، بعدما اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي من الوسائل المهمة لبلورة فكر الشباب وفق الثقافات التي تتخذ من العنف منهجا لها ، واقناعهم بالانخراط في صفوف الجماعات المسلحة.
وترصد في موقع التواصل الاجتماعي ، عدّة حسابات رقمية لهذه الجماعات الارهابية التي تبث عبرها نشاطاتها ، وتنشر اعلاناتها عن عملياتها لحظة بلحظة ، في محاولة منها للتعويض عن افتقادها الى المنابر الاعلامية الاخرى ، حتى اصبحت هذه المواقع مصدراً اخبارياً رئيسياً لوكالات الانباء والصحف والفضائيات.
رابعا:سحب المحتوى الرقمي:
لم تغفل ادارات مواقع "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب"، تصاعد النشاطات الارهابية عبر الصفحات الرقمية، لكن حرصها على حرية الرأي، وعدم اخضاع المتابعين والناشطين الرقميين، الى شروط مشاركة قاسية ، جعلها تتجاهل نداءات الحكومات واجهزة الاستخبارات بضرورة التعاون لمكافحة الارهاب، ما اضطرها تحت الضغوط المستمرة الى الاعلان في يناير 2012م ، عن تغييرات على سياسة الرقابة، عبر مراقبة "التغريدات" التي يتعارض مضمونها مع القوانين المحلية لبعض البلدان.
كما اضطرت ادارة "يوتيوب" في كانون الاول 2010، الى الاستجابة لمطالب سحب محتوى فيديو لبعض الجماعات الإرهابية من خوادمها، كما اضطرت الى تصنيف جديد للمحتوى، يضع مثل هذه النشاطات الرقمية التي يُشك بمضامينها المؤيدة للإرهاب تحت فئة "يشجع الارهاب"، و تصنيف آخر ضمن فئة "محتوى عنيف أو مثير للاشمئزاز".
ومقابل المئات من الحسابات "الارهابية" الرقمية، ازدادت الحسابات الرقمية المناوئة لها،
وانشأ مسلمون بريطانيون موقع "الجهاد ووتج" الذي يرصد الفعاليات "الارهابية" في شبكة الانترنت، رافعا شعار "الجهاد ضد الارهاب".
خامسا:منابر "افتراضية":
إن لهذه المنابر "الارهابية" الافتراضية، نتائج عكسية كشفت عن الوجه "القبيح" للجماعات المسلحة المتطرفة ، التي سعت الى اخفائه بقناع "التدين"، فقد اثارت الصور التي تنشرها لضحاياها ، والتي توثّق عمليات قطع رؤوس الخصوم ، وتصويرهم وهم غارقون في دمائهم، غضباً عاما ، وكراهية واسعة، وكتب مدوّنون رقميون الكثير من الافكار التي تدعو الى معاقبة هذه الجماعات "الارهابية"، كما طالب البعض ادارة "فيسبوك" و"تويتر" بحظر الفعاليات الرقمية لهذه الجماعات. واذا كانت التنظيمات الارهابية قد تمكنت من نقل الكثير من تفاصيل المعارك في الفلوجة عبر حساباتها الرقمية، مظهِرةً حال المدينة وقد تحوّلت الى اشباح، في ظل سيطرة "داعش"، فان العشرات من النشطاء الرقميين أنشأوا حسابات رقمية، تفنّد مزاعم القاعدة وتنظيم "داعش"، ما يؤكّد الحاجة الى فعاليات رقمية تتبناها جهات رسمية ، تقود الخطاب الاعلامي الرقمي في مواقع التواصل الاجتماعي، لا ان تنحصر الفعاليات الاعلامية التي تفضح الارهاب على نشاطات فردية ارتجالية يقوم بها نشطاء رقميون.
و يعتقد المراسل سكوت ، ان الاستخدام الجيد لتنظيم القاعدة لشبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، عزّز من قدراتها على الارض، واتصالاتها مع خلاياها في جميع انحاء العالم، بل ان سكوت يرى ان القاعدة استقت معلوماتها في محاولتها اغتيال نائب الرئيس ديك تشيني في أفغانستان العام 2011 في قاعدة "باجرام" من الانترنت، ففي غضون ساعات قُصفت القاعدة التي كان يقيم فيها تشيني، ولم يكن الامر محض مصادفة، بعدما التقطت الاستخبارات الأميركية "شفرة" الهجوم عبر الانترنت.
سادسا:الحصول على الدعم المادي والمعنوي:
لقد بات أمراً مؤكداً لخبراء مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة ودول العالم، ان التنظيمات الارهابية تجمع الاموال ايضا من خلال تلك المواقع، وتقوم بذلك عبر اجندة رقمية عالية السرية، ليصبح العالم الافتراضي، معركة حقيقية تتفاعل نتائجها على الارض ، بل ويذهب خبراء مكافحة الارهاب الى ابعد من ذلك فيقولون ان القاعدة وتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المعروفة بـ"داعش"، هما المستفيد الاول من مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب عدم امتلاكها نافذة اعلامية لتمرير خطابها غير تلك المواقع.
وقد استخدمت الجماعات الإرهابية مواقع التواصل الاجتماعي لتسهيل التحويلات الماليّة فيما بينها، بجانب الحصول على التبرعات المالية، في ظل سهولة استخدام تلك المواقع لتحويل التبرعات والدعم المالي، مع عدم إمكانية التحقق من هوية متلقى تلك التبرعات في بعض الأحيان.
وقد اعتمد التنظيم على بعض الفتاوى التي يتم بثها من بعض الدعاة على "تويتر" للتضحية بالأموال والأنفس، خاصة منذ أن انتقلت القاعدة إلى سوريا، فكانت بعض تبرعات السعوديين لحسابات مجهولة تحت دعاوى مساعدة الشعب السوري تصل إلى التنظيم، الأمر الذي حدا بالسلطات السعودية إلى التحذير من التبرع للجهات غير المصرح بها رسمياً من الدولة.
وبجانب الدعم المادي، تحصل تلك الجماعات على الدعم المعنوي أيضاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فقد شهدت بعض الصفحات الإلكترونية ما أسماه البعض "البيعة الافتراضية" لزعيم تنظيم داعش من جانب آلاف السلفيين الجهاديين، وجاء ذلك على أثر إعلان الناطق باسم التنظيم عن تأسيس "دولة الخلافة"، في المناطق التي يوجد فيها التنظيم في العراق وسوريا، وظهرت صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي من بينها "بيعة أمير المؤمنين أبوبكر البغدادي"، و"إعلان الولاء الشرعي لأمير المؤمنين أبوبكر البغدادي" وغيرها، وهو الأمر الذي ساهم في انتشار التنظيم وتوسيع مؤيديه عبر العالم الافتراضي ، وبالتالي ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تقديم الدعم للجماعات المسلحة والمساهمة في اتساع تأثيرها ووجودها.
ونري في هذا: أن الدولة لابد لها من وضع تنظيم فاعل لتوعية مواطنيها بشأن تلك التنظيمات ولعل ما يحدث في بلادنا من جرائم جماعة الاخوان المسلمين تتبع نفس النهج في محاولة تحقيق اكبر انتشار لعملياتها الارهابية باستهداف المؤسسات الحيوية للوطن والتي تؤثر على مرافق الحياة اليومية للوطن ومن ثم تجعل حياة المواطنين في ضيق شديد وهو ما يؤثر على مصداقية اجهزة الدولة في حماية مقدراتها من عبث الارهابيين ومؤمراتهم ويبعث الخوف والذعر في نفوس المواطنين وهو ما يسعي له هؤلاء الخونة ، وأن تكون هذه التوعية عبر تلك المواقع من خلال التواصل مع مرتاديها وتحذيرهم مما يقدم لهم من فكر وثقافة بالاضافة لابراز حكم الدين في كل ما يقدمونه من فكر تكفيري قائم على الجهاد في بلاد المسلمين وايضاح ابعاد المؤامرة للشباب من مرتادي تلك المواقع حتي لا يقعوا في براثن الارهاب البغيض ، يضاف لذلك تشديد الرقابة على تحركات الاموال عبر الانترنت وكذا رصد كل ما يتم الدعوة له من تبرعات مشبوهة وايقاف تلك الحسابات من خلال التعاون الدولي في هذا الشأن.
المبحث الثالث
تجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصعوبات المواجهة
تمهيد وتقسيم:
يستخدم الارهابيون مواقع التواصل الاجتماعي نظرا لما تتيحة لهم من قدرة على التواصل مع الاخرين وبخاصة من فئة الشباب عبر العالم لبث افكارهم بطرق مدروسة بشكل دقيق لاقناع هؤلاء الشباب بذلك الفكر المتطرف سواء من خلال الدين او المباديء التي يروجون لها او الافكار المتطرفة التي تتسم بالعنف في منهجها وتستغل اندفاع وطاقات الشباب ورغبتهم في الوصول للافضل وعدم المامهم بتلك الافكار ومعرفتهم لهويتها في تضليلهم واجتذابهم للايمان بها ومن ثم جعلهم عناصر فاعلة في تنفيذ عملياتهم الارهابية كل في وطنة وهو ما يتيح لهم انتشارا واسع النطاق في كل العالم بالاضافة لعدم قدرة الاجهزة الامنية على رصد تلك العناصر التي يتم تجنيدها عبر الانترنت حيث لا يتم التعرف عليها الا عندما يقومون بارتكاب عملياتهم الاجرامية .وسوف نتناول بالتفصيل الحديث عن مدي مناسبة بيئة مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد الارهابيين بالاضافة للصعوبات التي تكتنف ملاحقة هؤلاء او رصد تلك العمليات عبر الانترنت لما لهذه المواقع من خصوصية تحميها القوانين المختلفة من خلال مطلبين على النحو التالي:
المطلب الاول : مواقع التواصل الاجتماعي بيئة مناسبة لتجنيد الارهابيين
المطلب الثاني : صعوبات مواجهة تجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي
المطلب الاول
مواقع التواصل الاجتماعي بيئة مناسبة لتجنيد الارهابيين
لقد قدم التطور الحادث في استخدام الانترنت وبخاصة شبكات التواصل الاجتماعي خدمة غير مقصودة للتنظيمات الارهابية التي قامت باستغلالها في اتمام عملياتها ضد امن وسلامة الشعوب والمجتمعات المتحضرة واعمالها الاجرامية التي تستهدف البني التحتية للدول ، فقد وفرت تلك الشبكات طريقة سهلة لنقل الافكار والبيانات والمعلومات الي عناصر الجماعات الارهابية في غفلة من اجهزة الامن في بداية الامر وهو ما حقق لها نموا كبيرا واجتذابا لعناصر من الشباب للوقوع في براثن الجماعات الارهابية من اجل القيام بممارسات ارهابية ، كما ان هذه المواقع قد حققت لتلك التنظيمات تدفقا غير محدود للمعلومات والبيانات التي يمكنها ان تستخدمها لتجنيد الارهابيين وتنفيذ عملياتها الارهابية.ولقد ظهر التزاوج بين الانترنت والارهاب بشكل اوضح بعد احداث 11 سبتمبر حيث انتقلت المواجهه ضد الممارسات الارهابية من المواجهه المادية المباشرة الواقعية الي المواجهه عبر الفضاء الالكتروني وتشير الاحصاءات الي التزايد الكبير الحادث في عدد المواقع الخاصة بالتنظيمات الارهابية وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث استغل اصحاب الفكر الضال والارهاب مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لافكارهم واستقطاب الافراد للقيام بالعمليات الارهابية وقد قاموا بتنفيذ ذلك من خلال عدة محاور على النحو التالي :
1- ان تصبح مواقع التواصل الاجتماعي عامل مساعد للعمل الارهابي التقليدي عن طريق توفير المعلومات الضرورية عن الأماكن التي يتم استهدافها او كوسيط في عملية التنفيذ حيث تعد الانترنت احد ادوات تحقيق الترابط التنظيمي بين الجماعات والخلايا التي تمكنهم من تبادل المقترحات والافكار والمعلومات الميدانية حول كيفية اصابة الهدف واختراقة والتنسيق للاعمال الارهابية .
2- استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على الحالة النفسية بالتحريض على الكراهية والحقد وحرب الافكار حيث تخدم تلك المواقع الخلايا الارهابية بتضخيم الصورة الذهنية لقوة وحجم تلك الخلايا التي قد تتكون من عدد بسيط من الافراد يقومون ببث رسائل اعلامية تتضمن حرب نفسية ضد الجمهور المستهدف وكذا الدعاية لاهدافها وانشطتها وذلك لان الهدف الاساسي من الارهاب هو نشر الذعر بين الناس فكلما زاد انتشار الرعب والفزع من افعالهم كلما تحققت الغاية لذا فان مواقع التواصل الاجتماعي الان هي انسب الوسائل التي من خلالها يتم نشر الرعب وتوصيل الرسائل المرغوبة وكذا لاستقطاب وتجنيد الارهابيين.
3- ويتمثل العنصر الثالث في الامكانيات التكنولوجية التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي فمن خلال استخدام تلك المواقع يمكن للارهابيين ان يحددوا صورة رقمية تدور من خلالها حروبهم الالكترونية فيتعدي تأثير تلك الهجمات لتدمير مواقع مضادة لهم على الانترنت واختراق مواقع المؤسسات الحيوية والبنية التحتية للدولةاو تعطيل خدماتها
وبناء على ذلك يمكننا تحديد العناصر التي تخدم التنظيمات الارهابية على مواقع التواصل الاجتماعي في :
1- ضمان عنصر السرية :وهذا العنصر يعد اساسيا بما يكفل عدم اختراقة نظرا لقدرات الانترنت على الحفاظ على السرية
2- امكانية التواصل مع الجمهور بسهولة.
3- انخفاض النفقات
4- خلق الارهاب المعلوماتي: حيث ساعدت تلك المواقع على انتشار انماط جديدة من الارهاب حيث يتمكن الارهابيون من تهديد البني التحتية للدول عن طريق اختراق منظوماتها الحاسوبية وتعطيلها او اتلافها وهو ما قد يصيب الخدمات التي تقدمها بالشلل او التعطيل دون مواجهه مباشرة مع الامن .
5- التنقيب عن المعلومات وذلك لاحتواء تلك المواقع على كم هائل من المعلومات التي تفيد هذه التنظيمات في تحديد اهدافها وكذا تجنيد عناصرها من الشباب
6- الاتصالات : حيث تساعد تلك المواقع على تحقيق التواصل بين التنظيمات الارهابية وتنسيق عملياتهم الاجرامية والتواصل بين عناصرها وقياداتهم وامكانية التواصل بالصوت والصورة عن بعد.
7- التعبئة وتجنيد الارهابيين الجدد.
8- التخطيط والتنسيق.
9- الحصول على التمويل: وذلك بعدة طرق فقد يتم بدعوة الافراد عبر تلك المواقع للتبرع للاعمال الدينية او وضع بعض المؤسسات ذات الواجهه المشروعة وعمل الخير لجمع الاموال لاعمالهم الارهابية.
10- مهاجمة التنظيمات الارهابية الاخري .
11- نقل التعليمات والتلقين الالكتروني لعناصر التنظيمات الارهابية ومن ذلك مواقع تعليم تصنيع المتفجرات والقنابل الموقوتة وتفخيخ السيارات والمباني وغيرها.
ويستهدف هؤلاء اجتذاب عامة الناس من ذوي المستويات التعليمية المحدودة عن طريق شعارات عاطفية وحماسية لضمهم للتنظيم وايضا للحفاظ على بقائهم واستمراريتهم ، كما انهم يقومون باستخدام تلك المواقع في الاتصالات ونقل التعليمات والاوامر نظرا لصعوبة تحديد الهوية ومن ثم صعوبة الوصول اليهم وتحديدهم وهو ما يجعلهم يعملون بحرية كبيرة كما يستخدم الارهابيون مواقع التواصل الاجتماعي لنشر نجاحاتهم او نشر الفظائع التي تتهم الخصم المفترض بارتكابها لاستقطاب شباب جدد للتنظيم او نشر ضور الانتحاريين والتعليق عليها بما يجعلهم ابطالا في عيون البسطاء او لتغذية الحقد والضغينة بين طوائف المجتمع الواحد وهنا يجب ان نتوقف امام هذه المواقع والتي استرعت اهتمام الجميع شعوبا وحكومات نظرا لقدرتها الفائقة على تهديد الامن والاستقرار الاجتماعيين والتأثير في الاوضاع السياسية والاقتصادية ، وخلق حالة من الذعر والفوضي لتضخيم العمليات الارهابية التي يقومون بها وتضخيم آثارها التدميرية في المجتمع .
