ترجمة: إسلام ديلي
كشفت دراسة أجراها أحد علماء الاجتماع عن أن المنظمات غير الحكومية
المعادية للمسلمين التي
تقوم بالترويج للخوف ظلت تمارس تأثيراً قوياً في
وسائل الإعلام الأمريكية منذ الحادي عشر من سبتمبر، حيث كانت تقوم بتسريب
رسائلها من خلال نشرات الإخبار والتقارير التلفازية، وتحصل على تأييد
الجماهير من أعداد هامشية إلى الغالبية العظمى.
ولعل أكثر ما يثير القلق حول النتائج التي توصلت إليها الدراسة هو أنه كيف
لهذه الجماعات الهامشية والتي عادة ما تجد القليل جداً من الوقت للظهور
على الهواء، كيف لها أن تحقق هذا القدر من التقدير الذي جعلها تتحصل على
المزيد من الأموال وتعمل مع الجهات التي تتمتع بالنفوذ. ويتمثل تأثير هذه
الجماعات في إلصاق صفة التطرف بالمنظمات الإسلامية الرئيسية، حسب ما جاء في
الدراسة.
يقول كريستوفر بيل Christopher Bail الباحث الذي قام بإجراء الدراسة، وهو أستاذ مساعد بجامعة كارولينا الشمالية لموقع Wired.co.uk:
"رغم أن الغالبية العظمى من المنظمات التي تتنافس في تشكيل الخطاب العام
حول الإسلام في الفترة ما بعد الحادي عشر من سبتمبر قدمت رسائل مؤيدة
للمسلمين، إلا أن الدراسة التي أجريتها أشارت إلى أن الصحفيين كانوا تحت
هيمنة مجموعة صغيرة من المنظمات الهامشية التي أصبح ينظر إليها على أنها
منظمات هامة".
وأضاف: "المنظمات الهامشية المعادية للمسلمين تهيمن على وسائل الإعلام من
خلال الترويج للخوف والغضب. وأزعم أن التضخيم المؤسس لهذه الطاقة العاطفية،
خلق جاذبية وأعاد ترتيب الشبكات الداخلية بين المنظمات وقام بتغيير ملامح
الخطاب العام نفسه".
وقد استخدم بيل Bail وفريقه برنامج للكشف عن
الانتحال لمقارنة 1,084 بيان صحفي أصدرتها 120 منظمة مختلفة مع أكثر من 50
ألف من النصوص التلفزيونية والمقالات الصحفية التي صدرت خلال الفترة بين
عام 2001 و2008 م.
وقام البرنامج بالتعرف على مجموعة من أوجه الشبه الواضحة بين النشرات
الإخبارية والبيانات الصحفية والمقالات، بما في ذلك صحيفة نيويورك تايمز
وصحيفة "يو إس إيه توداي" وصحيفة واشنطن بوست ومحطات CBS وCNN وفوكس الإخبارية.
وقال بيل Bail لموقع Wired.co.uk:
"لقد علمنا أن وسائل الإعلام الأمريكية قد تجاهلت وبشكل كامل تقريباً
إدانة المنظمات الإسلامية البارزة في الولايات المتحدة للأحداث الإرهابية
بصورة علنية. وعدم الاهتمام بهذه الإدانات بالإضافة إلى التحذيرات العاطفية
المضادة من المنظمات المعادية خلق تمثيل مشوه جداً بواسطة مجموعة من
المنظمات والمراكز البحثية والجماعات الدينية المتنافسة لتشكيل صورة
الإسلام في الرأي العام الأمريكي".
وقال لنا بيل Bail من بين المنظمات الناجحة جداً
في نشر التحذيرات السلبية عن الإسلام مركز السياسات الأمنية (ما يثير القلق
أكثر أن رئيسه الفخري هو رئيس سابق لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية)،
ومنتدى الشرق الأوسط (والذي يدعي حماية النظام الدستوري من التهديدات
الشرق أوسطية) من خلال بعض المشاريع مثل مشروعه ذي الاسم المخيف (مراقب
الإسلاميين)، وأوقفوا أسلمة أمريكا، وهو واضح لا يحتاج إلى تفسير.
وأوضح بيل Bail أن "المنظمة الإسلامية الأمريكية
الرئيسية الوحيدة التي حصلت على مستوى عال من التأثير في وسائل الإعلام هو
مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية CAIR، والذي يعمل الآن على التصدي للزيادة الأخيرة في الرسائل المعادية للمسلمين ضمن الرأي العام الأمريكي".
