الجمعة، 2 نوفمبر 2012

رسالتي إلى والد الجميع سمو أمير البلاد حفظه الله وإلى أحبابي حكماء الكويت

 
قال تعالى: {يؤتي الحكمة من يشاء، ومن يُؤتَ الحكمة فقد أوتي خيراً كثيراً وما يذّكّر الا أولو الألباب}(1)
- كنا نتمنى على أهل الرأي أن يتصبروا ولا يخرجوا إلى ساحة الإرادة إلا بعد انتهاء المؤتمر

- حكماء الكويت وفي مقدمتهم سمو الأميرِ حفظه الله يعرفونَ الفتنةَ قبل أن تقع، لأن الفتنةَ إذا أدبرت عرفَهَا كلُ الناسِ، واذا أقبلَتْ لم يعرفها إلا العالمُ!!

- إذا تعارضتْ مفسدتانِ وكان لابدَ من فعلِ إحداهما أخذنا بأخفِهِمَا

- نحنُ على يقين أن سموّكُم ومعكم أهلُ الرأي من أهلِ الكويتِ ستأخذونَ بيدِ هذه الأمِّ الحنونةِ... كويتنا، التي حَفِظَتْنَا واحتَضَنَتْنَا بِبَرِها وبحرِها، في فقرِها وغنَاها، عندَ حريِتها واستقلالِها، وعند احتلالِها

- الكلمةُ قد يكونُ بعدَها أجرُهَا وقد يكونُ بعدَها وِزرُهَا

- من أخطأَ وسبقت الكلمةُ مرادَه لابدَّ لهُ من وقفةٍ يتعرفُ فيها على مواطنِ الخَطأِ فيرجعَ عنه وفي ذلكَ عزٌ وفضيلةٌ

- نظرةُ إنصاف لمنتسبي جمعيةِ الإصلاحِ من سنةِ 1946 تُعطيكَ المؤشرَ الحقيقيَ لأبناءِ هذهِ المؤسسةِ التي تُهَاجَمُ من قبلِ البعضِ ويتمُّ التحريضُ عليهم

- مَن كانَ وراءَ مركزِ الوسطيةِ في الكويتِ؟؟ ومن كانَ المحركُ الحقيقيُّ لها؟؟!! ومن سَهِرَ وبذلَ الكثيرَ من أجلِ إعطاءِ صورةٍ حقيقيةٍ للعملِ الإسلامي في الكويتِ؟؟!!



سمو الأمير والد الجميع:
ان الأمورَ عندما تَخرُجُ عن نصابِها، وعندما تَعصِفُ أمواجُ الخلافاتِ والآراءِ وعندما تتلاطمُ وتتناحرُ المصالحُ والأهواءُ فتهدِّدُ أمنَ الأمةِ واستقرَارَهَا فعندها لابدَّ مِنَ الرجوعِ الى أهلِ الحكمةِ ليُعيدوا للأمةِ صحيحَ مسارِها، وليُشيروا على الأمةِ بما ينبغي فعلُهُ لِتُحَصِّنَ أَمْنَها واستقرارَها.
ومنْ هنا كانتِ الحكمةُ التي أُرْسِلَ بها الرسلُ هيَ المنقذَ للأممِ منْ كُفرِها وغيِّها وضلالِها، وهي السبيلُ لاعادةِ الأممِ لِرُشدِها وصَوَابِهَا.
ولذلك آتى اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى جميعَ الأنبياءِ النبوةَ التي هِيَ أعلى مراتبِ الحِكمةِ فكانوا يُعَلِّمُوْنَ الناسَ طُرُقَ الهِدايةِ والفلاحِ في الدنيا والآخرةِ، وكذلكَ يَدُلُّونَهُمْ على طُرُقِ التعاملِ في الحياةِ معَ أنفسهمْ ومعَ الآخرينَ ومعَ الموجوداتِ والأشياءِ مِنْ حَوْلِهِمْ، ويُرشِدُونَهُمْ الى أصوبِ الحلولِ للمشكلاتِ التي يواجهونها في حياتهمْ، كما أنه قَدْ وُجِدَ أناسٌ في كثيرٍ منَ المجتمعاتِ وُصِفُوا بأنهمْ حكماءُ، وكانَ الناسُ يرجعونَ اليهمْ فيما يحتاجونَهُ منْ نصحٍ وارشادٍ لمواجهةِ مشكلاتِ الحياةِ والتعرفِ على أفضلِ الطرقِ للتعاملِ فيها معَ أنفسهمْ.
