الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

يا أستاذ خاشقجي: أَجِبّ: بـ(نعم) أو (لا) وينتهي الخلاف

تذكرت معركة عجيبة دار رحاها منذ ثلاث سنوات في بلادنا الحبيبة، احتدم حينها النقاش بين النخب، وانقسم غالب المجتمع إلى فريقين: مهاجم ومدافع.. وتنازل الفرسان بالأقلام، وتقاتل الأقران بالأقوال، ورأينا
حينها سهاماً طائشة تأتي من هنا، لتصيب هناك، وغبارا ثائرا من الكلمات يملأ الأفق، ويكتم الأنفاس. وقومٌ في منتصف الصف حائرون، أي فريق يناصرون ويؤازرون.

تذكرت تلك المعركة المشؤومة، وأنا أقرأ إجابة الأستاذ جمال عن سؤالي، وإرجاعه لي قسراً إلى مقالٍ كان هو الرصاصة الأولى في تلك المعركة، ثم تبع تلك الرصاصة قذائف من المقالات المحمومة، وقنابل من النقاشات المشحونة، ولم يخرج من تلك المعركة منتصر إلا من أراد كُتّاب الصحف إسقاطه، وأجمعوا على أن يجعلوه في غيابت الجبّ، وأراد ربك أن يخرج عزيزا منتصرا، لا عزيزا وأميرا على مصر، ولكن عزيزا وأميرا على قلوب أحبته ، ولم يكن أكثرها يعرفه قبل هاتيك المعركة.. وتلك عجيبة من العجائب، ولكنها ليست بالعجيبة الوحيدة في تلك المعركة.

مازلت أتذكر تلك الليلة من شهر سبتمبر - ولا أدري متى يكف سبتمبر هذا عن نكأ جراحنا!-، قذف بي وقتها محرك البحث (غوغل) إلى صحيفة الوطن، لأقرأ مقالاً نزل للتو بعنوان: (الشيخ الشثري وقناة المجد .. لِمَ التشويش ونحن في خير من ديننا ودنيانا؟)، كتبه الأستاذ جمال خاشقجي رئيس تحرير صحيفة الوطن في حينه.

شعرت بعد ما قرأته أن المقال ما هو إلا إيذان بإعلان حرب، وشن هجمة مضادة لهجوم الشيخ سعد الشثري على الاختلاط بجامعة (كاوست). وأيقنت أنه لن ينزل صباحا إلا وتتبعه مقالات وردود من فريقين طال بينهما الخصام، واشتدت بينهم العداوة، وقد أجج اختلاط (كاوست) مشاعر الخصومة فيهم.

وسأحكي للقارئ باختصار ما الذي حدث ودار، ثم سأرد على سؤال الأستاذ جمال..

خرج الشيخ سعد الشثري على قناة المجد الفضائية وأتاه سؤال عن جامعة (كاوست)، فأجاب بما يدين الله به، ونصح بلطف وأدب، بلسان مشفق حادب على هذا الوطن. وكان معارضا لنظام الاختلاط الذي أُقر في الجامعة، مؤكدا على أهمية العلم والحاجة الملحة لهذه الجامعة.

ثم كان ماذا؟

كان الهجوم  الشديد على الشيخ من سدنة الصحافة، ولتتخيلوا معي أن  19 مقالاً ، تُنشر في يومين فقط ، عبر ستة صحفٍ ، بمشاركة ثلاثة رؤساء تحرير ، كلها في مهاجمة الشيخ سعد الشثري، والعدوان الآثم عليه.

وليس هذا يعنيني هنا، ولكنها خواطر وأشجان، جدّدها رجوعي إلى مقال الأستاذ جمال ، فانبعث قلمي يجري ليحكي لكم ما كان وقع..

