بين رمضاء الزواج المؤقت ونار الإتجار بهن :
عدن، اليمن, يناير (آي بي إس) - تروي عائشة، البالغة من العمر واحد
وعشرين عاماً، مأساة الرعب والأذى الذي عانت منه، بينما تمسك بطفليها وكأنهما طوق النجاة.
نشأت عائشة في العاصمة الصومالية مقديشو، وأغرمت برجل وأنجبت طفلاً خارج إطار الزواج قبل أربع سنوات.
وعندما هددتها عائلتها بالقضاء عليها لتدميرها "شرف العائلة"، هربت عائشة من مقديشو، وسارت في طريق خطرة مع المهربين عبر المحيط الهندي إلى اليمن.. إلى ما كانت تعتقد أنه الحياة الأفضل.
وبدلاً من ذلك، تجلس عائشة القرفصاء الآن مع أربع نساء أخريات، في حي البساتين الفقير بمدينة عدن، الميناء الشرقي لليمن.
تلك النسوة يجلسن ليتسولن المال في هذا الميناء الرث كل يوم، وفي كثير من الأحيان يبعن أنفسهن ويمارسن البغاء بدولارين. وفي نهاية الأمر .. تتقاسم النسوة دخولهن الهزيلة مع القواد المسيطر عليهن.
تقول عائشة وهي تتنهد، "أريد فقط أن أذهب إلى مكان أخر... أكثر أمنا لأطفالي .. في بلد آخر."
فشبكات الإتجار بالبشر الممتدة على مدى دول العالم تتوسع في اليمن، ونظراً لكون الفقر عاملا رئيسيا، فتعد النساء المستغلات جنسياً الضحايا الأكثر ضعفاً.
وبالرغم من أن مستقبل عائشة يبدو قاتماً، إلا أن مصيرها أفضل من الفتاة الاثيوبية البالغة من العمر 17 عاماً والتي ذقت حتفها وحيدة في مستشفى في حرض بالقرب من الحدود السعودية.
فقد وقعت تلك الفتاة المسكينة ضحية البيع علي أيدي شبكة الإتجار في البشر العاملة في اليمن، وتعرضت للإغتصاب والضرب مرارا حتى فارقت الحياة. وهكذا دفنت بعيداً عن بيتها ومازال المهرب الذي قتلها حراً طليقا.
ووفقاً لإدوارد ليبوسكاي، المسؤول بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "بين عامي 2011 و 2012 كانت هناك زيادة كبيرة في تهريب والإتجار بالبشر، وكذلك في الحالات المبلغ عنها من العنف وسوء المعاملة التي ترتكب ضد القادمين الجدد".
وفي عام 2011 سجلت المفوضية أكثر من 103,000 وافدا جديدا إلى اليمن. وكان هذا هو أكبر تدفق بشري شهدته اليمن منذ بدء توثيق الإحصاءات قبل ست سنوات. ويشتبه ليبوسكاي في وجود زيادة مشابهة لعام 2012، ويعتقد أن الأرقام الحقيقية أعلى من ذلك بكثير.
فالمهاجرات، ومعظمهن من الإثيوبيات والصوماليات، يهربن في كثير من الأحيان من الفقر والعنف في بيوتهن، ويجمعن مئات من الدولارات للوصول إلى نقاط العبور في جيبوتي أو بونتلاند، وأيضا لركوب القوارب المكتظة والخطرة –في رحلة يمكن أن تستمر من يوم إلى ثلاثة أيام – حتى يصلن إلى اليمن.
وهدفهن الحقيقي هو الوصول إلى دول الخليج-مثل المملكة العربية السعودية- للعمل. ولكن على طول الطريق، كثيراً ما تتعرض المهاجرات إلى الإغتصاب الجماعي، أو الإختناق نتيجة للإكتظاظ، أو يتم إلقاؤهن في البحر من قبل المهربين، أو يتخذهن التجار كرهائن بمجرد وصولهن إلى الأراضي اليمنية.
وتقول إيمان مشهور، من فريق مكافحة الإتجار العامل مع المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، أن "أكثر إتجار نراه يحدث هنا هو للقادمين من منطقة القرن الأفريقي إلى المملكة العربية السعودية".
وتضيف، "هناك شبكة .. ويستغل المتاجرون الإناث بشدة. وقد أخبرتنا النساء بأنهن مرغمات على ممارسة الجنس مع المهربين طوال الطريق ."
وتتأكد هذه التصريحات من النتائج المروعة للدراسة الرائدة التي أجراها المجلس الدنمركي للاجئين وأمانة الهجرة الإقليمية المختلطة في أكتوبر الأخير بعنوان "خيارات يائسة".
