كنت حينها في أواخر المرحلة الجامعية عندما تركت السكن أو (السجن ) الخارجي التابع لجامعة
الملك
عبدالعزيز..لأعيش حياة المدينة بكل مكوناتها وشرائحها ، شعرت عند انتقالي بنسمات
الحرية وأنا أقطن وأعيش في ( مجتمع) مفتوح مجتمع حقيقي متنوع من كل أطيافه وطبقاته بعد أن قضيت
سنوات لا أرى إلا لوناً واحدا من المجتمع ..أراه في السكن في الجامعة في المسجد
والمطعم وفي كل مكان ..
انتقلت في تلك الفترة للسكن في أحد أحياء جدة العتيقة على ضفاف أحد
أقدم الشوارع في جدة ( شارع باخشب ) الذي اشتهر بمكتباته الإسلامية وتسجيلاته
المتناثرة حول مسجد الأمير متعب ..
في الجانب ( الخلفي) من هذا الشارع وفي الطريق المؤدي إلى حيث أسكن
كان يلفت انتباهي مكتبتان متجاورتان لكنهما تشذان عن بقية المكتبات ..في الموقع
وفي شئ آخر ..حدثتني نفسي الأمارة ذات ليل أن أدخل أحداهما بالرغم أن المنظر العام لها لا يشجع من يمر من هناك على
دخولها حيث تبدو بدائية في ترتيبها وعشوائية في تنظيمها ..دخلت ورأيت مجموعة من
أشرطة الكاسيت قد وضعت على المدخل ويبدو أنها( أحدث الإصدارات عندهم) بالرغم من
شكلها العتيق والساذج على غرار الإصدارات في التسجيلات والمكتبات الأخرى ..ليس هذا
هو مالفت نظري فقط بل غالب العناوين التي وضعت لتك الأشرطة كثيراً منها يصدَر
بكلمة ( الرد على ...) ثم يتبع ذلك اسم داعية أو أكثر من مشاهير الدعاة في المملكة ..اتجهت للداخل أكثر فإذا ليس هناك
سوى قليل من الكتب منها التي في الشريعة ومنها كتب عبارة عن بحوث أو رسائل لبعض
طلبة العلم ، وأشرطة أخرى متناثرة لبعض كبار العلماء وأشرطة قرآن كريم ..هذا
تقريباً كل ما هو موجود بالمكتبة ..
قد لا تسعفني الذاكرة الآن لأنقل ماحدث كما كان ..لكن لا أنسى ذلك
الحوار أو الجدال الذي امتد ـ بدون ما أشعر ـ إلى أكثر من ثلاث ساعات متواصلة مع
العاملين في المكتبة ( من جنسية عربية ) في مواضيع متفرقة في الشأن الدعوي (
المحلي ) وعن أبرز الشخصيات والقضايا الدعوية ولأول مرة استمع لحديث من هذا النوع
بعد أن كنت أظننا في مجتمع ذي نسيج دعوي وعلمي واحد ..ولكن اتفاجأ الآن من كثير من
الجرأة ( التي لم أتعود عليها ) من اتهام دعاة بل وعلماء ضمن
هيئة كبار العلماء اتهامهم في الدين والمعتقد وانتمائهم لأحزاب وتيارات
ابتدعوا لها تسميات وفصلوا لها أشخاص على مقاسها ، فهذا قطبي وهذا سروري وهذا ثوري
( هذه بالذات ما نسيتها منذ سمعتها لأول مرة ) !! لم أكد أصدق ما جرى وأنا أسمع عن علماء كبار كالشيخ ( عبدالله بن
جبرين رحمه الله ) وهم يرمونه بأبشع التهم ويطعنون في عقيدته ..ناهيك عما دونه من
الدعاة ..وأفظع من ذلك حينما يخادعون أنفسهم وغيرهم ويدعون أن ذلك هو منهج ( السلف
) ومنهج الشيخين ابن باز و ابن عثيمين رحمهما الله تعالى ، كيف ونحن منذ نشأتنا
نسمع ونرى الشيخين ونقرأ لهما وما سمعنا ولا قرأنا من هذا الكلام شيئاً وهذا أكثر
ما أثار حفيظتي تلك الليلة حيث يتم تزوير الحقائق واجتزاء الكلام ولي أعناق النصوص
..لأكتشف بعدها أن دخولي لهذا المكان في تلك الليلة وفي ذلك المكان المنزوي البعيد
عن الأنظار وعن الأضواء إنما يمثل زيارة لم تكن مرتبة لفكر منزوٍ يعيش بعيداً عن
وجه الحقيقة تم زرع أحد بذوره في ذاك المكان ..وأخرج منه لأجد الشارع بات مظلماً
والمحلات قد أغلقت جميعها ..خرجت مستوحشاً جائعاً في تلك الساعة المتأخرة من الليل
بعد أن أوصدت جميع المحلات أبوابها وتوقفت خدماتها وانتابني شعور كبير بالندم على
هذه الزيارة التي لم انتفع منها ديناً ولا دنيا !
