تابعت
خلال الأسابيع الماضية ما دار من جدل بين عبدالله حميد الدين ومجموعة من
الكتاب والدعاة، بين مؤيد ومعارض لإفكاره وأطروحاته في المجموعة البريدية.
ثم بعدها تابعت قصة نادي القصيم الأدبي وما كان ينوي من مناقشة لشخصية عبدالله القصيمي وتخليدا لذكراه.
ومادار حوله أيضا من جدل!
فثبت لي أمرين..
الأول: إنا من أكثر شعوب الأرض جدلا وأقلهم أيجادا للحلول.
الثاني: إن هناك أمر يحاك ويدبر بليل ويستهدف شريحة الشباب في بلادي.
فمن دهاليز مقهى حميد الدين، إلى أضواء نادي القصيم الأدبي، وذلك لنشر فكر ما وتمجيد رموزه.
تشكيك،
وتغريب، وغسل أدمغة، وأسئلة تطرح، وأفكار تزرع، وتفريغ للعقول مما تربت
عليه من ثوابت وقيم، ليسهل زرع أي فكر بديل في في تلك العقول.
فلقد زُرع في عقول الشباب جسم غريب، و ورم خبيث، إن لم نتداركهم ونداويهم بإستئصاله من جذوره، أستعصى وصعب علينا بعد ذلك علاجه.
الا
وهو الأسئلة التشكيكة، والتساؤلات الوجودية "الإلحاد"والذي أصبح له أشياخ
ودعاة، أسسوا لهم المقاهي والدواوين، و أصبح لهم أتباع ومريدين، فمن ياترى
الداعم..؟
ومن المسؤول عن إنحراف الشباب، ولجوئهم لمثل هذه المقاهي، وتصديقهم لأولئك المنحرفين؟
وعلى من تقع مسؤولية تصحيح الفكر وترسيخ التوحيد؟
البيت-المدرسة-المسجد-وسائل الإعلام بمفكريها ومثقفيها.
كل
هولاء يشكلون سلسلة مهمة في تربية الإجيال وتكوين أفكارهم، فإن فرطت إحدى
حلقات هذه السلسلة أحدثت خللا، فيجب ترابطها لكي نستطيع إن نصل بشبابنا إلى
بر الأمان.
أولا:
على الوالدين دورا رئيسيا في تكوين معتقدا صحيحا لدى أبنائهم، فما كان
يقنعني ويقنعك أيها الأب-أيتها الأم-بالأمس، لم يعد يقنع أبنائنا اليوم،
فقد تغير الزمن والوسائل والفكر، فيجب مراعاة ذلك جيدا في طريقة التربية
ووسائلها.
ثانيا:
المعلم يجب أن يهتم بتنمية الفكر الصحيح لدى الطلاب فلا يرمي عليهم المنهج
المقرر بالتلقين دون شرح أو توضيح، وعليه إثبات ما يقدمه لطلابه بالأدلة
الشرعية و البراهين التي تحاكي عقولهم وتقوي يقينهم وترسخ إيمانهم.
ثالثا:
تلعب وسائل الإعلام دورا رئيسيا في تكوين الإتجاهات والأفكار لدى الشباب،
فهي تؤثر بما تقدمه من برامج وأفلام وأخبار، عن الأشخاص والأحداث،
والأديان.
وما
تقوم به من تشكيك في بعض الأمور العقدية الثابته، والاستهانة بالأحكام
الفقهية الراسخة، أو تزييف وتحريف النصوص الشرعية بما يوافق هوى وميول لدى
بعض الشباب.
كما يقوم أصحاب الأهواء ومرضى القلوب، بتلميع وتمجيد بعض رموز هذا الفكر وطرح التساؤلات المريبة.
لماذا أنحرف البعض من شيوخ يدافعون عن الدين والمتدينين،إلى معادين له، وملحدين ومشككين؟
منهو خالقك وكيف تعرفه؟
وكيف تثبت أن القران والسنة، صحيحة وليست من تأليف بشر؟
وغيرها من الأسئلة اللتي تربك عقول الشباب وتسمم أفكارهم.