وقد عَرَّفَ ابنُ القيم رحمهُ اللهُ تعالى (الحكمةَ: «فعلُ ما ينبغي على الوجهِ الذي ينبغيْ في الوقتِ الذي ينبغيْ»)(2).
فالحكمة هي وضعُ الشيءِ في موضعِهِ: وذلك بوضعِ اللِّينِ في موضعِهِ، والشدةِ في موضعِها، والسيفِ في موضعِه، والعطاءِ في موضعِهِ.
ولهذا فانَّ العِلمَ والمعرفةَ وَحْدَهُمَا لا يكفيانِ لتحقيقِ الأهدافِ التي يسعى اليها الانسانُ، بل لابد منْ وضْعِهِمَا في المكانِ المناسبِ والوقتِ المناسبِ وهذهِ هي الحكمةُ بعينِها ولهذا، العلمُ يُمَكِنُنَا من صنعِ الدواءِ، وصنعِ السلاحِ، لكنَّ الحكمةَ هيَ التي تجعلُنا نعرفُ متى نَستعملُ الدواءَ وكيفَ نستعملُهُ؟؟ ومتى نستخدمُ السِلاحَ ومتى نكفُّهُ ونُغْمِدُهُ؟؟؟
فالحكيمُ هوَ الذي يرى الأشياءَ على حَقِيقَتِهَا فهو يرى الأشياءَ الكبيرةَ كبيرةً، كما يرى القضايا الصغيرةَ صغيرةً كما هيَ.
أحبتي الكرام أهل الكويت جميعاً:
اننا في سفينةِ الكويتِ التي جمعنا الله فيها وأغدقَ علينا فيها من نعمِهِ وحفظنا فيها من الشرورِ أصبحنا نُحِسُّ في الآونةِ الأخيرةِ أنَّها تتعرضُ لهزاتٍ عنيفةٍ وعواصفَ مخيفةٍ تكادُ تُودِي بِهَا وبِمَنْ فِيْهَا فقدْ أصبحْنَا نُحِسُّ ان هناكَ أناساً بدؤوا بخرقِ السفينةِ وهمْ يحسبونَ أنهم يحسنونَ صنعًا، لا يهمهمْ صلاحُ المجتمعِ أو فسادُهُ، ولا تتمعرُ وجوههمْ للمنكراتِ.
وأسْهَمَ معهم في تَعرِيضِ السفينةِ للخطرِ أُناسٌ سَطحيونَ لا يُدركونَ حجمَ الخطرِ ولا يتصورونَ ضَخامةَ المُصيبةِ النازلةِ، ولا ينظرونَ الى مستقبلِ الأيامِ بعمقٍ وَرَوِيَّةٍ، لا يستمعونَ للنداءاتِ المُحَذِّرَةِ، وانْ سَمِعُوا لمْ يَسْتَجيبوا، فهمْ اذا علا صوتُ النذيرِ رَأَوْهُ مُبَالَغاً فيه، واذا اتضحَ هدفُ المفسدينَ لم يُحرِّكوا ساكناً ولمْ يَدفعوا باطلاً.
وربما وُجِدَ معهمْ مَنْ هوَ متهورٌ يُريدُ ان يَنتقِمَ لنفسِهِ أو يَنتقِمَ مِنَ الآخرينَ، فيحاولُ بكلِّ وسيلةٍ اغراقَ أهلِ السفينةِ وانْ كانَ هوَ ضِمْنَ قائمةِ الغرقى، وتضيقُ بهِ مساربُ الحياةِ فيختارُ تحطيمَ نفسِه والآخرين.
