الأحد، 17 فبراير 2013

الجهات الخارجية المستفيدة من سقوط حكم الإسلاميين بمصر

 "قاوم" خاص - ولا ريب أن هناك من يستفيد بشكل أو بآخر من انهيار الوضع الداخلي في مصر بما يصب في مصالحه الدولية، ولنلق نظرة على المستفيدين من فشل الثورة المصرية وتغيير مساراتها وسقوط حكم الإسلاميين، علمًا بأننا سوف نقتصر في حديثنا عن القوى الخارجية، ففي الداخل قد اتضحت ملامح الصراع، ونزعت الأقنعة، وبطل سحر النفاق السياسي، ويمكن حصر أهم الأطراف الخارجية المستفيدة من سقوط حكم الإسلاميين في مصر على النحو التالي:
-------------------------
ليس بالقلم حاجة لأن يؤكد على محورية مصر في العالم العربي والإسلامي، ولانبالغ إن قلنا: وفي المحيط العالمي، فالشأن المصري كان ولا يزال محل أنظار العالم أجمع، لذلك يترقب الجميع ما تسفر عنه هذه الحقبة الصعبة التي تعيشها مصر.
لكن ثمة جهات لم تكتف بمطالعة المشهد السياسي، بل دخلت كأطراف خفية في اللعبة بأجندات خاصة.
ولا ريب أن هناك من يستفيد بشكل أو بآخر من انهيار الوضع الداخلي في مصر بما يصب في مصالحهالدولية، ولنلق نظرة على المستفيدين من فشل الثورة المصرية وتغيير مساراتها وسقوط حكم الإسلاميين، علمًا بأننا سوف نقتصر في حديثنا عن القوى الخارجية، ففي الداخل قد اتضحت ملامح الصراع، ونزعت الأقنعة، وبطل سحر النفاق السياسي، ويمكن حصر أهم الأطراف الخارجية المستفيدة من سقوط حكم الإسلاميين في مصر على النحو التالي:
1) الكيان الصهيوني:
هو أول المستفيدين على الإطلاق، حيث يعاني من حالات ارتباك مزمن منذ صعود الإسلاميين إلى سدة الحكم، فنظام مبارك الحليف الاستراتيجي كان يؤمّن للكيان الصهيوني حدوده، ويُستخدم كأداة قمع لحركة حماس وحكومة غزة بشكل أو بآخر، وفي الوقت نفسه يسيطر على التيار الإسلامي في الداخل، والذي يمثل مكمن الخطر للكيان الصهيوني.
أما وقد تمكن ما يسمونه بالإسلام السياسي من مقاليد الأمور، فإن ذلك بات يمثل خطرًا حقيقيًا على الصهاينة، الذين يعلمون جيدًا أن الصراع مع الإسلاميين هو صراع أيديولوجي، ومن ثم ترتعد فرائصهم من اصطباغ السلطة بهذه الصبغة في سياستها الخارجية مع بني صهيون.
ولذلك يسعى الكيان الصهيوني إلى خلق حالة من التوتر الدائم داخل القطر المصري، تكون خطوة على طريق تسليم السلطة إلى ذيول النظام السابق في شكل ديموقراطي يختلف عن حقبة مبارك، أو إلى التيار العلماني أو الليبرالي.
ومن أهم الثمرات المرجوة للصهاينة بهذا الصدد عزلة مصر عن الملف الفلسطيني، فلقد بدا منذ بداية عهد مرسي- والذي ينتمي بالأساس إلى الإخوان المسلمين الذين تحتل عندهم قضية فلسطين مكانة رئيسية في مشروعهم - أن النظام المصري -حكومة وشعبًا- سوف يحتضن القضية الفلسطينية بمنتهى الحيوية، ولقد ظهرت بالفعل الآثار الدالة على هذا التغيير الجذري تجاه الشأن الفلسطيني، فقد وجد الكيان الصهيوني نبرة مختلفة كل الاختلاف عن ذي قبل، ورأى الصهاينة أنفسهم أمام نظام جديد لا يقتصر على الشجب والاستنكار لحفظ ماء الوجه، وإنما يحرك القضية دوليًا، ويقدم الدعم المادي والمعنوي، ولعل الوقوف على طبيعة السياسة الخارجية للنظام المصري الجديد كان أحد أهم الأهداف التي نوقشت على مائدة القرار قبل ضرب غزة.
ومن جهة أخرى سوف يؤدي انهيار الدولة المصرية بشكلها الحالي إلى فقدان الأسد العثماني كحليف استراتيجي لها، بعدما شكل الجانبان المصري والتركي كتلة مستقلة عن التبعية الغربية في المنطقة وتحمل ذات المشروع ونفس الأهداف، وبينهما جذور تاريخية ممتدة تسمح بالامتزاج ومن ثم الحد من العجرفة الصهيونية.