كما انها من اساليب الارهابيين لتسويق اغراضهم وغاياتهم وتوظيفها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتضليل الاجهزة الامنية والسيطرة على الرأي العام بنشر اخبار وصور العمليات الارهابية والترويج لها بما يحقق ويستكمل الاهداف المتوخاة من تلك العمليات ، حيث انه كلما زاد الانتشار لهذه العمليات كلما تحقق الهدف منها وهو الترويع ونشر الذعر بين الناس ، وعلى ذلك يمكن القول بان الاستفادة متبادلة من العمليات الارهابية بين مواقع التواصل الاجتماعي والارهاب فالاولي تستفيد من تزايد عدد روادها ومستخدميها والارهابيون تتحقق لهم الاستفادة من نشر وتداول اخبار عملياتهم الارهابية وهو ما يحقق لهم جذب المزيد من الافراد للقيام بتلك العمليات ويحقق لهم ابراز التفوق التقني والعددي والنوعي على الحكومات .
كما ان توجية الخطاب بواسطة الارهابيين من على منابر تلك المواقع وابراز الخسائر المادية والبشرية الناجمة عن تلك العمليات ، انما هو خدمة غير مباشرة للارهابيين حيث ان تلك المواقع تساعدهم على تحقيق اهدافهم في نشر الذعر بين الناس ، وهذه المواقع تستخدم ايضا في التواصل بين الخلايا النائمة .
ونري في هذا الشأن: ضرورة التعاون الدولي في مجال وضع ميثاق شرف لعمل تلك المؤسسات التي تدير تلك المواقع وذلك من خلال تعاون امني وتشريعي دولي اذ ان الارهاب لن يقتصر على مكان دون آخر او دولة دون اخري فلن تكون هناك دولة بمنأي عن الارهاب ومن ذلك تفعيل الاتفاقية الاوروبية لمكافحة الجرائم المعلوماتية وايضا الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات واستحداث مواد قانونية في القوانين الداخلية لتجريم بث الافكار التي تحث على الارهاب او المواد العلمية والثقافية التي تساعد الارهابيين على اعداد الادوات التي يستخدمونها في عملياتهم ومن ذلك ايضا تفعيل منظومة للتعاون مع اللجنة الخاصة بمكافحة الارهاب والتي انشأتها الامم المتحدة لهذا الغرض وتفعيل قراراتها ومحاولة التوصل لآليات دولية لمكافحة عمليات بث الافكار المتطرفة التي تحث على اعتناق منهج العنف والارهاب .
المطلب الثاني
صعوبات مواجهة تجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي
من المستقر عليه في المواجهة الأمنية مع الجرائم المستحدثة أن هناك العديد من الصعوبات التي تكتنف كل اركان الجريمة الالكترونية خاصة في المجال الأمني. ويعود جزء من أسباب نجاح المجرمين في استغلال أي وسيلة مستحدثة من مستحدثات التقنيات الحديثة في أنشطتهم الإجرامية
يعود إلى سببين رئيسين:
الأول: ضعف التشريعات والعقوبات المخصصة لهذه الأنماط الجديدة من الجرائم
الثاني: نجاح المتطرفين وغيرهم في استثمار الانترنت وتقنيات الاتصال الحديث سببه الرئيسي أن جرائم التقنية تتميز بأنها غاية في التشابك، والتعقيد، وتتطلب تعاطياً مهنياً، أمنياً عالياً وعلى نفس درجة التحدي التقني الذي يوظفه مرتكبوا هذا النمط من الجرائم. وحتى يمكن وضع تصور عام للبيئة الإجراميّة التي تتم فيها جرائم الحاسبات والانترنت، نجد أنها تتم وفق ظروف موضوعيّة مختلفة تتمثل في الآتي:
1- ضعف سبل المقاومة )ضعف الإعداد الفني والبشري( صعوبة وضعف وسائل التحقيق )الروتين، وعدم مواصلة تدريب المحققين(.
2- التطور الإجرامي التقني الذي لا يتوقف، وما يستتبع من تكلفة عالية لأساليب المكافحة )الأجهزة، والتعليم، والتدريب(.
3- تعد التقنية، واستخداماتها السلبيّة أسرع من التشريعات والأنظمة الجزائية.
غالبا ما تأتي مخترعات، ووسائل المكافحة متأخرة )الفعل ورد الفعل(.
4- تدني مستوى الوعي )الإداري، و الثقافي ( في المؤسسات الحكومية وعدم تقدير خطورة المشكلة.
5- ضعف الاستثمار في مجالات البحث العلمي للمساهمة في مكافحة جرائم التقنية.
وفي ضوء ذلك كله يمكن تمييز بعض الخصائص الرئيسية للجريمة الإرهابية وغيرها التي تتم بواسطة أو على شبكة الانترنت منها:
1- يسهل )نظريّا( ارتكاب الجريمة التقنية سواء كانت جريمة فنية أو النشر الإلكتروني.
2- سهولة إخفاء معالم الجريمة، وصعوبة تتبع مرتكبيها.
3- الحرفية الفنيّة العالية التي تتطلبها سواء عند ارتكابها أو عند مقاومتها.
4- عامل البعد الزمني) اختلاف المواقيت بين الدول (، والمكاني) إمكانية تنفيذ الجريمة عن بعد (والقانوني) أي قانون يطبق؟ (دورا مهما في تشتيت جهود التحري والتنسيق الدولي لتعقب مثل هذه الجرائم.
تحديات مواجهة مواقع التطرف والعنف الإلكتروني
تبذل كثير من الدول جهودا أمنية وفكرية وقانونية على عدة مجالات في محاولة للحد من سوء استغلال شبكة المعلومات والخدمات الالكترونية المصاحبة. ولكن يبدو واضحا أن هذه الجهود تواجه العديد من العوائق الكامنة في أصل خصائص وطبيعة الوسائل الالكترونية من حيث صعوبة الترصد الفني وتحديات التحقيق الجنائي الرقمي وعدم الطمأنينة للأدلة الرقمية التي تضبطها جهات التحقيق ناهيك عن الضعف البشري والفني في المؤسسات الأمنية الموكلة بالمهمة
ومن أبرز تحديات المواجهة:
1- التحديات الأمنية
نقص الخبرات الفنيّة في مجالات تحديد اركان الجريمة الالكترونية وتقديمها كقضية مكتملة امام المؤسسات العدلية بالإضافة الي صعوبة الرصد والتحقيق ورفع الأدلة الرقمية في كل زمان ومكان يضاف الي ذلك طبيعة الحدود الفنيّة وعلاقات اطراف أي قضية عبر الإنترنت تتجاوز حدود الدولة الوطنيّة والعدد الهائل من المخالفات والمخالفين على مدار الساعة ما يصعب معه الضبط والملاحقة وذلك لان شركات الاستضافة وتسجيل وحفظ البيانات الإلكترونية خارج الدول العربية وغالبا في الولايات المتحدة ، يضاف الي ذلك احجام الجمهور عن التعاون مع المؤسسات الأمنية فيما يختص بالمحتوى الالكتروني نتيجة ثقافة التعود على شذوذ بعض مواقع الانترنت.
2- التحديات الفكرية والثقافية:
إن ما يعد جريمة في تشريع معين لا يعني بالضرورة نفس الاعتبار في دول اخرى وهذا ما يعقد القضايا ذات الارتباطات المختلفة.
التباس الكثير من المفاهيم والخلط بني ضرورات التأصيل العقدي وتنازلات المصالح السياسية والضغوط و موازنة مسألة الثقافة الدينية والواجبات الشرعية عدم القدرة على تحديد المسؤول المباشر عن المحتوى التحريضي عدم كفاءة الردود على شبه المتطرفني والمواجهة الفكرية وضعف اداراتها وترويجها بين المستخدمين
غلبة الخط الرسمي على ثقافة المواجهة الفكرية على شبكة الانترنت ما يقلل من درجة تاثيرها وانتشارها.
عدم وجود العلماء المعتبرين في بيئة الانترنت بشكل تفاعلي يجذب الشباب عن خطاب التطرف والعنف الصاخب.
التشابك بين بعض المفاهيم الاجتماعية المحافظة وبعض التفسريات المتطرفة للنصوص بشكل يصعب المعالجة الفكرية الشرعيّة.
3- التحديات القانونية والتشريعية:
تتمثل التحديات القانونية والتشريعية في عدم استيعاب التشريعات والأنظمة للجرائم الفكرية المستحدثة عبر شبكات المعلومات والوسائط الالكترونية، بالاضافة الي تنازع القوانين وعدم وضوح الاختصاص القضائي في هذه الجرائم صعوبة وضع معايير محددة لتحديد ما هو الموقع المتطرف والمحرض على العنف والتباس الكثير من المفاهيم والخلط بين ضرورات التأصيل
العقدي وتنازلات المصالح السياسية والضغوط و موازنة مسألة الثقافة الدينية والواجبات الشرعية ،
وعدم القدرة على تحديد المسؤول المباشر عن المحتوى التحريضي امام القضاء ، وضعف الثقافة العدلية في المسائل الالكترونية مما يعقد النظر في بعض القضاياحيث انه في القضايا الفكرية على الانترنت يكون العامل الديني حاسم في كل قضية ما يجعل القضاء في كثير من القضايا لايستطيع أن يحسم القضية بسرعة وبحكم مؤثر يحقق الردع.
ونري في هذا الشأن :
ضرورة تفعيل آليات التعاون الدولي في مجال التدريب الامني على مكافحة الجرائم المعلوماتية وبخاصة المرتبطة بالارهاب وتجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي نظرا لما تتضمنة من خطورة على الامن القومي العالمي والوطني والاقليمي مما يتطلب التكاتف من اجل مكافحته بوضع آليات تعاون دولية ناجزة وتحديد نقاط اتصال لتبادل المعلومات بسهولة ويسر دون ارتباط بالقوانين والاجراءات المنظمة لذلك وإعلاء الامن القومي على اعتبارات السيادة واعتبار تلك الجرائم من الجرائم الماسة بأمن الوطن.
المرجع
-
.... مواضيع مشابهة أو ذات علاقة بالموضوع :
مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي والمفاهيم ذات الصلة
تمهيد وتقسيم:
شبكات التواصل الاجتماعي هي مصطلح يشير إلى تلك المواقع على شبكة الإنترنت والتي ظهرت مع ما
يعرف بالجيل الثاني للويب (Web2) حيث تتيح التواصل بين مستخدميها في بيئة مجتمع افتراضي يجمعهم وفقاً لاهتماماتهم أو انتماءاتهم ، بحيث يتم ذلك عن طريق خدمات التواصل المباشر كإرسال الرسائل أو المشاركة في الملفات الشخصية للآخرين والتعرف على أخبارهم ومعلوماتهم التي يتيحونها للعرض. وتتنوع أشكال وأهداف شبكات التواصل الاجتماعي فبعضها عام يهدف إلى التواصل العام وتكوين الصداقات حول العالم، وبعضها الآخر يتمحور حول تكوين شبكات اجتماعية في نطاق محدود ومنحصر في مجال معين مثل شبكات المحترفين والمصورين والإعلاميين وغيرها. وسوف نتناول التعريف بمواقع التواصل الاجتماعي من خلال فرعين كالتالي:
الفرع الاول: مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الثاني: المفاهيم ذات الصلة بمفهوم مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الاول
مفهوم مواقع التواصل الاجتماعي
تعرف موسوعة "ويب اوبيديا" شبكات التواصل الاجتماعي بأنها: "عبارة تستخدم لوصف أي موقع على الشبكة العنكبوتية يتيح لمستخدميه وضع صفحة شخصية عامة معروضة، ويتيح إمكانية تكوين علاقات شخصية مع المستخدمين الآخرين الذين يقومون بالدخول على تلك الصفحات. يضاف الي ذلك أن مواقع شبكات التواصل الاجتماعي يمكن أن تستخدم لوصف المواقع ذات الطابع الاجتماعي، مجموعات النقاش الحي ، غرف الدردشة وغيرها من المواقع الاجتماعية الحية .
ويوجد حالياً على الإنترنت مئات بل آلاف مواقع التواصل الإجتماعي ، وتتمثل أهم تلك المواقع في المدونات والمنتديات، إضافة إلى مواقع عديدة مثل الويكي Wiki، والفيسبوك وتويتر، يضاف الي ذلك التطبيقات التي قدمتها بعض الشركات الكبرى لدعم الفكر الاجتماعي في التفكير والمشاركة مع مستخدمي مواقعها مثل جوجل وياهو واللذان إهتما بالتحرير الجمعي والكتابة وبتنفيذ العروض المشتركة ، ومواقع خدمات وتخزين الصور وإعادة عرضها وإرسالها مثل فليكر Flicker ونشر مقاطع الفيديو مثل يوتيوب YouTube، وغيرها من الخدمات والتقنيات التي تجد اهتماماً فردياً مع تبادل المشاركة والنشر بين المستخدمين.
ولقد أحدث هذا الاختراع انعكاسات كبيرة على قواعد حرية النشر والتعبير، وتدعيم الفكر الديمقراطي وحقوق الإنسان وغيرها من المفاهيم السياسية والاجتماعية والتجارية التي انتشرت وتكونت حولها الجماعات مستفيدة من سهولة استخدامها والمشاركة فيها دون خبرات تقنية أو تكاليف مادية.
الفرع الثاني
المفاهيم ذات الصلة بمواقع التواصل الاجتماعي
اولا: مفهوم التطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
التطرف مصطلح لم يعرف في الكتب والمراجع العربية قديما بمعناه المنضبط اصطلاحا في الوقت الراهن وان كان بعض العلماء قديما استخدموا كلمة التطرف الديني على القائل المخالف للشرع، وعلى القول المخالف للشرع وعلى الفعل المخالف للشرع. فهو فهم النصوص الشرعية فهما بعيدا عن مقصود الشارع وروح الإسلام فالتطرف في الدين هو الفهم الذي يؤدي إلى إحدى النتيجتين المكروهتين، وهما الإفراط أو التفريط. والمتطرف في الدين هو المتجاوز حدوده والجافي عن أحكامه وهديه، فكل مغال في دينه متطرف فيه مجاف لوسطيته ويسره
وبنظرة اشمل على مفهوم التطرف نجد انّه بحسب بعض المصادر كل ما يؤدي إلى الخروج عن القواعد الفكرية والقيم والمعايير والأساليب السلوكية الشائعة في المجتمع، مُعبراً عنه بالعزلة أو بالسلبية والانسحاب، أو تبني قِيَم ومعايير مختلفة قد يصل الدفاع عنها إلى الاتجاه نحو العنف
في شكل فردي أو سلوك جماعي منظم، بهدف إحداث التغيري في المجتمع وفرض الرأي بقوة على الآخرين. وبهذا التوصيف فلا أحسن من شبكة الانترنت لمخالفة القيم والتعبير عن هذه المخالفات والدعوة لها من خلال البث الصوتي والنصوص والأفلام واحداث الضجيج للتعبير عن الأفكار التي يرى صاحبها اهمية ايصالها للناس.
والتطرف وفقا للمفاهيم الثقافية والأيدلوجية «قد يتحول من مجرد فكر إلى سلوك ظاهري أو عمل سياسي، يلجأ عادة إلى استخدام العنف Vi-lence وسيلة إلى تحقيق المبادئ التي يؤمن بها الفكر المتطرف، أو اللجوء إلى الإرهاب النفسي أو المادي أو الفكري ضد كل ما يقف عقبة في طريق تحقيق تلك المبادئ والأفكار التي ينادي بها هذا الفكر المتطرف». وهذا ما نتج حينما رصدت الجهات الأمنية في المملكة العربية السعودية وبريطانيا نشاطا متزايدا للمتطرفين على الانترنت فأوقفت متطرفين واغلقت مواقعهم.
