الأربعاء، 27 فبراير 2013

حزب النور والتخبط في الديجور.. / محمد الفراج

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
 وقف السيد المحترم على الهواء مباشرة معلنا للأمة نبأ استقالته، ولم ينس جزاه الله خيرا (كسنة السلف الصالح) أن يبدأ خطابه بالحمد والصلاة، ثم يختمه بالدعاء للمسلمين قائلا: وجزاكم الله خيرا هكذا (بالجيم المُشَمّة بالكاف) على لهجة أحبابنا المصريين، إنه مساعد الرئيس المصري عضو حزب النور (السلفي)، ولست أدري أية سلفية يدعيها هذا الحزب؟! وهو يتخبط في دياجير ظلمة لا أدري متى سيخرجه الله منها، فما هو والنور وما هو من قوله عز وجل:"وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها"
فقبل إعلان المشار إليه بالاستقالة أعلن وزير نوري أيضا استقالته، وانطلق يهدد ويوعد ويزبد ويرعد معلنا (معاليه) أنه وحزبه لا يقبلان أن يحكم مصر فصيل واحد!!
ولست أدري من أين خرج هو أليس من الحكومة ؟! ومن أين خرج صاحبه أليس من مؤسسة الرئاسة؟!!
فأين الانفراد إذن؟!!
ولست هنا محاميا عن الإخوان المسلمين ولكن الخذلان قبيح يا حزب النور:
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة
على المرء من وقع الحسام المهند
 وإذا كنت يا معالي الوزير لا تقبل (بفصيل) فكيف قبِلْتَ أنت وهؤلاء الثائرون-أمة من الدهر- (بعجل جسد) له خوار لا يكلمكم ولا يهديكم سبيلا، ولا يلتفت إليكم، ولا يراكم إلا حثالة شعب ومخلفات دولة لا تستحق إلا الرمي في مزابل الدولة وسجونها، داس هذا الثور على صماخ الشعب ثلاثين حولا أو تزيد!! وما كان منكم أيها النوريون إلا التبجيل له والتقدير والتوقير والتعزير والسمع والطاعة؛ لأنه ولي أمر المسلمين الذي لا يجوز الخروج عليه، بينما تسهمون في خذلان وإسقاط أخيكم المحسوب عليكم أيها الإسلاميون المتسامح المتلطف المتعطف إلى حد اتهامه بالضعف، وقد انتخبتموه بمحض الإرادة فكان له منكم جزاء سنمار!! أخَوّارون أمام خوار العجل وثورة الثور وجبارون أمام وداعة الفصيل؟!!
يا حزب النور: مازلت في تخبطاتك فمن استقالة الوزير إلى استقالة مساعد الرئيس وقبلهما المطالبة بإقالة النائب، وهو مطلب المارقين عينه، وقبل ذلك المناداة بحكومة توافق وطنية ذات قاعدة عريضة (ومؤدى هذا المطالبة بإدخال الشيوعيين والناصريين والنصارى وتوسيع مشاركتهم) وإلا فما معنى هذا؟! ومع كل ذلك التلويح بل التصريح بنية التحالف مع جبهة الإنقاذ، ومدّ كمام الأكسجين إلى هذه الجبهة المتهالكة المتآكلة داخليا وإسعافها بشريان الوتين وهي في الأنين وطوق النجاة وقد أيست من حياة، في وقت بدأ فيه يخبو زامرها وينفض سامرها و يتهاوى عامرها ويُعصى آمرها، فكان لها قبلة الحياة من هذا الحزب (السلفي) كما يتسمى والسلف الصالح من مثل هذا براء.
 لقد تعب المحبون في تلمس الأعذار لهذا الحزب: فقالوا: قلة خبرة، وقالوا: تباين آراء، وقالوا: عدم نضج سياسي، ثم قالوا: غباء سياسي.
ولكن يبدو أن الأمر أكبر من ذلك، والذي نخشاه أن الأمر فرط إلى نطاق المكايدات والمؤامرات والمساومات والمزايدات.