ويُسْهِمُ في غَرَقِ السفينةِ متعجلٌ، وقد يقودُه اجتهادُه الى نزعِ خشبةٍ في السفينةِ ليَسُدَّ بها خَرقاً آخرَ، فاذا الخَرْقُ الذي أحدثَهُ هو أَشَدُّ ضرراً وأدعى للغرقِ.
سمو الأمير والد الجميع أميرِ البلادِ الشيخَ صباح الأحمد الجابر الصباح حفظهُ اللهُ ورعاهُ: نتمنى عليك ان تتدخل بحكمتك المعروفةِ وحِنْكَتِك السياسيةِ المألوفةِ، لترسيم الطريق الصحيح لمنهج التلاحم والتآلف والترابط بين أبناء الشعب الواحد ان في تدخل حكمتك يا سمو الأمير سداً لباب الفتنِ الهوجاءِ، واغلاقاً لأبوابٍ كبيرةٍ أمامَ الطُرُقِ الملتويةِ العوجاءِ، وهذا لا يحتاج أكثر من عفو من سموكم عن أبنائكم الذين لم يلتزموا بطلب المستشارين عند سموكم في عدم التجمع في ساحة الارادة وقت وجود الوفود في مؤتمر قمة حوار التعاون الآسيوي في الكويت.واني لأعتذر عن كل من أخطأ من أبنائكم الذين تجمعوا في ساحة الارادة في ذلك الوقت.(لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَرْحَمْ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفْ شَرَفَ كَبِيرِنَا).
كما أتمنى من سموكم تحقيق رغبة شعبكم المحب لكم وأن تعود الدوائر والأصوات كما هي وان كان هناك تغيير للأصوات وأعدادها في الدوائر وتوابعها وتوزيعها فليكن في بيت الشعب الذي بنته الأيادي الكويتية بمباركة أبي الدستور المغفور له باذن الله الشيخ عبدالله السالم الصباح.
وقديماً قال أبو الطيب المتنبي:
وَوَضعُ النَدى في مَوضِعِ السَيفِ بِالعُلا
مُضِرٌ كَوَضعِ السَيفِ في مَوضِعِ النَدى

يا صاحب السمو لقد علمتونا ان الحكمة مزية عظيمة رفيعة، وهي وسيلة لكل خير في كل المجالات انها الكلمة الطيبة الرقيقة اللينة..كما قال تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر..)(3).
نعم لقد عَلمتمونا ان الحكمة ان يرى الحكيم ما قبل اللحظة الراهنة، ويستشرف ما بعدها، وهو لا يرى نسقاً أو نظاماً من التداعيات الترابطية، لكنه يرى أنساقاً ونظماً تتوازى، وتتقاطع، وتتصادم، انه يحس بالعاصفة قبل هبوبها، فيتلطف بمن معه ويتحمل أمانتهم ثم يُبين لهم والى الصواب يدلهم.
نعم...اننا لا نُريد ان نرى المشكلة بحجمها الحقيقي بعد فوات الأوان!!! وبعد ان تقع المصائب على رؤوسنا!!! وبعد ان تدك كل معاقلنا وتدمر كل شيء عندنا!!!، وبعد ان نكتوي بنارها، ونتلظى بلظاها!! ونحن نعلم ان فينا حكماء علماء يدركون كل هذاكما قال سفيان الثوري: ((اذا أدبرت الفتنة عرفها كل الناس، واذا أقبلت لم يعرفها الا العالم))!
سمو الأمير أنتم تنعمون بالخبرات والتجارب والمران، فالمجرب ينظر في الماضي والحاضر وما يمكن ان يؤول اليه الأمر في المآل فيجتهد في استخلاص العاقبة بعد استشراف للمستقبل ومعرفة للمقصد.
