الجمعة، 12 أكتوبر 2012

الإقصاء ليس عيباً!

نعم الإقصاء ليس عيبا، وليس بخطيئة، يُجرّم كل من يمارسها أو يساندها، والجميع يمارس الإقصاء بشكل أو
بآخر، ومن العجائب أن هذه التهمة أصبحت معلبة جاهزة، ترمي به سياط الألسن على ظهور المخالفين.

وقد أحاط الإعلام المعاصر كلمة (الإقصاء) بسور من الشناعة والبشاعة، يشعر السامع -من كثرة ما ضخ الإعلام- أن الإقصاء عديل الشرك، أو هو نظيره في السوء.

وما ذلك إلا لأن اللبرالية بقوتها المتغطرسة زعمت أن الإقصاء قبيح، ويدل على معاداة الآخر، وعدم الالتزام بقواعد اللبرالية التي تزعم أنه فتحت المجال للجميع ، ليقول كل من شاء ما شاء!

ولكن هل هذا حقا؟ وهل الإقصاء بالفعل قبيح؟!

دعونا نتنزّل مع الفكر اللبرالي، ونقول معه إن الإقصاء قبيح... ولنبدأ بسؤال اللبراليين في الخارج والداخل، هل أنتم حقا ملتزمون بقيمكم هذه، ولا تمارسون الإقصاء مع الآخر؟

في الحقيقة أن اللبراليين من أكثر الناس إقصاءً للآخر، والواقع يشهد بذلك، ولا يجهل هذا الأمر إلا من لُبّس عليه، وصدق الخرافة التي تزعم أن اللبرالية ضد الإقصاء.

وفي زمننا المعاصر ضاقت اللبرالية كثيرا بالخطابات التي كان يُلقيها زعيم القاعدة-رحمه الله-، وحاولت  بشتى السبل منع قناة الجزيرة الإخبارية من أن تبث هذه المقاطع للقاعدة، ونجحت الإدارة الأمريكية في ذلك بالفعل.

أفلا يعدّ هذا إقصاءً للآخر، وإسكاتا لصوته؟!

وإن قال اللبرالي إن بن لادن داعية إرهاب وقتل، فممكن أن نقول له إن بوش أيضا كان داعية إرهاب وقتل، وإن كان بن لادن نُسب إليه أنه قتل 4 آلاف من الأمريكان، فإن بوش قد قتل مليونين في العراق وأفغانستان، فأيهم أشد إرهابا، وأكثر إجراما؟!

ولماذا كانت قنواتنا تبرز خطابات بوش وما يلقيه، وتقصي خطابات بن لادن وما يلقيه؟!

وهل يستطيع باحث أن يتكلم عن المحرقة اليهودية ويشكك في نسب قتلاها من منطلق بحث علمي؟ لن يستطيع بالطبع، وستقوم –أمكم- أمريكا بإقصاء صوته، بل وبمقاضاته!

إنها ممارسة للإقصاء في أوضح صورها، وليس للبراليين إلا أن يقولوا كما قلت إن الإقصاء ليس عيباً، ويجب أن نقصي خطابات تنظيم القاعدة وغيره.

وفي صحافتنا السعودية، تظهر صورة الإقصاء في أشنع صورها، فهم لا يسمحون بالصوت المخالف، ويمارسون عليه عملية إقصاء رهيبة إلا إن كان يتبع سنتهم، أو يستفيدوا منه في مآربهم.

والعجيب أنهم يشنعون على الإقصاء والإقصائيين، مع إنهم يمارسون ذلك في أبشع صوره!

والدعاة الذين يُمارِس عليهم الإعلام الإقصاء، هم من خيرة الناس، ومحبيهم بالملايين، وكشف الإعلام الحديث حجم تأثيرهم، والحجم الحقيقي للبراليين .

ثم دعوني أصرخ لأقول: نعم أيها اللبراليون:

نحن – الإسلاميين- إقصائيون حد النخاع، ونكره أهل الأفكار المنحرفة، ونعاديهم، ونسعى لكتم أنفاسهم أيضاً، وسأزيدكم: أنّا نفتخر بذلك، ونرى أنه واجب شرعي أن يمنع كل متطاول على الشرع، كل بحسب استطاعته، مقتدين في ذلك بسنة عمر بن الخطاب في ضرب أخيكم صبيغ.

ونعترف بممارسة الإقصاء لأننا نرى أنه من واجبنا حماية عقول النشء، وتحصينها من شبهات كل منحرف.
والفرق بيننا وبينكم، أنكم أقصائيون حد السخافة، ولا تعترفون بذلك، وتفتحون المجال لكل مريض عقل ليبث أفكاره، بدعوى عدم الوصاية والإقصاء.. وتقصون الأخيار من منصاتكم؟!

وهاكم هذا السؤال:
هل يستطيع الإعلام اللبرالي أن يفسح المجال لمعارض سعودي لبرالي كالأستاذ عبد العزيز الخميس، ليكتب مقالا ينتقد فيه الدولة؟
بالطبع لا يستطيع، وسيمارس ضده الإقصاء، ويرد عليه أن وطننا بخير، والعائلة المالكة وحدت البلد، ولها حسنات كثيرة... وهذا صحيح، ولكنكم بذلك ستعترفون أن الإقصاء ليس عيباً ولا جريمة.

الإقصاء لن يكون عيبا إلا أن مارسته على الصوت الذي لا يستحق أن يُقصى، ولا تستطيع اللبرالية المشوّهة أن تُجيبنا على سؤال من هو الذي يستحق الإقصاء ومن هو الذي لا يستحقه؟

ولذ أن لم تكن لديكم قواعد في فكركم اللبرالي الغامض، تعينكم على معرفة من هو الذي يستحق الإقصاء، فلنرجع جميعا إلى نصوص الشرع، فهي الحاكمة، فكل من خالفها يُقصى، وكل من أيدها يبقى؟ فهل توافقون على هذه الخطة الواضحة البينة؟ وتدعون الألفاظ المجملة التي تحرجكم قبل أن تحرج مخالفيكم؟

لا إخالكم ستوافقون.. أفرأيت من اتبع إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا؟!

إلى اللقاء.

كتبه/ عبد الله الحسني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..