ولأجل ذلك تتجه أصابع الاتهام بشدة لتشير إلى التدخل الصهيوني من خلال لقاء تم بين مرشح رئاسي خاسر وبين وزيرة الخارجية السابقة بحكومة الاحتلال الصهيوني "تسيبي ليفني" والذي أذاعت وسائل الإعلام الصهيونية أنه كان لقاء غير رسمي، وليس بخافٍ على أحد ما لهذه المرأة الأفعى من ثقل في الكيان الصهيوني، وبعد عودته انسحب على الفور من التأسيسية لإحداث الفراغ بعد أن شاركه المسلك ذاته الكثيرون من النخب العلمانية والليبرالية بل والتمثيل الكنسي أيضًا.
2) الولايات المتحدة الأمريكية:
كانت العلاقة بين أمريكا ومصر في عهد مبارك علاقة التبعية المطلقة التي لم يكن فيها أي قدر ظاهر من الشد والجذب لتحقيق المصالح، فقد ألقى النظام السابق بنفسه بين أحضان الأمريكان وقبل بالرضوخ للهيمنة الأمريكية في مقابل ضمانات الإمساك بمقاليد الأمور، وتبع ذلك عزلة مصر عن القضايا العربية والإسلامية إلا بالحراك الشكلي المستفز لحفظ ماء الوجه، وفقدت معه دورها الإقليمي وتركت دول حوض النيل فريسة للتوغل الصهيوني.
وبالفعل استخدم العميل المطيع في إحكام الحصار على غزة وتقييد النضال الحمساوي، واستخدم كذلك في خنق الصحوة الإسلامية وجعلها تتحرك داخل الإطار الضيق المسموح به لا تتجاوزه.
ولكن سرعان ما أدركت الإدارة الأمريكية أن عملاءها الذين يحكمون بالحديد والنار هم السبب الرئيس في استهداف وضرب المصالح الأمريكية في شتى بقاع الأرض، بما تمثله سياسات القمع والاستبداد من ضغط على الشعوب التي تعلم يقينًا بعمالة الأنظمة الديكتاتورية للإدارة الأمريكية.
فلم تجد غير تغيير سياساتها في المنطقة بمحاولة تنصيب البديل العلماني الذي يحقق قدرًا مناسبًا من الديموقراطية لتخفيف الضغط عن أمريكا في استهداف مصالحها من قبل الشعوب المقهورة بسوط العميل الأمريكي، وكانت هذه الفترة تصنع فيها الرموز لهذا الغرض، إلا أن ما حدث قد فاق كل التوقعات، فقد كان الإسلاميون هم الطرف الذي فرض نفسه على المشهد.
وفي ظل وصول التيار الإسلامي إلى إدارة الدولة حاولت أمريكا استقطاب النظام الجديد ولكنه قد بدأ العلاقة معها بتوازن وتحرر موزون من التبعية، وهذا يقودنا بدوره إلى تهديد أمن الكيان الصهيوني الذي تضعه أمريكا على قائمة الأولويات في قضايا المنطقة، لقوة اللوبي اليهودي في أمريكا، وتحكمه في الاقتصاد الأمريكي، ولأنهما من جهة أخرى يلتقيان على مساحة عقدية مشتركة، لذلك كانت الولايات المتحدة هي الراعي الرسمي لهذا الكيان اللقيط.
ومن زاوية أخرى فإن مصر الجديدة تسعى لاسترداد دورها الإقليمي، وإخراج الملفات الهامة التي سجنها النظام، فعلى سبيل المثال دولة السودان؛ والتي تعد عمقًا استراتيجيًا لمصر، وكانت من قبل تابعة لإدارتها، وتعتبر كأنها امتداد لشعب النوبة، وتجمع بين البلدين الكثير من الروابط، هذا البلد الذي يرقد على ثروات وخيرات لم يستخرج إلى الآن شيئًا منها.
فلو أن مصر في ثوبها الجديد كونت مع السودان لحمة وتكاملاً فهذا ما يؤرق أمريكا لأسباب:
أولًا: سوف يحول ذلك بينها وبين تحقيق أطماعها في ثروات السودان.
ثانيًا: سوف يتصدى البلدان لأي محاولة للعبث في نهر النيل للاستفادة منه، وخاصة بعد عودة العلاقات مع دول حوض النيل، وهو ما يئد تطلعات الكيان الصهيوني "فتى أمريكا المدلل" نحو ماء النيل.
ثالثًا: الحيلولة دون محاولات نصب منصات للصواريخ تهدد السد العالي، وهو سيناريو من السيناريوهات التي توقعها الخبراء العسكريون من قبل في التدخل الأمريكي في السودان.
وبرغم رغبة أمريكا في إقصاء الإسلاميين إلا أنها لا ترفض التعامل معهم بما يحقق لها أكبر المكاسب، وإن كانت ترى أن الإخوان المسلمين هم أقرب من التيار السلفي والذي تعتبره أمريكا رافدًا للجماعات الجهادية المسلحة، وفي نفس الوقت لا يملك من الخبرة السياسية ولا البراجماتية اللازمة للتعامل مع أمريكا والغرب في الملفات الساخنة.