لقد عهدنا حكامنا في تاريخهم يقدمون المصلحة العامة على المصلحة الخاصة لكونها أنفع وأشمل، كما اننا تعلمنا أنه اذا نشأ من فعل عام مصلحة ومفسدة وتكافأتا أخذنا بدرء المفسدة، لأن درء المفسدة عند التكافؤ أولى من جلب المصلحة.وأنه اذا تعارضت مفسدتان وكان لابد من فعل احداهما أخذنا بأخفهما.
نعم يا صاحب السمو تأزمتِ النفوسُ واضطربتِ القيمُ ويكادَ المُجتمعُ ان يتمزقَ، وتواصى أصحاب الأيدي الطاهرةُ المتوضئةُ بالدعاءِ: اللهُمَ الطف..اللهُمَ الطف...
وفي هذا التلاطُمِ العاصفِ يستدعي المحبون للكويت وأهلها حكمتك يا سمو الأميروالتي نشأت وترعرت وتكونت في مسيرة سياسية طويلة بدءاً من آخر الثلاثينيات من القرن الماضي، حيث عصفت بالكويت رياح وعواصف من الخارج، والداخل وبفضل الله وحكمة حكام الكويت وأهلها كان الجميع يُنادي بارجاع الأمر الى الحكماء ليأخذوا بيدِ هذه الأمِّ الحنونةِ...كويتنا، التي حَفِظَتْنَا واحتَضَنَتْنَا بِبَرِها وبحرِها، في فقرِها وغنَاها، عندَ حريِتها واستقلالِها، وعند احتلالِها.
يا أهل الكويتِ على وجه العموم وأهل الحراك السياسي بمختلف توجهاته انَّها كويتُ الجميعِ من أمثالكم، والنسيجُ الوطنيُ الواحدُ في مجملهِ وكليتهِ، قبائلَ وحضر، داخلَ السورِ وخارجَهُ، سنتهِ وشيعتهِ، نسيجٌ واحدُ، مرجعيتُه كتابُ اللهِ وسنةُ نبيهِ صلى اللهُ عليهِ وسلمَ، وحبُّ الآلِ والأصحابِ، حقوقٌ كويتيةٌ عامةٌ شعارُها المساواةُ بينَ كويتيِي التأسيس والتجنيسِ، هذهِ هيَ كويتُنا التي جمعتْنا وجمعتْ المواطنينَ الشرفاءَ أمثالَكُمْ.
يا أهلَ الكويتِ انها مسؤوليةُ الكلمةِ وأمانة الوطن، فاذا ضَيَّعتُموهُمَا فلات حين مندم.
يا أهل الكويت: قالَ صلى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: (انَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ رِضْوَانِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ ان تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ لَهُ بِهَا رِضْوَانَهُ الَى يَوْمِ يَلْقَاهُ، وَانَّ أَحَدَكُمْ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ مِنْ سَخَطِ اللَّهِ مَا يَظُنُّ ان تَبْلُغَ مَا بَلَغَتْ فَيَكْتُبُ اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا سَخَطَهُ الَى يَوْمِ يَلْقَاهُ).
انها كلمةٌ قدْ يكونُ لكَ بَعدَها أجْرُها وقَدْ يَكونُ بَعدَها وِزْرُها، فاجعل أخي الحبيب كَلِمَتَكَ وَقْفاً خَيريًّا تَحْصُدُ أَجْرَهَا فِي كُلِّ مَشْرُوعٍ يَصُبُّ فِي صَالحِ هَذَا الدِينِ وَ مَصْلَحَةِ هَذَا الوَطنِ.
