الخميس، 27 سبتمبر 2012

يومنا الوطني...غير



 

اليوم الوطني عندنا يختلف عن بلاد خلق الله الأخرى مما يثبت دائما أننا مجتمع له خصوصية.فكل فئة من فئات المجتمع تتعامل مع اليوم الوطني بطريقة مختلفة مما يعزز التعددية الفكرية التي لم تصل إليها بعد كثير من بلاد العالم.
فاليوم الوطني عند ولي الأمر  شيء عادي ولا يستحق التفرغ له ولا إعطاءه أكثر من حجمه ولهذا يمكن أن يكون خارج البلاد دون أي إشكالية فهل ينتبه لهذا كثير من المطبلين الذين جعلوه سببا للتفريق بين الناس في مستوى وطنيتهم.
واليوم الوطني عند المشايخ بدعة لا يجوز الاحتفال بها.
ويبدو أن تغير الفتوى طال بدعية اليوم الوطني لتسمع أكثر من عشرة أقوال في المسألة وكل واحد يأخذ ما يحب!.
واليوم الوطني عند كبار السنّ وجيل الأجداد فرصة للتحدث بنعمة الله ومقارنة زمانهم أيام الخوف والفقر بأيام الرخاء الحالية.
واليوم الوطني عند التجار فرصة لتسويق منتجات جديدة تحت مسمى الوطنية وتجارنا لا يفوتون أي فرصة وبأي شكل ولون لدعم تجارتهم.
واليوم الوطني عند الطلاب فرصة للفرح بسبب الغياب عن المدرسة ولا يهونون المعلمين والمعلمات فهم أشدّ فرحا.
واليوم الوطني عند رجال الأمن معاناة وحالة استنفار أمني قصوى وبقدر فرح الطلاب تكون معاناة رجال الأمن.
واليوم الوطني عند وسائل الإعلام سبب لمنافسة أكثر على التقدم خطوة للحظوة عند طوال العمر.
واليوم الوطني عند المدارس والمؤسسات الحكومية مظهر من مظاهر المشاركة في اظهار الولاء للوطن ولو كان على حساب ميزانية المؤسسة المرصودة لخدمة المواطن.وبقدر الإنفاق يكون حجم الولاء عند الشكليين.
واليوم الوطني عند الشباب يساوي فوز المنتخب فهو إذا فرصة للهجولة والرجة والاستعراض ولا مانع من مغامرات التكسير والتحرش والاعتداء والانفلات الأمني بدون قيد أو شرط أو بعبارة أخرى حرية كاملة لمدة ليلة مع أمنهم من العقوبة .وهو كما قال الكاتب المتألق عبدالعزيز السويد يقدم دورات تدريبية مجانية في العبث والتخريب لتكون نتيجته غزوة ذات المطعم .
والانحلال الأخلاقي الذي يحدث في اليوم الوطني لا يقتصر على الشباب الصُيّع ولا على الذكور ولا على عديمي التربية أو أبناء الشوارع بل امتد ليشمل غالبية شبابنا الذين يحضرون أولا للمشاهدة ثم لا يلبثون في دخول المعمعة بسبب عدوى وطنية شبابية أعدى من الثؤباء.
يقول أحدهم إن كثيرا من الدول الغربية يحدث فيها احتفالات وطنية كثيرة ولا تصاب بمثل الفوضى في يومنا الوطني مع أن أولئك يحتفلون وهم سكارى وشبابنا يحتفلون وهم صاحين.فلماذا؟
إن إلقاء المسئولية فيما يحدث على انفلات الشباب وتحميلهم كل ما يحدث والتهرب من المشكلة وتبعاتها وتحميلها الأجهزة الأمنية خطأ استراتيجي تشارك فيه بكل أسف وسائل الإعلام وتكرس السمعة السيئة لمجتمعنا عالميا عبر التعاطي القاصر مع المشكلة.
ورحم الله ابا العتاهية حينما لخص المشكلة في ثلاثة نقاط فقد كان أقدر من كثير من المؤسسات على استيعاب المشكلة:

إن الشباب والفراغ والجدة....مفسدة للمرء أي مفسدة

ونحن في مجتمع شاب يشكل فيه الشباب أغلبية فطبيعي أن تحدث مثل هذه الأمور بينهم لكن ليس من الطبيعي السكوت على المشكلة وتركها حتى تتمدد بسبب سوء إدارة المؤسسات الخدمية وعدم وجود مناشط للشباب تستوعب طاقاتهم.
لبّ الموضوع أنه يجب أن تقوم المؤسسات الحكومية المعنية مثل وزارة التربية والتعليم ورعاية الشباب وأمانات المدن والشركات الداعمة مثل الاتصالات وموبايلي وزين والبنوك وأرامكو بتبني مشاريع تستقطب الشباب وتفرغ إمكاناتهم بما يفيد المجتمع حتى لا يأتي علينا يوم وطني في المستقبل ونتفاجأ بأننا فقدنا جميع قدورنا في غزوات ذات المطاعم.

                                                                   خالد بن محمد الشهري
                                                                     1433/11/11هـ
------------

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..