الإمارات تشعر بالغدر من قبل الإخوان. فرغم كل ما قدمته لهم، ها هم
يسعون لتقويض الدولة الفتية.
عندما كرمت الدولة الإماراتية قبل أعوام الشيخ الإخواني يوسف القرضاوي،
كان ذلك بترشيح وطلب من جماعة الإخوان المسلمين في الإمارات. حصل واحتفت الإمارات
بالقرضاوي على أنه رجل دين لا سياسة.
لكن البواطن على ما يظهر غير الظاهر. فالإخوان كانوا يعدون لقضية أبعد
من تكريم رجل دين. وضعوا لهم من وراء ذلك وغيره أجندة سياسية، في محاولة للهيمنة
على مقدرات كثيرة في الإمارات. وعندما كان الإخوان يرشحون ويتوسطون لتعيين مدرسين
مصريين، أو من بلدان أخرى، ما كان يدور بخلد الدولة أن هذا تنسيقاً سياسياً ضد
الدولة المضيفة لهؤلاء. اكتشفت الدولة فيما بعد أنه عمل سياسي تنظيمي لتقويض هذه
الدولة الفتية.
فبدأ هؤلاء، كمسؤولين على التربية والتعليم، بمحاولة أسلمة المدرسة
سياسياً، مع أن المساجد مفتوحة في الإمارات ودروس الدين تقدم للطلبة كدين لا سياسة.
اكتشفت أجهزة الدولة أن العناصر الإخوانية تقوم بإبعاد العناصر التعليمية من غير
المحسوبين على الإخوان أو المؤيدين لهم، سواء أكان هذا الإبعاد في التعليم العالي
عندما احتل أحدهم رئاسة جامعة الإمارات، أو في التعليم الابتدائي والثانوي عندما
كان آخر وزيراً للتعليم.
لكن الأمور أخذت تتضح شيئاً فشيئا. فالتفتت الدولة لهؤلاء بعد أن تركوا
اثرهم في التعليم. بل أن دولة الإمارات فقدت من أبنائها الشباب أكثر من مئة شاب
أخذتهم الغواية بهذا الفكر، وتحولوا إلى عناصر جهادية. وأكثر هؤلاء كان تجنيدهم قد
بدأ من المدرسة. ولا نضيف جديدا عندما نقول أن الفكر الجهادي اليوم، الذي اختلف مع
الإخوان بعض الشيء، قد خرج من رحم الإخوان. إنه الدين السياسي.
حاولت الدولة الإماراتية الحوار مع هذه الجماعة، وعلى المستويات
العليا، وفي حياة الشيخ زايد، أي في العام 2003 وما بعده. لكن ما كانوا يتفقون عليه
في اجتماع حواري، يسارعون فينقضونه في اجتماع آخر. فلما أسسوا جمعية "الإصلاح" على
أنها مؤسسة خيرية، وأصدروا لها دورية إعلامية، وظهر للدولة أن الإصلاح تنظيم حزبي
وليس خيريا كما ادعوا، طلبت الدولة منهم حلها فوافقوا على ذلك. لكنهم عادوا في
اجتماع آخر ليصروا على وجودها، واتضح أنهم أخذوا أمراً من المرشد العام خارج
الإمارات بعدم حلها.
هنا اتضح أن الإخوان لا يمتون بولاء للدولة والمجتمع الإماراتي، إنما
ولاؤهم إلى المرشد العام. بعد ذلك عجز من كان يجري معهم الحوار، ولم يعد بوسعه
الاستمرار في حوار بيزنطي مثلما يُقال، بين موافقة ونقض.
لم يجرِ أي إجراء ضد الإخوان، كشخصيات واُسر. استمروا بممارسة الدين
وفق ما يريدون والعمل الخيري مثلما يرون. لكن هذا ما كان ليجعل الإخوان يكتفون.
كانوا يريدون نقل التجارب. فما أن رأوا فوزاً لجماعتهم في هذه الدولة أو تلك،
تشجعوا للعمل في دولة الإمارات.
وجدت الدولة في الإمارات نفسها بين أمرين: إما غض النظر عن العمل
السياسي الحزبي لهؤلاء والسماح لهؤلاء بتطبيق ما يريدونه من فكر، وبهذا سيتم التخلي
عن المنجز الإماراتي من بداية الاتحاد وحتى الآن. وإما العض بالنواجذ على المنجزات
التي حققتها الإمارات وشعبها! فكان الخيار الأخير. فمن الصعب التخلي عن منجزات
تحولت فيها الإمارات إلى دولة عالمية في حضورها، وتقديمها للخير لأكثر من دولة
فقيرة وشعوب تواجه الكوارث. لم تعد الثروة الإماراتية حكراً على الإمارات وإنما
أمتد خيرها إلى دول العالم، هذا الخير الذي يريد الأخوان العبث به الآن، وتحوله إلى
تنظيمات سياسية تأتمر من خارج الإمارات بأمر المرشد.
دولة الإمارات تدرك تماماً أن الإخوان أعداء، عض الذين رعتهم الدولة
يدها من الذين أتوا من مصر وسوريا والأردن وبلدان أخرى، وقدمت لهم العمل والحياة
الكريمة. كما تدرك أن الذين غرروا بأفكار هؤلاء من أبناء الدولة بعد أن أصابهم
الخير العميم، وترقوا في المناصب فحاولوا استغفال المجتمع والدولة بتنفيذ أجندات
تأتمر بالمرشد.
لكن ما يؤذي الإمارات هو سكوت الآخرين على ما يفعله الإخوان، وإنكار
آخرين لفضل الإمارات فيقومون بدور إعلامي مشجع لأولئك بحجة الحيادية، مع أنها قضية
لا تقبل الحياد بشكل من الأشكال. فالحق واحد لا يتفرق.
أن هؤلاء يعملون لتقويض دولة الخير على أهلها، وهدم كل بناء أقيم بعزم
شعبها، ويصعب على الإماراتيين أن يقف الصديق أو المستفيد من خير الإمارات موقفا
حياديا بين الشيخ زايد ومرشد الإخوان من خارج أرض الإمارات. فالكل متفق أن الشيخ
زايد هو أول من كشف نوايا الإخوان، وقال: هؤلاء يريدون الشر.
حمد المزروعي
ميدل ايست أونلاين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ، أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ، فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق تقبل أطيب تحية ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف وسيتم الحذف فورا ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..