يا أهل الكويت من أخطأ وسبقت الكلمة مراده، لابد له من وقفة يتعرف فيها على مواطن الخطأ فيرجع عنها، وليس في ذلك انقاص لأحد أو حط من شأنه، بل هو فضيلة الرجوع للحق والاتباع له، وقد علمنا نبينا صلى الله عليه وسلم أنه «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَأْتِ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ» (رواه أحمد في مسنده) وهذا في مواطن القسم والحلف بالله سبحانه وتعالى، فكيف بخطاب جماهيري تحركه المشاعر وتدغدغه العبارات، نعم لقد سمعنا كلمات تمنينا أنها لو لم تكن قد قذفت، ولكن بما أنها خرجت!! والمعروف أنها اذا خرجت الكلمة لا تعود أبداً ولكن رجوع الانسان عنها كرامة وعزة ما دام الأمر مُتعلقاً بوطن وشعب أصيل عودنا أنه عند نزول أي مشكلة، وحلول أي معضلة يُظهر لنا معدنه الأصيل الذي صقلته فترة زمنية زادت على ثلاثمائة عام منذ نزول آل الصباح والأسر الطيبة الخيرة، التي جاءت تطلب العز والرزق في أرض الله حينما خرجت من أرض نجد وانتقلت من ساحل الى آخر حتى قَدر الله لها ان تستقر في كاظمة الخير وجون العطاء، ليبارك الله في جمعها، فتسير الكويت بأمرائها وشعبها في وضع اقليمي وعالمي ومحلي عصف به الكثير من الاضطرابات منذ الحرب العالمية الثانية الى اليوم، واليوم الكويت ترقب وتنظر بقلوب المحبين لها ان تتخطى أم الجميع كويتنا الحبيبة هذا الاضطراب الذي تعيشه بقلق وذلك بمواقف أهل الرأي والحكمة.
- سمو الأمير الوالد الشيخ صباح الأحمد الصباح حفظه الله ما ان رجعت البارحة من الحج حتى وجدت في وسائل الاتصال الاجتماعي والاعلام سيلاً عرمرماً وكماً هائلاً من الطعن والاتهام لتاريخ حافل وطويل لجمعية الاصلاح الكويتية تحت غطاء الهجوم على الاخوان المسلمين، فتعجبت لهذا الكم الهائل من الأقلام التي جندت نفسها لضرب قطاع كبير له تاريخ حافل في العطاء الديني والسياسي والاجتماعي والخيري من أجل ضرب النسيج المجتمعي في الكويت والتحريض على رجالات جمعية الاصلاح وشبابها لكننا نعرف يقيناً ان سموكم أعرف منا بتاريخ جمعية الاصلاح وارتباطها الفكري بفكر الاخوان المسلمين الذي يُمثل وسطية المنهج الذي لا غلو فيه ولا انفلات، ولا افراط ولا تفريط.
يا سمو الأمير أنتم أعرف منا بجمعية الاصلاح وتاريخها في هذا البلد المبارك وأنها ليست بناءً هشاً ضعيفاً، وليست بذوراً نبتت في الهواء وليست أداة مخصصة لتنفيذ أجندات وأفكار معلبة من الخارج، انما هي أشجار باسقة ضربت جذورها في أرض الكويت الخصبة، لتبني من خلال عمل الخير والدعوة الى الله مع كل أبناء الكويت الشرفاء الطيبين صروح الكويت العالية وأبراجها المرتفعة في مجال الخير والبر والاحسان.
ان محاولة هدم جمعية الاصلاح ومن قبلها الارشاد هي محاولات عابثة لهدم صرح كبير من صروح هذا البلد الكريم، نعم ان البذرة الأولى لهذا الصرح الكويتي الاصلاحي كانت في سنة 1946 م عندما كان العم الشيخ عبدالعزيز العلي عبد الوهاب المطوع مع أخيه عبدالله (العم أبو بدر) رحمهما الله في رحلة للحج فالتقيا مع الامام حسن البنا رحمه الله مؤسس حركة الاخوان المسلمين في مصر وكان بينهم حديث عن واقع أمة الاسلام وضرورة العمل الاسلامي في اطار الدعوة والتربية للفرد المسلم والبيت المسلم والمجتمع المسلم، لترجع مكانة المسلمين لوضعها الذي أراده الله لها.وتحت مفهوم حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (تهادوا تحابوا) أهدى الامام حسن البنا رحمه الله للعم عبدالعزيز المطوع كتاباً بعنوان: (حضارة العرب) لمؤلفه:غوستاف لوبون، وأهدى للعم أبو بدر كتاباً بعنوان:(الرحلة الحجازية)، فكانت هذه هي حقيقة الارتباط بين جمعية الاصلاح الاجتماعي والاخوان المسلمين، انه ارتباط فكري قائم على الكتاب والسنة في اطار فهم سلف الأمة من الصحابة رضوان الله عليهم - عقدياً وأخلاقياً وفقهياً وسلوكياً - مبنية على روح المحبة والأخوة.هذا ما أخبرني به العم أبو بدر في حياته وما أثبته الدكتور عبد المحسن الخرافي في كتابه (عبدالله على العبد الوهاب المطوع) صفحة 101.
