الثلاثاء، 2 أكتوبر 2012

التدريب الفني في السعودية

 المقدمــة:

إن قضية التنمية في العالم النامي تُعَد القضية الأساسية والرئيسة لشعوبه ، والشغل الشاغل لمفكريه ومثقفيه وعلمائه المختصين ، ويعد التعليم والتدريب ذا أهمية بالغة في رفع كفاءة أفراد المجتمع وتنمية قدراتهم، وبخاصة في مجتمعاتنا النامية التي تحتاج أكثر ما تحتاج إلى هذا النوع من التعليم والتطور؛ لتلاحق في سعيها الحثيث ركب الثورة التكنولوجية التي أخذت أشكالاً عديدة وأبعاداً واسعة فاقت التصور ، وقد وعى جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه هذه الحقيقة في وقت مبكر من تأسيس هذا الكيان العظيم (المملكة العربية السعودية)، فوضع اللبنات الأساسية لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة .

ولكي تتضح معالم التطور التاريخي الفني والمهني في المملكة العربية السعودية لابد من الإشارة في هذه المقدمة عن التعليم الفني والمهني قبل توحيد المملكة ، ففي منطقة نجد كانت التجارة سمة للنشاطات القبلية أكثر من الصناعة  والزراعة وبخاصة تجارة المواشي وبعض التوابل ونحو ذلك، إلا أنها لم تكن ذات مردود اقتصادي موسع على المنطقة، بقدر ما كانت تشبه الجهد الذاتي للأفراد الذين كانوا يمارسون مهنة الرعي أكثر من غيرها من المهن .
وتأثرت منطقة نجد نتيجة الاتصال المستمر مع المناطق الأكثر انفتاحاً إبان توحيد المملكة من الناحية المهنية، إلا أن معظم الحرف والصناعات التي قامت بها كانت عبارة عن حرف لتلبية متطلبات عاجلة قصيرة المدى، وقد عرفت آنذاك صناعة الأحذية وبعض الصناعات الجلدية الأُخر ، ومنتجات النخيل ونحوها (1)
ويرى بعض الباحثين أن بداية التعليم الفني والمهني كانت في الحجاز (2) ؛ حيث أدت عوامل متعددة دوراً مباشراً في التأثير على مجريات الحركة التعليمية بشكل عام والتعليم الفني والمهني بشكل خاص ، ففي عام 1328هـ / 1908م افتتحت مدرسة صناعية في مكة المكرمة وأُوفد لها معلمون من إستانبول ، ومن أهم المدارس الرسمية التي جمعت بين التعليم العام والتعليم الفني  خلال الفترة قبل توحيد المملكة  المدرسة الرشيدية التي أنشئت بين عامي 1301– 1303هـ / 1881 1883م، وكانت تقوم بتدريس مواد المقاييس والأعداد المركبة والكسور والخط والرسم وأصول مسك الدفاتر والحساب والهندسة المسطحة والمجسمة والمثلثات إلى جانب العلوم الشرعية والعربية والاجتماعيات .
وأما المهن و الصنائع والحرف في مكة المكرمة إبان تلك الفترة فكثيرة، منها على سبيل المثال : النجارة والحدادة والخياطة وصناعة الأحذية وصناعة الآجر ، وكانت له محارق ومعامل في آخر محله ( المسفلة ) ، ومهن أُخر متعددة " . (3)

أهمية البحث : 

وبعد هذه المقدمة السريعة عن التعليم الفني والمهني قبل توحيد المملكة العربية السعودية تتبين أهمية هذا البحث ( التعليم الفني والتدريب المهني ، بداياته ، مسيرته ، حاضره ) ، حيث يصور لنا خلاصة مسيرة التعليم الفني والتدريب المهني في مائة عام في صفحات محدودة ، مستهدفاً التعرف على بدايات التعليم الفني والتدريب المهني، ومعرفة النظرة الاجتماعية لهذا النوع من التعليم، ومدى ما حققته خطط التنمية الخمسية في هذا المجال، ويبين بصورة واضحة ما حققه الأمر الملكي بإنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني، ويوضح الدور المتوقع من القطاع الأهلي في التعليم الفني والتدريب المهني.

تساؤلات البحث :

ويحاول هذا البحث الإجابة عن التساؤل الرئيس :
ما العوامل التي أدت إلى التطور الشامل في التعليم الفني والتدريب المهني في خلال مائة عام ؟ .
وينبثق عن هذا التساؤل مجموعة من التساؤلات الفرعية الآتية :
1– ما واقع التعليم الفني والتدريب المهني قبل توحيد المملكة ؟
2– كيف كانت البدايات الأولى للتعليم الفني والتدريب المهني بعد توحيد المملكة على يد الملك عبد العزيز  رحمه الله  ؟
3– ما المراحل التي مر بها التعليم الفني والتدريب المهني قبل خطط التنمية الشاملة وبعدها؟ .
4– كيف كان إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ؟ وما الظروف التي هيأت لوجودها .؟
5– ما أبرز الخطوات التي اضطلعت بها المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في مواصلة تطوير التعليم الفني والتدريب المهني ؟
6– ما مدى مشاركة القطاع الأهلي في تطور التعليم الفني والتدريب المهني واستثمار مخرجاته ؟

أهداف البحث :

يستهدف البحث التعرف على :
1– واقع التعليم الفني والتدريب المهني قبل تأسيس المملكة وبعده والمراحل التي مر بها.
2– الخلفيات التي كانت وراء إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني والجهود التي قامت بها، والإنجازات التي حققتها في ضوء خطط التنمية للمملكة .
3– دور القطاع الأهلي ومسؤوليته في استثمار التعليم الفني والتدريب المهني .

منهج البحث :

سيكون منهج البحث وفق الآتي :
1– المنهج التاريخي لتتبع بدايات التعليم الفني والتدريب المهني وتطوره التاريخي.
2– المنهج الوصفي لوصف واقع التعليم الفني والتدريب المهني في الوقت الحاضر. 

مصادر البحث :

1– المصادر التاريخية والدراسات والوثائق .  
2– الدراسات والوثائق المتعلقة بتنمية الموارد البشرية .
3– الدراسات التي تتعلق باتجاهات أفراد المجتمع نحو التعليم الفني والمهني 
4– خطط التنمية الصادرة عن وزارة التخطيط  .

 

المحور الأول: التطور التاريخي للتعليم الفني والتدريب المهني في المملكة العربية السعودية:

