بعد مقتدى الصدر واياد علاوي وصالح المطلك وطارق الهاشمي ومسعود بارزاني
حتى مستشاره المقرب منه والناطق باسمه في الماضي القريب، علي الدباغ "رمى
به تحت الباص"، على حد تعبير مصادر أميركية، "للتغطية على أعضاء في عائلة
المالكي يبدو أنهم متورطون في فساد مالي ناتج عن صفقة أسلحة روسية لم تتم».
ويقول مسؤول رفيع المستوى في الإدارة الأميركية تحدث بشرط عدم ذكر اسمه
أنه «صار يصعب على أي مسؤول اميركي التحدث مع اي سياسي عراقي من دون سماع
شكاوى متواصلة من تصرفات المالكي، وأسلوب عمله، وتفرده بالقرار والسلطة،
وتسخيره موارد الدولة، كالأجهزة الأمنية والإعلام الرسمي والأموال من أجل
بناء زعامته ومحاربة خصومه، وتاليا القضاء على مؤسسات الدولة والعملية
الديمقراطية».
والمعلوم أن اهتمام واشنطن بالشأن العراقي تراجع كثيرا في عهد الرئيس
باراك اوباما، فحصرت إدارته مصالحها بالعراق بعدم تحوله مركزا لتنظيم
«القاعدة»، وبعدم تشكيله خطرا على دول الجوار كما في عهد صدام حسين،
وباستمرار -بل زيادة- تدفق النفط العراقي إلى السوق العالمية، وهو ما من
شأنه خفض سعر النفط، ما ينعكس إيجابا على الاقتصاد العالمي، وخصوصا
الأميركي.
ويبدو أن المالكي أدرك مبكرا أن تدفق النفط العراقي يتصدر أولويات اوباما
"وهو يتصدر أولويات المالكي كذلك، إذ يمنحه واردات كبيرة يحولها إلى مال
سياسي يبني بها زعامته»، على حد قول المسؤول الأميركي.
تدفق النفط العراقي، الذي تخطى المليوني ونصف المليون برميا يوميا ومن
المتوقع ان يبلغ سبعة ملايين مع نهاية العقد الحالي فيصبح العراق ثاني اكبر
دول منتجة للبترول في العالم بعد السعودية، يزعج إيران، إذ يخفف من وطأة
المقاطعة الدولية لنفطها بموجب العقوبات المفروضة بسبب برنامج طهران
النووي.
"زيادة إنتاج النفط العراقي يزعج طهران، ما يعني أن المالكي ليس بيدها»،
هي عبارة غالبا ما كررها أعلى مسؤول في إدارة اوباما يشرف على الملف
العراقي، انطوني بلينكن، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس جو بيدن.
"بلينكن" يتطلع اليوم إلى منصب آخر في إدارة اوباما الثانية، وهو كان من
المرشحين ليخلف مبعوثة أميركا في الأمم المتحدة سوزان رايس لو قيض للأخيرة
أن تصبح وزيرة للخارجية خلفا لهيلاري كلينتون.
مع تراجع دور بلينكن ودفاعه المستميت عن المالكي، وجدت إدارة اوباما نفسها من دون حلفاء ذوي وزن في العراق، باستثناء بارزاني.
وما زاد في أزمة واشنطن العراقية أن المالكي، لا يوغل في «التخبيص» داخليا
فحسب، بل إقليميا كذلك، فهو يسمح لطائرات إيرانية محملة بالسلاح بالمرور
عبر المجال الجوي العراقي في طريقها إلى قوات بشار الأسد في سورية،
والمالكي في حال عداء شديدة مع ابرز حلفاء أميركا في المنطقة رئيس حكومة
تركيا رجب طيب اردوغان، وعلاقته بالمملكة العربية السعودية في أسوأ حالتها،
وباستثناء الكويت والأردن، يندر أصدقاء المالكي الشرق اوسطيون.
وأخيرا، وردت تقارير إلى العاصمة الأميركية تفيد أن كلا من طهران ودمشق
تستخدمان المصرف المركزي العراقي والمصارف العراقية عموما من أجل الحصول
على نقد أجنبي وتجاوز العقوبات المفروضة على النظامين.
وهذه المساندة العراقية لإيران وسورية أدت إلى ضغوط على الدينار العراقي،
ما دفع بحاكم المصرف المركزي سنان الشبيبي إلى التدخل لمحاولة إبعاد بغداد
عن الورطة المالية الإيرانية والسورية. على اثر ذلك، قام المالكي منفردا،
بإخراج الشبيبي من المصرف «بعدما فبرك له تهما مالية»، حسب المصادر
الأميركية.
لكن المسؤول الأميركي قال إن إخراج الشبيبي «لم يكن كافيا للمالكي، فرئيس
حكومة العراق يمسك بحقيبتي الدفاع والداخلية وسائر الأجهزة الاستخباراتية
والأمنية، وهو يسيطر على وزارة النفط عن طريق حليفه ونائبه حسين
الشهرستاني، ويدير سياسة خارجية من دون المرور بالوزير هوشيار زيباري، وكل
ما يحتاجه لبسط سلطته كاملة هو الاطباق على موارد الدولة المالية بعيدا عن
أي رقابة، لذا أُخرج الشبيبي، وأرسل قوات تابعة له للقبض على أفراد في
حماية وزير المالية رافع العيساوي بهدف إخراجه من البلاد كما فعل قبل أشهر
مع نائب الرئيس طارق الهاشمي».
وأضاف: "هذه المرة يبدو أن المالكي قضم لقمة أكبر مما يتسع فمه.
فتكرار سيناريو الهاشمي مع زعيم سني آخر يبدو أنه القشة التي قصمت ظهر
البعير، وأظهرت المالكي كديكتاتور جديد يسعى الى بناء حكم منفرد بالتخلص من
معارضيه وفبركة اتهامات لهم".
وأوضح المسؤول الأميركي أن «المهمة الأولى لمن يخلفون بيلنكن هي البحث عن
حلفاء لواشنطن بدلا عن المالكي». وتابع أن «(كتلة) العراقية (البرلمانية)
تبعثرت سياسيا، وباستثناء الكرد، لا توجد كتل برلمانية ذات وزن إلا الصدر
وتياره، والعلاقة مع هؤلاء معقدة وهناك الكثير من التاريخ السيئ بيننا
وبينهم».
وقال المسؤول الأميركي إن «أميركا تبحث عن حلفاء عراقيين، لأن إيران تعمل
بجد لانتشاء حزب الله آخر في العراق، وهو ما نراه يحدث في علاقة (قائد فيلق
القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم) سليماني مع تنظيم عصائب أهل الحق».
وأشار المسؤول الأميركي إلى أن تنظيم «عصائب أهل الحق» بقيادة قيس الخزعلي
يواجه صعوبة في الفوز بتأييد شعبي عراقي، خصوصا بوجود منافسهم التيار
الصدري الذي يتقدمهم شعبية كثيرا.
وأضاف: "مقتدى الصدر أظهر نضوجا عبر نبذه العنف وحصر نشاطه بكتلة الأحرار
البرلمانية التابعة له، وتواصله مع التيارات العراقية الأخرى مثل الكرد
والسنة في الأنبار".
من يخلف المالكي صديقا لواشنطن في العراق إلى جانب الكرد والسنة؟ الولايات
المتحدة تبدو في مرحلة استدراج عروض، ويبدو أن ضخ النفط العراقي وحده لم
يعد يكفي، وواشنطن صارت بحاجة إلى سياسيين يتمتعون بحكمة أكبر وبشعبية
أكثر.
.........
بقلم: حسين. ع / من واشنطن
العصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..