ان جمعية الارشاد التي هي جمعية الاصلاح فيما بعد كان لها الدور الريادي في صناعة الخير ومساعدة المحتاجين والمساهمة في جهاد اليهود والعيش في هموم الأمة الاسلامية (حيث أرسلت سنة 1954 م بعثة برئاسة العم عبد الرزاق الصالح والعم غانم الشاهين والعم عبدالله سلطان الكلبي لاغاثة اللاجئين الفلسطينيين في الأردن (انظر الملحق المصور لجمعية الارشاد في يناير وفبراير سنة 1954).
ان الناظر في مجالس الادارة ورؤساء اللجان في جمعية الارشاد وجمعية الاصلاح ليعرف مدى قيام هذه الجمعية - التي تُعادى اليوم وتُحارب ويحرض عليها تحت غطاء الهجوم على الاخوان المسلمين، ركائز هذه الجمعية والعاملين فيها هم رجالات الكويت الكبار فمن منا لا يعرف العم يوسف الحجي حفظه الله والعم عبدالرحمن العتيقي حفظه الله والعم محمد العدساني كتب الله له الصحة والشيخ أحمد بزيع الياسين رحمه الله والسيد عبدالله سلطان الكليب رحمه الله والسيد يوسف الرفاعي حفظه الله والشيخ خالد الجسار والسيد عبدالعزيز المزيني والسيد محمد بودي والسيد عبدالله بودي والسيد يوسف محمد النصف والسيد مبارك السكران السهلي، والسيد يعقوب مندني رحمه الله والسيد سعود حمد السبيعي رحمه الله، والشيخ أحمد الدبوس والمهندس لافي المحيلي العنزي والشيخ المفسر عادل المطيري، والشيخ فهد الشامري العجمي والدكتور حمد فالح الرشيد العازمي والشيخ عبدالله المري والشيخ مطلق البغيلي الرشيدي والسيد مبارك الناهض السهلي رحم الله الميت فيهم وبارك للأحياء منهم في أعمارهم ورجال كثير من وجهاء القبائل في المناطق الكويتية المختلفة يعرفهم الأُصلاء من هذا الشعب، وهم أكبر من أقوال وعبارات يكتبها دخلاء لا يعرف الناس تاريخهم.كما ان الناظر يرى اليوم كم هي فروع جمعية الاصلاح في كل مناطق الكويت، فهل من يكتب محرضاً على جمعية الاصلاح غيورٌ على الوطن محبٌ له أكثر من رجالات الكويت الذين انتسبوا الى جمعية الاصلاح طوال تاريخها منذ الأربعينيات الى يومنا هذا؟!
فأين هؤلاء من أولئك العمالقة الكبار وكم يزن من بيده معول الهدم في مقابل عملاق واحد منهم كالعم عبدالله سلطان الكليب رحمه الله على سبيل المثال!!
عجباً هل يُظن بجمعية الاصلاح التي ينتسب اليها هؤلاء الكبار من أهل الكويت أنها مخربة؟؟ وأنها تريد الاستيلاء على نظام الحكم، وأنها تتعامل مع اسرائيل؟؟ وأنها فاسدة في عقيدتها؟؟ وأن أفرادها والقائمين عليها هم على مذهب الخوارج؟؟ وأنهم يأتمرون بأمر من الخارج؟؟ وغير ذلك من الأقوال التي اطلعت عليها بعد رجوعي من الحج من خلال مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الاعلام.
