الأحد، 2 سبتمبر 2012

ديكسون يرصد احتفالية سكان الجزيرة بطلوع سهيل


اقتفاء تراثنا الشعبي في كتب الرحالة الغربيين

سعود المطيري
    تتفق أكثر الحسابات والتقاويم المتداولة لدينا على طلوع نجم سهيل في 24 أغسطس بينما يسبقها حساب
العامة (حساب الفلاحين) بعدة أيام والذين يفصلون بين طلوع النجم ودخوله ويستدلون على دخوله ببعض الظواهر والعلامات الجوية والمناخية وظهور بعض الطيور والحشرات ويسند رأيهم حسابات أخرى تقول ان النجم يدخل فعليا في الحادي عشر من اغسطس ويمكث 13 يوما قبل رؤيته ويعرف البدو نجما يسمونه النجم المحلف يسبق طلوع سهيل بعدة ايام كثيرا ما يحدث لديهم لبسا يدفعهم إلى الحلف انهم رأوا النجم المنتظر .
من جهته رصد الكولونيل الانجليزي ديكسون احتفالية العرب بطلوع سهيل اليماني اواسط ثلاثينيات القرن الميلادي الماضي وتناقل اخبار رؤيته بينهم لما يعني لهم ذلك من معان كثيرة ترتبط بالعديد من المصالح والانشطة والمواسم وذكر انهم في الكويت كانوا يتلقون خبر رؤيته من نجد ومن القصيم في الغالب قبل رؤيته هناك إلى ذلك يقول في كتابه عرب الصحراء :
في عام 1935م كان مشهد آلاف الخيام التي تحيط بالجهراء مشهدا مهيبا حقا فقد اجتمع هناك قبائل الكويت – ظفير – وشمر (عبده) والدهامشة من عنزة وبعض عشائر قبيلة العجمان وقد قدرت عدد الخيام التي تقوم حول الآبار بما يزيد عن 3000 خيمة تزدحم في مساحة لا تزيد عن ميل مربع واحد.
وفي حوالي العاشر من يونيو وبخاصة إذا كانت سنة عادية فان رياح البارح تهب على المناطق الشمالية الشرقية من الجزيرة العربية ويفترض ان تستمر هذه الرياح حتى السادس عشر من شهر يوليو على نحو متقطع لمدة اربعين يوما وهي رياح جافة تعرف محليا با سم (واهبة الحياة) وهذه الرياح اللطيفة تعطي الانسان الغافل انطباعا مغلوطا عن الحر المقبل وتحمل الغرباء على الاعتقاد بأن الصيف ليس على تلك الدرجة من السوء غير ان العواصف الرملية المحرقة تصاحب هذه الريح وكل عاصفة تختلف عن سابقتها من حيث الشدة والأذى إلى ان تكتسي الصحراء ومدينة الكويت بمظهر قذر تعيس بائس ، في حين يبدو الرجال والنساء اللاهثون كما لو انهم لم يغتسلوا من عدة سنين .
وفيما بين العشرين من مايو والعاشر من يونيو يصبح شاطئ الكويت مسرحا لنشاط محموم ففي هذه الفترة تنطلق قوارب الصيد إلى الغوص ولا يشترك في رحلات الغوص هذه الجزء الاكبر من المشتغلين بالبحر من سكان الكويت فحسب بل ان العديد من رجال العوازم والعجمان ومطير يأتون من مخيماتهم الصيفية في داخل البلاد ليجربوا حظهم في موسم صيد اللؤلؤ
ومما يزيد في حركة النشاط والانفعال التي تعم الشاطئ عودة المراكب التجارية إلى الوطن بعد غياب دام سبعة اشهر في اماكن بعيدة مثل زنجبار والحديدة وساحل الهند الغربي إلى الكويت وهي محملة بالتوابل والخشب وغيره ويلقون مراسيهم في مياه الخليج بانتظار موسم تصدير التمر من شط العرب وبعد السادس عشر من يوليو تحل الرياح اللطيفة محل العواصف الرملية والرياح الصحراوية الملتهبة وتبدأ هذه الرياح الهادئة بالهبوب من الخليج غير انها تكون محملة بالرطوبة
ويعتبر شهر اغسطس من اصعب الشهور واشدها حرارة وتعرف هذه الفترة باسم (الكليبين) وهي فترة سكون تام ويكون الجو محملا بالرطوبة الثقيلة ليلا نهارا وهو شهر طويل مزعج للرجال والنساء الذين لم يعودوا قادرين على التحمل أكثر من ذلك فالعرق يتصبب منهم ليل نهار دون انقطاع وحتى اخف الملابس يصبح ثقيلا
ويقاسي البدو بشكل خاص من هذه الرطوبة والحرارة الخانقة والتي تتغلغل في اجسامهم حتى العظام وتسبب لهم امراضا تفوق الحصر ويتلهف الجميع لرؤية (سهيل) ذلك النجم المتلألئ العابث بالاعصاب والذي يؤذن ظهوره بالفرج ويدفع شوق الناس الشديد لرؤية هذا النجم بعد الخامس والعشرين من اغسطس إلى النهوض قبل حلول الفجر بساعات ليرقبوا ظهور هذا النجم المبارك وأخيرا يأتي الفرج وغالبا على هيئة هجين يحمل رسولا من نجد يبشرهم بالنبأ الذي طال انتظارهم له ويقول بأن النجم سهيل قد شوهد منذ عشرة أيام في القصيم ولذلك فان ظهوره في الكويت يغدو متوقعا بين لحظة وأخرى ، وهنا تتضاعف جهود الناس لمراقبته ويكلف الصيادون الرشايدة الذين يشتهرون بحدة بصرهم بتفحص الجزء الجنوبي من السماء في الساعة الثالثة فجرا في الجهراء وفي الصباحية لأن السماء في هذه المناطق أكثر صفاء من الكويت ، وأخيرا وبعد طول انتظار يظهر سهيل ، وينتشر الخبر في الكويت انتشار النار في الهشيم ، ويصل إلى مسامع البدو ويرتفع صوت الفرحة في كل مكان .. لقد ظهر سهيل ورآه فلان .. وفلان من الناس .. الحمد لله لقد انتهى الصيف وولى القيظ
وتعم الفرحة جميع ارجاء البلاد ثم يبدأ الناس يتنفسون الصعداء وقد جعلهم ايمانهم الذي رضعوه منذ الصغر بأن الفرح آت بعد ظهور سهيل يشعرون بالانتعاش فعلا مع ان الأوروبيين لا يلاحظون أي تغير في الجو ويعتقد العربي أن الانسان يحس بالانتعاش في داخله أولا ولذا فان العطش يفقد حدته والماء الذي يترك ليلا في العراء يغدو باردا عند الفجر .. وما ان يحل الخامس والعشرون من سبتمبر حتى يتمكن الجميع من مشاهدة سهيل والتمتع برؤيته وفي الخامس عشر من اكتوبر تبدأ تباشير الشتاء بالظهور ويقترب موعد موسم (الوسم) البهيج.