أولاً : مفهوم التدريب المهني والتعليم الفني والتقني:
أ) التدريب المهني، هو : عبارة عن دورات تدريبية مهنية تختلف مددها وبرامجها وفقاً لنوع المهنة المُتَدرب عليها ، ومستوى المتدربين العلمي ، وتستهدف تخريج عمال مهرة أو شبه مهرة .
ب)  التعليم الفني ، هو : نوع من التعليم النظامي في مستوى التعليم الثانوي ، يتضمن إعداداً تربوياً وإكساب معارف ومهارات وقدرات مهنية ويستهدف تخريج عمال فنيين في مختلف المجالات والتخصصات الفنية والمهنية .
ج) التعليم التقني ، هو : التعليم ما فوق الثانوي ودون المستوى الجامعي ويتضمن إعداداً تربوياً بالإضافة إلى إكساب مهارات وقدرات تقنية لا تقل مدة الدراسة والتدريب فيه عن سنتين ، ويستهدف إعداد قوى عاملة تقع عليها مسؤولية التشغيل والإنتاج .
وهذه التعريفات والمفاهيم هي مصطلحات علمية متفق عليها وهي النظام الذي تتبعه معظم الدول .
ثانياً : مراحل نشأة  التعليم الفني والتدريب المهني :
يرى بعض الباحثين أن اهتمام الملك عبد العزيز بأمر التعليم مر بمرحلتين هما :
"مرحلة تأسيس المملكة 1319 – 1344 هـ / 1899 1924م ، وتميزت تلك المرحلة بتركيز التعليم على توعية أهل البادية بأمور دينهم ودنياهم عن طريق إنشاء الهجر ، وبناء المساجد فيها ، وإرسال المرشدين والوعاظ إليها لإرشاد الناس وتوجيههم من خلال الحلقات التعليمية بعد إتمام الصلوات اليومية، وتوفير الكتب العلمية والدينية وطباعتها وتوزيعها ، ومن خلال الكتاتيب المنتشرة في البلاد ودعمها .
أما المرحلة الثانية فتبدأ من عام 1344هـ / 1924م وتنتهي بوفاته – رحمه الله– عام 1373هـ / 1953م وتمثلت في إنشاء مديرية المعارف العامة عام 1344هـ / 1924م  ومجلس المعارف عام 1345هـ / 1925م وبدايات التعليم الحكومي الحديث " . (4)
وقد شهدت بدايات التعليم الابتدائي الحكومي  السعودي تكاملاً واضحاً بين مواد التعليم النظرية منها والعملية ، فقد اشتملت مناهج التعليم الابتدائي على مواد مهنية كمسك الدفاتر والأشغال الهندسية العملية والتوجيه المهني حتى عام 1355هـ / 1935م عندما تقرر إلغاء هذه المواد ، بعد أن كانت تدرس لطلاب الصفوف العليا من التعليم الابتدائي آنذاك . وقد كان الهدف من هذه المواد تعويد الطلاب على حب العمل اليدوي واحترامه ، بل وإعداد نخبة منهم فعلياً .
وأما نشأة التعليم الفني بمفهومه الذي سبق في " أولاً " فإننا نستطيع أن نقول إنه نشأ مع بداية توحيد المملكة على يد جلالة الملك عبد العزيز – رحمه الله – الذي يرجع إليه الفضل بعد الله تعالى في ذلك ، فبعد أن  مَنَّ الله تعالى عليه بتوحيد الجزيرة بدأ مسيرة التنمية والتخطيط والتعليم والتدريب بأنواعه المختلفة على الرغم من شح الموارد المالية في بداية المسيرة ، وقد وهب الله جلالته فيما وهبه بعداً في النظر ، وعمقاً في التصور ، ورؤية شمولية لأوضاع البلاد ، لقد كان – رحمه الله – ينظر إلى بناء المستقبل على أسس منهجية راسخة ، وأن يكون البناء على سواعد المواطنين ، ودفعت كلماته وأفكاره الواضحة مسيره التعليم الفني والتدريب المهني دفعاً قوياً ، حيث بدأت مع بداية توحيد البلاد ؛ فمن كلماته – رحمه الله – قوله عند الاحتفال بمرور خمس سنوات على تأسيس مركز الخرج الزراعي: " مالم يصبح  العرب قادرين على تكوين طبقة اجتماعية متطورة علمياً وفنياً ومهنياً في الوقت المناسب فسيكون الوارثون لهم في وضع يكونون فيه مضطرين ومرغمين على تحديد الامتيازات الخاصة بالشركات الأجنبية، وستكون هذه الأخيرة هدفاً لإغراءات شديدة تدفعها إلى الإقامة المستمرة ، فيتبخر استقلال الجزيرة كما يتبخر الحلم " . (5)
وتأكيده بإصرار في إحدى كلماته على : " أن التطور التقني والصناعي في الجزيرة العربية يجب أن يماشي التربية المهنية للشعب العربي ، فإذا لم نفعل هذا فإنه سيقضي علينا أبداً أن نستعين بالأجانب ونلجأ إليهم ... إنه لا يحسن بشعب في المدى الطويل أن يعتمد على الآخرين لتنفيذ مهمات ضرورية لحياته ، ماذا يفيدنا أن نزلزل الوصاية السياسية إذا كان الغرض إبدالها بوصاية اقتصادية ؟! ، إنني أعتقد أنه من الضروري بمكان أن تطور هذه البلاد اعتماداً على سواعد المواطنين حتى نستطيع أن نحافظ على حريتها واستقلالها بشكل كامل ."(6)
وفيما يلي عرض مفصل لمسيرة التعليم الفني والتدريب المهني منذ توحيد البلاد وحتى إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني على النحو الآتي:
1 – التعليم الفني :
يمكن تقسيم الفترة التي مرّ بها التعليم الفني والمهني منذ توحيد البلاد وحتى إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني إلى أربع مراحل هي :–
المرحلة الأولى : مرحلة إرساء القواعد ، وتبدأ من عام 1369 إلى 1384هـ / 1949 ـ 1964م .
المرحلة الثانية : مرحلة توحيد الإشراف والتعاون مع الخبرات العالمية ، وتبدأ من عام 1385  إلى 1389هـ / 1965ـ 1969م .
المرحلة الثالثة : مرحلة النمو ومشروع السنوات الخمس ، من عام 1390ـ1395هـ /1970ـ 1975م .
المرحلة الرابعة :   مرحلة التقويم وتوسيع البرامج ، من عام 1396–  1400هـ / 1976ـ 1980م .
المرحلة الأولى : مرحلة إرساء القواعد (1369–1384هـ/ 1949–1964م):
أ) توحيد الجهود المحلية ونمو الحركة الصناعية :
في هذه المرحلة حشدت سائر الجهود المحلية لإقامة القاعدة الأساسية للتعليم الفني المهني في المملكة وإرسائلها، وتمثلت هذه القاعدة في إنشاء المدارس الصناعية، فتم خلالها إنشاء ثمان مدارس كانت تخضع لإشراف إدارة التعليم الصناعي بوزارة المعارف، وكان الهدف من التعليم في المدارس المتوسطة الصناعية هو إعداد صناع مثقفين ومدربين تدريباً يؤهلهم للعمل في المصانع والورش كمساعدين للصناع الكبار، وبعد إتمام مرانهم الصناعي تبعاً لاستعداداتهم يكون لهم الحق في الترقية إلى مركز "صانع " بعد ذلك، وأما في المدارس الثانوية الصناعية فتستهدف إعداد صناع في مختلف الصناعات ذوي ثقافة ومهارة علمية تؤهلهم للعمل في المصانع والورش في درجة "صانع متخصص "، ويمكنهم أيضاً شغل وظائف رؤساء عمال بعد تمضية فترة محددة من التمرين بصفتهم مساعدي مهندسين ، وقد تؤهلهم هذه الدراسة لدراسة صناعية أعلى.
كما تمثلت هذه القاعدة بإنشاء خمس مدارس زراعية متوسطة ، مدة الدراسة فيها أربع سنوات ، وكذلك أربع مدارس متوسطة تجارية ، استقرت مدة الدراسة فيها على أربع سنوات ، وهكذا فقد حفل عام 1380هـ بإنشاء المدرسة الصناعية بالرياض، إلى جانب المدارس الخمس الزراعية والأربع التجارية التي كانت خاضعة لإشراف ( إدارة التعليم الفني بوزارة المعارف)، التي كانت مسؤولة عن التعليمين الزراعي والتجاري فقط.
والواقع أن هذه المرحلة كانت مرحلة استطلاع واختبار للإمكانات الذاتية للنظام التعليمي، وقدرته على سد الاحتياجات للمملكة، ببناء الإطارات البشرية اللازمة في مجال التعليم الفني والمهني ، ولقد أثمرت هذه المرحلة في نمو الحركة الصناعية في البلاد وزاد عدد الطلاب في المدارس المتوسطة الصناعية فبلغ 2414 طالباً .
واستقر رأي الوزارة إلى ضم كل من إدارة التعليم الصناعي وإدارة التعليم الفني تحت إدارة عامة واحدة أطلق عليها ( الإدارة العامة للتعليم الفني ) التي باشرت اختصاصها فعلياً في مستهل العام الدراسي 1385–1386هـ الموافق 1–12–1965هـ .
ب) مشروع السنوات الست لتطوير التعليم الصناعي :
قُدِّم هذا المشروع إلى وزارة المعارف عام 1383هـ/1963م لتطوير التعليم الصناعي في المملكة بناءً على مقتضيات اجتماعية وتربوية، واستهدف هذا المشروع عدداً من الإصلاحات هي:
– تعديل السلم التعليمي في المدارس الصناعية .
– تعديل المناهج الدراسية ، وإعداد الكتب اللازمة للمدارس الصناعية .
– إعداد طبقة من المعلمين النظريين والعمليين لهذه المدارس .
– تدعيم التعليم الصناعي من الناحيتين العلمية والمادية .
– إيجاد رابطة بين التعليم الصناعي والمصانع والورش في مختلف أنحاء المملكة ، ووضع خطة لتمرين خريجي المدارس الصناعية وتشغيلهم .
والملحق رقم (1) يلخص نمو التعليم الفني في هذه المرحلة بخارطة زمنية .

المرحلة الثانية : مرحلة توحيد الإشراف والتعاون مع الخبرات العالمية

(1385– 1389هـ/1965 1969م) :

اقترنت هذه المرحلة زمنياً بالسنوات التي شهدت استعداد المملكة لتبني خطة التنمية الطموحة، التي بدأ تنفيذها مع أول خطة خمسية للتنمية بالمملكة مع نهاية هذه المرحلة 1390 1391هـ / 19701971م التي شهدت نشاطاً كبيراً وفيما يلي أبرز ملامح هذه المرحلة ومنجزاتها :
(1) توحيد جهة الإشراف على التعليم الفني بشعبه المختلفة الصناعي والزراعي والتجاري تحت إدارة موحدة هي الإدارة العامة للتعليم الفني ، وكان ذلك مع بداية العام الدارسي 1385–1386هـ / 1965–1966م .
(2) متابعة الخطة الجديدة للتعليم الصناعي في هذه المرحلة التي حفلت  بالعديد من المشروعات للنهوض بالتعليم الفني تحقيقاً للتطوير المرتجى، كمشروع تكملة المدرسة المهنية الثانوية بالهفوف 1387–1388هـ/1967–1968م تنفيذاً لاتفاقية التعاون بين المملكة وألمانيا عام 1386 –1387هـ/ 1966–1967م .
(3) التحول من نظام المدارس المتوسطة إلى نظام المعاهد الثانوية .
(4) إنشاء المدارس المتوسطة الحديثة استجابة للدراسات والتوصيات التي أصدرتها اللجان المتعددة لتطوير التعليم الفني والمهني ، وصدر القرار رقم 30/2/1/1756 /18 في 12–3–1388 هـ / 1968م القاضي بإنشاء هذه المدارس .
(5) تطوير التعليم الزراعي .
(6) اتفاقيات التعاون الفني مع حكومتي فرنسا وألمانيا .
والملحق رقم (2) يوضح في خارطة زمنية أبرز الملامح لهذه المرحلة .

المرحلة الثالثة : مرحلة نمو التعليم الفني (1390–1395هـ /1970 1975م).

بدأت هذه المرحلة مع الانطلاقة الأولى لخطط التنمية في المملكة فتزامنت مع الخطة الخمسية الأولى 1390– 1395هـ / 1970ـ 1975م التي تضاعفت فيها مسؤولية التعليم الفني والتدريب المهني، وذلك أن أهداف هذه الخطة ركزت على تطوير الموارد البشرية، لتتمكن عناصر المجتمع المختلفة من زيادة إسهاماتها الإنتاجية وتمكينها من المشاركة الكاملة في عملية التنمية .
ولتحقيق هذه الأهداف فقد تم في مجال التعليم الفني إنجاز الآتي :
1) التوسع في التعليم الصناعي الثانوي بحيث يشمل ست مناطق أُخَر بالإضافة إلى المناطق الأربع السابقة .
2) البدء في نشر التعليم التجاري على المستوى الثانوي ، حيث تم إعداد ثلاث مدارس في الرياض وجدة والدمام خلال السنتين الأُوليين من الخطة .
3) استكمال المدرسة الزراعية الفنية في بريدة .
وقد دعت الخطة إلى توسع أفقي ورأسي في التعليم لكافة المستويات ، وتنويع فرص التعلم كالتعليم الصناعي للبنين والتنويع فيه ، والتركيز على المهارات المكتبية ، والموضوعات التجارية ، والتدريب الفني في الزراعة  (7).
والملحق رقم (3) يوضح أهم إنجازات وملامح هذه المرحلة وفق خارطة زمنية .

 

المرحلة الرابعة : مرحلة التقويم وتوسيع البرامج (1396– 1400هـ/19761980م ) .