ويرتبط التطرف بالعديد من المصطلحات، مثل التعصب. إن التطرف وفقاً للتعريفات العلمية يرتبط بالكلمة الإنجليزية Dogmatism أي الجمود العقائدي والانغلاق العقلي. والتطرف بهذا المعنى هو أسلوب مُغلق للتفكير يتسم بعدم القدرة على تقبل أي معتقدات تختلف عن معتقدات الشخص أو الجماعة أو على التسامح معها
وهكذا يمكن تأسيسا على ما تقدم تعريف التطرف الالكتروني في هذا البحث باعتبار الوسيلة والمستقبل والمحتوى على انه: أنشطة توظيف شبكة الانترنت والهواتف المتنقلة والخدمات الالكترونية المرتبطة في نشر وبث واستقبال وانشاء المواقع والخدمات التي تسهل انتقال وترويج المواد الفكرية المغذية للتطرف الفكري وخاصة المحرض على العنف ايا كان التيار او الشخص او الجماعة التي تتبنى او تشجع او تمول كل ما من شأنه توسيع دائرة ترويج مثل هذه الأنشطة.
ثانيا: مفهوم العنف عبر شبكات التواصل الاجتماعي:
العنف في اللغة: قال ابن منظور: العنف الخرق بالأمر، وقلة الرفق به، وهو ضد الرفق. عَنُفَ به وعليه يَعنُفُ عنفاً وعنافة ، وأعنفه ، وعنّفه تعنيفاً ، وهو عنيف ، إذا لم يكن رفيقاً في أمره . واعتنف الأمر: أخذه بعنف، والتعنيف: التعيير واللوم
تعريف العنف في الاصطلاح: الشدة والقسوة ضد الرفق والاسلام دين رفق وحسنى مع المخالف وقد قال تعالى لنبيه:﴿ ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن) (125) (النحل) ويرى بعض الباحثين اهمية التمييز بني نوعين من العنف: العنف المادي والعنف الرمزي، فالأول يلحق الضرر بالموضوع) الذي يمارس عليه العنف (سواء كان في البدن أو في الحقوق، أو في المصالح أو في الأمن وغير ذلك. أما العنف الرمزي فيلحق ذلك الضرر بالموضوع على المستوى النفسي بأن يكون في الشعور الذاتي بالأمن والطمأنينة والكرامة والاعتبار والتوازن. والعنف الالكتروني باستخدام تطبيقات الانترنت والخدمات المرتبطة بها يتحقق من خلاله كلا النوعين ، العنف المادي، والعنف الرمزي فمن جهة العنف المادي نجد أن المحتوى المتطرف يمس الناس بالتهديد المباشر وبخاصة الرموز السياسية وهو ايضا ينتقص حقوق فئات معينة )مثل المهاجرين والملونين في الغرب، الأقليات الدينية في الشرق ( ويضرر بمصالح فئات ومجموعات ويهدد الأمن الوطني، وفي جهة العنف الرمزي فطول ادمان المواقع المتطرفة يقود اما الى التوتر والخوف، او يستهوي الانسان فيجنح الانسان الى تبني افكار متطرفة تأثرا بالغرس الثقافي المكثّف الذي يتعرض له من خلال شاشة الحاسوب أمامه.
المطلب الثاني
التأثيرات المختلفة لمواقع التواصل الاجتماعي
تؤثر مواقع التواصل الاجتماعي بلا شك في الامن القومي للدول واستقرارها وهو ما دعا العديد من المؤسسات القومية المهتمة بالأمن الي دراستها ووضع الخطط الاستراتيجية للتعامل معها وذلك لان ما يتم نشرة عبر تلك المواقع من اخبار ومعلومات في الغالب ما تكون مفتقدة للصدق والدقة والمهنية وغالبا ما تكون موجهه لتحقيق غايات خاصة ، فعند التركيز في خلفيات مديري هذه المواقع الايديولوجية والفكرية والسياسية نجد ذلك جليا بالإضافة الي ان المحتوي المعلوماتي لهذه المواقع هو من اكثر المعلومات تداولا بين الجمهور وبخاصة الشباب حيث ان هذه المواقع تمكنت من جذب اعداد هائلة من المتصفحين في مدي زمني بسيط متجاوزة بذلك قدرات اجهزة الاعلام التقليدية الأخرى بفارق كبير وهو ما منحها قدرة كبيرة على التأثير في الساحة السياسية واتجاهات الرأي العام وكذا في بث الافكار والاعتقادات المتطرفة وبخاصة لدي الشباب وهو ما ادي لتغيير سياسي وامني كبير ومن ثم فقد اصبحت هذه المواقع تستخدم لتهديد امن الدول وزعزعة استقرارها وهو ما سوف نتناوله من خلال عدة عناصر على النحو التالي :
الفرع الاول: أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري
الفرع الثاني: أثر مواقع التواصل الاجتماعي على نشر العنف والتطرف عبر الانترنت
الفرع الاول
أثر مواقع التواصل الاجتماعي على الامن الفكري
يعد مفهوم الامن الفكري من المفاهيم التي ظهرت مؤخرا مع انتشار استخدام الانترنت حيث ان تعرض الافراد للرسائل الاعلامية السلبية التي يتم بثها من خلال تلك المواقع والتي يتم اعدادها بواسطة افراد من ثقافات مختلفة تماما عن ثقافة المتلقي ادت الي التأثير بشكل سلبي في فكرة وقناعاته وقيمة مما قد يولد لدية افكارا متطرفة غريبة على مجتمعة وثقافته ودينه لذا نقول ان هذه الجوانب ذات ارتباط وثيق بالأمن الفكري للناس.
واذا كان الغزو الثقافي في الماضي يتم من خلال الفضائيات ووسائل الاعلام التقليدية فان المسألة قد تحولت في الوقت الراهن الي مواقع التواصل الاجتماعي لما لها من تأثير فعال على تغيير التوجهات الثقافية والقيمية والسلوكية والفكرية لأفراد مجتمع المتصفحين لها وهو ما اثر بشكل خطير على الامن الفكري لأفراد المجتمع.
فالاهتمام البالغ الذي تحظي به هذه المواقع قد اضحي مسألة تهدد الامن الفكري لأفراد المجتمعات المختلفة ليس في بلادنا فحسب وانما في كل بلدان العالم وهو ما يجعل التحولات السلوكية التي قد تحدث في بلد ما تؤثر بشكل قد يكون متنامي على بلدان اخري بحسب الاستعداد الفكري والنفسي لأفراد ذلك المجتمع وبخاصة الشباب منهم لسرعة تأثرهم بالأحداث واندفاعهم نحو الجديد ، كما ان ضعف الثقافة الدينية والحصانة الثقافية والفكرية ونقص الوعي وبخاصة لدي المراهقين وهم اغلب مستخدمي تلك المواقع يجعل تأثير ما يتم تداوله من خلالها اشد تأثيرا وضررا لذا فان تأثير تلك المواقع على الامن الفكري لأفراد المجتمع محل اهتمام ومتابعة .
كما ان ما تقوم به تلك المواقع من ترويج للمفاهيم والافكار الخاطئة يمكننا عقب الدراسة وتحليل نتائجه التأكيد على ان المحتوي المعلوماتي الذي يتم تداوله من خلال تلك المواقع قد ادي لاختلاط المفاهيم لدي المتلقين وتداخل العديد من المدلولات للعديد من المصطلحات الثابتة في يقين المجتمعات المختلفة والمتوارثة جيلا بعد جيل وتبني افكار وقيم مختلفة تماما عن تلك المتوارثة في العديد من المجتمعات وخاصة انه في غالب الاحوال يتم ذلك مسايرة لجموع متصفحي تلك المواقع ومن ثم يصبح توجيه الفكر والثقافة من خلال عناصر ذات اصول وثقافات مغايرة لمجتمعنا مما اضفي على افراد المجتمع قيما جديدة سلبية في معظم الاحوال ، ودون الخوض في مضمون تلك الافكار والقيم التي يتم بلورتها حاليا وفقا للما هو جاري في مجتمع تلك المواقع فان مستخدمي تلك المواقع يتلقونها ويقتنعون بها دون تفكير او دراسة فيتم تقبلها كحقائق بسبب كثرة تداولها وشيوعها.
حيث اشارت العديد من الدراسات والبحوث الميدانية الي ان عملية نشر معلومات وحقائق بشكل متواصل ومتكرر في وسائل الاعلام يؤدي الي جعلها مسلما بها لدي الافراد وان كانت غير حقيقية فنجد العديد من المقولات المنشورة منسوبة لغير اصحابها بالإضافة لنقلها بلغة غير سليمة وتغيير محتواها فيجد المتصفح نفسة غير قادر على تمييز الحقيقة ، بالإضافة الي انها مجال خصب لتداول الاشاعات والاخبار الكاذبة واحيانا ما يتم ذلك بشكل مقصود ومدروس لتحقيق نتيجة معينة ونشر معلومات خاطئة او تجنيد الممكن من المتصفحين لتبني فكر متطرف او جذبهم للانضمام لجماعات ارهابية للقيام بأعمال عدائية ضد بلادهم او مجتمعاتهم .
ومن نتائج تداول وتناقل الافكار والمفاهيم المغلوطة بين الافراد من خلال مواقع التواصل الاجتماعي اختلاط وتداخل المفاهيم بين متصفحي تلك المواقع حيث يتم استخدام العديد من المصطلحات والمدلولات دون معرفة معناها الحقيقي، وسبب استخدامها حيث يتم اضفاء اطار مطاط لتلك المصطلحات فيتم تفسيرها واستخدامها وفقا لأيديولوجيات معينة لتحقيق غايات معينة تغذي النعرات الطائفية والفكر المتطرف كالجهاد في بلاد الاسلام وغيرها من الافكار الهادمة للمجتمعات.
يضاف الي ذلك الفوضى الكبيرة في الافتاء عبر تلك المواقع والتي تعزز وتساعد الترويج للأفكار المتطرفة دينيا والتي تلقي قبولا لدي الكثير من غير المثقفين دينيا ويؤدي بهم الي الدخول في جماعات تنتهج نهج بعيدة تماما عن مناهج الاديان يترتب على ذلك سلوكيات عدوانية وعمليات ارهابية ترتكب بدعوي الدين وما يترتب عليها من ازهاق للأرواح وتدمير للبني التحتية الوطنية واحداث انقسام في المجتمع واذكاء النعرات الطائفية ، وتقوم الجماعات المتطرفة باستغلال سذاجة المتصفحين لتلك المواقع في تجنيدهم لارتكاب الاعمال الارهابية والتفجيرات الانتحارية بدعوي اقامة الدين والجهاد في سبيل الله .
وهذا المحتوي الالكتروني الذي يتم بثه من خلال تلك المواقع يمكن ان يشكل تهديد لأمن دول والأشخاص وبخاصة الدردشة الالكترونية والتي يمكن من خلالها ان يتم تبادل المعلومات الماسة بالأمن القومي وتجنيد الشباب للعمل ضمن الخلايا الارهابية والتنظيمات المتطرفة التي تعمل لحساب قوي معادية تستهدف امن الوطن واستقراره ، ويتم تجنيد الشباب واغواؤهم عن طريق المنتديات وصفحات التواصل عبر الفيس بوك وتويتر وهو ما يشكل تهديدا كبيرا خاصة بالنسبة للعاملين في الهيئات الحيوية للدولة لمحاولة استدراجهم او تجنيدهم سواء بالفكر المتطرف والدخول اليهم عن طريق الدين والجهاد في سيبل الله والشهادة والجنة ، او استدراج الافراد لنشر معلومات خاصة بهم ووظائفهم من خلال الفيس بوك او تويتر ثم دراسة جوانب شخصياتهم من خلال ما يقومون بنشرة على صفحاتهم الشخصية لتحديدهم وسيلة استدراجهم للوقوع في براثن الارهابيين واقناعهم بالقيام بأعمال ارهابية تضر المجتمع والدولة.
يضاف الي ذلك قيام العديد من الدول المتقدمة بشن حملات الكترونية واسعة النطاق تقوم من خلالها بنشر معلومات واخبار تستهدف اثارة الفتنة وزعزعة الاستقرار في دول اخري خاصة العربية فتعمل على حشد الافراد وتنظيمهم في منظمات وحركات تأخذ في الغالب مسميات ديمقراطية تستهدف اثارة الفتنة واذكاء النعرات الطائفية والانقسامات في داخل المجتمع الواحد لتفوده لحرب اهلية تتمكن من خلالها من تدميره ذاتيا دون ان تخسر جنديا او حتى دولارا واحدا.
وعلى ذلك يمكن القول ان مواقع التواصل الاجتماعي قد اصبحت اليوم من أقوى الوسائل المستخدمة لتحقيق اهداف سياسية فعلي الرغم مما لها من ايجابيات في مختلف المجالات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الا ان تأثيرها السلبي على استقرار الدول والمجتمعات قد بات واضحا حيث تم استخدامها ولا زالت لإثارة الفوضى والفتن وخاصة في مجتمعاتنا العربية وكذا الغير عربية.
وهو ما يتطلب التكاتف لوضع استراتيجية لدراسة وتحليل مضمون تلك المواقع وما يدور فيها من حوارات وما يتم تبادله من معلومات واخبار لمنع الاضرار التي تترتب عليها وطرح المعلومات الصحيحة لإنقاذ شبابنا وبناتنا من براثن الارهاب والقوي السياسية المعادية التي تستهدف هدم مجتمعاتنا بتدمير فكر شبابنا ، وكذا العمل على ارساء استراتيجية واضحة تقطع الطريق امام الاشاعات وحملات الدعاية والتشوية من خلال تصميم صفحات الكترونية تقدم المعلومات الصحيحة والرسمية .
الفرع الثاني
أثر مواقع التواصل الاجتماعي على نشر العنف والتطرف عبر الانترنت
إن الجماعات المتطرفة كانت من اوائل الجماعات الفكرية التي دخلت العالم الالكتروني حتى قبل أن تظهر شبكة الانترنت بسنوات. ومما تشير اليه المصادر الغربية أن « Tom Metzger » أحد اشهر المتطرفين الأمريكيين العنصريين )اليمين المتطرف ( ومؤسس مجموعة المقاومة الاريانية البيضاء" White Aryan Resistance " كان من اوائل من اسس مجموعة بريدية الكترونية ليتواصل مع اتباعه ويبث افكاره سنة 1985 م وربما غاب عن بعض الباحثين أن المجموعات البريدية الالكترونية كانت الأكثر توظيفا من قبل الجماعات العرقية المتطرفة قبل ظهور الانترنت التجاري وربما ظلت على هذا النمط حتى ما بعد منتصف التسعينيات.وقد عُرفت جماعات كثيرة شبكات المعلومات ما قبل الانترنت مثل مجموعة المتطرف الأمريكي دان جانوون Dan Gannon الذي يعد بحسب المصادر الغربية أول من أنشأ موقعا متطرفا يبث من خلاله افكاره العنصرية عن نقاء العرق الأبيض في شهر ديسمبر 1991 مع ولادة الانترنت في الولايات المتحدة. وتلي ذلك عدة مجموعات اشتهر منها بعد ذلك مجموعة «جبهة العاصفة Storm front» الأمريكية المسيحية المتطرفة بقيادة «Don Black» التي أنشأت اول موقع متكامل عن التطرف وثقافة الكراهية في مارس سنة 1995 م. ومن العجيب ان اليهود كانوا من اوائل ضحايا المواقع الامريكية المتطرفة بوصفهم مصاصي دماء ومخربي امريكا.