لم أخبركم عن المكتبة الأخرى المجاورة ..في الحقيقة تلك المكتبة لم
تدم زمناً طويلاً بعد معرفتي بها ولا أعرف عنها شيئاً فكل الذي كنت أعرفه أنهما
مكتبتان متجاورتان تخدمان نفس الفكر والتوجه تقعان في نفس الجانب المظلم من الشارع
، لكن كان بأسهما بينهما شديدا في أمور تفصيلية لم أكن على اطلاع دقيق بها وكل
واحدة منها تدعي أنها أكثر ( سلفية ) من الأخرى وتكييل للأخرى التهم والأوصاف التي
مؤداها هو البعد عن هذه السلفية ..!!!
....................................
في بداية ثورات مايسمى الربيع
العربي دار حوار طويل بيني وبين أحد من ينتمي إلى هذا الفكر على أمور وقضايا كثيرة
كان من ضمنها موضوع الدفاع عن النفس وحرمة دم المسلم إبان قتل المتظاهرين ( السلميين) ، وحينما كان القتل يستحر في ليبيا
آنذاك ويقتل النساء والأطفال والمدنيين من قبل قوات القذافي ..كان يستثيرني حديثه
حول حرمة الخروج على ولي الأمر وتأسفه لما يجري على يد الخوراج ( حسب وصفه ) .
وعندما أحدثه عن الأرواح التي أزهقت والدماء التي أريقت كان يشعرني بأن هذا في (
ميزانهم ) يهون إذا ما قورن بالخروج على ولي الأمر ..فأحدثه عن حرمة قتل المسلم
ويحدثني عن حرمة الخروج !!! بل وصل الأمر إلى أنه كان يرى أن الإنسان مستباح الدم
والمال بالنسبة للحاكم له أن يفعل فيهما ما يشاء ويستدل عليه بحديث ( وإن أخذ مالك
وجلد ظهرك ) . فقلت له إن كان مستباح الدم والمال فهل هو مستباح العرض أيضا؟؟!!
هنا سكت ولم يجب ..ثم سألته هل الحاكم يأثم على القتل أم لا ..وهل يجب القصاص منه
إذا اعتدى على نفس بريئة ؟؟ طبعاً لم يجبني على تلك الأسئلة ..ولست حفياً بإجابته
بقدر احتفائي بقناعتي التامة عن هذا الفكرة منذ ما يربو على عقد من الزمان وما
تزيده الإيام إلا قناعة ..
ولن أنسى حينما أرسلت لشخص آخر منهم مقطع فيديو لتلك الطفلة السورية
البريئة التي وجدوها على قيد الحياة بعد
رحيل أسرتها تحت الأنقاض إثر قصف قوات بشار
الأسد لمنزلهم وهي تئن وتطلب الماء من شدة العطش ..كان رده على رسالتي بهذا النص (
جنوا على أنفسهم ...ارجو أن لا ترسل لي هذه المقاطع .. )!!! وأترك لكم التعليق !
.........................