تزامنت هذه المرحلة مع الخطة الخمسية الثانية للتنمية التي جاءت تعميقاً للإصرار على سد احتياجات سوق العمل بالكفاءات الوطنية المدربة ، وتوفير مقومات النجاح لتحقيق هذه الغاية وقد بذلت جهود كبيرة في مجال التعليم الفني لمواجهة متطلبات هذه الخطة ومن هذه الجهود :
1) زيادة برنامج التعليم الصناعي الثانوي القائم من (4) مدارس تضم ( 2160) طالباً عام 1394–1395هـ / 1974–1975م إلى (13) مدرسة تضم (7375) طالباً حتى نهاية فترة الخطة . وزيادة عدد الخريجين من (1650) خريجاً في العام المذكور إلى(2970) خريجاً عام 1399–1400هـ / 1979 – 1980م حيث بلغ عددهم خلال فترة الخطة ( 5537) خريجاً .
2) توسيع التخصصات الدراسية وإدخال برامج جديدة في بعض الموضوعات مثل الإلكترونات وتكنولوجيا البتروكيماويات والهندسة المدنية والميكانيكا وخدمات الفنادق.
3) زيـــادة عدد طلاب المعهد الصناعي العالي من (105) طلاب عام 1394–1395هـ/1974 –1975م إلى (375) طالباً عام 1399–1400هـ/1979–1980م ، وتخريج ( 285) طالباً خلال فترة هذه الخطة .
4) توسيع برنامج التعليم التجاري الثانوي من (5) مدارس تضم (715) طالباً عام 1394–1395هـ / 1974–1975م إلى ( 3303 ) طلاب عام 13991400هـ 19791980م، وتخريج ( 2574) طالباً ، حيث بلغ عدد الخريجين سنوياً في نهاية فترة هذه الخطة ( 915) خريجاً.
5) الاستمرار في تقديم برنامج الدراسات المسائية في مجال التعليم التجاري في (3) مدارس حتى عام 1398–1399هـ/1978–1979م  والعمل على افتتاح (3) مدارس أُخَر .
6) افتتاح المعهد العالي التجاري بالرياض عام 1395–1396هـ/ 1975ـ1976م ، قبل فيه مبدئياً (105) طلاب  وكذلك افتتاح معهد آخر في جدة ، حيث زاد عدد الطلاب إلى ( 741) طالباً عام 1399–1400هـ/1979–1980م ، وتم تخريج ( 947) خريجاً خلال فترة هذه الخطة .
7) افتتاح برنامج التعليم الزراعي الثانوي في بريدة عام 96–1397هـ /76–1977م بقبول ( 175) طالباً ، وتم تخريج ( 226) خريجاً في المعهد خلال فترة الخطة (8). والملحق رقم (4) يلخص أبرز ملامح ومشروعات هذه المرحلة .
2 – التدريب المهني :
يمكن عرض مسيرة التدريب المهني وتطوره التاريخي من خلال العناصر الآتية :
(أ) التدريب والإعداد المهنيان :
تم في اليوم السادس عشر من ذي القعدة من عام 1383هـ/1963م افتتاح أول مركز للتدريب المهني في المملكة وهو : مركز التدريب المهني في الرياض  وقد وجه الملك فيصل بن عبد العزيز– رحمه الله –  كلمة في افتتاح هذا المركز قال فيها : "نحن في حاجة أيها الإخوان إلى العمل والعمل النافع .. العمل المثمر نحن في حاجة إلى البناء .. نحن في حاجة إلى التخطيط نحن في حاجة إلى التوجيه ولكن هذا كله يتوقف على ما نشعر به من إخلاص وأمانة وإقدام إن اسم العامل أيها الإخوان ليس خاصاً بفئة من الناس وإنما يشترك فيه كل عامل إن هؤلاء الإخوان الذين يدرسون في هذا المركز أو غيره من المراكز ليسوا أقل شأناً ولا أقل قدراً من أي واحد منا، ولكنني إذا لم أخش التجاوز فيمكن أن أقول إنهم هم الأساس ونحن الفروع ، ولكن ذلك يتوقف على ما يبذلونه وما يعملونه في سبيل هذا الوطن وفي سبيل هذا الشعب العزيز وفي سبيل مستقبلهم إن العامل أيها الإخوان ليس كما يعبر عنه في بعض الجهات أداة من الأدوات السياسية أو المذهبية أو الاعتقادية وإنما هو عمل ونشاط وإنتاج وخدمة ..." (9) .
وقد كانت هذه الكلمات تجسيداً لغايات وأهداف بعيدة المدى تخص كل ما من شأنه الارتقاء بالعامل المحلي إلى أرقى المستويات الفنية ليضطلع بالمهمات المسندة إليه أو المأمولة منه. 

وقد حددت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية أهداف التدريب المهني التي تمثلت في :
1– إعداد القوى العاملة الماهرة ونصف الماهرة لمواجهة احتياجات الصناعة المتطورة .
2– تحويل العمال العاديين إلى عمال فنيين يجيدون مهنة أو حرفة معينة تعينهم على الكسب .
3– تلبية طلبات مختلف المهن والصناعات للأيدي العاملة المؤهلة .
4– توفير فرص العمل المستقر المجزي ، وسعياً وراء تحقيق الاستخدام الكامل .
5– تأمين فرص العمل للأشخاص الذين لا يتمتعون بمؤهلات علمية أو الذين قطعوا مرحلة محددة من التعليم .
وقد كان الدافع إلى نشأة التدريب المهني – بادئ ذي بدء – هو اتجاه الدولة خلال فترة الثمانينيات الهجرية من القرن الرابع عشر إلى طريق سريع نحو التصنيع والرغبة في رفع مستوى المعيشة للأفراد ، وزيادة الرفاهية ، وتحقيق الاكتفاء الذاتي .
وبناء على ذلك فقد عمدت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية إلى طلب إيفاد بعثة تمثل عدداً من المنظمات التابعة لهيئة الأمم المتحدة لإجراء دراسة وافية عن المملكة ، وقد حضرت البعثة خلال الفترة من نوفمبر 1961– فبراير 1962م / 1381ـ1382هـ ولاحظت أن ازدياد النشاط في قطاعات البناء والنقل والزراعة والكهرباء والصناعة أصبح يتطلب مهارات عملية خاصة ويتطلب وسائل تدريب غير متوافرة آنذاك ، كما أن العمال السعوديين تنقصهم المهارة لشغل الوظائف الشاغرة في الوقت الذي يوجد فيه عدد كبير من العمال الأجانب يعملون في الصناعات المختلفة . فسارع وزير العمل والشؤون الاجتماعية إلى طلب المساعدة من مكتب العمل الدولي للعمل على تخطيط بعض البرامج التدريبية لمواجهة متطلبات التنمية .
واستجابت منظمة العمل الدولية لهذا فأوفدت فريق بعثتها في 20 يناير سنة 1962م / 1382هـ بخطة أولية لمشروع إرشادي تبعه دراسة المنظمة لهذا المشروع ، وتم التوقيع على اتفاقية مفصلة في  إنشاء مركز تدريب مهني سريع بالرياض بين وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ومنظمة العمل الدولية بعد دراسة وزارة العمل للمشروع بشكل مكثف جنباً إلى جنب مع مجلس التخطيط الأعلى ، وقد جُددت الاتفاقية بعد ذلك على أن تشمل المراكز الأُخَر التي أنشئت بعد مركز التدريب المهني بالرياض ، وفي عام 1389هـ / 1969م انتهي مفعول الاتفاقية ، فتولت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الإشراف الفني والإعدادي على المراكز وإدارتها بواسطة مسؤولين سعوديين مع الاستعانة ببعض الخبرات ؛ فقامت الوزارة بافتتاح مركزي التدريب المهني بجدة والدمام عام 1385هـ/ 1965م وفي بريدة عام 1386هـ/1966م والجوف عام 1391هـ/1971م و أبها عام 1392هـ/ 1972م .
وعندما بدأ العمل بمركز التدريب المهني في ذي القعدة من عام 1383هـ/1963م كان التدريب يتم على أساس نظام التدريب السريع الذي بواسطته يمكن تزويد سوق العمل بأكبر عدد من الأيدي الفنية في أقصر وقت ممكن ، مع مراعاة الدقة والإتقان ، واشتملت خطة التدريب الأولى ما نسبته 80% تدريب عملي من مجموع ساعات التدريب(10) وكان الطلبة يتلقون تدريباتهم في تخصصات متعددة .
وقد روعي في المهن التي يتم تدريب الطلبة عليها في كل مركز من المراكز أن تلبي احتياجات المنطقة التي يقع فيها ذلك المركز علاوة على مراعاة الصناعات والنشاطات الأُخَر ذات العلاقة القائمة فيها والصناعات التي يحتمل نشأتها بها .
واستكمالاً لعنايــة الوزارة بقضايـــا التدريب المهني فقــد قامت بإنشـــــاء إدارة عامـــة للتدريب المهني تشرف على كافــة قضايــا التدريـــب بالـــوزارة عــلاوة على مجلــس إدارة يشرف على كافة مراكز التدريب ، ويُعَدُّ بمثابة سلطة عليا للتدريب بالــوزارة .(11)
إن إنشاء هذه الإدارة يُعَدُّ نقطة فاصلة من الناحية التاريخية في مسيرة التدريب المهني   وذلك لأنها استهدفت مجموعة من توفير البرامج في التدريب المهني والتوسع بها حسب الأولويات الموضوعة لخطط التنمية مثل :

