صدر الأمر الملكي بإطلاق سراح الشيخ المحتسب
الدكتور: يوسف الأحمد ثبته الله تعالى، وأقر عيون أهله
ومحبيه به، وفرج عن
المسجونين من المؤمنين كافة، إنه سميع مجيب..
وما إن نشر الخبر، وتأكد الناس من صحته إلا وآلاف
الرسائل تتداول في وسائل الاتصال الالكترونية والهواتف الذكية مبشرة ومهنئة وفرحة
بهذا الخبر، ولست من متابعي تويتر، وليس عندي فيه حساب، لكن بعض المشايخ المحبين
سخر مني لما أرسلت إليه الخبر عبر برنامج (الواتس اب) قائلا: (الله يبشرك بالخير
لكن التويتر بينفجر الآن من الخبر، عشان ما عندك تويتر تحسب أنك سبق).
وبعد سخريته بي دخلت تويتر متفرجا وكتبت في خانة
البحث (يوسف الأحمد) لأفاجأ بكم هائل يتدفق من التغريدات كأنها سيل هادر، فحسبتها
وإذا هي بمعدل عشرين إلى ثلاثين تغريدة كل دقيقة، وهذا يدل على تفاعل كبير جدا من
المجتمع السعودي لما سمع بقرار الإفراج عن الشيخ المحتسب، عدا رسائل الهواتف
الذكية والنصية والبريد الالكتروني وغيرها، مما دفعني لتسطير هذه الخواطر على
عجالة:
الخاطرة الأولى: المحبة العظيمة التي
حفرها الشيخ المحتسب يوسف الأحمد في قلوب الناس، وهو لم يشترها بمال، ولم ينلها
بجاه، ولم يتملق في الحصول عليها.. بل خصومه في الساحة الفكرية وبعض المؤسسات
الدينية الرسمية أكثر منه مالا، وأعز جاها، وأقوى نفوذا، وأقدر على شراء ذمم الناس
بالمال والمنافع الدنيوية. ولكن هيهات أن تشترى القلوب، فلا يملك القلوب إلا علام
الغيوب.
وعادة المحتسب أنه يسير على خلاف أهواء الناس
مما يعرضه لسخطهم؛ لأن الحيلولة دون الرغبات، والتدخل فيما يسمونه خصوصيات ولو من
باب الاحتساب مزعج جدا.. حينها تذكرت قول النبي صلى الله عليه وسلم (من التمس رضا
الله بسخط الناس رضي الله عنه وأرضى عنه الناس ومن التمس رضا الناس بسخط الله سخط
الله عليه وأسخط عليه الناس) ووالله إني لأجد هذا الحديث ينطبق على الشيخ المحتسب،
أحسبه كذلك والله حسيبه، ثبتنا الله تعالى وإياه على الحق إلى الممات.
الخاطرة
الثانية:
أن
هذا الفرح الشعبي العارم بقرار إطلاق سراح الشيخ المحتسب يثبت أن الإعلام المضلل
يحتل خانة الصفر في وجدان الشعب السعودي، رغم الميزانيات الضخمة التي تنفق عليه
للقيام بمهام التزوير والتضليل؛ فكتائب المارينز الصحفية والفضائية التي جندت كل
قواها لتشويه صورة الشيخ المحتسب وإسقاطه ابتداء بقصة الدعوة إلى هدم الكعبة
وانتهاء بالعناوين العريضة وقت اعتقال الشيخ بأنه داعم للإرهابيين..
هذه الحملات الضخمة المنظمة تبخرت عند أول
اختبار حقيقي لها، وظهر أن هذا الإعلام المزور لا ينتمي للأمة ولا للمجتمع
السعودي، ويعيش خارج إطار الزمان والمكان.
وأثبت جمهور الأمة أنهم يميزون الصادق من
الكاذب، ويعلمون الناصح والخائن، وكان تعبيرهم عن فرحهم بقرار الإفراج عن الشيخ
المحتسب متنوعا، فمنهم من وزع الهدايا، ومنهم من عزم جيرانه ومعارفه على العشاء،
ومنهم من وضع أرقام بطاقات هواتف مسبوقة الدفع في تويتر، ومنهم نساء نظمن حفلات
سريعة كتب على أطباقها اسم الشيخ ونزلن صورها في تويتر، ومنهم من دعا إلى مليونية
اشتراك في حساب الشيخ في تويتر. وطرق كثيرة من التعبير العفوي عن الفرح بقرار إطلاق
الشيخ المحتسب، زاد الله تعالى أفراح الأمة بالمحتسبين، وكبت المنافقين والحاقدين.