سمو الأمير هؤلاء هم أبناء الكويت من رجالات الاصلاح من منتسبي جمعية الارشاد ومنتسبي جمعية الاصلاح ما هي جريمتهم اليوم؟ هل هي بسبب ان مؤسسي جمعية الارشاد والاصلاح قد التقيا بالامام البنا رحمه الله على دعوةٍ سنية سلفية اجتماعية اصلاحية تقوم على الكتاب والسنة، وهي منهج وسطي معروف لديكم ولدى كل عاقل ولكل عارف، هل هذه هي جريمتهم؟؟، ألم يبارك سموكم بمركز الوسطية الذي حورب في بداية نشأته من غير حق تحت ضغط الهوى الذي يعصف بمشاريعنا الاسلامية فينسى البعض منا بدهيات التعاون على البر والخير.
ألم يقم مركز الوسطية على يد المصلح الشيخ الدكتور عصام البشير وهو معروف لديكم بأنه من أبناء حركة الاخوان منذ نعومة أظفاره ومنذ عرفناه طالباً في كلية أصول الدين في جامعة الامام محمد بن سعود في الرياض؟؟.ألم تكن وسطية الاخوان ومنهجهم هي التي حفظت مصر من الحروب الداخلية ومن الغلو الذي حدث على فترات مختلفة مع شدة وطأة التعذيب والتنكيل والتشريد التي مارسها الضباط الأحرار في زمن عبد الناصر والسادات ومبارك؟؟ ولكنهم بفهمهم ووسطيتهم صبروا واحتسبوا فمكن الله لهم من غير رغبة منهم لكنها مقادير الله وحسن ظن الشعب، بهم فحسدهم الحاسدون ومكر بهم الماكرون، وتقول عليهم الحاقدون، وما لهم من ذنب ولا جرم الا أنهم قد اختارهم الشعب بقدر الله جل وعلا لقيادة مصر لانقاذها من السقوط الذي مارسه الضباط الأحرار أكثر من 70 سنة فهل وجودهم في هذا المكان يوجب علينا هذا السيل من الاتهام؟؟؟!!!.
وحقاً كما قال الشاعر:
حسدوا الفتى اذ لم ينالوا سعيه
فالكل أعداء له وخصوم
كضرائر الحسناء قلن لحُسنها
حسداً وبغياً انه لذميم

ان منتسبي جمعية الاصلاح الاجتماعي كبقية الفضلاء من الشعب الكويتي يعرفون ان من حقوق الكويت عليهم ومن الواجبات المترتبة عليهم وفق فهمهم لدينهم الذي من مستلزمات مسيرتهم الاصلاحية البلاء الذي بينته مطلع سورة العنكبوت والآيات والأحاديث المُبينة للبلاء والصبر على الايذاء احتساباً لما عند الله سبحانه وتعالى وهذا في اطار الخطاب القرآني لنبينا صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى {واصبر على ما أصابك}، وسنصبر كما صبر رسول الله صلى الله عليه وسلم على كل ما أصابه، وسنبقى نعمل للخير والأمان والاستقرار لبلدنا كويتنا الغالية، وسنبقى على عهدنا ومحبتنا ووفائنا لأمرائنا وحكامنا، وليفترِ المفترون ما شاؤوا، وليقل المتقولون ما أرادوا.
سمو الأمير حفظه الله ان تكلم الواشون على أبناء جمعية الاصلاح فاننا نرضى حكم مستشارك اللواء خالد بودي فقد عايشنا وعرفنا عن قرب في سبعة أشهر من الاحتلال والاعتداء العراقي فان قال فينا %1 مما يقوله وينقله البعض فنحن نرضى بحكمه، وان كان المستشار أبو مرزوق لم يُعايشنا الا في وقت الغزو وهي مدة قليلة فقد عايشنا المستشار د.عبدالله المعتوق طوال فترة دراسته فماذا يقول عن شباب جمعية الاصلاح؟؟ وهو خريج الجامعة الاسلامية في المدينة ويعرف عظم المسؤولية في الكلمة.