http://www.alriyadh.com/2012/09/02/article764638.html
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التعليق

يقولون ( سهيل مكذ ّب العداد )
الذين يحسبون ويعدون من المزارعين وغيرهم اذا طلع سهيل  تبين لهم صحة حساباتهم من عدمها / فقد كانوا لا يعرفون بالتاريخ الشمسي ( الميلادي) !
.
.
بقي أن نعلم ان الأجانب " المستشرقين " يكتبون مذكراتهم بوجهة النظر الشخصية  فيرصدون  أحداثا لا يهتم بها  الناس لإنصرافهم  عنها لتتبع  الضروريات المعيشية ط لشظف العيش آنذاك "
فتأتي هذه المذكرات  تاريخا
رحم الله اسلافنا 


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

وقال أحد الشعراء في محاورة
 " وأظنه أحمد الناصر مع  علي ابو ماجد "
.
.
يا سهيل اليماني لا تغيب == ودي أسري وأبي دربي عدال
شاب رأسي قبل حين المشيب == يا "علي" من تهاويل الليال
.
.
يعبر  أهل المناطق الوسطى والغربية  من المملكة باليماني لأن سهيل يكون جنوبا " جهة اليمن "
.
وقال شاعر  يسفه رأي من ظن  ان للثريا اقتران بسهيل
أيها المنكح الثريا سهيلا ...  عمرك الله ! كيف يلتقيان
هي شامية إذا ما أستقلت ... و "سهيلٌ " إذا ما أستقل يماني
.
هذا ما بقي من الذاكرة سمعته من الشيخ الطنطاوي رحمة الله عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..