وقد تعاقب ظهور مواقع تابعة لجماعات متطرفة من الولايات المتحدة واوروبا وبشكل خاص بريطانيا واستراليا ثم بقية دول العالم. وفي كل هذه المراحل كانت الانترنت في عمق دائرة ترويج ثقافة التطرف والعنف معبرة عن افكار المهمشين والمتطرفين الصاخبين من كل ملة وجنس
وفي العالم الاسلامي أسهمت شبكة الانترنت بشكل واضح في بسط نفوذ التطرف الفكري لمختلف التيارات من خلال المواقع والمنتديات التي تديرها الجماعات والرموز المتطرفة التي تقدم منتجاتها الفكرية وفق خطاب جاذب مستغلين في ذلك الواقع المر في كثير من مجتمعات العالمين العربي والإسلامي. ومع أن التطرف لا دين له ولا جنس، الا أن ما اصاب المسلمين من شرور التطرف في العقود الماضية خاصة حين قاد الى العنف يتجاوز ما حصل لبقية شعوب الأرض.
ففي المجتمع العربي كانت تأثيرات تلك المواقع قد بدأت تتشكّل حين وفّرت الانترنت فضاء حرّا لنشر كل ممنوع منذ بداياتها الأولى لتصبح مع مطلع الألفية الثانية الوسيلة الأبرز في الترويج للتطرف والعنف والكراهية ما جعل من المتطرفين سادة المشهد الالكتروني خاصة بعد احداث الحادي عشر من سبتمبر.
وقد ظهرت العديد من الاحصائيات العربية والغربية حول عدد المواقع المتطرفة الا انها في معظمها لا تخلو من المبالغة وعدم المنهجية اذ تعتبر بعض الدراسات كل من يؤصل للجهاد متطرفا وباحثون اخرون يضعون كل موقع يدعو لطرد ومقاومة الاحتلال الأمريكي أو الاسرائيلي في باب التطرف مع أن بعضها يغلب عليها الطرح القومي او الشعبي او الإسلامي المعتدل. وفي رصد خاص بالباحث وجد ان عدد المواقع التي يمكن أن يطلق عليها متطرفة يتراوح رقما بني 240 -300 موقع تزيد وتنقص تبعا لسخونة الأحداث ومتابعة بعض الرموز ومعظم المواقع في المرحلة الحالية) نهاية 2010 (تأخذ من قضية فلسطين واحتلال العراق عنوانا ثم تنطلق في نشر المواد المتطرفة ولا تستثني أحدا.
ومن جهة أخرى نجد أن الدول الغربية تضغط على الدول الاسلامية بين الحين والآخر تحت بند تشديد الرقابة على المواقع المتطرفة لنجد أن معظم هذه المواقع تنطلق بدعم واستضافة شركات غربية. وقد كشف رئيس معهد أبحاث وإعلام الشرق الأوسط ميمري ومقره واشنطن أن جميع المواقع الالكترونية التابعة لتنظيم القاعدة والجماعات الجهادية الأخرى موجودة في الولايات المتحدة ودول الغرب الأخرى. وقال إيغال كارمون في جلسة استماع عقدت في أحد مباني الكونغرس الأمريكي إن المفارقة الواضحة هي أن دول الغرب تشن حربا على الجماعات الإرهابية، ولكنها في الوقت نفسه تسمح لهذه الجماعات بالوجود الإعلامي الالكتروني على أراضيها، بما فيها تلك التي تحرض على قتل الأمريكيين ومنذ مطلع القرن ال 20 ، ومع التوسع في توظيف شبكات المعلومات، بات الحديث عن توظيف الفضاء الالكتروني من قبل المتطرفين ونجم عن ذلك ما بات يعرف بالإرهاب الالكتروني الذي اصبح واقعاً فرضته الحوادث اليومية، التي كانت تقنيات الاتصال الحديثة طرفاً فيها أو ضحية لها في ظل حقيقة أن المجرمين والإرهابيين نجحوا في استثمار فرص تطور التقنية وامكاناتها غير المحدودة، لتوظيفها لخدمة أغراضهم، إلا أن هذا لا يعني أن الظاهرة الإرهابية التقليدية ومحفزاتها اختلفت كثيراً عن الإرهاب في عصر الانترنت فكلا النمطين تحركهما نفس الدوافع ويسعيان لتحقيق ذات الأهداف.
ومن المعلوم من استراتيجيات جماعات العنف والتطرف أنها لا تترك أي وسيلة للوصول الى الجماهير لتبرير وتسويغ العمليات الارهابية، أو الترويج للفكر الذي تتبناه. وفي معظم المواقع يبدو التوظيف العاطفي اقوى من الحجج العقلية وذلك سواء في رسائل اكتساب أنصار جدد، أو تعزيز مواقف المؤيدين والأتباع. ومن الزاوية الإعلامية المجردة نجد أن العمليات الإرهابيّة – حتى قبل الانترنت وثورة الاتصال-عادة ما تحظى بتغطيات إعلاميّة مكثفة، حيث تجد فيها وسائل الإعلام مادة صحفية مثيرة فتتناولها بشكل مركز وفق منطق الحدث الإرهابي، حدث إعلام ولعل هذا ما دعا بعض الخبراء إلى التحذير من أن وسائل الإعلام قد تنحرف -تحت ضغط المنافسة – عن دورها في البناء الاجتماعي، إلى الترويج للإرهابيين الذين يستغلون بمهارة مسألة حرص الإعلاميين على السبق الصحفي، لتمرير أيدلوجية معينة بهدف كسب تعاطف الرأي العام مع قضاياهم. ولأن وسائل الإعلام التقليدية تعمل تحت سيطرة أنظمة ومؤسسات وتعمل وفق حسابات ومصالح، فقد برزت الانترنت وسيلة حرّة وجماهيرية مغرية للجماعات الإرهابية التي بادرت إلى استغلالها كأفضل قناة مرنة للإعلام والاتصال بالجماهير وفي ظل متغيرات تربوية وثقافية وعدم اشغال فراغ الشباب كانت النتيجة ان ترصدت مجموعات فكرية مختلفة التوجهات المجاميع الشبابية الحائرة و قدّمت لها وجبات فكرية جاهزة تخاطب الغرائز و تستدر العواطف بخطاب غطاؤه ديني برّاق مستغلة الحس الديني البريء لدى الشباب لتضخ فيه الافكار المضللة وتزين لهم الخروج عن المجتمع و الهجرة من الاوطان مستغلة لبعض مظاهر الاحباط السياسي والاقتصادي والاجتماعي في بعض المجتمعات الإسلامية لتوجيه طاقات هؤلاء الشباب الى محاربة مجتمعاتهم وتكفير حكامهم و قتل انفسهم في سبيل ما يعتقدون من أفكار خاطئة والدين منها بريء.
المبحث الثاني
ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
تمهيد وتقسيم:
سخّرت الجماعات الارهابية الشبكةَ الرقميّة والفضائيات لأغراضها الدعائية، منذ شرع تنظيم القاعدة قبل نحو عقد من الزمن في بث بياناته عبر الانترنت وبعض القنوات التلفزيونية العربية والعالمية، حتى بَرَزَ في السنوات الخمس الاخيرة، نشاط "رقمي" فعّال للجماعات المتطرفة، لتسويق بياناتها وصور فعالياتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما "فيسبوك" و"تويتر"، في سعيها لتعزيز استراتيجية "بروباغندا" لا تهدف الى نشر ثقافتها المتطرفة و"التكفيرية"، فحسب، بل الى شن حرب نفسية، للتأثير في الخصوم، والسعي الى استقطاب الشباب، للتطوّع في صفوفها والقتال في البلدان التي تحارب فيها مثل افغانستان والعراق وسوريا واليمن ودول اخري
وإذ وَعَت حكومات الدول لمخاطر هذا الشكل الجديد من تجنيد الارهابيين للقيام بالعمليات الارهابية فقد سعت بالمقابل الى الشروع في حرب "رقمية" لاسيما عبر مواقع التواصل الاجتماعي في دعاية مضادّة تهدف من ورائها الى كسب الحرب على "الارهاب" عبر رصد فعاليات الجماعات المسلحة ومتابعة تمدّدها ومراقبة أساليب تجنيدها للشباب في صفوفها.
وعلى ذلك سوف نتناول دراسة ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال عدة مطالب على النحو التالي:
المطلب الاول: نشر العنف والتطرف عبر شبكات التواصل الاجتماعي
المطلب الاول
نشر العنف والتطرف عبر شبكات التواصل الاجتماعي
تقسيم:
سوف نقوم بتقسيم هذا المطلب الي اربعة فروع على النحو التالي:
الفرع الاول: استغلال جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين في الترويج للإرهاب
الفرع الثاني: مميزات وخصائص مواقع التواصل الاجتماعي التي تستخدم لتجنيد الارهابيين
الفرع الاول
استغلال جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين في الترويج للإرهاب
اولا: أسباب جاذبية مواقع التواصل الاجتماعي للإرهابيين
مواقع التواصل الاجتماعي وسيط ووسيلة جماهيرية تمنح قدرا كبيرا من السرية والخصوصية لمستخدمها ناشرا او متصفحا. وتعود بعض اسباب جاذبيتها للمتطرفين وغيرهم الى بعض خصائصها من حيث:
1-قدرتها على تحقيق التواصل الاجتماعي مع الاخرين بكل اللغات والثقافات لمختلف شعوب العالم.
2-عدم وجود رقابة على التواصل بين أطراف الاتصال.
3-تتميز الاتصالات بالخصوصية.
4-إقبال الشباب على هذه الوسيلة بشكل كبير.
5-انتشار المواقع الفكرية لرموز الفكر التكفيري وتواصلها بخطاب تحريضي جذاب مع زوارها ومعتنقي هذه الأفكار.
6-يعلم المتطرفون الجدد أن رموز الفكر التكفيري لم يعرفوا بشكل جماهيري الا عن طريق المواقع الالكترونية التي روجت لأفكارهم واستقطبت الاتباع.
7-تشكل المنتديات الحوارية المتطرفة وقود الصراع الفكري للفكر المتطرف مع خصومه بل ان بعض هذه المواقع يكاد يتجاوز عدد زواره ربع مليون زائر في اجازات نهاية الاسبوع.
8 - تشكل القوائم البريدية التي يشرف عليها مديرو المواقع الالكترونية حلقة الوصل بين أقطاب الأفكار المضللة والأتباع الذين ينشرون هذا الفكر في دوائرهم الخاصة وهو ما يعزز من تأثيرها.
وفي إطار بعض الدراسات التي اجريت في هذا الخصوص أمكن تمييز ثلاثة مدارس فكرية مهيمنة على الخطاب الفكري الإسلامي لتجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي على النحو الآتي:
أ- الخطاب التقليدي وتنتجه مدرسة فكرية عادة ما تكون تابعة لمؤسسات رسمية أو شبه رسمية أو لشخصيات ورموز فكرية إسلامية ذات خط فكري محافظ. ويمكن ملاحظة حضورها من خلال مواقع ومنتديات إلكترونية تتسم بوجود أطروحات فكرية يغلب عليها الهدوء والتركيز على مسائل التأصيل العقدي والفتاوى ولا تتطرق بشكل واضح إلى بعض الإشكاليات العصرية خاصة تلك التي تتعلق بالقضايا السياسية الشائكة أو ما يختص بالجدل الدائر مع الآخرين من غير المسلمين مع وضوح لغة اقصائية قوية مع المخالفين خاصة من تسميهم هذه المدرسة (بالحزبيين)) من الحركيين من الجماعات الإسلامية.
ب- الخطاب الحركي من انتاج بعض المجموعات الفكرية وثلة من المفكرين الإسلاميين الناشطين الذين اتجهوا إلى الإنترنت كوسيلة إعلام متاحة ووجدوا فيها مجالاً للحركة ونشر أفكارهم التي تتميز عادة ببعض الجرأة والكثير من مؤشرات الانخراط في القضايا السياسية وفق منهج توفيقي فيه قدر من التصالح والسياسة غير متضح الملامح مع المخالفين من أصحاب المدارس الفكرية الأخرى. ويلاحظ في حوارات منتسبي هذه المدرسة الاكتفاء بالتلميح – مدحاً أو قدحاً – عند ذكر الأنظمة والرموز السياسية القائمة، مع حرصهم على الحفاظ على كثير من الخطوط الفكرية المشتركة مع علماء المدرسة التقليدية.
ت- الخطاب المتشدد وينطبق وصف الخطاب المتشدّد -هنا – على اطروحات مجموعات انتهجت المصادمة الفكرية والعسكرية مع مجتمعاتها وتتضح خصائص منهج المتشددين هنا من خلال مواقعهم ومنتدياتهم وانتاج بعض المدافعين عنهم الذين يتسمون بخطابهم التصادمي الرافض للواقع بلهجة حماسية تعتمد التأثير العاطفي وبعث الحماس والغيرة لدى الشباب – وقد قدمت مواقع التواصل الاجتماعي لهذه الجماعات خدمة كبرى كونها المنفذ الوحيد للتواصل والاتصالات مع المتعاطفين والأنصار وغيرهم.
وتتميز لغة الخطاب في منتديات ومواقع هذه الجماعات بالحدة والانفعال مع الخصوم وتهيمن على موضوعاتهم لغة انفعالية عاطفية لا تقبل المخالف ولا تحاوره وفق منهج يتسم بالتحدي والإثارة وفي معظم الطرح الفكري لبعض هذه الجماعات يمكن ملاحظة الكثير من مؤشرات السذاجة السياسية وعدم الكفاءة الفكرية في قراءة حقائق الواقع السياسي والعسكري في العالم وتعد هذه الجماعات أنشط مجموعات الإنترنت الإسلامية حركة وإنتاجا وتتميز مواقعها بالحيوية والنشاط والتجديد.
ثانيا: الترويج الإلكتروني للتطرف والعنف
التطرف حالة قديمة عرفها المجتمع الانساني بمختلف اعراقه ودياناته وقد وصف الله في كتابه بعض غلو اهل الكتاب في قوله تعالى:﴿ وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَىٰ على شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَىٰ لَيْسَت الْيَهُودُ عَلى شَيْءٍ﴿ ١١٣﴾(البقرة (.
وعلى مر التاريخ كانت جماعات ورموز التطرف الديني توظف الوسائل المتاحة لترويج افكارها سواء من خلال الخطب، او الاجتماعات السرية، أو وضع الكتب والمصنفات وتوزيعها على الاتباع. وفي العصر الحديث وظفت ذات الجماعات الوسائل الحديثة فاستخدمت شريط الكاسيت في اوج عصره ثم روجت افكارها عبر افلام الفيديو، وهي اليوم تعتمد على ملفات وخدمات الانترنت و ملفات بصيغ الهواتف المتنقلة بشكل مكثف.وقد رصد باحثون تجاوزات الفكر المتطرف بما قد يوصل الى الترويج للإرهاب أو الإرهاب بذاته من خلال ما يعرف بالإرهاب الإلكتروني الذي يعرف بأنه " العدوان أو التخويف أو التهديد ماديا أو معنوياً باستخدام الوسائل الإلكترونية الصادر من الدول أو الجماعات والأفراد على الإنسان أو دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو ماله بغير حق يسند صوته وصور الإفساد في الأرض"
وقد ظهرت خلال العشر السنوات الماضية كيانات افتراضية تحت مسمى مراكز أو مؤسسات اعلامية لا يكلف تأسيسها سوى اعلان banner جذّاب يقود متصفح الانترنت الى موقع أنشأه صاحبه او اصحابه لإعادة بث وترويج المواد والفتاوى التي تحمل فكر الارهاب والتطرف ، وعادة يتميز منشئوا هذه المواقع بالخبرة الفنية في برامج الرسم والفيديو والتصميم بشكل عام ونادرا ما يكون لهؤلاء أطروحات فكرية مؤثرة فهم غالب وقتهم مستقبلون ومرسلون يعملون وسطاء )بريد( للرموز الفكرية التي تناصر الغلو والتطرف والعنف وتقدم نفسها لمجتمع الانترنت على أنها غيورة على مصالح الأمة بعد أن خان العلماء ، وباع السلاطين أوطانهم وانهم وحدهم شباب الإسلام و الطائفة المنصورة في زمن الهوان وعلى هذا المنحى تتنافس المواقع المتطرفة في البث والانتاج واعادة تقديم الفكر المتطرف على شكل سلاسل صوتية ومصورة أو كتب الكترونية ، وتنشط بشكل خاص في نشر رسائل وخطب رموز الفكر المتشدد وتتميز مجموعات التطرف الالكتروني بالحيوية الفائقة في النشر والتخفي والظهور وقد تبث ما لديها من مواد في مواقع شبابية عامة.