ونحن في خاتمة القول نسأل الله ان نكون قد صدقناه في تبيان ما نعتقد أنه حق وكما قال تعالى:{وَاذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلا فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ}(4) كما أننا في جمعية الاصلاح لسنا بحاجة الى ان ننظر الى كلام البشر وتصنيفهم حيث اننا قد عاهدنا أنفسنا منذ ان أمسكنا بقلمنا ألا نخرجه من غمده الا لكلمة الحق التي لا يمليها علينا أحد، ولا تحكمنا بها مصلحة شخصية أو رضا معطٍ أو غضب ممسك، ولكنها كلمة حق وشهادة سنُسأل عنها أمام الله كما قال تعالى {سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ} فالسؤال بين يدي الله عن صدق الكلمة ونظافتها وطهارتها حين الوقوف بين يديه سبحانه، فكلمتنا ليست كلمة نبيع ونشتري بها رضى الناس أو سخطهم، فلا يهمنا قول من يقول في تصنيفه: يميني متطرف أو يساري أو غير ذلك مما امتلأت به مصطلحات القاموس السياسي، كما أنه لا يهمنا تصنيف من يقول: هذا خارجي، وهذا من مرجئة العصر، وهذا انبطاحي، وهذا ثوري وغير ذلك..... مما مُلئت به كتب المصنفين في عالم المتاجرين بالكلمة انما هي كلمة نظنها - والله حسيبنا - جاءت بعد ان رَضعتُ بفضل الله لبناً طاهراً في طفولتي من والدتي منيرة رحمها الله عذباً نقياً طاهراً من أُمٍ اكتملت به مكونات المرأة الكويتية القديمة الطاهرة، ثم عندما بلغ الفطام مني، شَربتُ من حليب هيأته وجهزته (أمي هدية) رحمها الله عندما كانت تحلب لنا في (حوش البقر) في بيت الياسين في المنطقة الوسطى القديمة وبيت بزيع الياسين في السالمية على البحر، فكانت تسقينا حليباً من بقرتنا الهندية الحمراء التي يخرج حليبها من بين فرث ودم لبناً سائغا للشاربين.
هكذا كنا قد رضعنا حب الكويت، كويت الجميع، كويت الطهارة، كويت الأُلفة، كويت المَحبة، كويت اغاثة الملهوف، كويت التراحم، كويت النسيج الواحد، كويت العقد الاجتماعي بين الأمير والشعب، كويت التراضي بين الأمير والشعب، كويت الثقة بين الأمير والشعب.
هذه هي كويتينا التي أحببناها وفديناها بكل غال ونفيس، وتنعمنا بظلها وخيرها، أسأل الله ان يحفظها ويديمها خيرا وبركةً وأمناً على أهلها، وعطاءً وجوداً على المحتاجين والملهوفين من أمة الاسلام في كل البقاع والأراضي.
دامت الكويت وعاشت بأمنها واستقرارها، وعند انتهاء هذه العاصفة سيتبين للعقلاء حقيقة الأمر وستتكشف الحقائق وعندها سيتبين من يسعى لرفعة الكويت وعزتها وعلو شأنها ممن لا تهمه سوى مصالحه الشخصية الضيقة وعندها يتبين لكل واحد حقيقته:
وستعلم حين ينجلي الغبار
أفرس تحتك أم حمار

وانني اذ أكتب هذا الكلام، فانني لا أمثل الا نفسي ومن يوافقني في الرأي أياً كان هذا الانسان ولا يضرني مخالفة غيري لي ولا يضر غيري مخالفتي له، فان الأمر فيه سعة، فانه ليس من شيء أوسع من اختلاف الرأي في السياسة الشرعية، وقد فصلنا ذلك في مقالات منتدى الفكر والحضارة في جريدة الوطن في الأعداد الأربعة الماضية.
فلنتعاون على ما اتفقنا عليه وليعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.
والحمد لله رب العالمين

كتبه جاسم بن محمد المهلهل الياسين
15 ذي الحجة 1433هـ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..