إني على قناعة تامة أن هذا الفكر أو الفرقة التي اشتهرت باسم (
الجامية ) ـ وإن كانوا يهربون من هذ
التسمية وينبذونها لكن ليحبوا لأنفسهم مايحبوه لغيرهم من الألقاب والتسميات ولو
لمجرد التعريف فقط على أقل تقدير ـ هذه الفرقة يدور مركزية الإيمان والإسلام عندها
على (الحاكم و السلطان ) فقط وتمتثل له
بالولاء المطلق والطاعة المطلقة بل وتعادي وتوالي على هذه المركزية والأساس ..لست أبالغ حينما أقول هذا الكلام
فالشواهد أكثر من تورد وتحصى وليس الغرض إيراد الشواهد ـ على كثرتها ـ بل هو الخيط الناظم بين جميعها . وانا هنا لا
أعني حكماً شرعياً أو فقهيا يتعلق بطاعة الإمام والسمع له بالمعروف فهذا شئ معروف..بل
أعني ماهو أعمق من ذلك وأخطر ، حينما تتحول مسالة من الدين وجزئية منه إلى الدين
كله يوالى فيها أقوام ويعادى آخرون بسببها ويصبح الإيمان بها كتلة واحدة لا يقبل
النقاش أو إيراد اختلاف المجتهدين حوله
بل إنهم بهذا المفهوم شوهوا مذهب السلف في عموم تصوراته وأهمها في
علاقة المسلم بربه حتى لتشعر عندما تسمع
لهؤلاء أو تقرأ لهم أن غاية ما يطرحون ومابه يتمايزون عن غيرهم من المسلمين هو شغل
أوقاتهم ودروسهم بتقرير حقوق الحكام والعلاقة بين الحاكم والمحكوم أكثر مما
يتحدثون عن حق الله سبحانه مجرداً من كل شائبة ..أكثر مما يتحدثون عن علاقة العبد
بربه وإخلاص العبودية له سبحانه دون أحد من خلقه ، لم أجد في مواقفهم مع بقية
المسلمين ( من أهل السنة ) من غير المنتمين إليهم أي موقف يتخذ إلا وتجده مقروناً
بالعلاقة بالحاكم والسلطان حتى جعلوا هذه العلاقة هي مقياس اسلام غيرهم بالنسبة
إليهم أو ما يدعون أنه مذهب ( السلف) حتى لتتكون لديك صورة ذهنية أن مذهب السلف
الصالح ليس له مكون أو حديث إلا في
العلاقة بين الحاكم والمحكوم..فإذا اتخذت من غيرك موقفا بناءً على هذه العلاقة
ولاءً أو براءً فأنت سلفي ، وإذا قمت بتبديع غيرك وتكفيره بناءً على مايعتقده في
هذه العلاقة فأنت سلفي ..وهذا بدوره أعطى صورة أخرى لمذهب السلف واختزلها في صورة
أحد طلبة العلم أو المنتسبين إليه يجمع مريديه في حلقة علم أو درس يكون مرتكزها
على تبديع غيرهم وتضليلهم وتسفيه آرائهم ..فبات مذهب السلف ـ في فهمهم ـ هو أن
تصبح لديك المهارة في النبش عن ما يعتقده الناس وإصدار الأحكام بناءً على ذلك
فكلما جمعت عدداً كبيراً من الأشخاص أو
الأعيان في رصيد نقدك فأنت حينها سلفي بامتياز..أما أن تبني علاقتك مع غيرك على أساس حسن الظن والبراءة الأصلية والتماس
العذر فهذه قيم ومفاهيم ليست سلفية ! ويالله العجب !!
والأعجب من ذلك حينما يتحدثون في مجالسهم ولقاءاتهم عن خطر التحزبات والجماعات وهم الذين ملأوا
الدنيا تصنيفاً للناس وكتبهم وأشرطهم خير شاهد على ذلك ولم يسلم أحد من العلماء
وطلبة العلم والدعاة إلا واخترعوا له اسماً يتنابزون به في مجالسهم بل حتى تلك الأسماء
التي اخترعوها اشتقوها من اسماء أشخاص نصبوا لهم العداء وجعلوها عناوين لأشرطتهم ومغلفاتهم وكل ذلك
بدعوى أن هذا هو الإسلام المتمثل في منهج السلف الصالح ..
طالع فيما يكتبون ..بل حتى تغريداتهم في ( تويتر) تأملها جيداً لن
تجدها تبني منهجاً واضحاً أو فكراً ستجدها اتخذت منابر للطعن في اسماء وأشخاص
وأعلام فقط ..وهذا مايميزهم عن غيرهم حتى في هذا المجال ..غيرهم يكتب انطلاقا من
أفكار وقناعات وهم ينطلقون من أسماء ، وأتحدى هنا أي قارئ لتغريداتهم أن يجدها
تخلوا من ذلك أو من عبارات مثل ( فضيحة ...) ( ضلالات ....) ( أخطاء ...) ( كفريات ...) وهلم جراً وضع بدل النقاط اسم أي
داعية أو طالب علم مشهور أو أي شخصية مشهورة تتحدث عن هم اسلامي ..غيرهم يتناقش الأفكار
والمواضيع وهم يناقشون الأسماء فقط عليها يجتمعون وعنها يتفرقون ..وكله باسم (
السلفية ) أو مايسمونه أحياناً( جلسة سلفية ) !