وبذلك
يجعلونهم في دوامة، فإن نجوا من الوقوع في الإلحاد، فقد شغلوهم عن هموم
أمتهم وبناء مستقبلهم، ومستقبل أوطانهم، بهذه الأفكار وتلك التساؤلات.
رابعا:يجب
تفعيل دور المسجد لمحاربة الفكر المنحرف، فيجب على الائمة و الخطباء ترك
الإهتمام بالمسائل الشكلية والتعامل بالخطاب الانفعالي، وإعطاء المواعظ
بشكل سردي ممل.
بل يجب التركيز على الجانب العلمي العقلي، الذي يخاطب عقول هولاء الشباب ويجيب على تساؤلاتهم.
فكثيرٌ ممن ألحدوا كان إلحادهم بسبب تساؤلات أربكت عقولهم، وشتت أفكارهم، فبحثوا عن إجابات لها ولم يجدوا من يجيبهم.
ومما
يزيد أصرارهم على التمسك بأفكارهم وتساؤلتهم والدفاع عنها بإستماته، أن
تقابل مثل هذه الأفكار والتساؤلات، بالتخويف والتعنيف، والكبت والقمع، وعدم
الترحيب بالاختلاف في الرأي، ومنع الحوار.
فمن الضروري أن يهتم المفكرون والمربون والدعاة بحوار الشباب المتسائل، وأن يرحبوا بكل أسئلته أيًّا كانت.
فما المانع أن يكون لهم مقاهي حوارية على غرار "جسور"لجذب الشباب والحوار معهم، فيعطون ويأخذون، يتحدثون ويستمعون، يسألون ويتسألون، ويجارون هولاء الشباب في إسئلتهم حتى يتوصلون سويا إلى كلمة سواء.
لا أن يتكلمون من أبراج عاجية، وبطريقة أستعلائة، يقدمون مواعظ دعوية، يخوفون ويرهبون، ويتوعدون بالويل والثبور،
ثم يسردون الإجوبة التي يعتقدونها مقنعة سردا، بتحقير وتفسيق.
فهذه
الطريقة لم تعد مجدية مع هؤلاء الشباب، بل يجب تأليف قلوبهم وأحتوائهم،
ومخاطبتهم ندا لند، فلم يعودوا أولئك الشباب البسطاء الذين يسهل أقناعهم
والسيطرة عليهم، بالمواعظ والوسائل التقليدية.
فإذا
لم ينبري العلماء والدعاة والحكماء، وأصحاب الرأي والفطرة السليمة،إلى
إبداء الرأي، وتصحيح الأفكار، بالأدلة والبراهين الشرعية والعقليه، لبقيت
الساحة خالية أمام حميد الدين وأمثاله.
ولتركنا
المجال مفتوحا لكل زاعق وناعق متربص بهذا الدين وهذا البلد، لزرع الأفكار
الغريبة، وزعزعة المعتقدات والثوابت الراسخة، ونشر الفرقة والحزبية،
والمنادة بالحرية الدينية والعقدية، في وطن الإسلام ومنبع العقيدة السوية.
فقد
علم مثل هولاء "من أين تؤكل الكتف" وفهموا تفكير شبابنا، وعرفوا ضالتهم،
فأخذوا يخاطبون عقولهم لا عواطفهم، ونجحوا في جذبهم والتأثير عليهم.
فهلا..
تركنا الجدل العقيم، الذي لا ينتج عنه إلا الفتنة والفرقة، وأتحد العالم
المتمكن الحكيم، والداعية اللطيف الحليم، والمثقف الأريب البليغ، والإعلامي
المخلص الغيور، لإنقاذ هولاء الشباب الذين هم الثروة الحقيقة، والأمل
لنهضة الأمة المحمدية، من السراديب المظلمة، والفخاخ الشائكة، اللتي نصبت
لهم من قبل أولئك المتربصين.
أم إننا سنبقى في جدل، حتى يضيع البلد والولد!!؟؟
بقلم:ساره العمري
كاتبة وتربوية سعودية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..