1) التدريب الحِرَفي على أساس التفرغ الكامل  بالبرنامج الصباحي لمراكز التدريب وذلك لمقابلة الطلبات الزائدة في القطاعين الحكومي والأهلي للعمال المهرة وشبه المهرة .
2) التدريب الحِرَفي غير المتفرغ سواء من خلال البرامج المسائية للأميين أو للعمال المستخدمين بالفعل لرفع مستواهم الفني .
3) التوجيه المهني للناشئة وبرامج لإعداد المدربين والفنيين والإداريين في مرافق التدريب وتدريبهم إلى غير ذلك من الأهداف(12) التي كان من بينها إنشاء مراكز الإعداد المهني التي أُنشئت للعمل على توسعة دائرة التدريب المهني ليشمل بالإضافة إلى الملتحقين بمراكز التدريب المهني نخبة أخرى من الصغار التي لم تساعدهم ظروفهم على مواصلة الدراسة الأكاديمية ، وقد قامت الوزارة بدارسات عديدة بالتعاون مع منظمة اليونيسف الدولية وتم بالفعل إنشاء ثلاثة مراكز للإعداد المهني كمرحلة أولى عام 1393هـ / 1973م في كل من الرياض وجدة ، ثم ثلاثة مراكز أُخر في كل من بريدة والأحساء وأبها .
(ب) التدريب على رأس العمل :
ضمن الجهود المبذولة لتطوير التعليم الفني والتدريب المهني في المملكة والتشريعات التي صدرت عن وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بخصوص تحديد مسؤوليات أصحاب العمل وضرورة تدريب 5% من العمالة المواطنة في المؤسسات الأهلية التي تستخدم عمالاً أكثر من 100 عامل ، ساعد ذلك على نشأة التدريب على رأس العمل وإعداد برامجه .
والتدريب على رأس العمل يُعَد وسيلة أساسية للتدريب ، بل إن مجرد قيام الأجهزة المعنية بتطبيقه يعد نقطة تحول تاريخية أساسية في التدريب المهني بالمملكة وذلك لفوائده الكثيرة التي حددتها وثائق المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ( التي أصبحت منذ عام 1400هـ/1980م تشرف على هذه البرامج ) ومن هذه الفوائد :
1– تزويد الشركات بمعلومات واقتراحات عن تدريب العمالة الوطنية .
2– مساعدة الشركة على تطبيق أنظمة العمل والعمال واجتذاب الأيدي السعودية.
3– تحقيق اعتماد الشركة على العمالة الوافدة .
إلى غير ذلك من الفوائد .
وقد كانت بداية التدريب على رأس العمل في المملكة مع صدور نظام العمل والعمال عام 1389هـ /1969م الذي نص في مادته (4د) أن على كل شركة تستخدم 100 عامل فأكثر تدريب 5% من عمالها ، وفي عام 1394هـ /1974م صدر قراران من مجلس الوزراء ، الأول برقم 15 وتاريخ 14/1/1394هـ /1974م وكان بشأن تقديم إعانات التدريب للقطاع الصناعي ، والثاني رقم 1697 في 2/11/1396هـ/1976م وفيه تنظيم قواعد صرف إعانات التدريب لمستخدمي المصانع الوطنية فيما يخص التدريب داخل المملكة وخارجها(13) .
 (ج) التأهيل المهني  للمعاقين :
يُعد المرسوم الملكي رقم م/21 وتاريخ 6/9/1389هـ / 1969م المتعلق بنظام العمل والعمال محور العمل الرئيس فيما يتعلق بالتأهيل المهني ، حيث بدأت وزارة العمل بتنفيذ مشروع تأهيل العاجزين ويتضمن هذا المشروع التدريب على مهن يسيرة يحتاجها سوق العمل كالخياطة والنجارة وتجليد الكتب وتنسيق الحدائق .... الخ .
ويقوم مدربون فنيون إضافة إلى أخصائيين اجتماعيين وطبيب لكل مجموعة بخدمات التأهيل المهني ، وقد بينت المادة 52 من نظام العمل المهني التي تقدم في التأهيل المهني ، كما أوضحت المادة 53 كيفية إنشاء  المعاهد التي تؤدي خدمات التأهيل المهني وتنظيمها، وألزم النظام كل صاحب عمل باستخدام 2% من مجموع عماله إذا زاد العمال عن 50 عاملاً .
إن إنجازات المجتمع السعودي أوجبت على التعليم الفني والتدريب المهني العمل على مقابلة أقصى قدر ممكن من احتياجات مختلف القطاعات التي تكون الاقتصاد الوطني من العمال المهرة وشبه المهرة ، ولذلك شهدت مراكز التدريب المهني تطوراً ملموساً خلال خطة التنمية الأولى حيث وصل عدد الخريجين إلى 3120 متدرباً ، كما وجدت عدة مراكز أهلية للتدريب المهني تعمل مساء للتدريب على الطباعة وتحسين الخطوط ، وقد ارتفع عدد هذه المراكز من 8 مراكز ضمت 286 متدربا عام 1390هـ/1970م إلى 12 مركزا ضمت 4095 متدربا عام 1395هـ/1975م ، وقد بلغ مجموع المتخرجين من معاهد التدريب المهني حتى نهاية هذه الخطة قرابة 958 متدرباً وعدد المسجلين في المراكز الأربعة القائمة آنذاك ( الرياض ، جدة، الدمام، بريدة ) 759 متدرباً ، وكان مركز الرياض هو الوحيد الذي يعمل بكامل طاقته، وخلال هذه الخطة اتخذت ثلاث خطوات مهمة تستهدف زيادة إنتاجية مراكز التدريب ، تشمل الخطوة الأولى توسعة المراكز القائمة ، والخطوة الثانية تشغيل مركزين أحدهما في الجوف والآخر في خميس مشيط ، وتشمل الخطوة الثالثة توجيه الاهتمام لمدن أصغر وما حولها من المناطق الريفيّة ، وفي هذه الخطة أخذت الدولة بدراسة إنشاء مراكز للإعداد المهني في كل من الرياض وجدة والدمام .
واستهدفت خطة التنمية الثانية بالمملكة توفير برامج التدريب المهني والتوسع فيها لمقابلة المتطلبات المتزايدة للعمال المهرة وشبه المهرة وذلك من خلال توسعة المراكز القائمة ، وإنشاء مراكز مهنية جديدة للتدريب وللإعداد ، ومنذ بداية الخطة الثانية وحتى نهايتها افتتح عشرة مراكز للتدريب المهني في كل من حائل والأحساء والمدينة المنورة والباحة ووادي الدواسر ومكة المكرمة وتبوك ، وكل منها قدم برامج للتدريب غطت خمس مهن مختلفة ، أما مراكز التدريب التي أنشئت في المجمعة وشقراء والرس فكانت برامجها تغطي أربع حرف فقط .
وانطلاقا من خطة التنمية الثانية بالمملكة قامت الإدارة العامة للتدريب المهني بتوسعة نشاطها بتنظيم برنامج تدريبي جديد يتلاءم مع الفئة التي ليس لها سابق خبرة في العمل اليدوي ، ولا تنطبق عليها شروط الالتحاق بمراكز التدريب أو الإعداد المهني ، أطلقت عليه اسم التدريب التمهيدي الصناعي ، ووافق مجلــس الـــوزراء على هذا البرنامج في 8–11–1396هـ / 1976م،  وافتتحت أول دورة للتدريب التمهيدي الصناعي عام 1397هـ /1977م ، وبلغ عدد الملتحقين بها 115 متدربا لقوا تدريبهم في مهن البناء والتمديدات الكهربائية والسيارات والتكييف، والدراسة بهذه البرامج مسائية ، ويمثل التدريب العملي 90% من مدة الدورة ، أما الدراسات النظرية فتغطي 10% ، فقط ويمنح المتدرب 200 ريال شهرياً إضافة لبدل نقدي لملابس العمل .
وفي نهاية خطة التنمية الثانية بلغ عدد المتخرجين من البرامج الصباحية بمراكز التدريب المهني 8415 متخرجا منهم 1116 خريجا في عام 1399هـ/1979م بمفرده . كما بلغ عدد المتخرجين من البرامج المسائية بمراكز التدريب المهني 6048 متخرجا خلال الفترة من 1397 - 1399هـ/1977-1979م ، أما المتخرجون من مراكز الإعداد المهني فقد بلغ عددهم 1265 متخرجاً على مدى خمس دورات ، بلغت نسبة المتخرجين من القسم الصناعي 70% ، بينما بلغت نسبة المتخرجين من القسم التجاري 30% من مجموع المتخرجين .
وقد أسهمت اتفاقيات التعاون الفني بين المملكة العربية السعودية وعدد من البلاد المتقدمة في مجال التدريب وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا الاتحادية وفرنسا في تقديم الخدمات الاستشارية لتدريب وتنمية القوى العاملة السعودية وخاصة في مجال إعداد برامج التدريب المهني والتدريب على رأس العمل وتدريب المدربين الفنيين ، والإسهام في دراسة احتياجات سوق العمل وتحديد الأولويات للمهن والصناعات اللازمة للتدريب عليها ، والإسهام في تجهيز مراكز التدريب ، والإعداد بالآلات والأجهزة التي تمكنها من أداء رسالتها .
وتولي الدولة اهتماماً كبيرًا بالجهات الحكومية التي تقوم بإعداد الكفاءات الوطنية لسد احتياج سوق العمل في القطاعين الحكومي والأهلي ، أو لتلبية احتياجها من القوى العاملة المتخصصة عن طريق تنفيذ برامج تدريبية وتعليمية تفي بمتطلباتها، وهذه الجهات غالباً ما تحتاج إلى أعداد كبيرة من الأيدي العاملة لتحقيق أهدافها بنجاح، وقد قامت الدولة بدعم هذه الجهات مادياً، وفيما يلي بعض هذه الجهات :

 

 

معهد الإدارة العامة :

يهدف معهد الإدارة العامة من خلال برامجه التدريبية إلى رفع كفاية ومستوى العاملين من منسوبي القطاعات الحكومية المختلفة ويقوم المعهد بنشاطات متعددة كالخدمات الاستشارية وإعداد البحوث ونشرها بالإضافة إلى نشاط التدريب ، ويوجد للمعهد أربعة فروع، ثلاثة للرجال والفرع الرابع للنساء . وينفذ المعهد برامج عليا تتمثل في عقد مؤتمرات للعاملين بالمستويات الإدارية العليا ، بالإضافة إلى الحلقات التطبيقية ، بهدف إتاحة الفرصة لهم لتبادل الخبرات ، ومناقشة المشكلات التي تواجههم ، ومعرفة الآراء المختلفة بشأنها . أما البرامج الإعدادية فتهدف إلى إكساب مهارات جديدة لخريجي مراحل التعليم المختلفة (كفاءة وثانوية وجامعة) حيث تهدف إلى إعدادهم لتولي مختلف الوظائف في المؤسسات الحكومية ، وتستمر معظم البرامج الإعدادية لفترة سنتين دراسيتين . أما البرامج الخاصة فهي برامج تظهر الحاجة إلى إعدادها للتدريب على مجالات معينة، وعادة يتلقى المعهد الطلب بإعداد هذه البرامج من الجهات المختلفة ، ويقوم المعهد بوضع وتنفيذ البرنامج ومتابعته، وقد تمتد هذه البرامج لمدة عامين دراسيين. كما أن هناك برامج لتعليم اللغة الإنجليزية .

 

الرئاسة العامة لتعليم البنات:

تقوم الرئاسة العامة لتعليم البنات بتنفيذ برامجها الفنية والمهنية من خلال الكليات المتوسطة والمعاهد ومراكز التدريب التابعة لها بهدف تدريب الفتيات أسوة بما يتحقق في تعليم وتدريب البنين مع الحفاظ على قيمنا الدينية والأخلاقية ، وتستطيع الفتيات من خلال الأنواع المختلفة للتعليم والتدريب اكتساب المهارات اللازمة لإتقان العديد من المهن .
ويتبع للرئاسة مراكز للتفصيل والخياطة تسهم في مساعدة الطالبات على رفع مستواهن في هذا المجال 0 وقد بلغ عدد هذه المراكز عام 1410هـ/1990م (22) مركزاً، تقبل الحاصلات على الشهادة الابتدائية، وفترة الدراسة فيها (20) شهراً ، وبلغ عدد الملتحقات بهذه المراكز عام 1415هـ/1995م (1541) طالبة مقابل (1126) طالبة في عام 1400-1401هـ/1980-1981م .
وقد صدر مؤخراً قرار من مجلس القوى العاملة أوكل بموجبه إلى الرئاسة العامة لتعليم البنات إعطاء تصاريح للقطاع الخاص بافتتاح معاهد ومراكز لتدريب الطالبات في المجالات الفنية والإشراف عليها حسب الأسس التنظيمية .
وتجدر الإشارة إلى أن الرئاسة العامة لتعليم البنات قد تبنت خلال العام الدراسي 1413-1414هـ/1993-1994م تطوير بعض مراكزها التدريبية إلى مستوى ثانوي مهني .

وزارة الصحة :

نظراً  للتوسع الذي يشهده القطاع الصحي في المملكة، وللاحتياج للخدمات الطبية في جميع المناطق، ورغبة من الدولة في الارتقاء بهذه الخدمات، وتأهيل الكوادر الوطنية الصحية القادرة على استيعاب التطورات المتلاحقة في مجال العلوم الطبية، فقد تم إنشاء معاهد ثانوية وكليات صحية للبنين والبنات .