فكل ما ذكر يحدد مصالح أمريكا في انهيار الوضع الداخلي لمصر.
3) إيران:
وتتأكد مصالح إيران في سقوط حكم الإسلاميين في مصر إذا ما أخذنا في الاعتبار ما يلي:
أولًا: مصر ممثل بارز وحيوي للإسلام السني في العالم الإسلامي، ومن ثم ستقف في مواجهة المد الشيعي الذي تعد إيران رائده، خاصة بعد وصول الإسلاميين إلى إدارة البلاد.
فعلى الصعيد الداخلي فإن تكوين الشعب المصري غير قابل للتشيع، وإلا كان حدث في عهد الفاطميين الباطنية الذين حكموا مصر في حقبة من الحقب، ومع ذلك بقيت البلاد على هويتها لم تذب أو تتحول.
وعلى الصعيد الدولي فإن مصر التي تسعى لاستعادة دورها الريادي في المنطقة سوف تسترد معه نفوذها وتأثيرها في الوسط الدولي المحيط، وهي تعي جيدًا ما ترمي إليه دولة إيران الفارسية، والتي لها أيديولوجيتها ومشروعها لإعادة مجد دولة فارس القديمة.
ثانيًا: القضية السورية والتي تعد إيران لاعبًا أساسيًا فيها لصالح نظام بشار حليفها الأول، حيث أن السيطرة على سوريا ذات الأغلبية السنية سيدعم مشروعها في إقامة الهلال الشيعي، ومع بداية عهد النظام المصري الجديد والذي يدعم القضية السورية بقوة، بات من المؤكد عرقلة المشروع الإيراني.
ثالثًا: الثابت تاريخيًا أن مصر حال قوتها لا تغفل قضايا الدول العربية، فلا يتصور أنها سوف تقف مكتوفة الأيدي تجاه النفوذ الإيراني في الخليج، وهو ما يهدد مصالح الفرس في المنطقة.
ومن ثم تتجلى مصلحة إيران في انهيار الشأن الداخلي لمصر.
4) أطراف عربية:
لقد كشفت هذه الحقبة عن دعم مالي وإعلامي قوي من دولة الإمارات للمعارضة من أجل إسقاط النظام الذي يمثله الإسلاميون.
فقائد شرطة دبي "ضاحي خلفان" لا يكف عن مهاجمة جماعة الإخوان المسلمين، ويتخذ هو وحكومته موقفًا عدائيًا منهم، وصحفهم تلوح وتصرح بهذا العداء، ولكن ما هي مصلحة تلك الدولة الخليجية في سقوط الإسلاميين في مصر؟
العلاقة تتضح عندما نعلم أن تيار الإخوان المسلمين متمدد في أنحاء تلك الدولة الصغيرة، ويشيرون هنالك إلى أنه ضالع في تنظيم الإخوان العالمي الذي يتبع القيادة في مصر.
ويروجون في الوقت ذاته إلى أن الإخوان المسلمين لهم أطماع في إقامة دولة دينية في الإمارات، وهو ما يواجه من قبل حكومتها بالرفض العنيف.
ووصول الإسلاميين إلى الحكم قد أعاد الأذهان لدور مصر الريادي بين العرب أيام الرئيس جمال عبد الناصر ومشروعه القومي، مع اختلاف الأيديولوجيات، في الوقت الذي كانت تمثل قاطرة الدول في المنطقة، وأن المد الثوري فيها مهما اختلفت طبيعته فلابد وأن ينتقل حتمًا إلى الدول الأخرى في النطاق العربي الإسلامي بنفس الصبغة تقريبًا.
ووفقًا لسيل الأخبار المتدفق في هذه الآونة بما يختص بالشأن المصري، فقد تناقلت وسائل الإعلام تأكيدات قوية بضلوع شرطة دبي بالإمارات في تقديم الدعم المالي والإعلامي لرموز المعارضة من أجل إسقاط الإسلاميين.
ومن جهة ثانية لا ننسى السلطة الفلسطينية التي كانت تلقى الدعم الكامل من نظام مبارك الذي يعتبرها الحكومة الشرعية في فلسطين، وأن حماس ما هي إلا حركة لمقاومة الاحتلال إن لم تصنف على أنها جماعة إرهابية.
ولكن بعد وصول الإسلاميين للسلطة متمثلة في الرئيس وأغلبية البرلمان - والذي يتوقع أن يعود بشكله السابق أو أشد - وبعض الحقائب الوزارية، فإنه من المنتظر أن يكون الدعم القوي من النظام المصري لحكومة غزة والتي هي في الأصل صاحبة الشرعية، وسياستها تجاه الاحتلال لا تشوبها شائبة عمالة، ومن ثم فإن من مصلحة السلطة الفلسطينية - فيما ترى - أن يسقط حكم الإسلاميين، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
كاتب صحفي مصري.
http://ar.qawim.net/index.php?option=com_content&task=view&id=8355&Itemid=1317

 أ. عادل مناع*
12/02/2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..