هذا الهوس في الطعن في مخالفيهم أورثهم في المقابل شغفاً بالبحث عن
مايسمى ( التزكية ) حتى صارهذا شغلهم الشاغل أيضاً وأسمى مطلب عندهم أن يحظى أحدهم
بتزكية من عالم أو شيخ بل حتى في كتبهم ومؤلفاتهم يولون موضوع التزكية أو التقريظ
اهتماماً ملفتاً للنظر وربما يهتمون به أكثر من مادة الكتاب نفسه وكأن تزكية
المزكي هي تزكية من الله سبحانه يأمنون
بعدها كل فتنة وارتكاس وصك غفران يوصلهم للجنة !!
لقد أشغلوا الساحة الإسلامية منذ نشأتهم وإلى اليوم في نقاش قضايا
تافهة وأمور جانبية وقشور جعلوها في صداراة مشروعهم على حساب قضايا الأمة الكبرى
والمصيرية التي سكتوا عنها ولن تجد لهم فيها اسهاماً ..اشغلوا الساحة في حكم (
الأناشيد الإسلامية ) و ( المخيمات الدعوية ) أو المراكز الصيفية ..ثم بدأوا في
تخوين حلقات تحفيظ القرآن الكريم والقائمين عليها وأطلقوا عليها أبشع الأوصاف
والألقاب التي لا تخفى على كل من يقرأ إنتاجهم في ذلك ..
ليس الغرض في هذه العجالة الوقوف والاستقصاء ومناقشة كل مايطرحون
..فمثل هذا لن يكفيه مقال واحد وسيضيع العمر في تتبع مالا فائدة ولا قيمة في الرد
عليه ..لكن أن يكون هذا الفكر يظن ويعتقد أنه يمثل خلاصة منهج الأمة وأنه يمثل
العقيدة الصافية التي عليها السلف الصالح فهذا تضليل للأمة وافتئات على منهج الأمة
نفسها ، وللأسف لم أجد من يقف ويرد على هؤلاء انطلاقاً من هذا التصور الخطير
والتشويه المتعمد لمذهب السلف ..حتى أصبحت تشعر عند اطلاق لفظ سلفي في العصر أنه
انسان نذر نفسه في طاعة السلطان ومن مهمته
في هذه الحياة هو الذب عنه في كل صغيرة وكبيرة وأن يؤلف الكتب ويقيم الدروس وحلقات
العلم عن فضائل السلطان وطاعته وخطر انتقاده أو الإعتراض على حكمه ومحبته في السر
والعلن وفي المنشط والمكره ..ألخ !
وأنا هنا لم آت بشئ من عندي ومن أحب الإطلاع على ما يكتبون وما
يتحدثون فسيجد أن بينهم وبين الطوائف الإسلامية الأخرى ( التي صنفوها ) قضية طاعة
الولاة قبل مناقشة أي قضية عقدية أخرى تتجاوز في سقفها الحدود الأرضية لتصعد
وتناقش حق من في السماء تعالى وتقدس ...لذلك يندر جداً أن يتحدثوا عن اليهود ـ
مثلاًـ أو عن النصارى وعن مشاريعهم في بلدان المسلمين أو حروبهم ( العقدية)
المستمرة في أكثر من بلد اسلامي ..أو تجد لهم اهتماما في دعوة غير المسلمين إلى
الإسلام سواء عبر مكاتب الجاليات أو المؤسسات العالمية الإسلامية الأخرى بل على
العكس تماما تجد هذه المؤسسات الإسلامية في قائمة وصدارة نقدهم وهجومهم ، أو أن تجد
لديهم إسهاما في المؤتمرات الإسلامية التي تهتم بالقضايا الكبرى والعلاقة مع
غيرالمسلمين أو حتى في الجوانب الخيرية الأخرى كجمعيات البر ولجان التنمية
الإجتماعية أو مايعرف بمؤسسات المجتمع المدني على اختلاف أنشطتها ..