وزارة البرق والبريد والهاتف :

تقوم هذه الوزارة بتلبية احتياجاتها من العمالة المؤهلة فنياً في مجال البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية من خلال معاهد البريد الثانوية، ومراكز التدريب البريدي التابعة للوزارة .

وزارة الزراعة والمياه :

تقوم هذه الوزارة بإعداد الخبرات والكفاءات الوطنية القادرة على تحقيق الأهداف والمرامي الاستراتيجية الزراعية عن طريق مراكز التدريب الزراعية، ومراكز التدريب البيطرية، ومراكز الأبحاث، والإدارات والمديريات والفروع التابعة لها .

وزارة المالية والاقتصاد الوطني :

تسهم هذه الوزارة في تدريب بعض العاملين بها على الحاسبات الآلية من خلال تدريبهم في المركز الوطني للحاسب الآلي الذي يقدم خدمات الحاسب الآلي لمنسوبي الوزارة وغيرها من الجهات الحكومية المستفيدة .

الرئاسة العامة للطيران المدني :

تقوم الرئاسة بالإشراف على المعهد الفني للملاحة الجوية ومركز التدريب لخدمات الممرات الجوية، حيث يتولى المعهد تنفيذ دورات أساسية يحتاجها الطيران المدني في مجالات مختلفة كخدمات المراقبة الجوية، وصيانة الأجهزة الإلكترونية ، والإطفاء والإنقاذ، والاتصالات الملاحية ، أما مركز التدريب فيقوم بتقديم دورات تخصصية للفنيين العاملين في مجال الطيران المدني .

الهيئة الملكية للجبيل وينبع :

أنشئت الهيئة عام 1395هـ/1975م بهدف إدارة وتشغيل التجهيزات الأساسية في كل من مدينتي الجبيل وينبع الصناعيتين، ونظراً لازدياد حاجتها لكوادر قادرة على مواجهة واجبات الأعمال المنوطة بها قامت بتطوير معهدي تنمية الموارد البشرية التابعين لها ورفع مستواهما إلى كليتين تقنيتين .

المؤسسة العامة للموانئ :

يتبع هذه المؤسسة مركزان للتدريب يقومان بتنمية كفاءة العاملين في المؤسسة وميناءي جدة والدمام لمواجهة التوسع في إنشاء الموانئ، وزيادة الاحتياج إلى العمالة بمستويات مهارية مختلفة .

مؤسسة النقد العربي السعودي :

ويتبعها معهد التدريب المصرفي الذي يقوم بتدريب العاملين في مجال البنوك .

مؤسسة الخطوط الجوية العربية السعودية :

تتولى هذه المؤسسة القيام بنوعين من التدريب، النوع الأول يتعلق بإعداد خريجي المدارس الثانوية الراغبين في الالتحاق بخدماتها في المجالات الفنية والعمليات الجوية، والنوع الثاني يختص برفع كفاءة أداء منسوبيها العاملين في مجالات الإدارة والتسويق والخدمات الفنية المختلفة، وهناك إدارات مختلفة للتدريب بالإضافة إلى أكاديمية التدريب الأساس للطيران .

المؤسسة العامة للخطوط الحديدية :

أنشأت المؤسسة مراكز لتدريب منسوبيها في المجالات الفنية والتشغيل على رأس العمل التي تخدم أهدافها مثل : حركة سير القطارات ، ميكانيكا القطارات ، كهرباء وتكييف القطارات .
وحرصاً من المملكة على مواكبة تطورات العلوم التقنية السريعة قامت في عام 1398هـ/1978م بإنشاء المركز الوطني العربي السعودي للعلوم والتكنولوجيا والذي أعيد تسميته إلى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية في عام 1406 هـ/1986م ، وذلك بهدف دعم البحوث العلمية وتشجيعها للأغراض التطبيقية التي تسهم في تحقيق متطلبات التنمية، وتعمل المدينة بالتنسيق مع القطاعات الحكومية المختلفة لبناء قاعدة علمية تقنية تخدم أغراض التنمية في مجال الزراعة والصناعة والتعدين ، وتشتمل المدينة على جميع متطلبات البحث العلمي كالمختبرات ومصادر  المعلومات وغيرها من وسائل الاتصال المختلفة .

المحور الثاني : إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني :

أولاً : خلفية إنشاء المؤسسة :
تقدم الحديث في نشأة التعليم الفني والتدريب المهني ومراحل تطورهما وأن البدايـــات كانت مع توحيد الدولة السعودية على يد جلالة الملك عبد العزيز – رحمه الله – ثم بدأ ينمو شيئاً فشيئاً إلى أن وُحِّد الإشراف على التعليم الفني مع بداية العام الدراسي 85–1386هـ/65–1966م بفروعه الثلاثة: الصناعي والتجاري والزراعي، وذلك تحت إدارة موحدة تابعة لوزارة المعارف، حيث كانت البداية بإنشاء أول مدرسة صناعية في مدينة جدة عام  1369هـ/ 1949م ، كما كان التدريب المهني تابعاً لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، حيث تم افتتاح أول مركز للتدريب المهني بمدينة الرياض عام  1383هـ /1963م .
وبعد دراسات مستفيضـــة للحاجات القائمة من القوى العاملة ومدى توافقها مع متطلبات القفزة التي تعيشها المملكة أوصـــت اللجنة الوزارية الموحدة للعمالة بإنشاء مجلس القوى العاملة بصفـــته جهازاً تخطيـــطياً لقضايا العمالة وإنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني باعتبارها جهازاً تنفيذياً يضم جميع مراكز التدريب والمعاهد التابعة لـــوزارة العمل والشؤون الاجتماعية والمعاهد الفنية التابعة لوزارة المعــــــــارف .
وقد جاء تشكيل مجلس القوى العاملة وإنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني تجسيداً لما توليه الدولة في جميع قطاعاتها من اهتمام بتنمية القوى البشرية ، وحشد كل الطاقات بهدف إيجاد التوازن المطلوب بين المتاح من القوى العاملة وبين المطلوب منها في المستقبل ، وأن تعمل جميع الأجهزة القائمة على التعليم والتدريب في أرجاء المملكة المختلفة بمزيد من التعاون والتنسيق ، وكانت اللجنة الوزارية الموحدة للعمالة قدمت المشروع القاضي بإنشاء المؤسسة إلى مجلس الوزراء ؛ فصدر القرار رقم 118 في 28/6/1400هـ/1980م بالموافقة على نظام المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ، وكان هذا القرار استجابة لتوصية اللجنة بعد أن عقدت عدة اجتماعات ناقشت خلالها موضوع القوى العاملة ، وبعد دراسة مكثفة لموضوع التدريب وما يواجهه من مشاكل مالية وإدارية رأت اللجنة أهمية دمج جميع مراكز التدريب والمعاهد التابعة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية مع المعاهد الفنية التابعة لوزارة المعارف في مؤسسة تتمتع باستقلال مالي وإداري يجعلها قادرة على أداء مهماتها بيسر وسهولة .
ثانياً : الوضع الراهن لبرامج المؤسسة :
في ظل توجهات الدولة  وتوجيهاتها المتواصلة والدعم اللامحدود لتنمية العنصر البشري في المملكة وللجهود التي بذلتها استطاعت المؤسسة خلال السنوات القليلة الماضية تكوين نظام متكامل للتعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة ، بحيث يمكن قبول جميع شرائح المجتمع من جميع المستويات التعليمية بدءاً من الأميين وحاملي الشهادة الابتدائيــــة والمتوسطة والثانويـــــة وتخريجهم للعمل في مختلف المستويات الفنية من عامل شبه ماهر إلى درجة البكالوريوس في الهندسة التقنية التطبيقية وذلك من خلال البرامج الآتيــــــــــة:
1– برامج التدريب المهني:
أ) البرامج المسائية :
تهدف هذه البرامج إلى التدريب على التخصصات المهنية المتوافرة بمراكز التدريب لفئات من المواطنين لا تنطبق عليهم شروط الالتحاق ببرامج التدريب الصباحية ولا تمكنهم ظروف عملهم من الالتحاق بهذه البرامج من أجل أن تغطي برامج المؤسسة أكبر شريحة في المجتمع ، ومدة الدورة ببرامج التدريب المسائية ستة شهور ، ولا يقل سن المتدرب عن سبعة عشر عاماً ولا يزيد عن خمسين عاماً .
ب) البرامج الصباحية :
ومدة الدورات في هذه البرامج تتراوح ما بين فصلين وأربعة فصول دراسية حسب طبيعة المهنة ، وتقبل هذه البرامج الحاصل على الشهادة الابتدائية فما فوق ممن لا تقل أعمارهم عن خمسة عشر عاماً ، ويبلغ عدد مراكز التدريب المهنية في المملكة ثلاثين مركزاً موزعة في جميع أنحاء المملكة .
2– برامج التعليم الفني :
تعد برامج التعليم الفني أهم أنشطة المؤسسة و المحور الرئيس لبرامجها وخططها وأهدافها، وتتمثل الأهداف الأساسية للتعليم الفني في إعداد الفرد اللازم للقيام بالأعمال المهنية والفنية ، وتحقيق متطلبات خطط التنمية ، والاستجابة للتطورات السريعة في العلوم التقنية والمزاوجة بين الممارسة والخبرة من جهة ، والتدريب والاستيعاب النظري من جهة أخرى ، كما تسهم أجهزة التعليم الفني التابعة للمؤسسة في دائرة هذه الأهداف بإعداد القوى العاملة الفنية المؤهلة على مستويين : مستوى عال، ومستوى ثانوي .
الأول : برامج التعليم الفني العالي ( الكليات التقنية ) :  
لقد جاءت فكرة إنشاء الكليات التقنية استجابة للحاجة الملحة لتوفير فنيين تقنيين على مستوى عال من المهارات المتعددة لمواكبة النهضة الشاملة التي تشهدها المملكة في شتى المجالات ولتلبية متطلبات خطط التنمية ، وقد توجت هذه الخطوة الرائدة بصدور الأمر السامي الكريم رقم 7/5/5267 بتاريخ 7/3/1403هـ/1983م المؤيد لقرار اللجنة العليا لسياسية التعليم رقم 309/خ م وتاريخ 20/10/1402هـ/1982م المتضمن ضرورة الاهتمام والتوسع في إنشاء الكليات التقنية .
إن من أهم أهداف الكليات التقنية توسيع قاعدة القوى العاملة السعودية المؤهلة في المجالات الفنية المختلفة ، وإمداد القطاعات الحكومية والأهلية بالأيدي الفنية الوطنية المؤهلة تأهيلاً علمياً وعملياً في المهن التي يعتمد عليها بناء الاقتصاد الوطني وتنفيذ مشروعات التنمية ، كما أنها تفتح قناة جديدة من قنوات التعليم العالي ملبية بذلك حاجة البلاد من ناحية ، وكونها مجالاً جديداً لاستيعاب أعداد من حملة الثانوية العامة والفنية من ناحية أخرى ، وفترة الدراسة في الكليات التقنية سنتان ، يتلقى فيها الطالب دراسات تطبيقية ، وتخرج تقنيين للعمل في القطاعات الحكومية أو الأهلية ، يقضي الطالب 50% من الدراسة في التدريب العملي في الورش والمعامل والحقول ، علماً أنه قد رُفع برنامج الدراسة في الكلية التقنية بالرياض إلى أربع سنوات ينال الدارس بعدها شهادة البكالوريوس في الهندسة التطبيقية ، وذلك بعد صدور موافقة مجلس الوزراء رقم 7/11064 / م وتاريخ 10/6/1409هـ/1989م المبني على توصيات لجنة مشتركة من وزارة التعليم العالي والجامعات السعودية والمؤسسة بهذا الخصوص . وتم إعداد مجموعة كبيرة من المعلمين والمدربين التطبيقيين في بعض التخصصات الفنية والمهنية ، وذلك يُعَدّ هدفاً رئيساً من أهداف رفع برنامج الكلية التقنية بالرياض إلى أربع سنوات .
الثاني – برامج التعليم الفني الثانوي وهي :
أ  ) التعليم الفني الثانوي الصناعي .
ب) التعليم الفني الثانوي التجاري .
ج ) التعليم الفني الثانوي الزراعي .
د  ) التعليم الفني الثانوي للمراقبين الفنيين .
وتجدر الإشارة إلى أن معاهد المراقبين الفنيين كانت تابعة لوزارة الشؤون  البلدية والقروية إلى أن تقدمت الوزارة ببحث اقتراح بضم معاهد المساعدين ( المراقبين ) الفنيين بالرياض والدمام وأبها إلى المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ، وصدر قرار مجلس الوزراء رقم 301 وتاريخ 26/12/1403هـ/1983م بالموافقة على طلب معالي وزير الشؤون البلدية والقروية في ضمَّ معاهد المساعدين ( المراقبين ) الفنيين التي تتبع الوزارة إلى المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ؛ لأن التعليم الفني بتلك المعاهد هو جزء من الواجبات المنوطة بالمؤسسة ، كما أن ربطها بالمؤسسة يؤدي إلى توحيد الجهود المبذولة في هذا المجال سعياً في الوصول إلى النتائج المرجوة منها ، وكانت الوزارة قد بدأت اتصالاتها في هذا الشأن مع المؤسسة في سنوات إنشائها الأولى ، وقد رحبت المؤسسة بوجهة نظر الوزارة فعملت على تطوير مناهج تلكم المعاهد ومد الدراسة فيها من سنتين إلى ثلاث سنوات ، لتتفق مع معاهد المؤسسة الفنية في الخطط والبرامج والمخرجات ، وتم التوسع بافتتاح هذا النوع من التعليم حتى بلغت سبعة معاهد ثانوية للمراقبين الفنيين لتخدم القطاعات الحكومية والأهلية ، كما روعي في تطوير مناهجها بما يخدم سوق العمل وعدم اقتصار مخرجات تلك المعاهد على جهة معينة .
3– البرامج الأُخَر :
إضافة إلى ماتم إيضاحه من المستويات التعليمية والتدريبية  المختلفة فإن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني تقوم بتنفيذ برامج تدريبية مساندة بالتنسيق مع شركات  القطاع الأهلي ومؤسساته ومراكز ومعاهد التدريب الفني الأهلي ، وذلك وصولاً إلى التكامل الفني والمهني بهذه المجالات وهذه البرامج هي :
أ) التدريب على رأس العمل :
وهو برنامج مهم جداً يعكس الإسهامات الحقيقية للقطاع الأهلي في إعداد الكوادر الوطنية ويعد هذا البرنامج الأمثل لإعداد الشباب السعودي وتوظيفه في جميع المجالات الاقتصادية .
والمؤسسة تركز على دعم  هذا البرنامج المهم وتنشيطه ، وهناك ثلاثة مراكز للتدريب على رأس العمل في المملكة ، تركز في المرحلة الحالية على حفز المنشآت فنياً لإقامة مراكز تدريب خاصة بها ، ويوجد حالياً ثلاثة وعشرون مركز تدريب بالشركات الكبرى ، وما زالت المؤسسة في طور رصد نتائج هذا البرنامج وتقويمه سعياً إلى تحقيق الأهداف المرجوة منه .
ب) التعليم والتدريب الفني الأهلي :
منذ أن قرر مجلس القوى العاملة إيكال الإشراف على التعليم الفني الأهلي للمؤسسة قامت المؤسسة بإعداد اللوائح والأسس والنماذج المنظمة لذلك ، بحيث يتم منح التصريح الابتدائي بعد دراسة الجدوى ، ثم الإشراف على إعداد المنهاج ، وتجهيز المكان المناسب والقوى العاملة (المعلمين) قبل منح التصريح النهائي ، ومن ثم الإشراف على سير التعليم والتدريب والامتحانات ومنح الشهادات .
ويوجد حالياً قرابة ثلاثمائة مركز تدريب ومعهد فني أهلي ، منها مراكز تدريب تتراوح مدة التدريب فيها  ما بين ثلاثة وتسعة أشهر ، ومعاهد ثانوية فنية تطبق مقررات المؤسسة ، ومعاهد عليا تمنح شهادة الدبلوم ومدة الدراسة فيها حسب البرنامج المطروح ما بين سنة أو سنتين بعد المرحلة الثانوية ، ويتدرب في هذه المعاهد حالياً حوالي عشرين ألف متدرب .
ج) التعليم والتدريب التعاوني :
الطالب أو المتدرب في هذا البرنامج يتلقى الدراسة النظرية في معاهد المؤسسة والدراسة التطبيقية في المنشآت الأهلية أو الحكومية ويهدف هذا البرنامج إلى :
مضاعفة طاقة معاهد المؤسسة حيث يتلقى نصف الطلاب دراستهم العملية في المنشآت خارج المعاهد .
إتاحة الفرصة لتدريب  الطالب على أحدث التقنيات المتوافرة في سوق العمل ، وعلى التعود على مناخ العمل وقيمه وعاداته المختلفة عن التدريب في ورش المعهد .
إتاحة الفرصة لصاحب العمل لاختيار الشباب المناسب لتوظيفهم .
وهناك برامج ناجحة في هذا المجال مثل برنامج معهد الجفالي الفني ، وبرنامج (تويوتا) للتعليم الفني ، وبرنامج التعاون مع وزارة الزراعة والمياه لإقامة معاهد زراعية في المشروعات الخاصة بها .
د) برامج خدمة المجتمع :
تعقد المؤسسة برامج متعددة خاصة ومفصلة لاحتياجات بعض القطاعات الحكومية الأهلية ، وقد قرر مجلس إدارة المؤسسة إقامة مركز لخدمة المجتمع لتنسيق هذا النشاط في جميع مرافق المؤسسة واعتماد لائحته الأساسية .