وقد كان واضحا كما نشر في دراسات وتقارير اعلامية عربية وغربية مختلفة أن مجموعات إرهابيّة لم تكتف بالبريد الالكتروني بل وظفت مواقع المنتديات البعيدة عن الشبهة مثل المواقع الرياضية والنسائية والجنسية، لتبادل المعلومات والصور الخاصة بالمواقع المستهدفة. وقد نشرت الصحف العالمية تقارير لخبراء في مكافحة الإرهاب يدّعون فيها أن المشتبه في تنفيذهم لهجمات 11 سبتمبر استخدموا نسخاً متطورة من الحبر السري الإلكتروني، وربما وظفوا تقنيات التشفير لتبادل الرسائل عبر الانترنت لتنسيق الإعداد للهجمات .
الفرع الثاني
مميزات وخصائص مواقع التواصل الاجتماعي التي تستخدم لتجنيد الارهابيين
اولا: مميزات مواقع التواصل الاجتماعي للجماعات الارهابية:
إن مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة فعالة للغاية للجماعات الارهابية حيث سيبقي المحتوى الالكتروني هو قضية القضايا نظرا لوضوح تكثيف توظيف الجماعات المتطرفة لتقنيات الانترنت الاتصالية والبرمجية.
ومن جهة التمويل فقد حدثت تحولات واضحة في طريقة تلقي الأموال باستخدام التقنية، اذ تشير التقارير الى وجود مؤشرات لاستخدام نظام M-payment، وبعض خدمات الدفع بالهواتف المحمولة لنقل الأموال إلكترونيًّا، علاوة على إمكانية توظيف امكانات نقل وتخزين الأموال عبر انظمة دفع الكترونية مثل cash U أو e-gold. وهناك دلائل على امكان حدوث بعض هذه العمليات في بعض الدول التي لا يوجد فيها نظام مالي صارم، خاصة في مجال استخدام الهواتف الجوالة التي تبدو أكثر جاذبية لتحويل الأموال وبصورة عامة فقد كانت الإنترنت ذات أثر واضح في تسهيل الحصول على التمويل بالنسبة للإرهابيين، حين وفرت الشبكة وسائل رخيصة وسريعة وأقل خطورة للمرسل والمستقبل.
وهذا الاتجاه لم يكن غائبا عن الوكالات الأمنية في السابق فقد تم رصد العديد من الحالات ، كما حذرت منه ورصدته العديد من المؤسسات المعنية بالشأن الأمني ، وقد ظهر التحذير ايضا في تقارير امريكية أشارت الى أن الجماعات الإرهابية من جميع الطوائف ستعتمد على الإنترنت بصورة متزايدة للحصول على الدعم المالي واللوجستي ، وأشارت أيضًا إلى أن التكنولوجيا والعولمة قد مكنتا الجماعات الصغيرة، ليس فقط من الاتصال ببعضها، ولكن أيضًا توفير الموارد اللازمة للهجمات دون الحاجة إلى تكوين منظمة إرهابية ومن هنا يتضح عدد من الايجابيات التي تقدمها شبكات المعلومات والانترنت لمجموعات التطرف وبخاصة ما يندرج تحت مفهوم العنف والارهاب وهي مما يمكن النظر إليها من خلال مزايا شبكة الانترنت نفسها التي تساعد وتقدم مزايا مذهلة مثل :
1- المرونة Flexibility: حيث توفر شبكة المعلومات إمكانية القيام بالترويج والدعوة للعنف وحتى بعض العمليات التخريبية الفنية على / أو بواسطة الانترنت من بعد. Remote Access
2- الكلفة Cost: يمكن تنسيق وترتيب شن عمليات إرهابية عبر شبكات الحاسب والانترنت دون ميزانية كبيرة وتحدث خسائر كبرى عند الخصم.
3- المخاطرة Jeopardy: لا يحتاج الإرهابي الذي يستخدم الشبكات والانترنت لتعريض نفسه لمخاطر ترصد أمني او حمل متفجرات أو تنفيذ مهمة انتحارية تودي بحياته.
4- التخفي Anonymously: الانترنت بشكل خاص غابة مترامية الأطراف ولا تتطلب عملية الإرهاب الإلكتروني وثائق مزورة أو عمليات تنكر فالقناع الإلكتروني والمهارة الفنية كفيلان بإخفاء الأثر حتى عن عين الخبير.
5- الدعاية Publicity: تحظى عمليات الإرهاب الإلكتروني اليوم بتغطية إعلامية كبيرة وتقدم بذلك خدمة كبرى للإرهابيين.
6- التدريب Training: توفر الشبكة ووسائط المعلومات وسيلة مهمة لتدريب الإرهابيين واعوانهم متجاوزة حدود الزمان والمكان والرقباء.
7- الاتصال Communication: تسهل الخدمات الاتصالية التي تقدمها شبكة الانترنت) بريد الكتروني، غرف دردشة، منتديات (الاتصالات المختلفة بين المجموعات الإرهابيّة
ثانيا: خصائص مواقع التواصل الاجتماعي التي تقوم بتجنيد الارهابيين
بطبيعة الحال فان السمات الفنية للمواقع الالكترونية تكاد تتشابه وان كانت تتطور تبعا لتطورات التطبيقات الخاصة بالنشر الالكتروني على الشبكة العالمية، ولكن ما يميز الكثير من المواقع الالكترونية التي تروج للإرهاب وثقافته انها دائمة التجديد وتلاحق الحدث ويعود ذلك الى ايمان العاملين عليها بأنهم في جهاد وانهم يسدون ثغرا ويساندون شباب الجهاد وهذا الاقتناع يبدو واضحا في اللمسات الشخصية في التصميم واختيار العناوين المشحونة بالشجن والدفق العاطفي مثل ذكر "الثواب "و " الجنة "و " الحور العين "ونحو ذلك. وبشكل عام يمكن تمييز عدد من السمات المشتركة بين هذه المواقع على النحو الآتي:
الشكل الفني المبدع في التصميم والحرفية الواضحة في تقسيم الموضوعات والصور والمحتويات.
وتوفير خدمات تتجاوز حجب المواقع وترسل بصورة منتظمة للأعضاء وتقدم كل جديد من خلال التواصل المنتظم مع الأعضاء، والتحديث المستمر للمحتوى ومواكبة الأحداث وملامسة رد الفعل الانساني العفوي للمسلم تجاه الشعوب الاسلامية والتعليق عليها وفق وجهة النظر التي يؤمنون بها، واستقطاب كتاب لهم تأثيرهم وعلماء معتبرين لرفع مستوى الثقة في الموقع.
التنسيق بين هذه المواقع لنشر البيانات والخطب والمواد الجديدة التي يقدمها احد قادة التنظيمات أو مفكريه وصناعة نجوم لهذه المنتديات ومؤازرتهم سواء من حيث حجم الردود أو تمييز مواضيعهم عن غيرها وتوفير المواد السمعية والمرئية والكتب وغيرها من المواد لطالبيها بشكل سريع وفي صور فنية محترفة بالإضافة الي تشجيع كتابة المذكرات للذين شاركوا في الجهاد في مناطق العالم الاسلامي مثل أفغانستان والعراق لإلهام الشباب وتحفيزهم للاقتداء بهؤلاء (الشجعان) وكذلك تقديم المعونة الفنية لمساعدة المتصفحين لإخفاء الأثر من خلال مواقع وسيطة او برامج معينة و توزيع الأدوار في إدارة الموقع )المشرفين( لأشخاص ذوي مقدرة متميزة وينتمون إلى بلدان مختلفة.
وتقديم مجموعة من الخيارات الثقافية المصاحبة مثل خدمة تحميل الكتب والاستشارات في شئون الأسرة والصحة وغيرها ، ويضاف الي ذلك جاذبية خطاب التحريض على العنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي حيث أن للخطاب العنيف ذي الروح السياسية الدينية جاذبية خاصة لأنه يلامس الضعف الانساني حيال المشكلات التي يتعرض لها الانسان في حياته الشخصية او ما يراه في عالم تسوده الصراعات والفتن ، كما أن الأحداث والصراعات العنيفة والمؤلمة ومظاهر التكالب العالمي على موارد العالم العربي والاسلامي تشعل الانفعالات وتثري العواطف ولا يجد مستخدمو الانترنت من الشباب صدى لهذه الانفعالات للتنفيس في وسائل الاعلام الخاضعة لسياسات ومصالح الدول ، من هنا يظهر الاعلام الالكتروني بالمحتوى البديل على مواقع ومنتديات الانترنت وخاصة المتشددة منها مستفيدة من المتغيرات التالية:
1- سحر وإغراء شاشة الحاسوب التي نشأ الشباب وهي أمامهم تعبر عنهم ويتصلون من خلالها ويطرحون مشكلاتهم وهمومهم على صفحاتها الحرة.
2- قوة استهداف الشباب بالمحتوى الإلكتروني الملائم لسنهم وطموحاتهم.
3- المتاجرة بآلام المحبطين وتقديم الوعود بغد أفضل.
4- اغراء اللغة الحماسيّة الانفعاليّة التي هي جزء من شخصية الشباب.
5- التعبير الفوري العفوي عن الأحداث والتعبير عن المواقف دون حسابات سياسية او دينية.
6- يقدم البديل عن المراجع الفكرية الغائبة أو المغيبة.
7- لا يخضع محتوى الانترنت للرقابة وهو ما يتناسب مع الفئات العمرية المتمردة على كل رقابة.
8- الانفراد بمستخدم الانترنت وعزله عن محيطه الأسري والاجتماعي ضمن مجتمع افتراضي لا مثيل له في الواقع.
المطلب الثاني
منهج الارهابيين في نشر العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
تقسيم:
سوف نقوم بدراسة منهج الارهابيين في نشر العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي: الفرع الاول: نشر ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الثاني: المنهج الإقناعي لجماعات التطرف على مواقع التواصل الاجتماعي
الفرع الاول
نشر ثقافة العنف والتطرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي
اولا: خواص ثقافة التطرف والعنف عبر مواقع التواصل الاجتماعي:
1- يعتمد التطرف والغلو منهجا في كل أمر ولا يرى فيما هو قائم خيرا قط.
2- عدم اتاحة الفرصة للحوار مع الرأي المخالف بل تقمعه وتخونه وأحيانا تكفره.
3- الاستعداء والتأليب على المخالف وتشويه سمعته وتتبع اسراره ونشرها.
4- تعسف النصوص وإنزال الحوادث القديمة على حوادث جديدة مع عدم مراعاة تبدل الزمان والمكان.
5- الكراهية والتشاحن بين اتباع التيارات المتطرفة داخل المذهب الواحد وتبادل تهم التفسيق والتمييع وعبارات العزل والاقصاء.
6- خلق صور براقة لمجتمعات وشخصيات مثالية تنتسب للفكر المتشدد ومن ثم الانقلاب عليها حال تغير مواقفها للاعتدال.
ثانيا: المستهدفون بثقافة العنف والتطرف
تقول تقارير السكان إن من بين كل اربعة أفراد من سكان العالم يوجد فرد واحد مسلم) عدد المسلمين في العالم قرابة مليار ونصف (منهم نحو %20 يعيشون في دول غير اسلامية. وتتعاظم النتيجة عند الحديث عن التأثير والتأثر الفكري إذا عرفنا ان نسبة مهمة من المسلمين هم من الشباب) نحو %65 من المسلمين تحت سن 30 (. وفي العالم العربي يعاني أكثر من 100مليون شاب من العوز والحاجة ناهيك عن تراكمات البطالة وقلة فرص التعليم والتهميش وضعف المشاركة في الحياة العامة. وللتخطيط للمستقبل ينبغي أن نعرف أن أكثر من 50 % من سكان العالم العربي تحت سن 15 عاما وتأسيسا على ذلك فان مثل هذه الشرائح تعد المستهدف الرئيسي بثقافة التطرف والعنف خاصة وان ظروف واقعهم المعيشي والحضاري قد تسمح بتسلل الأفكار الشاذة والمتطرفة. وقد حددت بعض الدراسات أربعة أنواع من الحاجات الأساسية التي يحتاجها شباب العالم الاسلامي في عصر العولمة والصراع الحضاري وهي:
1- . الحاجة إلى الأمن
2- الحاجة إلى الهوية
3- الحاجة إلى الحرية
4- الحاجة إلى الصحة.
ووفقا لما تقدم يمكن التأكيد على أن فئة الشباب هم أكثر الفئات استخداما للإنترنت وبات واضحا أنهم الشريحة الأكبر في استخدام مواقع التواصل الاجتماعي في العالم العربي فمن الطبيعي أن يتأثروا بهذه المواقع ويؤثروا فيها ويطبعوا محتواها بقلقهم وصخبهم وبالطبع سيكون هناك مستثمرون في هذه الضوضاء الفكرية. ومن هؤلاء المستثمرين قادة التيارات الفكرية الذين قاموا ويقومون بمجهود كبير لضخ الأفكار والمعتقدات وتشكيل قناعات ملايين الشباب ومما لا شك فيه أن التأثير الثقافي والفكري التراكمي سيكون كبيرا خاصة إذا عرفنا ان من اهم أسباب الإقبال على الانترنت عند الشباب ومن المعروف ايضا أن فئة الشباب تتسم في مراحل مبكرة من العمر بعدد من الخصائص النفسية والسلوكية التي تميز شخصيتهم عن غيرهم، ويمكن إجمال بعض الخصائص الانفعالية التي يتسم بها الشباب بالآتي:
1- النشاط والحماس.
٢-النزعة للتجريب والاستثارة
٣ -سرعة الملل والرغبة في التغيير.
4-اضطراب في تقدير الزمن.
5-تمايز تام في الانفعالات وظهور العواطف.
٦عدم تآلف عائلي أو الانسجام في حياة المنزل.
٧ بحث عن شريكة الحياة رغبة في الاستقرار النفسي.
وبالنظر إلى مجتمع الإنترنت بحسب بعض الباحثين نجد أنهم يشبهون المجتمع الإنساني الذي يوجد فيه أطياف وشرائح مختلفة من الناس ومنهم الشباب والمراهقون الذين يحبون الاكتشاف والمغامرة وبينهم من يعاني الفراغ والتفكك ما يجعلهم عرضة للجرائم والاستغلال والانحراف.
ويرى بعض الفقه أن التحليل الاجتماعي المتعمق لممارسي العنف والتطرف في المنطقة العربية يجد جملة من الخصائص المشتركة التي تجمع بين هؤلاء الشباب المتورطين في الفكر المتطرف والمتسم بروح التدمير والتخريب ومن هذه الخصائص الآتي:
1- القابلية للإيحاء: تكشف اعترافاتهم التي بثها التلفزيون أنهم استقوا المعلومات من بعض الرموز المتشددة دون مناقشة أو تمحيص. هذه القابلية للإيحاء تسهم في تشكيل إرادة السلوك والانحراف لدى الأشخاص على مستوى الممارسة.
2- حداثة السن: فغالبيتهم صغار لديهم استعداد للمغامرة واثبات الذات.
3- التجربة الأفغانية: الغالبية منهم شاركوا في تجارب وأهمها حروب أفغانستان.
4- التدريب العسكري المكثف: عن طريق المعسكرات التي كانت توجد في أفغانستان وغيرها وهذه النقطة تتعلق بالمقدرة على ممارسة السلوك العنيف.
5- التعرض لدروس متطرفة تعتمد إقصاء الآخرين وتكفيرهم: وقد اعترف بعضهم أنهم يتلقون دروساً من رموز دينية خارج الوطن تتميز بالتحريض على العنف والتدمير.
الفرع الثاني
المنهج الإقناعي لجماعات التطرف على مواقع التواصل الاجتماعي
من الناحية العلمية ومن تتبع نشاطات جماعات التطرف والعنف نلحظ معالم منهج اقناعي يؤدي بمن ينخرط فيه ويلامس هوى نفسه الى احضان هذه الجماعات مناصرا مؤيدا لأطروحاتها او عضوا تنفيذيا مستسلما لتعليمات قادة الجماعة التي اجتذبته.
