عجيب
أمره الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، فهو لم يكتف بشن حرب أحادية ضد
"الإرهاب" في مالي، ولم ينكر أن هدف الحرب هو "حماية الرعايا الفرنسيين"،
الذين هم أصلاً مجموعة من موظفي الشركات الفرنسية العاملة في استغلال قطاع
المعادن، لكن هولاند، فوق ذلك كله، يريد توريط دول الخليج بالمشاركة في حرب
لا ناقة لهم فيها ولا جمل، عندما طلب منهم تمويل تلك الحرب، معتبراً أن
"الكل يجب أن يشارك في الحرب ضد الإرهاب".
http://www.aleqt.com/2013/01/19/article_725766.html
مفهوم
جداً أن تطلب فرنسا أو غيرها، مشاركة دول الخليج في مكافحة الإرهاب،
ومفهوم أيضاً أن يكون هذا التعاون عبارة عن تبادل للمعلومات والاستفادة من
الخبرات الخليجية في خنق تمويل الجماعات الإرهابية، لكن غير المقبول ولا
المنطقي أن يكون الطلب الفرنسي بالمشاركة الخليجية المباشرة، سواء "مساعدة
عسكرية أو مالية"، كما قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس لدى زيارته
لأبو ظبي الثلاثاء الماضي، وهو ما يمكن أن ينتج مشاركة مباشرة لدول الخليج
في حرب لم تشاور فيها أصلاً، ولم يصدر فيها قرار دولي قبل البدء فيها.
إذا
كانت فرنسا تريد أن تواصل دورها كـ "شرطي إفريقيا"، فهذا أمر يقرره
المجتمع الدولي، أما إذا كانت تستهدف رفع الضغط عليها بتوريط دول أخرى
وضمان تمويل الحرب مهما كان أمدها، فهذا أمر مرهون بمصالح دول الخليج التي
تعاكس هذا السيناريو تماماً، في حين أن السيناريو الفرنسي في مالي سيكون
معقداً ومتشابكاً وأقرب لحرب العصابات، وما عملية احتجاز الرهائن الغربيين
في الجزائر إلا مقدمة لما هو أسوأ، ما يعني تحول منطقة غرب إفريقيا بأكملها
لساحة حرب مع مقاتلين إسلاميين رغبتهم الأولى جرّ القوى الغربية إلى
مناطقهم، لتتكرر حكاية أفغانستان والصومال والعراق.
الحرب
ضد الإرهاب، وعلى الرغم من أنها عبارة مطاطة لا يمكن تعريفها بدقة، فإن
مشاركة المجتمع الدولي في اجتثاثها أمر لا بد منه، وفي الوقت نفسه يجب ألا
تكون الحرب على الإرهاب شماعة يركن إليها كل من أراد دعماً مالياً من
الأموال الخليجية، ناهيك عن الانعكاسات الخطيرة التي ستواجهها دول الخليج
لو لبّت الرغبة الفرنسية، وهنا يمكن أن يكون لمجلس الأمن دور في التمويل
عبر صندوق مخصص لمكافحة الإرهاب، بحيث لا يحصر في منطقة أو بلد معين، بل
تكون المساهمة فيه لكل دول العالم بحسب قدراتها، وبذلك يكون هناك الغطاء
القانوني، وعدم تورط دول بعينها في حروب لا ترغب أساساً في أن يكون لها
وجود.
أما
ما يثير العجب فعلاً، هو التمنع الشديد الذي يبديه المجتمع الدولي، وعلى
رأسه فرنسا، من أي محاولة ولو خجولة للتدخل العسكري ضد نظام بشار الأسد،
الذي أباد أكثر من 60 ألف قتيل من الشعب السوري، بينما هب سريعاً لحماية
المصالح الفرنسية (مالي غنية بالذهب والمعادن النفيسة واليورانيوم وفرنسا
والصين وروسيا أكثر المستثمرين فيها) .. فعلاً المصالح تصنع المستحيل،
وتكشف المبادئ الزائفة سريعاً.
الحرب
في مالي، مهما كانت مسبباتها وأهدافها، ليست حرب دول الخليج، ومن غير
مصلحتها، لا اقتصادياً ولا سياسياً، التدخل بأي صورة كانت. للرئيس الفرنسي
أن يطلب، ولدول الخليج أن ترفض، وحبذا لو كان هذا الرفض، إذا تم، صريحاً
وواضحاً، حتى لا يفتح باباً للتكهنات بأن دول الخليج فعلتها وشاركت في
الحرب بالسر.
سلمان الدوسري
سلمان الدوسري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..