فكما يقول التقرير، "تمتد الشبكات الإجرامية عبر إثيوبيا واليمن وجيبوتي والمملكة العربية السعودية. ويبدو من المرجح جداً أن يكون لهذه العصابات علاقات في بلدان أخرى."
لكن ليس جميع ضحايا الإتجار بالجنس في اليمن هم من المهاجرين.
فالزيجات قصيرة الزمن بين الفتيات اليمنيات والزوار من دول الخليج -والمعروفة بإسم "السياحة الجنسية"- هي نتيجة للفقر المتفشي بين الأسر اليمنية، والتي يقع معظمها في المناطق الريفية.
ويقول تقرير وزارة الخارجية الأمريكية بشأن الإتجار بالبشر لعام 2012، أنه يجري إستغلال الفتيات في سن 15 عاما، لتجارة الجنس في الفنادق والنوادي في محافظات صنعاء وعدن وتعز.
"غالبية السياح الذين يمارسون الجنس مع الأطفال في اليمن يأتون من المملكة العربية السعودية، مع عدد أقل من دول الخليج الأخرى. والفتيات اليمنيات اللاتي يتزوجن من السياح السعوديين لا يدركن في كثير من الأحيان الطبيعة المؤقتة والاستغلالية لذلك الزواج، ويتعرض بعضهن للإتجار بالجنس أو يتم هجرهن في شوارع المملكة العربية السعودية. "
وليلى كانت ضحية لنوع آخر من الإتجار بالجنس، وكان عمرها 15 عاماً عندما وجدت أخيراً ملاذاً في ملجأ سري للنساء بعيداً في حي هادئ من صنعاء. ونتيجة لتعرضها للضرب من قبل عائلتها، هربت ليلى من بيتها منذ عامين وعاشت في الشوارع. وسرعان ما عثرت عليها امرأة مسنة وأخذتها إلى بيت الدعارة الموجود بالحي.
وكان يجري تصوير الفتيات وهن يمارسن الجنس بهدف إبتزازهن للإستمرار في هذا العمل، إضافة إلي إعطائهن المخدرات وإجبارهن على خدمة العملاء في الليل. وكانت المرأة التي تتولي تشغيلهن هي التي تحصل على المال من العملاء.
وألقي القبض على ليلى والمرأة القوادة قبيل أن يتم الإتجار بليلي إلى السعودية. وقضت ليلى عامين في السجن بسبب "جريمتها". وبالطبع تبرأت عائلتها منها، واتهمتها بتدمير شرفها، وهدد شقيقها بقتلها.
ومن خلال زيارات السجون التي كان يقوم بها موظفات من الاتحاد النسائي اليمني، علمت ليلى عن وجود مأوى صغير النساء، وهو أمر نادر في اليمن. وتمكنت ليلى بفضل المساعدة النفسية المتواصلة من البقاء في الملجأ حتى تمكن موظفو الملجأ من حل النزاع مع الأسرة.
هذا ويحدد قانون العقوبات اليمني مدة السجن لعشر سنوات لأولئك الذين يعملون في شراء أو بيع البشر. وعلى الرغم من الإقرار بالأزمة السياسية المستمرة في البلاد، شدد تقرير وزارة الخارجية الأمريكية على الغياب الكامل لجهود الحكومة في مكافحة الإتجار هذا العام.
ويقول التقرير بهذا الصدد، "الحكومة اليمنية غير قادرة على توفير بيانات إنفاذ القانون كمساهمة في هذا التقرير، كما أنها لم تستحدث أية اجراءات رسمية لتحديد وحماية ضحايا الإتجار، أو اتخاذ خطوات لمعالجة الإتجار بهدف الاستغلال الجنسي لأغراض تجارية."
وتحذر نيكوليتا جيوردانو، رئيسة المنظمة الدولية للهجرة في اليمن، من عدم القيام بأية جهود.
وتقول "لقد إزدهرت أعمال التهريب والإتجار بالبشر. فهذه أعمال تجارية دولية .. والمشكلة أن العديد من الدول الغربية صارت تركز الآن على قضايا القرصنة مما حول إنتباهها عن قضايا التهريب والإتجار بالبشر". *تم تغيير أسماء ضحايا الإتجار بالبشر لحماية هويتهن.(آي بي إس / 2013)
|
|
|
|
|
بقلم ريبيكا موراي/وكالة إنتر بريس سيرفس
http://www.ipsinternational.org/arabic/nota.asp?idnews=2775
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..