يقول الأستاذ جمال: (اعد نشر مقالي وتمعن فيه ، وابحث فيه عن عبارة مسيئة ، او مخالفة لأعراف النشر ؟).
وأقول: نعم يا أستاذ جمال قد رجعت إلى مقالك، وقرأته بتمعّن، وأجزم أن فيه عبارات مُسيئة في حق الشيخ، وفيه أيضاً مخالفة لأنظمة النشر.
وسأنقل منه مقتطفات، ليحكم القارئ بيني وبينك، وينظر هل تجنيت عليك في شيء.

يقول الأستاذ جمال في مقاله الشهير إن الشيخ الشثري: (يُشارك في التشويش).
فهل اتهامك للشيخ بأنه مشوّش، (يشارك في التشويش) يُعتبر من جميل العبارات، لا من سيئها؟
ألا تعتبر كلمة (تشويش) في حق الشيخ عبارة مُسيئة؟
وأدع القارئ يحكم هل هذه العبارة مُسيئة أم ليست بمسيئة.

ثم يقول الأستاذ جمال في المقال نفسه: (الأدهى في أن تبرع الشيخ بوقته وجهده في حملةالتشويش يأتي في زمن خرج علينا – وعلى الشيخ أيضا وعلى علماء البلاد – قوم من بيننا يتهمون قادة البلاد بخيانة الأمانة والعمالة للأجنبي الكافر بل حتى كفرونا واستباحوا دمنا قولا وفعلا، فيأتي فضلاؤنا يقدمون لهم ما سيراه أحداث كهوف اليمن وأفغانستان "حجة ودليلاً " وما هو بالحجة والدليل وإنما إرجاف وتشويش).
وهذه إسقاطه هنا من الأستاذ جمال لإيهام القارئ بأن الشيخ يقوم بحملة إرجاف وتشويش تصب في مصلحة تنظيم القاعدة!
ما هذا التحريض؟! وتأليب ولي الأمر على الشيخ، وجعل كلامه حجة ودليلا لغلمان القاعدة، مع إن الشيخ من أبعد الناس عن منهجهم، وما قاله من عبارات الثناء والمديح لخادم الحرمين يخرص لسان كل مفتون بذلك التنظيم.
وسأسأل الأستاذ جمالاً: أليس من الإساءة اتهام رجل بأن كلامه يصب في مصلحة القاعدة؟
وأيضاً سأدع القارئ يحكم هل هذا الاتهام مُسيء أم ليس بمسيء.

أما مخالفة المقال لأنظمة النشر ، فنعم وألف نعم ، كانت عباراتك في حق الشيخ مخالفة للنظام ، لأن المادة التاسعة من نظام المطبوعات تنص على أنه (يُراعى عند إجازة المطبوعة ما يلي:
-ألا تؤدي إلى المساس بكرامة الأشخاص وحرياتهم أو إلى ابتزازهم أو إلى الإضرار بسمعتهم).

وسأسألك بالله الذي ستقف بين يديه:
 عندما تتهم إنسانا بأنه يشوّش، وكلامه يصب في مصلحة القاعدة ألا يُعتبر ذلك إضرارا بسمعته؟
وليس لك- أستاذ جمال- إلا الإجابة بنعم أو لا.
فإن قلتَ: نعم إن ذلك يؤدي للإضرار بسمعته، ولكن نصحنا لولي الأمر يقتضي أن نكتب عن كل مَن نراه يشوّش.
سأقول لك: إنك بذلك خالفت نظام المطبوعات الذي ينصّ على عدم السماح بالإضرار بسمعة الغير.
وعلى هذا فلا يجوز لك أن تُنكر على الدكتور قاسم، لأنه ينشر ما يخالف النظام، لأنك لم تلتزم بنصوص النظام في مقالك.
وإن قلتَ : كلا! لا يُعتبر  من الإضرار بالسمعة ، اتهام الإنسان بأنه مشوش وكلامه يصب في مصلحة القاعدة..
حينها.. سأدع القلم، وأترك القارئ ليحكم.
وإلى اللقاء...
 كتبه/عبدالله الحسني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..