ثالثاً : جهود المؤسسة في تجاوز العوائق والعقبات ودعمها للتقدم الفني والتقني:
أ– الشباب السعودي والإقبال على  التعليم الفني والتدريب المهني :
لقد كان عدم إقبال الشباب السعودي على الالتحاق ببرامج التعليم الفني والتدريب المهني في السابق عائقاً كبيراً لعدم التوسع ، فقد كانت تعمل المعاهد والمراكز بأقل من نصف طاقتها الأمر الذي أدى بالمؤسسة إلى أن تتخذ العديد من السياسات والإجراءات اللازمة لتحسين نظرة المجتمع واتجاهاته نحو العمل الفني والمهني .
وقد أدى نجاح هذه السياسات والإجراءات خلال عشر السنوات الماضية إلى تضاعف الإقبال بشكل منقطع النظير على التعليم الفني والمهني ، وأصبح الشباب السعودي يتسابقون على الالتحاق بمختلف برامج المؤسسة .
ب – التطوير النوعي في البرامج والمناهج :
تركز المؤسسة على البرامج النوعية ، وإحداث أقسام وتخصصات جديدة بالمعاهد والمراكز القائمة ورفع طاقتها بالقبول حيث تضاعفت هذه الطاقة عدة مرات بالرغم من عدم اعتماد مشروعات جديدة ، وعلى سبيل المثال زاد عدد طلاب المعاهد الثانوية الصناعية من (1819) طالباً عام 1401هـ/1981م إلى (8383) عام 1417هـ/1997م ( يُنظر : الملحق رقم  5 ) .
كما يجري الآن تطبيق تدريب تعاوني مثالي بين المؤسسة ووزارة الزراعة وذلك في كل من : الخرج ، وجازان ، حيث يدرس الطلاب المواد النظرية في المعاهد الثانوية الزراعية بالخرج ، وجازان وأما التدريب العملي فيكون في كل من مشروع الخرج الزراعي وفي مشروع التنمية الزراعية بجازان.
وتطوير المناهج عملية مستمرة لجميع برامج المؤسسة ، وهذه العملية بدأت مع تأسيس برامج التعليم الفني والمهني قبل إنشاء المؤسسة بدليل الاستعانة بخبرات ألمانية وأمريكية وفرنسية مع بداية البرامج .
وجميع مناهج المؤسسة مبنية على أساس استيعاب مهارات تقنية محددة للوصول لمستوى فني محدد COMPETENCY BASED ، ولتحقيق ذلك تتم دراسات منتظمة لاحتياجات سوق العمل يسهم فيها رجال الأعمال وخبرات أجنبية وكفاءات وطنية من الجامعات السعودية والكفاءات الوطنية في المؤسسة .
وعلى سبيل المثال لا الحصر فقد أنهت المؤسسة الآن مسح احتياجات كبرى الشركات في المملكة من مخرجات التعليم التجاري ، وقام بتحليلها كفاءات علمية من القطاع الأهلي والجامعات والمؤسسة نتج عنها تغييرات شاملة في مناهج التعليم التجاري ومقرراته ، ويتم حالياً مسح احتياج الشركات الكبرى من مخرجات برامج الكليات التقنية ، واستنباط آراء أعضاء هيئة التدريس والمتخرجين من الكليات لإعادة صياغة ما يلزم من مناهج كليات التقنية .
كما يتم الآن إعداد دراسة كبرى تمولها مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية لمعرفة مدى مواءمة مخرجات الكليات التقنية مع احتياجات السوق المحلية .
   ومما يعكس المحاولة الجادة لربط مخرجات المؤسسة باحتياجات السوق المحلية هو وجود ممثلين لرجال الأعمال في مجلس إدارة المؤسسة ومجلس الكليات التقنية ومجالس كل كلية واللجان الاستشارية للمناهج بالإضافة إلى عقد اللقاءات المنتظمة مع رجال الأعمال مجتمعين ومع اللجان المتخصصة بالغرف التجارية ، وإقامة يوم المهنة في الكليات التقنية ، كل هذه الجهود وخلافها تستهدف تحقيق المواءمة بين مخرجات برامج المؤسسة واحتياجات السوق المحلية.
رابعاً : التعليم الفني والتدريب المهني في خطط التنمية :
إن المتتبع لمراحل نمو التعليم الفني والتدريب المهني وتطوره يدرك وهو يستطلع أهداف خطط التنمية الست أن هذا النوع من التعليم والتدريب قد حظي باهتمام كبير وخاص من قبل الدولة التي لم تألُ في بذل الجهود الدؤوبة والأموال الطائلة إدراكاً منها بأهمية هذا النوع من التعليم والتدريب ، ودوره في توفير سبل النجاح لبرامج التنمية الوطنية الشاملة وتعزيزها ، وحيث سبق في المحور الأول بيان واقع التعليم الفني والتدريب المهني في خطتي التنمية الأولى والثانية يأتي هنا عرضاً لواقعه وإنجازاته واتجاهاته المستقبلية وتطوره في خطط التنمية  الثالثة والرابعة والخامسة والسادسة  :
أ‌)      خطة التنمية الثالثة ( 1400– 1405هـ/1980ـ1985م ) :
تعد خطة التنمية الثالثة بمثابة منعطف جديد بالنسبة للتعليم الفني والتدريب المهني، وذلك لتزامنها مع إنشاء المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني ، وقد ركزت الخطة على تغيير نظرة القوى العاملة السعودية وسلوكها تجاه الحرف المهنية والعمل اليدوي وترغيبها إليه مع  التركيز على شركات القطاع الأهلي ، والاحتياجات الإقليمية وإيجاد فرص العمل المناسبة .
ولمواجهة متطلبات هذه الخطة فقد كان هناك توسع سريع في مرافق التجهيزات الأساسية لقطاع التدريب ، وزيادة كبيرة في أعداد الملتحقين حتى بلغ مجموع المتدربين الذين أتموا التدريب ما يقرب من (15000) متدرب ، كما تم التوسع في برامج الابتعاث للخارج في مختلف التخصصات ، ونفذت عدد من برامج إعداد مدربين في المؤسسة بالتنسيق مع الجامعات والمعاهد المتخصصة لسد الاحتياجات ، وكانت هذه الفترة بداية تنفيذ برامج الإحلال والسعودة للوظائف الإدارية والإشرافية والتعليمية لسد احتياجات المؤسسة من الكفاءات الوطنية .
ب‌)                        خطة التنمية الرابعة ( 1405– 1410هـ/1985ـ1990م ) :
ركزت خطة التنمية الرابعة على استكمال شبكة مراكز التدريب والإعداد المهني، وعلى إنشاء مشروعات فنية ومهنية جديدة ، وتعزيز المشروعات الإنشائية باتخاذ إجراءات نوعية ، وقد سعت المؤسسة لمواجهة هذه الخطة في سبيل تحقيق أهدافها إلى تنفيذ عدد من البرامج التشغيلية والتطويرية كبرنامج التدريب الذي عملت المؤسسة على توفيره بكافة أنواعه كالتدريب على رأس العمل ، وإعداد المدربين وتطوير مهاراتهم المهنية ، كما سعت إلى تنفيذ برنامج التعليم الفني الذي يستهدف إعداد القوى البشرية من الفنيين والمهنيين ، وتأهيلها للعمل في مجالات الصناعة والتجارة والزراعة ، فوسعت نظام الكليات التقنية ، وعملت على الاستغلال الأمثل للطاقة الاستيعابية للمعامل والورش وقاعات التدريب وغيرها في المعاهد الفنية الصناعية والزراعية والتجارية ومعاهد المراقبين الفنيين ، وقد بدأت المؤسسة مع بداية هذه الخطة الإشراف المباشر على المعاهد والمراكز الأهلية .
ج) خطة التنمية الخامسة ( 1410– 1415هـ/1990ـ1995م ) :
تتلخص الأهداف التنموية لقطاع التدريب لخطة التنمية الخامسة في تطوير نظام التعليم الفني والتدريب المهني وهيكله التشغيلي ليستجيب إلى طبيعة سوق العمل المتغيرة في سد حاجة الاقتصاد الوطني من القوى العاملة المدربة ، ولتحقيق ذلك عملت المؤسسة على التوسع في مختلف مجالات التعليم الفني والتدريب المهني بافتتاح معاهد فنية جديدة ، واستحداث تخصصات جديدة في بعض المعاهد القائمة مبنية على دراسات شاملة للتخصصات القائمة والمقترحة ، كما أعادت توجيه نظام التدريب نحو تلبية احتياجات سوق العمل حيث كونت لجان استشارية على المستوى الوطني والإقليمي والمحلي تضم ممثلين عن أصحاب العمل لاتخاذ إجراءات كفيلة بجعل نظام التدريب أكثر استجابة لمتطلبات سوق العمل ، كما حسنت وضع السياسات لنظام التدريب وعملت على تنسيق وسائل تنفيذه ، وإيجاد خدمات مساندة مركزية لكافة جهات التدريب في القطاعين الحكومي والأهلي ، كما قامت المؤسسة بتحسين الكفاءة المهنية  لتدريب الموظفين وتشجيع إسهام القطاع الأهلي في تمويل ، وتقديم خدمات التدريب في سبيل تحقيق السعودة في هذا القطاع عن طريق التدريب لاكتساب خبرات جديدة ، وذلك من خلال التدريب التعاوني والتدريب الصيفي ، وتشجيع القطاعات الأهلية للاستثمار في التعليم الفني والتدريب المهني .
د) خطة التنمية السادسة ( 1415– 1420هـ/1995ـ2000م ) :
اهتمت هذه الخطة باتخاذ الوسائل الكفيلة بمعالجة المعوقات التي تواجه تنمية القوى البشرية وتوظيفها ، وركزت بصفة عامة على النوعية والتخصصات الملائمة لمتطلبات القطاع الأهلي ، والعمل على زيادة الطاقة الاستيعابية لمعاهد المؤسسة وكلياتها ومراكزها ، وفي سبيل تحقيق أهداف هذه الخطة قامت المؤسسة بالجهود التي تتلخص فيما يلي:
1 – إنشاء كليات تقنية ومعاهد ومراكز فنية .
2 – الاستمرار في الدراسات والبحوث الميدانية لمعرفة التخصصات التي يحتاجها سوق العمل.
3 – الاستمرار في تطبيق برنامج ( البكالوريوس) في الكلية التقنية بالرياض ليشمل معظم التخصصات .
4 – تطوير المناهج وتطبيق ما تم إعداده واستكماله منها .
5 – تطوير التوجيه ( الإشراف ) التربوي في المعاهد الفنية .
6 – استكمال إنشاء مرافق للنشاط اللامنهجي والرياضي والاجتماعي وإحداث إدارة متخصصة للمكتبات على مستوى المؤسسة وإنشاء مكتبة مركزية ومركز وثائق .
7 – الاستمرار في التطبيق التجريبي لنظام التعليم والتدريب التعاوني بين مختلف وحدات المؤسسة التعليمية والتدريبية والقطاعين الحكومي والأهلي بهدف تقويم التجربة ثم تعميمها.
8 – التوسع في مشاركة القطاع الأهلي في افتتاح معاهد فنية .


المحور الثالث : دور القطاع الأهلي للاستثمار في التعليم الفني والتدريب المهني :

إن توافر العمالة الأجنبية والمدربة الرخيصة وسهولة استقدامها أحد الأسباب الرئيسة التي جعلت دور القطاع الأهلي في توظيف وتدريب السعوديين محدوداً للغاية ،  لذا أصبح وضع سياسة محددة لدعم القطاع الأهلي للإسهام في التدريب والتوظيف أمراً مهماً للغاية .
وعلى الرغم من أن هذا الموضوع طرح للبحث والمناقشة في كثير من المؤتمرات والندوات إلا أنه في السنـــوات الأخيرة أصبح أكثر إلحاحاً وأشد أهمية من السابق بل أكبر حاجة إلى مزيد من البحث والدراسة ، وبخاصـــة إذا أُدرك أن مخرجات التعليم الفني والتدريب المهني بالمملكة لا تغطي احتياجات السوق المحلية ، حتى ولو تمت مضاعفـــة طاقاتهـــا فستظل هـــذه المخرجات أقل بكثير من الحاجة في هذا القطــاع الواسع ، وإذا أُخذ في الاعتبار أيضاً أن إنشاء المعاهد والكليات والمراكز والتجهيزات المصاحبة أمر مكلف للغاية مما يعني محدودية عدد المشروعات الجديدة في السنوات العشر الماضية .
ومن جهة أخرى لايمكن إيجاد موازنة دقيقة بين مخرجات التعليم والتدريب واحتياج سوق العمل بل هو أمر أشبه بالمستحيل ذلك أن أعداد الخريجين من التعليم الفني – طبقاً لما تقوله خطة التنمية السادسة – غير قادرة على الوفاء باحتياجات القطاع الأهلي من المهن المختلفة ، فضلاً عن عدم اكتمال المهارات اللازمة لدى الخريجين ، فلا بد إذن أن يلي البرامج التعليمية مهما كانت متخصصة برامج التدريب على رأس العمل في مواقع العمل الفعلية حتى يتمكنوا من اكتمال المهارة اللازمة والكفاءة الإنتاجية .
وإذا أضفنا إلى ذلك دخول الاقتصاد السعودي بوجه عام مرحلة الاعتماد على القطاع الأهلي وذلك بناءً على التوجهات الاقتصادية لتخصيص كثير من المؤسسات التي  كان يديرها القطاع الحكومي وتحويلها إلى إدارة وملكية القطاع الأهلي مما سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الاحتياجات للقوى العاملة المدربة ، ولقدرة القطاع الأهلي على التوسع لاعتماده على الإنتاج وحاجته إلى عمالة تقنية مدربة في تزايد نظراً لدخول التقنيات الحديثة كالحاسب الآلي وأجهزة التحكم والقياسات في أعمال تلك القطاعات، وبناءً على هذا التزايد ستزداد الحاجة إلى توظيف وتدريب الخريجين السعوديين من المعاهد الفنية والكليات التقنية والمراكز المهنية.
يتلخص مما تقدم أن وضع سياسة محددة ورؤية مستقبلية لدور القطاع الأهلي في التدريب والتوظيف أصبح أمراً ملحاً ، وذلك من خلال ما يأتي :
1 – توسيع مشاركة القطاع الأهلي في التخطيط والتطوير النوعي للتعليم الفني والتدريب المهني .
2 – تفعيل الاستفادة من منشآت القطاع الأهلي لإعداد وتطوير القوى العاملة الفنية من خلال التدريب التعاوني أو التدريب على رأس العمل .
3 – وضع آلية لتوسيع مشاركة القطاع في تمويل برامج التعليم الفني والتدريب المهني سواء من خلال إنشاء صندوق للتنمية البشرية ، أو من خلال تشجيع الاستثمارات المباشرة التي تسهم في التوسع الكمي للتعليم الفني والتدريب المهني.