واليوم، وبعض مضي أكثر من عقد منذ الحادي عشر من سبتمبر، فإن الأدلة التي
تشير إلى تسلل التأثير المعادي للمسلمين إلى السلوك الحكومي باتت تثير
قلقاً بالغاً.
"المنظمات الإسلامية الأمريكية لم تجد فرصة مناسبة من التمثيل في العملية
السياسية في بلادنا. فعلى سبيل المثال: تمت دعوة منظمة إسلامية كبيرة واحدة
فقط للمشاركة في جلسات الاستماع التي انعقدت في مجلسي الشيوخ والكونغرس
حول تهديد التطرف ضمن الجالية الإسلامية الأمريكية".
وتلك الجلسة التي عقدتها لجنة الأمن الداخلي وترأسها عضو الكونغرس الأمريكي عن المقاطعة الثالثة في نيويورك بيتر كينغ Peter King،
الذي شعر بالحاجة لوصف المسلمين الأمريكيين الذين حضروا الجلسة (بالشجعان)
لأنهم حضروا الجلسة، ربما عبَر هذا عن مستوى الخلاف الذي يحيط بهذا
الموضوع.
وورقة بيل Bail البحثية، التي نشرت في مجلة الاجتماع الأمريكية American Sociological Review
هي جزء من دراسة أكبر للتحقيق في الكيفية التي أدت إلى اتساع نفوذ هذه
المنظمات الهامشية ليصل إلى ما هو أبعد من وسائل الإعلام، إلى العالم
الحقيقي، حيث ظلت الأبواب مفتوحة أمام دوائر النخب الاجتماعية المحافظة
والمراكز الفكرية المحافظة.
* الخطوات الأولى للتأثير على السياسة العامة والرأي العام الوطني:
وقد تناول بيل Bail هذا الجانب في الدراسة الحالية
بعد أن قام بتحليل المعلومات المتاحة للجمهور حول عضوية هذه المنظمات، وقد
كشف ذلك عن عمليات تبادل مزعجة بين المنظمات الهامشية وبعض المنظمات
الرئيسية.
"جميع المنظمات غير الربحية أو غير الحكومية في الولايات المتحدة يطلب
منها تقديم وثائق تتضمن أسماء الأشخاص الذين هم في مجالس إدارتها. وقد قام
فريقي البحثي بجمع تلك الأسماء، وقام بإنشاء خارطة لشبكة تواصل اجتماعي
أشارت إلى تداخل الأعضاء بين مجلس إدارات في تلك المنظمات. وقد ساعدنا
تحليل تلك الشبكة الاجتماعية في أن نحدد وبشكل دقيق المنظمات المرتبطة
ببعضها البعض، وكيفية تطور تلك العلاقة مع مرور الزمن".
"إنها الآن جزء من المنظمات الرئيسية .. لقد ساهم هذا الاهتمام الإعلامي
في ظهورها وساعدها في الارتباط مع المنظمات الرئيسية ذات التوجهات المحافظة
مثل معهد المشروعات الأمريكي".
ويعتبر هذا المعهد من المراكز البحثية رفيعة المستوى ويتميز بوجود نخبة محترمة من علماء السياسة والاجتماع في مجلس إدارته.
فإذا كانت هذه الجماعات تتفاخر ببعض المشاريع مثل "مشروع مراقبة
الإسلاميين"، وتضم قوتها إلى المنظمات الرئيسة القوية مثل معهد المشروعات
الأمريكي، فهذا لأن لديها، ربما، الإمكانية للحصول على الأموال الهائلة،
وهو يمثل تصعيداً من الصعب إن لم يكن من المستحيل السيطرة عليه.
ويقول بيل Bail إن أهم اللحظات في الحادي عشر من
سبتمبر ساهمت في التسريع من وتيرة هذا التأثير، بما في ذلك الدعوات بحرق
القرآن التي أطلقها القس تيري جونز Terry Jones بعد
أن أعلن عن بناء مركز إسلامي في منطقة زيرو (بمنهاتن)، ومؤخراً ظهر الفيلم
المعادي للمسلمين، والذي أثار موجة من أعمال الشغب في معظم أنحاء العالم.