يحق لنا أن نظن هذا الظن منذ أن انفجرت قنبلة الخلاف داخل هذا الحزب، فخرج من كباره وقياداته وشرفائه جم غفير، ثم وكل هذا الحزب أمره لزعيمه الجديد (يونس المخيون) وأنا بكل صراحة  تشاءمت من اسمه أول ما طرق أذني، فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم، ودعوت دعاء التطير، ولكن يبدو أن للأسماء تأثيرا على المسميات كمايقول ابن القيم؛ فلقد خرج الشيخ المخيون بسمته ووقاره في لقاء صحفي مع مندوب جبهة الإنقاذ !!! هكذا عرفوا قدر الشيخ فما جلس معه في البيان لارئيس الجبهة ولا ناطقها الرسمي ولا واحد من الثلاثة الذين خُوِّنوا وإنما مندوبهم!! وهذه هي بداية يا حزب النور، فإذا كان هذا قدرك عند الجبهة المشؤومة وهي في وضع سيء حرج وفي الكفة المرجوحة "أفتطمعون أن يؤمنوا لكم" ويقدروكم إذا تمكنوا لا مكنهم الله أم أنهم سيشنقون مخيونكم و بكّاركم (بكارفيتة) آخر إخواني!!
نعم نادر بكار الذي لما سئل عن دافع هذا التوافق مع جبهة الفلول: قال أقول كما قال صلى الله عليه وسلم: (والله لايسألوني خطة يعظمون بها حرمات الله إلا أجبتهم إليها) فهل يا نائب رئيس الحزب تظن بهؤلاء البلاطجة تعظيما لحرمات الله والمسلمين ودمائهم وأموالهم؟!! وهل خطتهم  التي يدعونك إليها إلا خطة الخسف والهوان؟ وهل جاءت استقالة صاحبكم مساعد الرئيس التي وصفت إعلاميا بـ(الزلزال السياسي) في هذا الوقت وماقبلها ومابعدها من استقالات مصادفة مجردة؟! وما معنى تصريح رئيس الأركان (وهو في الإمارات) في ذلك الوقت بأن عين القوات المسلحة على الشارع المصري وأنها مستعدة إذا طلب الشعب أن تكون في الشارع في أقل من ثانية!!
يا أيها الحزب: تدعي من الرئيس وحزبه أثرة عليكم بالسلطة، وهي دعوى يشهد الواقع بكذبها ولم يدّعها إلا المارقون في جبهة الإنقاذ، ولئن سلمنا دعواك أفيكون ذلك مبررا لخروجك وأنت الحزب السلفي الذي يؤمن بالله وكلماته وآثار رسوله ويجد فيها قول النبي صلى الله عليه وسلم المتفق عليه من حديث أنس: " ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض" وماروى البخاري من حديث عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه عن جده قال:(بايعنا رسول الله على السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله وعلى أن نقول الحق لا نخاف في الله لومة لائم)
ومرة أخرى لست هنا مدافعا عن الرئيس وحزبه، فالملحوظات عظيمة والثغرات كثيرة وكبيرة، وموقفهم من الرافضة مازال مكتنفا بقدر كثيف من الضبابية، ولكن ليسوا سواء ياحزب النور الرئيس وحزبه، وجبهة الإنقاذ وملاحدتها وبلاطجتها، ثم إنكم كمن يطالب بالمستحيل كأنكم تريدون من الرئيس إصلاح ركام عشرات السنين من الفساد والإفساد بــــ(كن فيكون)، وهل ترك حلفاؤكم الجدد رئيسكم تتلاحق أنفاسه ويسكن روعه ويتفرغ للعمل، وقد شغلوه بخطة ماكرة قبيحة بإطفاء الحرائق التي يوقدونها هنا وهناك، وبالقلاقل والبلابل والفتن والمحن..
لك الله يامرسي فلو كانت أعصابك من حديد لذابت وكان الله في عونك.. ولا أجد لك مثلا إلا قول ثابت قطنة:
كل القبائل بايعوك على الذي
تدعو إليه وتابعوك وساروا
حتى إذا اشتبك القنا وتركتهم
نهب الأسنة أسلموك وطاروا
إن يقتلوك فما بقتلك قد نرى
عارا عليك وأي قتل عار
ولي في هذه المدونة حول الإخوان والديمقراطية مقالان (ياأهل مصر إنما أعظكم بواحدة، ووصول شفيق إلى الإعادة هجمة مرتدة خطيرة)
يا أيها الحزب: ليس من الوفاء ولا الشهامة ولا مواقف الرجال فضلا عن العقيدة والولاء للمؤمنين ليس من ذلك كله خذلان إخوانكم الصالحين ولولي أمركم الذي أعطيتموه صفقة أيديكم وثمرة قلوبكم طائعين مختارين..ليس من ذلك كله إنقاذ جبهة الإنقاذ والوقوف في خندقها و التحالف معها وتبني مطالبها من حكومة توافق وطنية وانتخابات بطريقة القوائم والمطالبة بعزل النائب وتأجيل الانتخابات وتعديل الدستور.. إلى آخره)  وهي الجبهة الداعية إلى نبذ الشريعة والناقمة على حكم الإسلام والمطالبة بكل إلحاح بإلغاء الدستور ليس للثغرات الشرعية (بطبيعة الحال التي أخذها عليه العلماء) ولكن اعتراضا على جعل الشريعة مصدرا للأحكام..