إن تصوير العلاقة بين الحاكم والمحكوم على هذا النحو المغالي جداً
وتجييره باسم السلفية هو جناية على السلفية نفسها وعلى العلاقة ين الحاكم والمحكوم
أيضا ، فالحاكم في الإسلام له السمع والطاعة في المعروف وله النصيحة وعدم الخروج
عليه وكل ذلك معروف في مظانه ..لكن الخطأ هو في التفسيرات التي وضعوها لكثير من
هذه المعاني كمفهوم النصيحة أو الخروج حتى
أدخلوا فيها ماليس منها أو أخرجوا منها ما هو فيها وغير ذلك من المعاني والمفاهيم
..
حتى في جانب النصوص الشرعية المتعلقة بهذا الأمر جعلوها قراطيس
يبدونها ويخفون كثيراً..يحدثك بحديث ( أسمع وأطع وإن جلد ظهرك ..) لكن لا يحدثك
بحديث ( الدين النصيحة ..لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) . يحدثك ( من مات
وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية ) لكن لا يحدثك مثلا بحديث ( من مات ولم يغز ولم يحدث به نفسه مات على شعبة من نفاق ) .. وغير ذلك من الشواهد التي ينتقون فيها من
النصوص مايخدم فكرتهم ويتركون ـ عن عمد ـ ما يرونه مخالفاً لها ..بل إنهم يجادلون
في موضوع كتوحيد الحاكمية لله مثلاً ويرون
أن من يدعو إليه هو مبتدع وضال بينما ثم هم يجعلون هذه الحاكمية للسلطان ..تعالى
الله .ففروا من تصور ظنوه خطئاً ليقعوا في خطأ أكبر منه ..والدليل الشرعي لديهم أن
تذكر قول أو أكثر لواحد من علماء العصر (
بن باز ـ بن عثيمين ـ الألباني ) رحمهم الله . أما الإجماع عندهم فهو ما أجمع عليه
هؤلاء الثلاثة ـ حسب زعمهم ـ لا شك في مكانة هؤلاء المشائخ الأجلاء ولكن الغرابة
حقاً في طريقة الإستدلال لديهم والإستباط!!
ومصطلح شرعي كـ( الخوارج) مثلاً لبسوا على الناس فيه وجعلوا المقصود
منه هو فقط الخروج على الحاكم ، وكلنا يعرف صفات الخوارج الواردة في الأحاديث ككثرة
الصلاة وقراءة القرآن وقتال أهل الإسلام وترك الكفار ..وغيرذلك من الصفات التي ليس
منها هذه الصفة ..نعم كان من فعل الخوارج هذا في زمن علي بن أبي طالب رضي الله عنه
لكن حين الإستدلال بالأحاديث يتركون الصفات الواردة ليستدلوا بفعل خارج النص أو
يتركوا عموم اعتقاد الخوارج كالتكفير بالمعصية وتخليد صاحب الكبيرة في النار فيلبسون
وصف شخص ما بالخارجي وهو لا يعتقد مثل هذا أصلا..
إن العلاقة بين الحاكم والمحكوم التي جاء بها الإسلام علاقة ناصعة
بينة يعرف فيها كل واحد ماله وماعليه يراقب فيها المحكوم ربه ومافي ذمته من بيعة
لإمامه كما يراقب الإمام فيها الله سبحانه وماتحت سلطته من محكومين في علاقة
تحكمها الشريعة وإليها الإحتكام وعقد بين طرفين يكفل حقهما..وليس هذا مقام التفصيل
في ذلك ولا أنا من أهل الإختصاص فيه ..
الله سبحانه وتعالى خلقنا لمقصد واحد عظيم أن نعبده لا نشرك به شيئا
وأن لا يتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله وأسمى معاني الحرية هي في عبادة الله
وحده دون سواه وأن لاينطوي القلب على حب أحد أو الخوف منه كما هو لله وحده وجعل
الناس سواسية لا فضل لأحدهم عن الآخر إلا في تقواه سبحانه ..
ومن أراد الدعوة إلى الله سبحانه فليسلك بالناس طريق الله المستقيم
ويعلق الناس بخالقهم والتأدب معه والخوف منه ولا يجعل لغيره من الخلق حظاً ولا
نصيباً ، ولئن كثر المتحدثون عن ذنوب الشعوب في حق حكامها فقد قل من يتحدث عن
تقصير العباد في حق ربهم ، ولئن كان هناك وعاظ يذكرون بالله فهناك أيضا وعاظ
يزاحمونهم في ذكر حقوق الحكام مع كل موعظة ونصيحة ..
والله الهادي لسواء السبيل ،،،،
موسى الصعب
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..