ورغم أن المتورطين في هذه الأحداث لم يكونوا تابعين للمنظمات التي قمتُ
بدراستها، إلا أنني أعتقد أن التصاعد المضطرد في حدة الخطاب المعادي
للمسلمين داخل الرأي العام الأمريكي هو الأساس الذي قامت عليه تلك الجماعات
المتطرفة.
ولعله من غير المستغرب أن تجد تلك المنظمات الهامشية المعادية للمسلمين
مساحة أكبر في وسائل الإعلام بعد الحادي عشر من سبتمبر. وكان يمكن بشكل عام
تجاهل عباراتها الطنانة واقتباساتها على أنها مجرد جوانب من خطاب واسع،
ولكن، ما يثير القلق بشكل خاص حسب نتائج الدراسة، هو الغياب التام للنقل
المتوازن. وليس هذا وحسب، بل إن وكالات الأنباء تصغي إلى الصحافة المعادية
للمسلمين، ويتم نقل ما تنشره حرفياً.
"أعتقد أن أغلب الأمريكيين يتعرضون لرسائل معادية للمسلمين في وسائل
الإعلام وفي أماكن أخرى. وأعتقد أيضاً أن الخطر يتمثل في أن الكثير من
الأمريكيين لم يطلعوا على الرسائل الإيجابية للمنظمات الإسلامية المعتدلة،
لأنها تحظى بقدر ضئيل جداً من التغطية الإعلامية.
ولعل التزايد في المواقف المعادية للمسلمين الذي رأيناه في الآونة الأخيرة
في الولايات المتحدة، ربما يعود لهذا التمثيل المشوه، رغم أن المواقف
المعادية للمسلمين قد تراجعت بنسبة ضئيلة بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر".
ورغم الصورة القاتمة التي ترسمها نتائج هذه الدراسة، إلا أن بيل Bail
ممن يؤمنون بأن التسامح مع هذا الحماس الديني ستكون له الغلبة في هذه
البلاد التي يعتبر فيها الملحدين مجموعة قليلة وغير موثوق بها (حسب ما جاء
في دراسة أجريت مؤخراً في جامعة مينيسوتا).
ويقول المتخصص في علم الاجتماع بيني إيدجل Panny Edgell،
وهو أحد الكتاب الذين شاركوا في الدراسة التي أجرتها جامعة مينيسوتا:
"يبدو أن أغلب الأمريكيين يعتقدون بأن التنوع جيد، ما دام أن الجميع
يتقاسمون القيم الأساسية المشتركة التي تجعلهم جديرين بالثقة، وقد ظلت هذه
القيم الأساسية في أمريكا، قيما دينية. وقد ربط الذين استطلعت الدراسة
آراؤهم بين الإلحاد والسلوك الإجرامي، وبين المادية والثقافة النخبوية".
وقال بيل Bail لموقع Wired.co.uk:
"لا أعتقد أنه قد فات الأوان لتأصيل التسامح الديني في شخصيتنا الوطنية.
لقد ظل المسلمون قوة إيجابية في تاريخ الولايات المتحدة منذ القرن التاسع
عشر. وقبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر، ربما كان المسلمون يوصفون بالأقلية
النموذجية، حيث كانت تتمتع بمعدلات أعلى من المتوسط في التعليم ومستوى
الدخل. لم يكونوا ظاهرين وعادة ما كان يتم الخلط بينهم وبين الأمريكيين من
الأصول اللاتينية. وقد غيرت هجمات الحادي عشر من سبتمبر كل شيء. ولكن
بالرغم من أن دراستي تشير إلى أن هذا الحدث قد ساعدت على صعود الجماعات
الهامشية المعادية للمسلمين، إلا أنها أيضاً أسهمت في تعزيز التحالفات بين
الأديان التي تسعى إلى قلب تهمة العنف التي يتم إلصاقها بالإسلام".
وتجدر الإشارة إلى أن بيل Bail يعكف الآن على
تأليف كتاب يشرح فيه بالتفصيل كيفية نجاح المنظمات الهامشية المعادية
للمسلمين في وصف المنظمات الإسلامية الرئيسية بالطرف، وكيف مارست تأثيراً
لا يستهان به في صناعة السياسة الأمريكية لمحاربة الإرهاب وتشكيل الرأي
العام تجاه المسلمين على نطاق واسع: "هذا ليس بالأمر السهل، لابد من
الاهتمام به".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..