فمن أضل وأظلم ممن تولى هذه الجبهة المارقة وأعلن نيته التحالف معها والانحياز إليها بالخروج من الحكومة والوقوف معها في صف المعارضة؟!! لا أضل منه إلا من "أضله الله على علم وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوة فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون"
 إن مواقف الرجال وأصحاب المبادئ والقيم العربية الأصيلة تأبى التخلي عن الحليف والصاحب ساعة إحداق الخطر، والغرق مع الرفقة أحب عندهم من أن يقفز الربان أو مساعده من مركب مهترئ ويترك الركاب يواجهون مصيرهم، كما فعل ذلك المشرك وهو يرمق الموت بعينيه والمسلم يعرض عليه المضي في سبيله فيأبى إلا أن يخلي سبيل رفيقه فيأبى المسلم إلا قتله فيقول: إما أن تقتلنا معا أو تتركنا معا، وينشد:
لا يخذل ابن حرة خليله
حتى يموت أو يرى سبيله
يا أيها الحزب: ألم تقرأ القرآن ألم تر مواقف الرسول صلى الله عليه وسلم في ولائه للمؤمنين وبرائه من الكافرين أم لم تنبأ بما في صحف موسى الذي قال الله عنه: "رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين" وإبراهيم الذي وفى فقال:"إنا برآء منكم ومما تعبدون من دون الله"
يا حزب النور: ليتك ثم ليتك وأولى لك فأولى أنك ما دخلت غمار السياسة بخداعها وكذبها وفجورها وبقيت في دهاليز الدعوة وأروقة العلم ومكاتبه وكتاتيبه واليوم ضيعت مشيتك ومشية الحمامة ولا أدري لو عدت هل تعود بسلامة؟!
ياحزب النور ليس من الشرع ولا من المصلحة إسقاط هيبة رئيسكم وتجرئة الدهماء على الزعماء وسفك الدماء، هاهم الحشاشون أغيلمة المقاهي يحاصرون قصر رئيسكم ويرشونه بالدم، فلا يجوز بحال من عقلاء الرجال المشاركة في هذه الأعمال وقد قال صلى الله عليه وسلم:(إن من إجلال الله إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وذي السلطان المقصد) رواه أبو داود وغيره عن أبي موسى.. وتذكروا جيدا أنكم قد تكونون الضحية التالية أو تكونون يوما مكانه، فيقول قائلكم: أكلت يوم أكل الثور الأبيض، أو على حد تعبيركم (الفصيل).
وأخيرا فيا أيها الإسلاميون جميعا: (هل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم) ألا تذكرون أيام بل سنين السجون والمعتقلات التي مع تطاولها ما ظننتم أن تخرجوا، فضلا عن ممارسة عمل سياسي في العراء ناهيكم عن اشتراك في مؤسسة رئاسة أو منافسة عليها!! فلما توليتم أفسدتم في الأرض وشغبتم على حاكمكم بالتحالف مع أعداء الشريعة والشعب، والذين كان الأولى بكم الإنكار عليهم والأخذ على أيديهم، وقد حرقوا مقراتكم وحاصروا مساجدكم وحرضوا على دعاتكم، وكان منكم لهم الإنقاذ والتحالف ووضع اليد باليد!! واسوأتاه أكل هذا من أجل الحزبية البغيضة!!
لقد رمق المسلمون مواقفكم الأولى بكل إكبار، وثمنوا تفاهمكم مع الحرية في الانتخابات وتوحدكم خلف الرئيس في الأزمة الأولى فما الذي دهاكم؟! هل اشتريت ذممكم، هل أعطيتم أكثر، فقلتم للمعطي نصيبك؟ نحن في حيرة يا حزب النور فنورونا أحسن الله إليكم:
حزبَ الظلام وليس حزب النور
شعري تحير فيكمو وشعوري
أيسركم أن قيل هذا عنكمو
في معرض التصغير والتعيير