 




الخاتمـــــة:

لاشك أن الحديث عن التعليم الفني والتدريب المهني في المملكة ذو شجون ، وأن اختزان تاريخه ومسيرته في كتاب أمر من الصعوبة بمكان ، ولكن حسبنا في هذا البحث أنه اختزن خلاصة ولب هذه المسيرة ، حيث طرق الموضوعات ذات الصلة الوثيقة ، ووقف مع بعضها تحليلاً وتوثيقاً ، وصور تاريخ مائة عام مضت على مسيرة هذا النوع من التعليم والتدريب الذي ينفرد في المملكة بأهمية خاصة جندت له الحكومة إمكانيات ضخمة وهائلة ، وسعت إلى إقامة وحداته من المعاهد والمراكز ، وقد جاءت أهمية الإشارة البليغة التي تضمنها حوار خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز مع أساتذة وطلاب جامعة الملك عبد العزيز بجدة في يوم الثلاثاء 8/1/1404هـ/1984م حين قال :
" ... إن إقامة المعاهد الفنية من الأشياء التي نسعى إليها دائماً ، ونأمل أن تعمم هذه المعاهد في المدن والقرى حتى يستطيع المواطن أن يلجأ إليها ويتخرج منها ويجد نفسه في وضع مفيد وبناء ، وسنعمل لتحقيق ذلك إن شاء الله " .
ولم تألُ الدولة جهداً في طرق كافة أبواب ومسالك التنمية مما حير النقاد والباحثين في أمور التنمية، في تفسير ظاهرة النمو المطرد والسريع الذي تحققه المملكة في ميادين التنمية الشاملة ، غير أن الحقيقة التي ينبغي ألا تغيب عن بال النقاد والباحثين ، هي أن أسباب نجاح التنمية في هذه البلاد يعود – بعد توفيق الله – إلى الأسس الرئيسة الآتية :
1– تمسك المجتمع السعودي بعقيدته السمحاء ، المستمدة من القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة .
2– الاستقرار السياسي ، وما يتولد عنه من استقرار أمني ، يوفر بيئة صالحة للاستثمار والتنمية ، في مجالاتها المختلفة .
3– المحافظة على جوهر تراث وعادات وتقاليد وأعراف المجتمع السعودي ، والتي ورثها الأبناء عن الآباء ، مع التوفيق بينها وبين مستجدات التنمية العصرية بأسلوب يتسم بالحكمة وبعد النظر .
4– الاهتمام البالغ ببناء الإنسان السعودي وتنمية قدراته ومهاراته .
على هذا النحو يأتي التأكيد على أهمية التعليم الفني والتدريب المهني باعتبارهما حجر الزاوية في إعداد الكوادر الفنية الوطنية من الأيدي العاملة المدربة والمؤهلة لإدارة دفة الاقتصاد الوطني نحو التقدم الصناعي وفق الخطط العلمية المدروسة ، وبالقدر نفسه من التأكيد تبرز ضرورة وجود التفاعل الإيجابي والعميق بين برامج التعليم الفني والتدريب المهني وبين الإنسان المستهدف  بعمليات التنمية ، ولعله من بين الوسائل البسيطة لتحقيق مثل هذا التفاعل توفير أكبر قدر من المعلومات عن تلك البرامج، وشرح مضامينها ، وتعميق الاتجاهات الإيجابية نحوها ، بما يتناسب وحاجة سوق العمل المحلي .
وقد عرض البحث لشيء من ذلك ، كما عرض لمراحل نشأة التعليم الفني والتدريب المهني وآراء الباحثين في ذلك ، وصور كل مرحلة بخريطة زمنية تفصيلية وضحت أهم وأبرز ما استجد في كل مرحلة .
وبرزت أهمية هذا النوع من التعليم والتدريب في هذه البلاد إضافة إلى ما ذكر من حيث إن المملكة تعاني نقصاً واضحاً في فئات الفنيين والمهنيين في قطاعات النشاط الاقتصادي المختلفة ، الأمر الذي حداها إلى الاستعانة موقتاً بأعداد كبيرة من العمالة الوافدة والتي مهما قيل في شأنها فإنها تظل قاصرة عن تحقيق التفاعل المنشود مع المجتمع، ولذلك فإن الواجب الوطني يحتم على كل مواطن أن ينظر نظرة جديدة إلى التعليم الفني والتدريب المهني باعتبارهما سبيلين للتقدم المأمول .
وجاء المحور الثاني للبحث مؤكداً ذلك الاهتمام وباسطاً الحديث عن المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني مبتدئاً بخلفية نشأتها وأدوارها والوضع الراهن لبرامجها ومناهجها ونقلتها التطويرية التي تسير عليها وفق خطط التنمية وبخاصة الخطة السادسة لتلاحق في سعيها الحثيث ركب هذه الثورة التقنية .


واختص المحور الثالث بدور القطاع الأهلي في توسيع مشاركته ، وتفعيل الاستفادة منه ، واستثماره للتعليم الفني والتدريب المهني ، وأن ذلك إحدى القضايا المهمة التي تشكل اهتمام المسؤولين في المؤسسات التعليمية والتدريبية ودوائر التخطيط .
وختاماً أرجو أن يكون هذا البحث قد أسهم في إثراء مكتبة التعليم الفني والمهني والتقني ، سائلاً الله تعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم ، وأن يعيننا على ما يخدم أمتنا ووطننا إنه سميع مجيب .


المـلاحـــــق












 

 

الهـوامـش





1) محمد بن  شحات الخطيب  ، الأصول العامة للتعليم الفني والمهني ، دراسة في استراتيجيات التعليم الفني والمهني ومشكلاته، ص 139 ، مكتب التربية العربي لدول الخليج ، 1415هـ.
2) انظر : التعليم في مكة والمدينة آخر العهد العثماني ، دار العلوم ، ط 3 ، جدة ، ص 30 .
3) محمد محمد رفيع  ، مكة في القرن الرابع عشر الهجري ، ص 148 وما بعدها ، منشورات نادي مكة الثقافي ، ط1 ، عام 1401هـ ،.
4) لعبد اللطيف بن دهيش  ، التعليم الحكومي المنظم في عهد الملك عبد العزيز ، نشأته وتطوره ، مكة المكرمة ، ط1 ، عام 1407هـ ، ص 25 ، وما بعدها .
5) بطرس البستاني : محيط المحيط 2/1211 .
6) المصدر السابق .
7) على الغفيص و هلال العسكر  ، التعليم الفني والتدريب المهني والتنمية في المملكة العربية السعودية .
8) المرجع السابق .
9) التدريب المهني . وزارة العمل والشؤون الاجتماعية : وكالة الوزارة لشؤون العمل  تقرير عن إنجازات إدارة التدريب المهني لعام 1399هـ/ 1979م ، الرياض . 1399هـ .
10) محمد بن سليمان الضلعان  ، التدريب المهني برعاية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، الرياض ، 1395هـ/1975م .
11) مراكز التدريب المهني ، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية : وكالة الوزارة لشؤون العمل ، إدارة علاقات العمل ، 1393هـ / 1973م ، ص 12 .
12) التدريب المهني ، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، ص 11 .
13) انظر قرار مجلس الوزراء رقم 1697في 2/11/1396هـ .




المـراجـع

§        إنتاجية مجتمع ، د. محمود محمد سفر ، ط1 ، عام 1404هـ .
§ الأصـــول العامة للتعليم الفني والمهني ، دراسة في استراتيجيات التعليم الفني والمهني ومشكلاته ، محمد بن شحات الخطيب ، مكتب التربية العربي لدول الخليج  1415هـ .
§        الأهداف العامة والأسس الاستراتيجية لخطة التنمية السادسة 1415هـ – 1420هـ
§ التدريب المهني ، وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ، وكالة الوزارة لشؤون العمل –  تقرير عن إنجازات إدارة التدريب المهني لعام 1399هـ/ 1979م ، الرياض . 1399هـ .
§        التدريب المهني برعاية وزارة العمل والشؤون الاجتماعية ،محمد سليمان الضلعان ، الرياض ، 1395هـ .
§        التعليم التعاوني المفاهيم والتطبيقات ، ط 2 ، ربيع الأول 1416هـ .
§        التعليم الحكومي المنظم في عهد الملك عبد العزيز ، نشأته وتطوره عبد اللطيف بن دهيش. مكة المكرمة ، ط1 ، عام 1407هـ  .
§        التعليم الفني والتدريب المهني والتنمية في المملكة العربية السعودية ، على الغفيص و هلال العسكر .
§ التعليم المهني والتقني والتدريب . سياسات البنك الدولي ، جون مدلتون وآخرين ترجمة  محمد شحات الخطيب  وعابد بن محمد شريف ، 1416هـ
§        التعليم في مكة والمدينة آخر العهد العثماني ، دار العلوم ، ط 3 ، جدة  .
§        حاضر ومستقبل التعليم الفني والتدريب المهني ، محمد بن سليمان الضلعان ، ورقة عمل 1418هـ .
§        خطة التنمية الأولى ( 1390 –1395 هـ )، وزارة التخطيط ، الرياض .
§        خطة التنمية الثانية ( 1396 – 1400 هـ )، وزارة التخطيط ، الرياض .
§        خطة التنمية الثالثة (1400–  1405هـ) وزارة التخطيط ، الرياض .
§        خطة التنمية الرابعة  ( 1405 – 1410 هـ ) ، وزارة التخطيط ، الرياض .
§        خطة التنمية الخامسة (1410 – 1415 هـ ) ، وزارة التخطيط ، الرياض .
§        خطة التنمية السادسة ( 1415 – 1420 هـ )، وزارة التخطيط ، الرياض .
§ دور المؤسسة العامة للتعليم الفني والتدريب المهني في سد الفجوة التقنية من الكوادر الفنية الوطنية ، ورقة عمل ، علي بن ناصر الغفيص ، 1414هـ .
§        سلسلة فصول في تاريخ التعليم في المملكة ، التعليم الفني ، عرض وثائقي إحصائي ، التطوير التربوي بوزارة المعارف ،1407هـ .
§        محيط المحيط ، بطرس البستاني، مكتبة لبنان ، بيروت .
§        مكة في القرن الرابع عشر الهجري ، محمد محمد رفيع ، منشورات نادي مكة الثقافي ، ط1 ، عام 1401هـ  .
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..