وحتى يمكن فهم عملية انتقال المعلومات والأفكار من) المصادر القادة-المحرضون (الى بقية الأعضاء والأنصار لا بد من تمييز الترتيب العلمي والقيادي وكذا فهم طبيعة الأدوار وقوة الالتزام لدى كل فئة في منظومة التطرف وسوف نتناول توضيح ذلك من خلال عدة نقاط على النحو التالي :
اولا: بناء وتدرج القناعات الفكرية المتطرفة
بناء الفكر او توجيهه لا يتم بشكل مفاجئ وسريع اذ تتدرج عملية غرس القناعات الفكرية التي تتبناها وتروجها تنظيمات التطرف والعنف وفق مراحل تنشئة فكرية اجتماعية يتم من خلالها إدماج الفرد في مجتمع الصفوة الجديد بتعزيز قيم ومعايير وقواعد معنوية ومادية جديدة ليكتمل البناء الفكري للحصول على نوعية الفرد الذي يريدون ومن ثم تشكيل الاتجاهات الاجتماعية التي يرغب المجتمع الجديد نقلها له من خلال اشباع حاجاته الأساسية خاصة الحاجة للأمن، والمحبة، والتقدير، والمعلومات والحاجة للانتماء وهي مهمة بعد العزل الشعوري واللاشعوري عن محيطه القديم. وبشكل عام يمكن رصد وتتبع هذا التدرج من خلال منظومة متكاملة على النحو التالي:
بناء منظومة من القناعات الفكرية حول المجتمع والسياسة والحكم والحياة.
التشكيك ونقد القناعات المستقرة عند الناس خاصة في الجانب السياسي بتوظيف ديني التباهي بمجتمع الصفوة الجديد الذي ينتمون إليه مع ذم المجتمع الغارق في شهواته وجهله وتنفير الشباب من هذه المجتمعات الغارقة في ملذاتها.
تشويه سيرة العلماء والدعاة من خارج الفكر وتتبع عثراتهم واتهامهم بمداهنة السلطات وبيع الذمة.
تمجيد أسماء وسيرة شخصيات معاصرة وتاريخية وانتقاء ما يتناسب من مواقفها وآرائها لدعم وتعزيز الخط الفكري والعسكري لهذه التنظيمات نسف الأفكار الوسطية وبناء أساس فقهي جديد يعتمد على الأفكار المتشددة كبديل وترويجه بين الشباب باستثمار حماسهم وقلة معرفتهم الشرعية.
هدم الرموز الفكرية التي اعتاد الناس التوجه لها كمراجع في مختلف القضايا وإعلاء أس امء رموز الفكر المتطرف كبديل نزيه في عالم يسوده الظلم والخيانة والاغتيال المعنوي للرموز السياسية واتهامهم بالعمالة والمداهنة والطغيان وان هؤلاء ما هم إلا طواغيت مسلطين على شباب الجهاد ، كما انهم يقومون بإعلان إنشاء كيانات سياسية وتسمية أمراء ودول وعقد تحالفات واعلان الحرب مثلما حصل في أفغانستان والعراق بالإضافة الي الاندساس بين ذوي التقاليد القبلية والمحافظة لاستغلال ما يرونه اخطاء في الموروثات الثقافية ورفع صوت الاحتجاج وإثارة العامة؟.
ثانيا: مراحل تشكل الاتجاهات المتطرفة عبر الانترنت
بحسب علماء النفس فان الاتجاه دائما ما يقع بين طرفين متقابلين احدهما موجب والآخر سالب هما التأييد المطلق والمعارضة المطلقة. ومن هنا نجد أن المنبر الأبرز لعرض وترويج الفكر الذي يدعم الاتجاهات المتشددة يكون أكثر وضوحا على شبكة الانترنت ويتدرج تكوين ودعم الاتجاهات المتطرفة على مراحل تتضمن ويلاحظ أن الشاب بعد أن يمر بالتغذية الفكرية المركزة سيجد نفسه وقد تغيرت اتجاهاته مدفوعا أومدعوا للبحث عن المجتمع الفاضل الذي صورته له مواقع الانترنت من خلال نشر الصور والأفلام والوصايا التي تروي بطرق مؤثرة في الشباب الذين شاركوا في الجهاد والكرامات التي حصلت لهم ومقارنتهم بالفاتحين العظام.
ويمكن تمييز المرحلة التنفيذية )العملية( لتشكل الاتجاهات المتطرفة ومن ثم الانضمام الفعلي لجماعات التطرف والعنف على النحو الآتي:
أولا: ضخ الفكر المتطرف من خلال النبش في الكتب والفتاوى وإظهار التفسيرات الأكثر تشددا للنصوص وإنزالها على وقائع العصر ومن ثم إصدار الأحكام. وفي هذه المرحلة يكون الشاب في مرحلة التأمل والاختيار.
ثانيا: المساعدة في الاختيار وهي مرحلة يتم من خلالها استخدام المؤثرات لدفع الشخص الحائر لتكوين موقف.
ثالثا: التهنئة على معرفة الحق وتعزيز الأفكار حينما تلوح بوادر اقتناع ببعض الأفكار
رابعا: الانضمام الفعلي للتنظيم تحت شعار الهداية والالتزام وطلب الجنة.
خامسا: الانخراط في الأدوار العملياتية وهي الغاية الأساس من كل هذه الجهود.
ثالثا: اتجاهات مواقع ثقافة التطرف والعنف
على الرغم من ظهور القوانين التي تجرم النشر المؤدي للانحراف والجريمة بكافة صورها وأشكالها، وعلى الرغم من ارتفاع مستوى الضبط الأمني والفني لمحتوى الانترنت في كثير من دول العالم الا أن المشهد الالكتروني ما يزال حافلا بألاف الوثائق والمواقع والمنتديات التي انشئت لترويج للفكر المتطرف واعادة نشر أدبيات الباحثين والمؤلفين الذين يخدمون هذا الاتجاه من القدماء والمعاصرين.
وبشكل عام نجد أن أبرز ملامح واتجاهات مواقع ثقافة التطرف والعنف تتلخص في:
1- نشر الكتب والفتاوى المتشددة التي تدعو للتطرف ومن ثم العنف والتدمير: ويعود ذلك لتفشي بعض مظاهر الجهل بقواعد الدين ومقاصد الشريعة بين الشباب وغياب المراجع الفكرية القريبة من همومهم فظهرت البدائل من خلال المواقع المتشددة الجاذبة لجماهير الشباب لاعتمادها منهجا حادا متحديا ما عزز تشكيل ثقافة العنف والتحريض على الشبكة. ويلاحظ الراصد انه برغم التحذيرات المبكرة من فتاوى الانترنت إلا أن كثافة الكتب والفتاوى ذات النهج المغالي ما زالت توزع على المواقع والمنتديات وتحظى بالإقبال. وكان العلماء السعوديون تحديدا قد حذّروا في بدايات تفشي ظاهرة الفتاوى الالكترونية (2001) من خطورة ما تحويه مواقع ومنتديات الحوار الالكتروني من شبه وكثرة الأخبار المغلوطة والشائعات المضللة والنهج المركز من الإساءات لعلماء الدين والحكام مع كم كبير من الفتاوى المحرّضة على العنف من أناس لا يملكون الحق في الفتوى. وأجمع عدد من العلماء، على أن التهجم في هذه المواقع على علماء الدين والنيل منهم، يعد من الأعمال المحرمة التي توقع الفجوة وعدم الثقة
بين علماء الدين وفئات المجتمع، خاصة من الشباب.
2- إنشاء مواقع شخصيّة لرموز التطرف بعد تزايد حوادث الإرهاب والعنف الناجمة عن التطرّف تكشفت الكثير من الحقائق الخطرة فيما يختص بتوظيف الانترنت في مجال التحريض على استهداف الشخصيات العامة والعسكريين والأجانب بشكل خاص.
ولا يكاد يُعرف رمز من رموز التطرف إلا وله موقع أو أكثر سواء تلك التي ينشرها هؤلاء الرموز بأنفسهم أو ينشرها أنصارهم.
واشتهر بعض شيوخ الانترنت من خلال رسائلهم المتشددة وفتاواهم المنتشرة على أكثر من موقع لتلاميذهم ومريديهم.
3- تمجيد وتبني فكر رموز الفكر المتطرف: على ضفة أخرى من الشبكة توجد مواقع وشخصيات محسوبة على الفكر الإسلامي تثني بشكل حذر على بعض الشخصيات المتطرفة وتعاتبها بشكل محدود وفي جزئيات لا تتضح معالمها في حين نجدها تتفق معها في الرؤية وتخالفها أحيانا في الأسلوب في خطاب مراوغ خاصة في سنوات المد المتشدد الأولى بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حتى نهاية عام 2006 ثم بدأت تظهر أصوات جريئة تحت ضغط الخوف من تهم التحريض تارة وتارة أخرى بسبب الاستفادة من التحولات السياسية والاجتماعية.
4- توثيق العمليات الإرهابية وتمجيد مرتكبيها: كانت الانترنت وسيلة الوسائل للمنظمات المتطرفة توثق وتبث عملياتها على مختلف الصيغ) نصوص+صور+أفلام (وعلى صفحات الشبكة يكفي أن يحدث حدث ارهابي بتنظيم جماعات العنف لتجد وثائق الحدث وصوره وبيانات مرتكبيه أو منظميه على عشرات الروابط والمواقع المتشددة في نفس اليوم وذلك من خلال:
1-السباب وسوء الأدب مع المخالف حتى لو كان المستهدف مفتيا للدولة والمجتمع.
2-الاهتمام بترويج صورة البطل: الشهرة والخلود والضجيج والدعوة بغير الحسنى.
4-تبرير القتل والتفجير والعدوان.
5-تعليم الأعضاء وسائل التخفي ومسح الأثر عن عيون الأمن.
6-النشاط الإعلامي المكثف على قناة اليوتيوب.
7-توظيف) فيديو( الانترنت للتدريب واظهار القوة.
8-توفير برامج الاختراق وسرقة واختراق الأجهزة.
ونري في هذا الشأن:
أن ما ينتهجه اعضاء تلك الجماعات المتطرفة ليس بجديد ولكن يجب في ظل الفهم الحالي للتأثير الكبير للرسالة الاعلامية التي يتم ترويجها على مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي وضع استراتيجية موحدة ومحكمة لمواجهه هذه الجماعات المتطرفة التي تقوم بتجنيد الارهابيين من خلال اقناعهم بالفكر الارهابي عبر مواقع التواصل الاجتماعي من خلال الترويج للفكر الوسطي المعتدل وبيان ضلال هذه الافكار وانها ليست من صحيح الدين بالإضافة للدور الامني في هذا الاطار من تتبع هذه المواقع ورصد ما يدور فيها والتنسيق مع المجتمع الدولي لضبط العناصر التي تقوم بنشر الفكر الارهابي ومنهج العنف ضد البني التحتية للدول والابرياء من الناس اللذين تستهدفهم تلك العمليات الارهابية لمجرد ذيوع الصيت ونشر الفكر واستعراض القوة.
المطلب الثالث
استقطاب المتطوعين
لقد كانت أولى النجاحات "الرقمية" للإرهاب، على ايدي حركة "الشباب الإسلامية" الصومالية المتطرفة، التي استقطبت الشباب الى "الجهاد"، عبر الانترنت، لمهاجمة مركز تجاري في العاصمة الكينية نيروبي في 2012 م ما أسفر عن مقتل 62 شخصاً واحتجاز عشرات الرهائن، الأمر الذي شكّل صدمة كبيرة للولايات المتحدة الاميركية، وبريطانيا، بعدما تبيّن، ان بعض المنفذين لم يكونوا سوى مواطنين أميركيين، جندتهم الحركة عبر الانترنت، جاعلة من "تويتر" خلال الهجوم، "وكالة انباء"، تنقل تداعيات الحدث من نيروبي لحظة بلحظة حتى باتت التغريدات التي أطلقتها الجماعة مصدراً لأخبار وسائل الاعلام، ووكالات الانباء العالمية.
ولم يكن عمر الهمامي، (أبو منصور) من ألاباما وهي ولاية في جنوب الولايات المتحدة الأميركية، الذي يجيد اللغة الإنكليزية، سوى واحد من اولئك الذين استطاعوا تجنيد الشباب للقتال في صفوف الحركة، حتى أصبح نجماً في عالم "الاعلام الاجتماعي"، بفضل ما يتمتع به من قدرات على السجال الفكري وقوة الاقناع، وكانت له مناقشات حادة مع خبراء مكافحة الارهاب الذي يراقبون مواقع التواصل الاجتماعي.
اولا:الجيل الجديد:
لم تفطن مخابرات الدول والمؤسسات الامنية، الى ضرورة مراقبة شبكات التواصل الا متأخرةً، حتى كتب جابريل وايمان، مؤلف كتاب "الإرهاب فى فضاء الانترنت: الجيل الجديد"، ان الارهابيين اتقنوا أحدث الابتكارات في مجال التواصل الرقمي بسرعة فائقة.
ومنذ العام 1998 شَرَعَ وايمان في مراقبة 12 موقعاً فقط، اما اليوم فانه يراقب مع مجموعة بحثية، ما يقارب العشرة آلاف موقعاً، بينها "فيسبوك"، و"تويتر"، ومنتديات ومواقع اخبارية وغرف دردشة.
وفي نهاية العام 2013 قالت صحيفة "ديلي ستار صنداي" أن بريطانيين يقاتلون مع تنظيم القاعدة في سوريا يتبادلون المعلومات وتجنيد الشباب للقتال عبر الانترنت.
ومن جراء استشعار بريطانيا للخطر المحدق، فقد انفقت نحو ما يقرب الربع مليون جنيه استرليني عام 2013، على نشاط وسائل الاعلام الاجتماعية لوقف تطوّع البريطانيين للقتال في سوريا، بحسب صحيفة "الاندبندنت".
وأحد اولئك الذين أحدثوا ضجة في المجتمع البريطاني، أنيل خليل رؤوفي، البالغ من العمر 20 عاماً، من مدينة "مانشستر" البريطانية، الذي لقي حتفه في سوريا، بعد ما غادر مدينته بناءً على نصائح تلقاها عبر "تدوينات" رقمية كتبها له زميل بريطاني، هو افتكار جمعان، البالغ من العمر 21 من ساوثسي، في هامبشاير، بالمملكة المتحدة الذي انضمّ إلى مجموعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، المنشقة عن القاعدة.
وقبل ان يلقى حتفه، نشر رؤوفي الذي كان طالباً في كلية الهندسة، تعليمات وارشادات للفتيان البريطانيين، بشأن كيفية الالتحاق في صفوف المقاتلين في سوريا.
لقد عجّلت هذه التداعيات "الارهابية"، من إنشاء مشروع "رقمي" خاص على الانترنت من قبل الخارجية البريطانية، لإقناع الشباب البريطاني بعدم التوجه الى سوريا.
واشارت صحيفة "اندبندنت" البريطانية، الى ان وزارة الخارجية انفقت نحو 173 مليون جنيه استرليني في تمويل عاجل لـ "النشاط في وسائل الاعلام الاجتماعية" لردع المقيمين في المملكة المتحدة من السفر للقتال في سوريا والعراق ومناطق أخرى، بعدما وافقت وحدة الخزانة الخاصة، بصورة استثنائية، على المشروع، رغم ان كلفته كانت خارج حدود إنفاق القطاع العام.
ثانيا: الدعاية المضادة
ان المعركة اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي ذات ابعاد خاصة، تركّز على كسب قلوب وعقول الشباب، والحيلولة دون تأثّرهم بالدعاية المضادة، التي يكرّسها التواجد المكثف والفعال للناشطين الرقميين من المتطرفين وانصارهم، بعدما وجد الاكاديمي المختص في شؤون الارهاب جبريل ويمان، ان ما يقرب من 90بالمئة من الإرهاب المنظم على شبكة الانترنت يتم عبر منصّات وسائل الإعلام الاجتماعية مثل "تويتر" و"الفيسبوك" و"اليوتيوب" و منتديات الانترنت، بعدما اكتشفت الجماعات المتطرفة، انها أدوات خطاب رخيصة وسهلة المنال وسريعة ومنتشرة بشكل واسع، وتُخاطِب الجمهور مباشرة من غير قيود، ومن دون مواجهة شروط نشر او عمليات انتقائية ، في حين كانت هذه الجماعات قبل عصر مواقع التواصل الاجتماعي ، تعاني من ايصال رسائلها على نطاق واسع، عدا ما تمكّنت منه في ايصال بعض بياناتها وخطب زعمائها الى الجمهور بواسطة الفضائيات.