يا أجهل الناس: النجاةَ؛ فإنكم
لعلى شفير مسعّر التنور

بشراكم الفشل السياسيْ إنكم
كالخرس بين فطاحل التعبير
نورٌ تولي المارقين بجبهة؟!!
يا حزبه أم ظلمة الديجور

أوَ تطمعون بجبهة الإنقاذ أن
تبقوا إذا حكمت لها كظهير

ويكون بينكم انتصاف حكومة
برئيسها ووزيرها ومشير

يا نور عين المارقين وقرة
للمجرمين بجبهة التغرير

مخيونكم خان الأمانة حينما
باع الولاء لزائد التسعير
هذا مقال عدوكم ومقالنا
نحن الأحبة حُمّ بالتحيير

وشهادة التاريخ أن النور إذ
خذل الرئيس كشاهد بالزور

أنقذتم الإنقاذ وهي جنازة
في غرفة الإنعاش والتخدير
لم يبق إلا تخرجون بقضكم
وقضيضكم في ساحة التحرير

عار عليكم والذي خلق الغبا
أنتم أحق بقدره الموفور

وخسرتم الجمهور يا من همكم
أن تكسبوا قدرا من الجمهور
قد قيل هذا عنكمو وتناقلت
هذا العِدا وتباشرت بسرور

لا عذر مهما أجلبت قاداتكم
بالعذر يالتفاهة التعذير

كلا ولا شرفا ولات شهامةً
ووفاءَ عهد مهدد محصور

ما أقبح الخذلان للأصحاب من
صحب فكيف لسيّد مغدور

بايعتموه على الكتاب وسنة
واخترتموه بطائع التخيير

أولى بأرباب الشهامة والفدا
وبكل صاحب مبدأ وغيور

أن ينصروه على التقي إذا بغى
شقا فكيف بمارق موتور

ولئن يكن خذلان والٍ ورطة
في الدين ذنبا جل عن تكفير

ما الظن إن خذلوه ثم تحيزوا
للمارقين بحجة التغيير

وسعوا بإعلام العدا واسترسلوا
باللمز والتسفيه والتشهير

ما الحب للإخوان بل لخيانة
كرها دوافع غضبة المقهور
وعقيدتي أن الخروق عظيمةٌ
في منهج الإخوان والدستور
لكنْ مقارنة المفاسد تقتضي
دفع الأشد بضدّه الميسور
والفرض تحكيم الكتاب وسنة
وبراءة من رجس كل كفور

سلفية ؟!! ما للتسّلف قد غدا
قولا شعار متاجر مأجور

أو لم تروا أن الخروج محرم
وجريمة في صادق المأثور

فلم التحالف والتعاون نبئوا
مع جبهة الإفساد والتدمير

مع من يرونكمو بلاء كلكم
لافرق بين عدالة أو نور

لكن بغوا ضرب الرؤوس ببعضها
ثم الشمات بكاسر مكسور
ياليتكم بعلومكم ودروسكم
في حلقة التحديث والتفسير
لا أبتغي ترك السياسة للعدا
من كل فاسد ذمة وضمير
لكن أردت تعاونا وتيقظا
منكم لمكر للعدو خطير
يا ليلة الأحزان ما لظلامها
صبح؟ يزف بشارة التنوير

أو كلما قمر أطل وكوكب
يهدي تعود عجاجة التكدير

فمتى نبشر بالخلاص متى متى
نصر الإله وفرحة التبشير


محمد الفراج
الجمعة، 22 فبراير، 2013  




ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


التعليق :


مقال  يفوح  بالتحامل  ! 
نسأل الله العافية  وسلامة القلوب على المسلمين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أهلا بك ،
أشكر لك إطلاعك على الموضوع و أن رغبت في التعليق ،
فأرجو أن تضع إسمك ولو حتى إسما مستعارا للرد عليه عند تعدد التعليقات
كما أرجو أن نراعي أخلاقيات المسلم;حتى لانضطر لحذف التعليق
تقبل أطيب تحية
ملاحظة: يمنع منعا باتا وضع أية : روابط - إعلانات -أرقام هواتف
وسيتم الحذف فورا ..