الخاطرة
الثالثة:
أن أعداء الشيخ المحتسب من الليبراليين وحلفائهم أدعياء السلفية خنسوا وأمسكوا عن
التعليق؛ فلا طاقة لهم بمواجهة هذه الجموع الغفيرة المبتهجة بقرار الإفراج عن
الشيخ، إلا تغريدات قليلة جدا تسخر وهي تتجرع مرارة الخبر، وتود لو أنها لم تعلم
به.
والحقيقة أن هذا يدل على عز للحسبة والمحتسبين،
وأن الناس معهم إذا لم يُرهبوا على خلاف ذلك، وأن الخير لا يزال في جمهور الأمة
رغم المشروعات التغريبية الضخمة المتسارعة، ورغم الحملات الإعلامية المنظمة ضد
العلماء والدعاة خاصة المحتسبين منهم، وهذا يلقي تبعة كبيرة عليهم ليكونوا على قدر
ثقة عموم الأمة بهم في نشر الفضيلة، ووأد الرذيلة، والاحتساب على أهل الباطل،
والنصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم، وفضح المخططات التغريبية التي تريد
تبديل دين الله تعالى، وإخراج الناس منه إلى الفكر الغربي الآسن.
الخاطرة
الرابعة:
أن قلة من الليبراليين وحلفائهم من أدعياء السلفية غردوا على خروج الشيخ المحتسب
فيما وقفت عليه من تغريدات، مشككين في ثبات الشيخ على مبدأ الاحتساب، فبعضهم
يتساءل عن الصفقة التي تمت مقابل هذا الإفراج، وبعضهم يطالب الحزبيين باستمرار
الأفراح إذا ما غير الشيخ منهجه، وخرج على الشاشات مطبلا لمن كان ينتقدهم. وقد خيل
إلي وأنا أقرأ المطالبة الأخيرة أن الشعب السعودي كله صار حزبيا أو على الأقل
المغردون منه في تويتر، ولست أدري هل الكثرة الكاثرة من الشعب السعودي هي الحزبية،
أم الأقلية المنبوذة من المجتمع، المغبونة من خبر الإفراج هي الحزبية؟!
وكم يتمنى الليبراليون وأدعياء السلفية أن ينقلب
الشيخ المحتسب على منهجه في الاحتساب، ويأملون أن يكون مصيره مصير بعض الدعاة
الذين انقلبوا على منهاجهم السابقة بعد الابتلاء انقلابا كليا؛ لتصح نظريتهم فيه،
وليفتوا في عضد العلماء والدعاة المحتسبين، ولن نظن بالشيخ المحتسب إلا خيرا،
ونسأل الله تعالى له الثبات والسداد في القول والفعل.
ولو قدر أن الشيخ المحتسب انقلب على الاحتساب
-وأعيذه بالله الكريم من ذلك- فإن الأمة تعلم أن الرجال يقاسون بالحق، ولا يقاس
الحق بالرجال، وصار عند جمهور الأمة من الوعي ما يميزون به بين الحق والباطل في
الجملة.
وانقلاب من انقلبوا من قبل لم يوقف الدعوة ولا
الاحتساب، ولم يضروا الله تعالى شيئا، بل ضروا أنفسهم، وضروا من اتبعهم في
انقلابهم من غلاة أتباعهم وإمعات الناس.
والناس ما أحبوا الشيخ المحتسب إلا لدعوته
واحتسابه ونصحه للأمة، وما فرحوا بقرار الإفراج عنه إلا ظنا منهم أنه يبقى على ما
هو عليه من الدعوة والاحتساب والنصح لله ورسوله وأئمة المسلمين وعامتهم؛ فإن
احتساب المحتسبين الصادقين يحفظ النعم، ويدفع النقم، ويرسخ الأمن، ويقضي على بؤر
الفساد التي تريد تقويض المجتمع على رؤوس أهله. وقد قال رسول الهدى صلى الله عليه
وسلم: "إن الناس إذا رأوا المنكر، لا يغيرونه، أوشك الله أن
يعمهم
بعقابه"
27/12/1433
إبراهيم بن
محمد الحقيل
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..