الاثنين، 1 أكتوبر 2012

أحــزان "تالا"

مأساة "تالا"
وأسرتها ..
هي مأساة "عبدالرحمن قنديل"
وابنته "فرح" وأسرته ..
بل هي مأساتنا كلنا ..
لم تكن الأولى ..

بل على مدى سنوات متتاليات ..
هناك حالات مشابهة
كثيرٌ منها أفضت إلى القتل ...
وكثير إلى ما يرقى إليه ..
حزناً وآلاماً وأعباءً ..
والمسلسل طويل .. طويل ..
من التأشيرات والامتناع عن
إيفاد معاونات المنازل ..
إلى التعهدات ..
إلى التقاليد والعادات ..
ويبقى التنظيم والتحليل واستخلاص العبر
خارج الدائرة ..
أو نبقى نحن خارج الدائرة ..
وإلى مأساة أخرى .. لا نعلم مكانها
ولا قوتها .. وتوابعها ..
نظل نتجرع مرارة انتظار استقدام
وهروب .. وخروج ..
وانتقام ..
وعزاء ..
وأحياناً .. لا عزاء ..


"تالا" وتشتعل الأحزان يا "تالا"
حتى نرى روضة الأفراح أطلالا

حتى نرى المهد نعشاً هبّ منتفضاً
والدمع سال دماً .. والقتل منهالا

وقلب أمٍ تشظّى وهي شاخصةٌ
ترى الصغيرة .. والساطور قد مالا

يجتث زهرة عمرٍ في تألقها
ويترك البرعم الريان أوصالا

ووالداً .. لا يرى الدنيا، وقد حشدت
في ناظريه .. من الأهوال .. أهوالا

يلقى من الخطب ما يلقاه محتسباً
ويحتسي الكرب في الوجدان صيّالا

وما رأت عينه "القنديل" أو "فرحاً"
في لحظة أذهبت لبّاً وآجالا





كنا نرى لجلال الموت .. آيته
فينا .. فأزهق رعب الغدر إجلالا

وراح يسكننا من وحشةٍ قلقٌ
مذ نال من صفونا المغشوش ما نالا

ندري بأن نصال الغدر ظامئة
وأن ذا الغدر لا يلقي لها بالا

تنسل تفتك بالمغدور في عبثِ
                مرٍّ، وترسل فوق الأرض زلزالا

لكننا لم نكن ندري بأن يداً
                         تمتد غادرةً تغتال أطفالا


ولم نكن نحسب الإنسان منتقماً
                  بالقتل، بئس ضمير الشرّ قتّالا

وأن خادمةً تأتي تشاطرنا
       عمراً، وتنجز ــ إذ نحتاج ــ أعمالا

وتحمل العبء عنا أو تعاوننا
                  حتى نعدّ من الأشبال أجيالا


تختار في لحظةٍ كالإثم طاغيةٍ
           خيار "شمشون" .. في صمتٍ لتغتالا

ويستجيب لها الشيطان منتشياً
           فيشعل الغضب المكبوت إشعالا

من الملومُ؟ وهل في اللوم غير صدى
          خاوٍ ؟ ليصمت بعد اللوم .. من قالا

أين البدائل ؟ إن شئنا منافعها
           وقد شربنا كؤوساً تسكب الآلا

أين الحلول ؟ ولو شئنا لما حبست
            عقولنا بعض ما عشناه أغلالا

تحرروا واتركوا الأوهام وانخلعوا
عن بعض ما ذاقكم .. عجزاً وإذلالا

وأقبلوا .. عالجوا أوضاعكم وخذوا
       من غرة العزم .. عزماً يقلب الحالا

تخففوا من كثيرٍ راح يثقلكم
       حتى غدا العيش لو تدرون أثقالا

واستثمروا المال مما تنعمون به
في النشء كي تحفظوا نشئاً وأموالا

وشيّدوا حاضناتٍ في مدارسكم
واجنوا من الأمن للأطفال آمالا

وليس يعجزكم أن تحفظوا كبداً
حرّى من الخوف تحيا  الخوف أشكالا

وليس يقعدكم إلا تخلّفكم
عن موقفٍ يجعل الساعين أبطالا

فما زرعتم من المعروف فهو لكم
مهما تعاظم شأن الخطب أو طالا

واستلهموا الحب من نعمى تعاونكم
وشاطروا العيش أعماماً وأخوالا

حتى تروا طعم دنياكم متى انتعشت
بالحب .. يثمر أقوالاً وأفعالا





"تالا" وهذا صباح الحزن قد غرقت
فيه النفوس .. وهذا الغدر قد صالا

لستِ الأخيرةَ ما دامت مواجعنا
تستلطف الغدر أو ترضاه محتالا

وكم دفنّا من الفلذات في جَدَثٍ
ما راح يضرب بين الناس أمثالا

وما كففنا، وقد أمست ضمائرنا
نهبَ الضياع .. فما زلنا .. وما زالا

نامي .. ويبقى لنا طيفٌ يرافقنا
في رحلةٍ تشعل الأحزان يا "تالا"

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
د. سعد عطية الغامدي

  جدة في : 13/11/1433هـ
الموافـق: 29/09/2012م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..