الاثنين، 29 أكتوبر 2012

نظرية المؤامرة .. حقائق أم أوهام؟

ينقسم المثقفون في بلادنا تجاه نظرية المؤامرة إلى فريقين ، فريق يرفضها جملة وتفصيلا ،
بل ويتهم المؤمنون بها بأنهم اسري لأفكار ظلامية طغت على عقولهم بسبب التخلف عن ركب الحضارة الإنسانية والاكتفاء بالعيش على هامش الحضارة ، ويعتبرون كل من يعتقد بنظرية المؤامرة ناقم على التطور الحديث والتكنولوجيا الجديدة بسبب أوهام الماضي !!
الفريق الثاني يقف على النقيض من هذا الرأي فيحاول جاهدا ان يظهر ما لديه من معطيات حضارية وحقائق تاريخية تؤكد صدق كلامه وتدلل على صحة نظرية المؤامرة ، بل ويعزي إليها كل أسباب التخلف الحضاري التي تعيشها دول منطقتنا الإسلامية على وجه التحديد .
والحقيقة لن أكون محايدا لأقف في منطقة وسط بين الفريقين ليقيني الكامل ان نظرية المؤامرة ليست من نسيج الخيال ولا من رجم الغيب انما هي حقائق ووقائع تاريخية واعترافات سجلتها الوثائق التاريخية لأشخاص كانوا في قلب الحدث او من خطابات موثقة لكثير ممن صنع الحدث .
ومن المعلوم تاريخيا ان منطقة الشرق الأوسط والتي كانت تعرف لقرون طويلة بمنطقة (الشرق الإسلامي وتم تبديلها لهذا الاسم كجزء من المؤامرة الكبرى) تعرضت لأكبر عمليات التآمر عبر التاريخ لأسباب عديدة أهمها الموقع الاستراتيجي كمنطقة وسط لملتقى حضارات الدنيا ، وكبقعة عرفت منذ الأزل بثرواتها الطبيعية واخر هذه الثروات الثروة النفطية التي كانت وستظل لمائة عام مقبلة هي عصب الحضارة الإنسانية ، فضلا عن كونها المنطقة المعنية برسالات السماء ومهبط الوحي والتي ستشهد الكثير من الفتن والملاحم في آخر الزمان وفق معتقدات تلمودية وتوراتية محرفة او إسلامية ثبتت بخبر التواتر وسجلها القرآن الكريم وسجلتها كتب السنة الحديثة المجمع عليها .
ولعل ابرز ما كشف جوانب التآمر على منطقة الشرق الإسلامي تلك الاتفاقية المشئومة التي تعرف باتفاقية سايكس بيكو والتي تم التوصل اليها بعد مفاوضات سرية استمرت اكثر من عام مابين 1915 – 1916 بين الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو ، والبريطاني مارك سايكس، وكانت على صورة تبادل وثائق تفاهم بين وزارات خارجية فرنسا وبريطانيا وروسيا القيصرية آنذاك.
 وقد تم الكشف عن الإتفاق بوصول الشيوعيين إلى سدة الحكم في روسيا عام 1917م مما احدث نوعا من ردود الفعل العربية الغاضبة ، وتم بناء على هذه الاتفاقية تقسيم الهلال الخصيب وحصلت فرنسا على الجزء الأكبر من الجناح الغربي من الهلال( سوريا و لبنان وجزء كبير من جنوب الأناضول ومنطقة الموصل في العراق) أما بريطانيا فامتدت مناطق سيطرتها من طرف بلاد الشام الجنوبي متوسعا بالاتجاه شرقا لتضم بغداد والبصرة وجميع المناطق الواقعة بين الخليج العربي والمنطقة الفرنسية في سوريا .
 كما تقرر أن تقع المنطقة التي اقتطعت فيما بعد من جنوب سوريا وهي (فلسطين) تحت إدارة دولية وتم الاتفاق عليها بالتشاور بين بريطانيا وفرنسا وروسيا لتكون تحت الانتداب البريطاني التي سلمتها لليهود بعد وعد بلفور في عام 1917م بنص الرسالة التي أرسلها آرثر جيمس بلفور إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد والتي يشير فيها إلى تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين .
تبع ذلك الدعم الكامل لمصطفى كمال أتاتورك في تركيا للتخلص من العقبة الكبرى أمام المتآمرين الدوليين وهي الخلافة الإسلامية وتم إسقاطها وإعلان وفاتها رسميا في عام 1924 م ، بعد سلسلة من المؤامرات مع بعض القادة في المنطقة آنذاك من الذين غرر بهم ولم يفطنوا للعبة الدولية والمؤامرة الكبرى الا بعد فوات الاوان .تعددت بعد ذلك المؤامرات والتكالب على الكعكة العربية من قبل القوى الباغية بعد الحرب العالمية الثانية التي بدأت في 7 يوليو 1937 في آسيا وفي 1 سبتمبر 1939 في أوروبا وانتهت في عام 1945م ، تبعها العدوان الثلاثي على مصر في عام 1956 م ثم الحرب الصهيونية على مصر وسوريا والأردن 1967 م ،وضاعت فيها فلسطين .
 ثم جاءت قاسمة الظهر للدول العربية والإسلامية في غزو العراق الغاشم للكويت ، ورغم اختلاف اللاعبين على مقدار وقيمة الحصة من الكيكة واختلافهم في كل شئ الا أنهم اتفقوا على شئ واحد وهو ان لا تقوم للإسلام قائمة في اي بلد ولا في اي مكان ، بعدما استطاع اللاعب الأميركي بدعم صهيوني ان يستحوذ على كل خيوط المؤامرة ليكون هو اللاعب الأوحد على مسرح الشرق الإسلامي .
واكبر دليل على نظرية المؤامرة وبنظرة سريعة على مناطق الصراع العالمي والبؤر الساخنة ستجدها كلها إسلامية وهي : العراق – أفغانستان – باكستان - الصومال – السودان ، ومناطق الاضطرابات كذلك إسلامية كما في اليمن - موريتانيا – الجزائر – المغرب وغيرها ، واي صراع او اضطرابات في اي بقعة من العالم لايستمر لأكثر من أسابيع وسرعان ما توضع له الحلول وفض الاشتباك كما في جورجيا وجزر اتشيه في اندونيسيا والنزاع الروسي وغيرها ، اما بلاد المسلمين او منطقة الشرق الإسلامي فيخطط لها ان تستمر في نزاعات طويلة الأمد ومعقدة الحلول !!
 فهل فعلا نظرية المؤامرة حقيقة ام أوهام ؟
  

*مهدي عبدالستار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..