وبحسب شيراز ماهر، وهو زميل بارز في المركز الدولي لدراسة "التطرف" في "كينجز كوليدج" في لندن أن التجربة في العراق وأفغانستان، شهدت محاولات التقاط الرسائل الرقمية عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الانترنت لمواجهة المتطرفين مشيرا الى ان الحكومة البريطانية مازالت تدعم هذا النهج، ومؤكداً انّ "تسخير مواقع التواصل الاجتماعي في الحرب التي يشنّها الارهاب، والحرب المضادة له، لم تحدث من قبل مثلما حدثت في سوريا" ، ويؤكد شيراز ماهر في الوقت نفسه إن "قدرة المتطرفين و (الجهاديين) على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي، كبيرة، بعدما اظهروا تفوقاً في الدعاية، ونجحوا في كسب الاتباع".
لكن مواقع التواصل الاجتماعي اصبحت من جانب آخر ساحة للمعارك الافتراضية بين الجماعات المسلحة المتقاتلة وكل جماعة تسعى الى فضح الجماعة الاخرى، وفي الوقت الحاضر تتخذ الحكومة البريطانية اقصى درجات الاحتياط على نشاطاتها عبر "فيسبوك" و "تويتر" خوفاً من فقدان المصداقية وحرصا على سريّة متابعة الارهابيين المحتملين.
ثالثا:الرصد والمراقبة:
وفي الولايات المتحدة الاميركية، بدأت وزارة الخارجية في استخدام حساب "تويتر" الرسمي عبر دعاية مضادة تفّند الفكر المتطرف، وترصد فعاليات التراسل والتخاطب بين المتطرّفين والإرهابيين "المحتملين" عبر الانترنت، عبر الحساب Think AgainTurn Away.
وفي الوقت الذي نشرت فيه، "داعش"، صور رؤوس مقطوعة لأفراد من الجيش النظامي السوري، ومسلحين من "جبهة النصرة" فإن الاخيرة وجدت ذلك في صالحها لفضح دموية "داعش" وقسوتها ، لكن في المجمل العام فإن الجماعتين الارهابيتين شوّهتا صورتيهما بنفسيهما بسبب صور القتل والدمار المنشورة على حساباتهما في "تويتر" و"فيسبوك"، وهو ما تقشعرّ له النفوس.
ويعتقد رئيس شرطة مكافحة الإرهاب السابق "سكوتلانديارد" في بريطانيا، ريتشارد والتون ان التواصل الرقمي الاجتماعي كان احد العوامل الرئيسة التي تسببت في زيادة أعداد البريطانيين المشاركين في الصراع السوري ما شكّل تهديداً إرهابياً هو الأكثر خطورة على المملكة المتحدة منذ هجمات 9/11.
ويعترف والتون الذي شهد حادثة اغتيال ستيفن لورانس اليافع البريطاني الأسود في منطقة جنوب شرقي لندن، في اعتداء عنصري العام 1993 على يد عصابة من الشبان البيض هاجموه وهم يرددون شعارات عنصرية، بانّ "لا مفر من القلق من ان بعض البريطانيين الذين يقاتلون في سوريا، سيسعون الى تنفيذ هجمات ارهابية في بريطانيا بعد عودتهم".
واعتُبِر وحيد عبد المجيد، البالغ من العمر 41 عاما، وهو أب لثلاثة اطفال من منطقة كراولي، غرب ساسكس في المملكة المتحدة، أول انتحاري بريطاني في سوريا، قاد سيارته الملغومة لتفجير سجن حلب المركزي.
وتقول الاجهزة الامنية البريطانية، انها ترصد بشكل منتظم عبر المنتديات، ومواقع التواصل الاجتماعي، فعاليات الارهابيين ودعواتهم لـ"الجهاد" وتمجيدهم له، حتى في داخل بريطانيا، معترفةً بانّ هذه المعلومات تُحلّل في اجهزة المخابرات، لدرء التهديدات المحتملة، مؤكدة استخدامها كأداة دعائية.
وفي الوقت الذي أنشأ فيه نشطاء على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" حساباً خاصا بـ "جرائم الارهاب في العراق"، نال متابعة اعداد كبيرة من الجمهور "الرقمي"، لاسيما انه استخدم الصورة الفوتوغرافية الملتقطة في موقع الحدث لكشف "دموية" الجماعات المتطرفة، ظهرت حاجة ملحّة الى طرق البحث والمراقبة القائمة على أسس علمية واكاديمية، تقوم بها جهات اكاديمية وبحثية، ترصد الفعاليات المتعلقة بالارهاب، وتسعى الى انشاء الصفحات التي تقوم بالتعبئة المضادة، بعدما اصبحت مواقع التواصل الاجتماعي من الوسائل المهمة لبلورة فكر الشباب وفق الثقافات التي تتخذ من العنف منهجا لها ، واقناعهم بالانخراط في صفوف الجماعات المسلحة.
وترصد في موقع التواصل الاجتماعي ، عدّة حسابات رقمية لهذه الجماعات الارهابية التي تبث عبرها نشاطاتها ، وتنشر اعلاناتها عن عملياتها لحظة بلحظة ، في محاولة منها للتعويض عن افتقادها الى المنابر الاعلامية الاخرى ، حتى اصبحت هذه المواقع مصدراً اخبارياً رئيسياً لوكالات الانباء والصحف والفضائيات.
رابعا:سحب المحتوى الرقمي:
لم تغفل ادارات مواقع "تويتر" و"فيسبوك" و"يوتيوب"، تصاعد النشاطات الارهابية عبر الصفحات الرقمية، لكن حرصها على حرية الرأي، وعدم اخضاع المتابعين والناشطين الرقميين، الى شروط مشاركة قاسية ، جعلها تتجاهل نداءات الحكومات واجهزة الاستخبارات بضرورة التعاون لمكافحة الارهاب، ما اضطرها تحت الضغوط المستمرة الى الاعلان في يناير 2012م ، عن تغييرات على سياسة الرقابة، عبر مراقبة "التغريدات" التي يتعارض مضمونها مع القوانين المحلية لبعض البلدان.
كما اضطرت ادارة "يوتيوب" في كانون الاول 2010، الى الاستجابة لمطالب سحب محتوى فيديو لبعض الجماعات الإرهابية من خوادمها، كما اضطرت الى تصنيف جديد للمحتوى، يضع مثل هذه النشاطات الرقمية التي يُشك بمضامينها المؤيدة للإرهاب تحت فئة "يشجع الارهاب"، و تصنيف آخر ضمن فئة "محتوى عنيف أو مثير للاشمئزاز".
ومقابل المئات من الحسابات "الارهابية" الرقمية، ازدادت الحسابات الرقمية المناوئة لها،
وانشأ مسلمون بريطانيون موقع "الجهاد ووتج" الذي يرصد الفعاليات "الارهابية" في شبكة الانترنت، رافعا شعار "الجهاد ضد الارهاب".
خامسا:منابر "افتراضية":
إن لهذه المنابر "الارهابية" الافتراضية، نتائج عكسية كشفت عن الوجه "القبيح" للجماعات المسلحة المتطرفة ، التي سعت الى اخفائه بقناع "التدين"، فقد اثارت الصور التي تنشرها لضحاياها ، والتي توثّق عمليات قطع رؤوس الخصوم ، وتصويرهم وهم غارقون في دمائهم، غضباً عاما ، وكراهية واسعة، وكتب مدوّنون رقميون الكثير من الافكار التي تدعو الى معاقبة هذه الجماعات "الارهابية"، كما طالب البعض ادارة "فيسبوك" و"تويتر" بحظر الفعاليات الرقمية لهذه الجماعات. واذا كانت التنظيمات الارهابية قد تمكنت من نقل الكثير من تفاصيل المعارك في الفلوجة عبر حساباتها الرقمية، مظهِرةً حال المدينة وقد تحوّلت الى اشباح، في ظل سيطرة "داعش"، فان العشرات من النشطاء الرقميين أنشأوا حسابات رقمية، تفنّد مزاعم القاعدة وتنظيم "داعش"، ما يؤكّد الحاجة الى فعاليات رقمية تتبناها جهات رسمية ، تقود الخطاب الاعلامي الرقمي في مواقع التواصل الاجتماعي، لا ان تنحصر الفعاليات الاعلامية التي تفضح الارهاب على نشاطات فردية ارتجالية يقوم بها نشطاء رقميون.
و يعتقد المراسل سكوت ، ان الاستخدام الجيد لتنظيم القاعدة لشبكة الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، عزّز من قدراتها على الارض، واتصالاتها مع خلاياها في جميع انحاء العالم، بل ان سكوت يرى ان القاعدة استقت معلوماتها في محاولتها اغتيال نائب الرئيس ديك تشيني في أفغانستان العام 2011 في قاعدة "باجرام" من الانترنت، ففي غضون ساعات قُصفت القاعدة التي كان يقيم فيها تشيني، ولم يكن الامر محض مصادفة، بعدما التقطت الاستخبارات الأميركية "شفرة" الهجوم عبر الانترنت.
سادسا:الحصول على الدعم المادي والمعنوي:
لقد بات أمراً مؤكداً لخبراء مكافحة الارهاب في الولايات المتحدة ودول العالم، ان التنظيمات الارهابية تجمع الاموال ايضا من خلال تلك المواقع، وتقوم بذلك عبر اجندة رقمية عالية السرية، ليصبح العالم الافتراضي، معركة حقيقية تتفاعل نتائجها على الارض ، بل ويذهب خبراء مكافحة الارهاب الى ابعد من ذلك فيقولون ان القاعدة وتنظيم "الدولة الاسلامية في العراق والشام" المعروفة بـ"داعش"، هما المستفيد الاول من مواقع التواصل الاجتماعي، بسبب عدم امتلاكها نافذة اعلامية لتمرير خطابها غير تلك المواقع.
وقد استخدمت الجماعات الإرهابية مواقع التواصل الاجتماعي لتسهيل التحويلات الماليّة فيما بينها، بجانب الحصول على التبرعات المالية، في ظل سهولة استخدام تلك المواقع لتحويل التبرعات والدعم المالي، مع عدم إمكانية التحقق من هوية متلقى تلك التبرعات في بعض الأحيان.
وقد اعتمد التنظيم على بعض الفتاوى التي يتم بثها من بعض الدعاة على "تويتر" للتضحية بالأموال والأنفس، خاصة منذ أن انتقلت القاعدة إلى سوريا، فكانت بعض تبرعات السعوديين لحسابات مجهولة تحت دعاوى مساعدة الشعب السوري تصل إلى التنظيم، الأمر الذي حدا بالسلطات السعودية إلى التحذير من التبرع للجهات غير المصرح بها رسمياً من الدولة.
وبجانب الدعم المادي، تحصل تلك الجماعات على الدعم المعنوي أيضاً من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، فقد شهدت بعض الصفحات الإلكترونية ما أسماه البعض "البيعة الافتراضية" لزعيم تنظيم داعش من جانب آلاف السلفيين الجهاديين، وجاء ذلك على أثر إعلان الناطق باسم التنظيم عن تأسيس "دولة الخلافة"، في المناطق التي يوجد فيها التنظيم في العراق وسوريا، وظهرت صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي من بينها "بيعة أمير المؤمنين أبوبكر البغدادي"، و"إعلان الولاء الشرعي لأمير المؤمنين أبوبكر البغدادي" وغيرها، وهو الأمر الذي ساهم في انتشار التنظيم وتوسيع مؤيديه عبر العالم الافتراضي ، وبالتالي ساهمت مواقع التواصل الاجتماعي بشكل كبير في تقديم الدعم للجماعات المسلحة والمساهمة في اتساع تأثيرها ووجودها.
ونري في هذا: أن الدولة لابد لها من وضع تنظيم فاعل لتوعية مواطنيها بشأن تلك التنظيمات ولعل ما يحدث في بلادنا من جرائم جماعة الاخوان المسلمين تتبع نفس النهج في محاولة تحقيق اكبر انتشار لعملياتها الارهابية باستهداف المؤسسات الحيوية للوطن والتي تؤثر على مرافق الحياة اليومية للوطن ومن ثم تجعل حياة المواطنين في ضيق شديد وهو ما يؤثر على مصداقية اجهزة الدولة في حماية مقدراتها من عبث الارهابيين ومؤمراتهم ويبعث الخوف والذعر في نفوس المواطنين وهو ما يسعي له هؤلاء الخونة ، وأن تكون هذه التوعية عبر تلك المواقع من خلال التواصل مع مرتاديها وتحذيرهم مما يقدم لهم من فكر وثقافة بالاضافة لابراز حكم الدين في كل ما يقدمونه من فكر تكفيري قائم على الجهاد في بلاد المسلمين وايضاح ابعاد المؤامرة للشباب من مرتادي تلك المواقع حتي لا يقعوا في براثن الارهاب البغيض ، يضاف لذلك تشديد الرقابة على تحركات الاموال عبر الانترنت وكذا رصد كل ما يتم الدعوة له من تبرعات مشبوهة وايقاف تلك الحسابات من خلال التعاون الدولي في هذا الشأن.
المبحث الثالث
تجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي وصعوبات المواجهة
تمهيد وتقسيم:
يستخدم الارهابيون مواقع التواصل الاجتماعي نظرا لما تتيحة لهم من قدرة على التواصل مع الاخرين وبخاصة من فئة الشباب عبر العالم لبث افكارهم بطرق مدروسة بشكل دقيق لاقناع هؤلاء الشباب بذلك الفكر المتطرف سواء من خلال الدين او المباديء التي يروجون لها او الافكار المتطرفة التي تتسم بالعنف في منهجها وتستغل اندفاع وطاقات الشباب ورغبتهم في الوصول للافضل وعدم المامهم بتلك الافكار ومعرفتهم لهويتها في تضليلهم واجتذابهم للايمان بها ومن ثم جعلهم عناصر فاعلة في تنفيذ عملياتهم الارهابية كل في وطنة وهو ما يتيح لهم انتشارا واسع النطاق في كل العالم بالاضافة لعدم قدرة الاجهزة الامنية على رصد تلك العناصر التي يتم تجنيدها عبر الانترنت حيث لا يتم التعرف عليها الا عندما يقومون بارتكاب عملياتهم الاجرامية .وسوف نتناول بالتفصيل الحديث عن مدي مناسبة بيئة مواقع التواصل الاجتماعي لتجنيد الارهابيين بالاضافة للصعوبات التي تكتنف ملاحقة هؤلاء او رصد تلك العمليات عبر الانترنت لما لهذه المواقع من خصوصية تحميها القوانين المختلفة من خلال مطلبين على النحو التالي:
المطلب الاول : مواقع التواصل الاجتماعي بيئة مناسبة لتجنيد الارهابيين
المطلب الثاني : صعوبات مواجهة تجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي
المطلب الاول
مواقع التواصل الاجتماعي بيئة مناسبة لتجنيد الارهابيين
لقد قدم التطور الحادث في استخدام الانترنت وبخاصة شبكات التواصل الاجتماعي خدمة غير مقصودة للتنظيمات الارهابية التي قامت باستغلالها في اتمام عملياتها ضد امن وسلامة الشعوب والمجتمعات المتحضرة واعمالها الاجرامية التي تستهدف البني التحتية للدول ، فقد وفرت تلك الشبكات طريقة سهلة لنقل الافكار والبيانات والمعلومات الي عناصر الجماعات الارهابية في غفلة من اجهزة الامن في بداية الامر وهو ما حقق لها نموا كبيرا واجتذابا لعناصر من الشباب للوقوع في براثن الجماعات الارهابية من اجل القيام بممارسات ارهابية ، كما ان هذه المواقع قد حققت لتلك التنظيمات تدفقا غير محدود للمعلومات والبيانات التي يمكنها ان تستخدمها لتجنيد الارهابيين وتنفيذ عملياتها الارهابية.ولقد ظهر التزاوج بين الانترنت والارهاب بشكل اوضح بعد احداث 11 سبتمبر حيث انتقلت المواجهه ضد الممارسات الارهابية من المواجهه المادية المباشرة الواقعية الي المواجهه عبر الفضاء الالكتروني وتشير الاحصاءات الي التزايد الكبير الحادث في عدد المواقع الخاصة بالتنظيمات الارهابية وخاصة على مواقع التواصل الاجتماعي حيث استغل اصحاب الفكر الضال والارهاب مواقع التواصل الاجتماعي للترويج لافكارهم واستقطاب الافراد للقيام بالعمليات الارهابية وقد قاموا بتنفيذ ذلك من خلال عدة محاور على النحو التالي :
1- ان تصبح مواقع التواصل الاجتماعي عامل مساعد للعمل الارهابي التقليدي عن طريق توفير المعلومات الضرورية عن الأماكن التي يتم استهدافها او كوسيط في عملية التنفيذ حيث تعد الانترنت احد ادوات تحقيق الترابط التنظيمي بين الجماعات والخلايا التي تمكنهم من تبادل المقترحات والافكار والمعلومات الميدانية حول كيفية اصابة الهدف واختراقة والتنسيق للاعمال الارهابية .
2- استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتأثير على الحالة النفسية بالتحريض على الكراهية والحقد وحرب الافكار حيث تخدم تلك المواقع الخلايا الارهابية بتضخيم الصورة الذهنية لقوة وحجم تلك الخلايا التي قد تتكون من عدد بسيط من الافراد يقومون ببث رسائل اعلامية تتضمن حرب نفسية ضد الجمهور المستهدف وكذا الدعاية لاهدافها وانشطتها وذلك لان الهدف الاساسي من الارهاب هو نشر الذعر بين الناس فكلما زاد انتشار الرعب والفزع من افعالهم كلما تحققت الغاية لذا فان مواقع التواصل الاجتماعي الان هي انسب الوسائل التي من خلالها يتم نشر الرعب وتوصيل الرسائل المرغوبة وكذا لاستقطاب وتجنيد الارهابيين.
3- ويتمثل العنصر الثالث في الامكانيات التكنولوجية التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي فمن خلال استخدام تلك المواقع يمكن للارهابيين ان يحددوا صورة رقمية تدور من خلالها حروبهم الالكترونية فيتعدي تأثير تلك الهجمات لتدمير مواقع مضادة لهم على الانترنت واختراق مواقع المؤسسات الحيوية والبنية التحتية للدولةاو تعطيل خدماتها
وبناء على ذلك يمكننا تحديد العناصر التي تخدم التنظيمات الارهابية على مواقع التواصل الاجتماعي في :
1- ضمان عنصر السرية :وهذا العنصر يعد اساسيا بما يكفل عدم اختراقة نظرا لقدرات الانترنت على الحفاظ على السرية
2- امكانية التواصل مع الجمهور بسهولة.
3- انخفاض النفقات
4- خلق الارهاب المعلوماتي: حيث ساعدت تلك المواقع على انتشار انماط جديدة من الارهاب حيث يتمكن الارهابيون من تهديد البني التحتية للدول عن طريق اختراق منظوماتها الحاسوبية وتعطيلها او اتلافها وهو ما قد يصيب الخدمات التي تقدمها بالشلل او التعطيل دون مواجهه مباشرة مع الامن .
5- التنقيب عن المعلومات وذلك لاحتواء تلك المواقع على كم هائل من المعلومات التي تفيد هذه التنظيمات في تحديد اهدافها وكذا تجنيد عناصرها من الشباب
6- الاتصالات : حيث تساعد تلك المواقع على تحقيق التواصل بين التنظيمات الارهابية وتنسيق عملياتهم الاجرامية والتواصل بين عناصرها وقياداتهم وامكانية التواصل بالصوت والصورة عن بعد.
7- التعبئة وتجنيد الارهابيين الجدد.
8- التخطيط والتنسيق.
9- الحصول على التمويل: وذلك بعدة طرق فقد يتم بدعوة الافراد عبر تلك المواقع للتبرع للاعمال الدينية او وضع بعض المؤسسات ذات الواجهه المشروعة وعمل الخير لجمع الاموال لاعمالهم الارهابية.
10- مهاجمة التنظيمات الارهابية الاخري .
11- نقل التعليمات والتلقين الالكتروني لعناصر التنظيمات الارهابية ومن ذلك مواقع تعليم تصنيع المتفجرات والقنابل الموقوتة وتفخيخ السيارات والمباني وغيرها.
ويستهدف هؤلاء اجتذاب عامة الناس من ذوي المستويات التعليمية المحدودة عن طريق شعارات عاطفية وحماسية لضمهم للتنظيم وايضا للحفاظ على بقائهم واستمراريتهم ، كما انهم يقومون باستخدام تلك المواقع في الاتصالات ونقل التعليمات والاوامر نظرا لصعوبة تحديد الهوية ومن ثم صعوبة الوصول اليهم وتحديدهم وهو ما يجعلهم يعملون بحرية كبيرة كما يستخدم الارهابيون مواقع التواصل الاجتماعي لنشر نجاحاتهم او نشر الفظائع التي تتهم الخصم المفترض بارتكابها لاستقطاب شباب جدد للتنظيم او نشر ضور الانتحاريين والتعليق عليها بما يجعلهم ابطالا في عيون البسطاء او لتغذية الحقد والضغينة بين طوائف المجتمع الواحد وهنا يجب ان نتوقف امام هذه المواقع والتي استرعت اهتمام الجميع شعوبا وحكومات نظرا لقدرتها الفائقة على تهديد الامن والاستقرار الاجتماعيين والتأثير في الاوضاع السياسية والاقتصادية ، وخلق حالة من الذعر والفوضي لتضخيم العمليات الارهابية التي يقومون بها وتضخيم آثارها التدميرية في المجتمع .
كما انها من اساليب الارهابيين لتسويق اغراضهم وغاياتهم وتوظيفها عبر مواقع التواصل الاجتماعي لتضليل الاجهزة الامنية والسيطرة على الرأي العام بنشر اخبار وصور العمليات الارهابية والترويج لها بما يحقق ويستكمل الاهداف المتوخاة من تلك العمليات ، حيث انه كلما زاد الانتشار لهذه العمليات كلما تحقق الهدف منها وهو الترويع ونشر الذعر بين الناس ، وعلى ذلك يمكن القول بان الاستفادة متبادلة من العمليات الارهابية بين مواقع التواصل الاجتماعي والارهاب فالاولي تستفيد من تزايد عدد روادها ومستخدميها والارهابيون تتحقق لهم الاستفادة من نشر وتداول اخبار عملياتهم الارهابية وهو ما يحقق لهم جذب المزيد من الافراد للقيام بتلك العمليات ويحقق لهم ابراز التفوق التقني والعددي والنوعي على الحكومات .
كما ان توجية الخطاب بواسطة الارهابيين من على منابر تلك المواقع وابراز الخسائر المادية والبشرية الناجمة عن تلك العمليات ، انما هو خدمة غير مباشرة للارهابيين حيث ان تلك المواقع تساعدهم على تحقيق اهدافهم في نشر الذعر بين الناس ، وهذه المواقع تستخدم ايضا في التواصل بين الخلايا النائمة .
ونري في هذا الشأن: ضرورة التعاون الدولي في مجال وضع ميثاق شرف لعمل تلك المؤسسات التي تدير تلك المواقع وذلك من خلال تعاون امني وتشريعي دولي اذ ان الارهاب لن يقتصر على مكان دون آخر او دولة دون اخري فلن تكون هناك دولة بمنأي عن الارهاب ومن ذلك تفعيل الاتفاقية الاوروبية لمكافحة الجرائم المعلوماتية وايضا الاتفاقية العربية لمكافحة جرائم تقنية المعلومات واستحداث مواد قانونية في القوانين الداخلية لتجريم بث الافكار التي تحث على الارهاب او المواد العلمية والثقافية التي تساعد الارهابيين على اعداد الادوات التي يستخدمونها في عملياتهم ومن ذلك ايضا تفعيل منظومة للتعاون مع اللجنة الخاصة بمكافحة الارهاب والتي انشأتها الامم المتحدة لهذا الغرض وتفعيل قراراتها ومحاولة التوصل لآليات دولية لمكافحة عمليات بث الافكار المتطرفة التي تحث على اعتناق منهج العنف والارهاب .
المطلب الثاني
صعوبات مواجهة تجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي
من المستقر عليه في المواجهة الأمنية مع الجرائم المستحدثة أن هناك العديد من الصعوبات التي تكتنف كل اركان الجريمة الالكترونية خاصة في المجال الأمني. ويعود جزء من أسباب نجاح المجرمين في استغلال أي وسيلة مستحدثة من مستحدثات التقنيات الحديثة في أنشطتهم الإجرامية
يعود إلى سببين رئيسين:
الأول: ضعف التشريعات والعقوبات المخصصة لهذه الأنماط الجديدة من الجرائم
الثاني: نجاح المتطرفين وغيرهم في استثمار الانترنت وتقنيات الاتصال الحديث سببه الرئيسي أن جرائم التقنية تتميز بأنها غاية في التشابك، والتعقيد، وتتطلب تعاطياً مهنياً، أمنياً عالياً وعلى نفس درجة التحدي التقني الذي يوظفه مرتكبوا هذا النمط من الجرائم. وحتى يمكن وضع تصور عام للبيئة الإجراميّة التي تتم فيها جرائم الحاسبات والانترنت، نجد أنها تتم وفق ظروف موضوعيّة مختلفة تتمثل في الآتي:
1- ضعف سبل المقاومة )ضعف الإعداد الفني والبشري( صعوبة وضعف وسائل التحقيق )الروتين، وعدم مواصلة تدريب المحققين(.
2- التطور الإجرامي التقني الذي لا يتوقف، وما يستتبع من تكلفة عالية لأساليب المكافحة )الأجهزة، والتعليم، والتدريب(.
3- تعد التقنية، واستخداماتها السلبيّة أسرع من التشريعات والأنظمة الجزائية.
غالبا ما تأتي مخترعات، ووسائل المكافحة متأخرة )الفعل ورد الفعل(.
4- تدني مستوى الوعي )الإداري، و الثقافي ( في المؤسسات الحكومية وعدم تقدير خطورة المشكلة.
5- ضعف الاستثمار في مجالات البحث العلمي للمساهمة في مكافحة جرائم التقنية.
وفي ضوء ذلك كله يمكن تمييز بعض الخصائص الرئيسية للجريمة الإرهابية وغيرها التي تتم بواسطة أو على شبكة الانترنت منها:
1- يسهل )نظريّا( ارتكاب الجريمة التقنية سواء كانت جريمة فنية أو النشر الإلكتروني.
2- سهولة إخفاء معالم الجريمة، وصعوبة تتبع مرتكبيها.
3- الحرفية الفنيّة العالية التي تتطلبها سواء عند ارتكابها أو عند مقاومتها.
4- عامل البعد الزمني) اختلاف المواقيت بين الدول (، والمكاني) إمكانية تنفيذ الجريمة عن بعد (والقانوني) أي قانون يطبق؟ (دورا مهما في تشتيت جهود التحري والتنسيق الدولي لتعقب مثل هذه الجرائم.
تحديات مواجهة مواقع التطرف والعنف الإلكتروني
تبذل كثير من الدول جهودا أمنية وفكرية وقانونية على عدة مجالات في محاولة للحد من سوء استغلال شبكة المعلومات والخدمات الالكترونية المصاحبة. ولكن يبدو واضحا أن هذه الجهود تواجه العديد من العوائق الكامنة في أصل خصائص وطبيعة الوسائل الالكترونية من حيث صعوبة الترصد الفني وتحديات التحقيق الجنائي الرقمي وعدم الطمأنينة للأدلة الرقمية التي تضبطها جهات التحقيق ناهيك عن الضعف البشري والفني في المؤسسات الأمنية الموكلة بالمهمة
ومن أبرز تحديات المواجهة:
1- التحديات الأمنية
نقص الخبرات الفنيّة في مجالات تحديد اركان الجريمة الالكترونية وتقديمها كقضية مكتملة امام المؤسسات العدلية بالإضافة الي صعوبة الرصد والتحقيق ورفع الأدلة الرقمية في كل زمان ومكان يضاف الي ذلك طبيعة الحدود الفنيّة وعلاقات اطراف أي قضية عبر الإنترنت تتجاوز حدود الدولة الوطنيّة والعدد الهائل من المخالفات والمخالفين على مدار الساعة ما يصعب معه الضبط والملاحقة وذلك لان شركات الاستضافة وتسجيل وحفظ البيانات الإلكترونية خارج الدول العربية وغالبا في الولايات المتحدة ، يضاف الي ذلك احجام الجمهور عن التعاون مع المؤسسات الأمنية فيما يختص بالمحتوى الالكتروني نتيجة ثقافة التعود على شذوذ بعض مواقع الانترنت.
2- التحديات الفكرية والثقافية:
إن ما يعد جريمة في تشريع معين لا يعني بالضرورة نفس الاعتبار في دول اخرى وهذا ما يعقد القضايا ذات الارتباطات المختلفة.
التباس الكثير من المفاهيم والخلط بني ضرورات التأصيل العقدي وتنازلات المصالح السياسية والضغوط و موازنة مسألة الثقافة الدينية والواجبات الشرعية عدم القدرة على تحديد المسؤول المباشر عن المحتوى التحريضي عدم كفاءة الردود على شبه المتطرفني والمواجهة الفكرية وضعف اداراتها وترويجها بين المستخدمين
غلبة الخط الرسمي على ثقافة المواجهة الفكرية على شبكة الانترنت ما يقلل من درجة تاثيرها وانتشارها.
عدم وجود العلماء المعتبرين في بيئة الانترنت بشكل تفاعلي يجذب الشباب عن خطاب التطرف والعنف الصاخب.
التشابك بين بعض المفاهيم الاجتماعية المحافظة وبعض التفسريات المتطرفة للنصوص بشكل يصعب المعالجة الفكرية الشرعيّة.
3- التحديات القانونية والتشريعية:
تتمثل التحديات القانونية والتشريعية في عدم استيعاب التشريعات والأنظمة للجرائم الفكرية المستحدثة عبر شبكات المعلومات والوسائط الالكترونية، بالاضافة الي تنازع القوانين وعدم وضوح الاختصاص القضائي في هذه الجرائم صعوبة وضع معايير محددة لتحديد ما هو الموقع المتطرف والمحرض على العنف والتباس الكثير من المفاهيم والخلط بين ضرورات التأصيل
العقدي وتنازلات المصالح السياسية والضغوط و موازنة مسألة الثقافة الدينية والواجبات الشرعية ،
وعدم القدرة على تحديد المسؤول المباشر عن المحتوى التحريضي امام القضاء ، وضعف الثقافة العدلية في المسائل الالكترونية مما يعقد النظر في بعض القضاياحيث انه في القضايا الفكرية على الانترنت يكون العامل الديني حاسم في كل قضية ما يجعل القضاء في كثير من القضايا لايستطيع أن يحسم القضية بسرعة وبحكم مؤثر يحقق الردع.
ونري في هذا الشأن :
ضرورة تفعيل آليات التعاون الدولي في مجال التدريب الامني على مكافحة الجرائم المعلوماتية وبخاصة المرتبطة بالارهاب وتجنيد الارهابيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي نظرا لما تتضمنة من خطورة على الامن القومي العالمي والوطني والاقليمي مما يتطلب التكاتف من اجل مكافحته بوضع آليات تعاون دولية ناجزة وتحديد نقاط اتصال لتبادل المعلومات بسهولة ويسر دون ارتباط بالقوانين والاجراءات المنظمة لذلك وإعلاء الامن القومي على اعتبارات السيادة واعتبار تلك الجرائم من الجرائم الماسة بأمن الوطن.
المرجع
-
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..