الجمعة، 4 يناير 2013

مراحل تحدي القرآن الكريم لكفار قريش ، مع الدليل من القران الكريم

مراحل التحدي بالقرآن العظيم:
إن من شأن المعجزة أن يتحدى النبي قومه بأن يعارضوها ، فيعجزوا عن ذلك ، ويستعلن عجزهم على الملأ، فالتحدي شرط من شروط المعجزة وعنوان مميز لها دال على أنها معجزة. ومعجزة القرآن الكريم لم يوكل الله عز وجل التحدي بها إلى النبي محمد r ، بل صدر عن الحق تبارك وتعالى ، فكانت المرحلة الأولى من مراحل التحدي :

أولاً – تحدى الله العرب حين اتهموا رسوله r صلى الله عليه وسلم باختلاق القرآن من تلقاء نفسه أن يأتوا بحديث يماثله فيما استقل به من أوصاف ومزايا في نظمه ومعناه ، قال تعالى )أم يقولون تقوله بل لا يؤمنون . فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين ([7]

يقول الألوسي في تفسيره :" فلو توفر في زعمهم ذاك أدنى قدر من الصدق إذن لاقتدروا على تقديم مثل القرآن ، لا سيما أنهم يشاركون محمدا rفي العربية ، وأنهم فرسان البلاغة والفصاحة ، اشتهروا بمزاولة أساليب النظم والنثر وتمرسوا بالخطب والأشعار وبالغوا في حفظ الوقائع والأيام ، فإن القدرة على الأمر من دواعي الإتيان به ." [8]

فإذا جابههم التحدي مع التنديد بالأصنام وتسفيه الأحلام وإهانة مقدساتهم ، فقد أوجب كل ذلك عدم التواني لحظة في حشد الأمصار والأعوان للتظاهر والتآزر على الإتيان بالمثل المطلوب لو كان في الإمكان .قال تعالى )قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ( [9]

ثانيا – ثم فاجأهم التحدي مقتصرا على عشر سور على سبيل التساهل . وعلى الرغم من أن الرسول r أمي لم يصحب أهل العلم ولم يرحل في طلبه ، وأنهم يقفون معه في مضمار العلم على قدم المساواة ، فقد أمعن القرآن في إفحامهم ، فتنزل عن مطالبتهم بالمماثلة في المعنى والنظم معا ، وتحداهم بالنظم وحده بعشر سور فقط ، قال تعالى)أم يقولون افتراه !!؟ قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين . فإن لم يستجيبوا لكم فاعلموا أنما أنزل بعلم الله وأن لا إله إلا هو فهل أنتم مسلمون !؟( [10]

اختلف المفسرون في المتحدى به في هذه الآية ؛ فذهب أكثرهم إلى أنه قدر عشر سور تماثل القرآن في نظمه ومعناه، والمراد بالمعنى ما يتضمنه القرآن من إخبار عن الغيب ووعد ووعيد وحِكم وأحكام.

وذهب آخرون ومنهم ابن عطية والمبرد والبقاعي إلى أن المطلوب في المتحدى به هو أن يماثل القرآن في حسن النظم والبيان فحسب ، دون المغيبات والحِكم والأحكام والوعد والوعيد والأمثال[11]

قال البقاعي رحمه Q تعالى عند تفسير هذه الآية ، من سورة هود: (مفتريات)أي إنكم قد عجزتم عن الإتيان بسورة , أي قطعة واحدة ، آية أو آيات من مثله ، فيما هو عليه من البلاغة والإخبار بالمغيبات والحكم والأحكام والوعد والوعيد والأمثال ، وادعيتم مكابرة أنه مفترى فارغ عن الحِكم ، فأتوا بعشر مثله في مجرد البلاغة غير ملزمين بحقائق المعاني وصحة المباني .[12]

إن المتحدى به هو عشر سور تماثل القرآن في حسن النظم والبيان ، وهو معجز حتما لا يدرك البشر شأوه . وهذا التحديد في المتحدى به هو نتيجة تقييد القرآن السور المماثلة بقوله (مفتريات). وهذا القيد لم يرد نظيره في آية سورة يونس ، إذاً المطلوب منهم عشر سور لا تحتوى على معان وأخبار وعلوم تطابق الواقع ، لذلك من الممكن أن نقول إنما ورد التحدي هنا بأسلوب القرآن البياني دون أوجه الإعجاز الأخرى، وذلك لأن القرآن الكريم – ولله الحمد والمنة – برئ عن فضول القول والتزيد في الكلام.

لقد توجه خطاب الله في هذه الآية إلى المشركين يقطع دابر تعللهم ويقيم بالغ الحجة عليهم.

ثالثا – ثم وسع الله لهم غاية التوسعة ، فتحداهم بسورة واحدة، ولو كانت من أقصر سوره، قال تعالى )أم يقولون افتراه !؟ قل فأتوا بسورة مثله وادعو من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين( [13]

قال ابن كثير في تفسير  هذه الآية " فأتوا أنتم بسورة من مثله أي من جنس هذا القرآن، واستعينوا على ذلك بكل من قدرتم عليه من إنس وجان. وهذا هو المقام الثالث في التحدي ، فإنه تعالى تحداهم ودعاهم ، إن كانوا صادقين في دعواهم أنه من عند محمد ، فليعارضوه بنظير ما جاء به وحده وليستعينوا بمن شاءوا، وأخيرا أنهم لا يقدرون على ولا سبيل لهم إليه ، فقال تعالى : ) قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا (.ثم تقاصر معهم إلى عشر سور منه، فقال في أول سورة هود:) أم يقولون افتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات . وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (. ثم تنازل إلى سورة فقال في هذه السورة (يونس)) أم يقولون افتراه قل فأتوا بسورة مثله وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين (. وكذا في سورة البقرة وهي مدنية ، تحداهم بسورة منه وأخبر أنهم لا يستطيعون ذلك أبدا ، فقال :) وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين . فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار ..( الآية ، هذا وقد كانت الفصاحة من سجاياهم ، وأشعارهم, ومعلقاتهم إليها المنتهى في هذا الباب ، ولكن جاءهم من الله ما لا قبل لأحد به ." [14]


المصدر \:من موقع ام القرى

هناك تعليق واحد:

  1. عبد العقل

    تم اجابة هذا التحدي هنا:

    http://www.youtube.com/watch?v=Fou4GDmJUYc

    ردحذف

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..